ما الذي سيقدمه المنسق الأميركي الجديد لشؤون إيران؟ (تحليل إخباري)

أليوت أبرامز يتبنى مواقف تدعو إلى تغيير النظام في طهران

أليوت أبرامز يقدم شهادته حول فنزويلا أمام الكونغرس الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
أليوت أبرامز يقدم شهادته حول فنزويلا أمام الكونغرس الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
TT

ما الذي سيقدمه المنسق الأميركي الجديد لشؤون إيران؟ (تحليل إخباري)

أليوت أبرامز يقدم شهادته حول فنزويلا أمام الكونغرس الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
أليوت أبرامز يقدم شهادته حول فنزويلا أمام الكونغرس الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

استمرت تداعيات استقالة برايان هوك من منصبه في إثارة الدهشة والتساؤل في أروقة المهتمين بالسياسة الخارجية الأميركية وملف إيران وبرنامجها النووي. وطرحت الاستقالة في هذا التوقيت كثيراً من الأسئلة حول سياسات الولايات المتحدة وخطواتها القادمة تجاه إيران، التي تأتي قبل أيام من انعقاد مجلس الأمن للتصويت على تمديد حظر الأسلحة على إيران، وقبل أسابيع من الانتخابات الرئاسية الأميركية التي قد تعيد تشكيل وتوجيه السياسة الأميركية. كما أثار طرح اسم أليوت أبرامز ليخلف هوك في المنصب إضافة إلى عمله منسقاً لشؤون فنزويلا، تبايناً بين الترحيب والانتقادات والترقب والحذر.
أدار برايان هوك (52 عاماً) منذ تعيينه في منصب منسق شؤون إيران في أواخر 2018 ملف إيران وحملة الضغط القصوى الاقتصادية، بمهارة عالية. واكتسب هوك قوة ونفوذاً داخل الخارجية الأميركية، وهو المحامي المحنك المعني بالتفاصيل والأرقام والتحليلات، الذي شغل منصب مدير تخطيط السياسات في عهد وزير الخارجية السابق ريكس تيلرسون وعمل مساعد وزير الخارجية لشؤون المنظمات الدولية خلال إدارة جورج بوش.
بعض النقاد أشاروا إلى أن الجهود التي قادها هوك أدت إلى نتائج عكسية مع إيران ونتج عنها توسع طهران في عملياتها الإقليمية ومساحة من الخروقات من الاتفاق النووي الذي كانت ملتزمة به. وقال بن رودس أحد أقرب مساعدي الرئيس السابق باراك أوباما إن «استراتيجية هوك أدت إلى تقدم إيران في برنامجها النووي».
وقد أوضح وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في تغريدة مساء الخميس، أن هوك سينتقل للعمل في القطاع الخاص، إلا أن توقيت إعلان الاستقالة قبل انعقاد مجلس الأمن خلال الأسبوع القادم للتصويت على تمديد حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على إيران، أثار علامات استفهام. وأشار ريتشارد غولدبرغ عضو مجلس الأمن القومي السابق، الذي أدار حملة الضغط القصوى ضد إيران، إلى أن الولايات المتحدة لها الحق في استعادة القرارات السابقة التي تم رفعها نتيجة لإبرام الاتفاق النووي إذا انتهكت إيران التزاماتها، بغض النظر عما إذا كانت الولايات المتحدة لا تزال طرفاً في تلك الاتفاقية.
وأشار تقرير لمركز «نيو أميركان سيكيورتي»، البحثي في واشنطن، إلى أن توقيت رحيل هوك عن منصبه لن يكون له تأثير كبير على سياسات الولايات المتحدة تجاه إيران، بل إن إدارة ترمب يمكن أن تتخذ نهجاً تدريجياً لتخفيف التوتر مع إيران خلال الفترة الوجيزة حتى إجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة في نوفمبر (تشرين الثاني)، وأيضاً قبل أن تجري الانتخابات الرئاسية في إيران العام المقبل، التي تشير التوقعات إلى احتمالات خسارة الرئيس حسن روحاني. وإذا فاز ترمب بفترة ولاية ثانية فإنه سيعرض إعادة الدخول في اتفاق جديد، وهو نفس الموقف الذي يتبناه المرشح الديمقراطي جو بايدن، إذا امتثلت إيران بالتراجع عن خروقات الاتفاق النووي مقابل منح طهران تخفيفاً محدوداً للعقوبات.
- أحد مهندسي غزو العراق
من ناحية أخرى، أثار اختيار أليوت أبرامز (72 عاماً) كثيراً من التساؤلات وهو السياسي المخضرم الذي برز اسمه في فترة الثمانينات من القرن الماضي خلال عمله في إدارة الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان وبرز اسمه في قضية «إيران - كونترا» التي تعلقت بقيام مسؤولي إدارة ريغان ببيع الأسلحة لإيران مقابل الحصول على أموال للمقاتلين الذين يقاتلون الحكومة الاشتراكية في نيكاراغوا، واعترف أبرامز بالكذب على الكونغرس وحجب معلومات عن لجان الكونغرس في عام 1991 حول تمويل كونترا السرية.
وسيجمع أبرامز بين منصبه منسقاً لشؤون فنزويلا ومنسقاً لشؤون إيران. وانتقدت منظمة «كود بينك»، وهي منظمة حقوقية تدافع عن الحريات المدنية والليبرالية، تعيين أبرامز خلفاً لهوك، واعتبرت اختياره مؤشراً على تفاقم الصراع بين واشنطن وطهران باعتباره يتبنى مواقف تدعو إلى تغيير النظام في طهران وتبني النزعة العسكرية، خصوصاً أنه لم يستطع تحقيق مكاسب كبيرة في إدارة ملف فنزويلا وقيادة الحملة الأميركية للإطاحة بالرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، وهي دولة أخرى قاومت سياسات «حملة ضغط» من قبل الولايات المتحدة.
وقام الرئيس الأسبق جورج بوش الأب بالعفو عنه، ثم عمل أبرامز أيضاً في إدارة جورج بوش الابن كنائب لمستشار الأمن القومي. وخلال تلك الفترة تبنى أبرامز مواقف مناهضة للشيوعية في أميركا اللاتينية، ومواقف متشددة ضد العراق منذ التسعينات، ويعد أحد مهندسي الغزو الأميركي للعراق عام 2003 واستمر في عمله حتى بداية ولاية أوباما عام 2009. كما دافع أبرامز عن الإطاحة بمعمر القذافي في ليبيا، مردداً الحجج نفسها التي استخدمها المحافظون الجدد للتدخل في العراق.
- كل الخيارات مفتوحة
وفي عهد ترمب، جاء تعيينه منسقاً لشؤون فنزويلا في يناير (كانون الثاني) 2019 بعد يومين فقط من إعلان ترمب أن الولايات المتحدة ستعترف بخوان غوايدو زعيم الجمعية الوطنية المعارضة زعيماً لفنزويلا. ودفع أبرامز في هذا المنصب إلى سياسة سماها «الصيغة الإيجابية لجلب الديمقراطية إلى فنزويلا» من خلال حملة ضغط تشابهت مع حملة الضغط التي قادها هوك تجاه إيران. وفي كلا الملفين كانت عبارة «كل الخيارات مطروحة على الطاولة» هي العبارة المتكررة في تصريحات كل من هوك وأبرامز. وتتجسد معارضة أبرامز للاتفاق النووي الإيراني في محاولاته تشجيع إسرائيل على قصف المواقع النووية الإيرانية.
ورحبت المنظمات اليهودية الأميركية باختيار أبرامز خلفاً لهوك. وقال رئيس المؤتمر اليهودي الأميركي جاك روزين إن أبرامز سيعمل بحزم على مواجهة أنشطة إيران الخبيثة في منطقة الشرق الأوسط، وإن خبرته العميقة ومعرفته الطويلة بالمنطقة ولاعبيها وسجله في مواجهة أولئك الذين يساندون الإرهاب وعلى رأسهم إيران تجعله مؤهلاً لهذا المنصب. فيما قال المتحدث باسم منظمة «ايباك» مارشال ويتمان: «سيجلب أليوت أبرامز تجربة رائعة للجهود المبذولة لضمان عدم حصول إيران على سلاح نووي ومنع عدوانها الإقليمي».
وتلقت إيران خبر رحيل برايان هوك وتعيين أبرامز خلفاً له بنوع من الاستخفاف، إذ قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية عباس موسوي في تغريدة إنه «ليس هناك فارق بين جون بولتون أو برايان هوك أو أليوت أبرامز».



تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
TT

تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)

أشعل رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس توتراً جديداً مع تركيا، بعد أشهر من الهدوء تخللتها اجتماعات وزيارات متبادلة على مستويات رفيعة للبناء على الأجندة الإيجابية للحوار بين البلدين الجارين.

وأطلق ميتسوتاكيس، بشكل مفاجئ، تهديداً بالتدخل العسكري ضد تركيا في ظل عدم وجود إمكانية للتوصل إلى حل بشأن قضايا المنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري.

تلويح بالحرب

نقلت وسائل إعلام تركية، السبت، عن ميتسوتاكيس قوله، خلال مؤتمر حول السياسة الخارجية عُقد في أثينا، إن «الجيش يمكن أن يتدخل مرة أخرى إذا لزم الأمر». وأضاف: «إذا لزم الأمر، فسيقوم جيشنا بتنشيط المنطقة الاقتصادية الخالصة. لقد شهدت أوقاتاً تدخّل فيها جيشنا في الماضي، وسنفعل ذلك مرة أخرى إذا لزم الأمر، لكنني آمل ألا يكون ذلك ضرورياً».

رئيس الوزراء اليوناني ميتسوتاكيس (رويترز - أرشيفية)

ولفت رئيس الوزراء اليوناني إلى أنه يدرك أن وجهات نظر تركيا بشأن «الوطن الأزرق» (سيطرة تركيا على البحار التي تطل عليها) لم تتغير، وأن اليونان تحافظ على موقفها في هذه العملية. وقال ميتسوتاكيس: «في السنوات الأخيرة، زادت تركيا من نفوذها في شرق البحر المتوسط. قضية الخلاف الوحيدة بالنسبة لنا هي الجرف القاري في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط. إنها مسألة تعيين حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة، وعلينا أن نحمي جرفنا القاري».

من ناحية أخرى، قال ميتسوتاكيس إن «هدفنا الوحيد هو إقامة دولة موحّدة في قبرص... قبرص موحّدة ذات منطقتين ومجتمعين (تركي ويوناني)، حيث لن تكون هناك جيوش احتلال (الجنود الأتراك في شمال قبرص)، ولن يكون هناك ضامنون عفا عليهم الزمن (الضمانة التركية)».

ولم يصدر عن تركيا رد على تصريحات ميتسوتاكيس حتى الآن.

خلافات مزمنة

تسود خلافات مزمنة بين البلدين الجارين العضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو) حول الجرف القاري، وتقسيم الموارد في شرق البحر المتوسط، فضلاً عن النزاعات حول جزر بحر إيجه.

وتسعى اليونان إلى توسيع مياهها الإقليمية إلى ما هو أبعد من 6 أميال، والوصول إلى 12 ميلاً، استناداً إلى «اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار» لعام 1982 التي ليست تركيا طرفاً فيها.

وهدّد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من قبل، مراراً، بالرد العسكري على اليونان إذا لم توقف «انتهاكاتها للمياه الإقليمية التركية»، وتسليح الجزر في بحر إيجه. وأجرت تركيا عمليات تنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط في عام 2020 تسبّبت في توتر شديد مع اليونان وقبرص، واستدعت تحذيراً وعقوبات رمزية من الاتحاد الأوروبي، قبل أن تتراجع تركيا وتسحب سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» في صيف العام ذاته.

سفن حربية تركية رافقت سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» خلال مهمتها في شرق المتوسط في 2020 (الدفاع التركية)

وتدخل حلف «الناتو» في الأزمة، واحتضن اجتماعات لبناء الثقة بين البلدين العضوين.

أجندة إيجابية وحوار

جاءت تصريحات رئيس الوزراء اليوناني، بعد أيام قليلة من تأكيد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في كلمة له خلال مناقشة البرلمان، الثلاثاء، موازنة الوزارة لعام 2025، أن تركيا ستواصل العمل مع اليونان في ضوء الأجندة الإيجابية للحوار.

وقال فيدان إننا «نواصل مبادراتنا لحماية حقوق الأقلية التركية في تراقيا الغربية، ونحمي بحزم حقوقنا ومصالحنا في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط، ​​سواء على الأرض أو في المفاوضات».

وعُقدت جولة جديدة من اجتماعات الحوار السياسي بين تركيا واليونان، في أثينا الأسبوع الماضي، برئاسة نائب وزير الخارجية لشؤون الاتحاد الأوروبي، محمد كمال بوزاي، ونظيرته اليونانية ألكسندرا بابادوبولو.

جولة من اجتماعات الحوار السياسي التركي - اليوناني في أثينا الأسبوع الماضي (الخارجية التركية)

وذكر بيان مشترك، صدر في ختام الاجتماع، أن الجانبين ناقشا مختلف جوانب العلاقات الثنائية، وقاما بتقييم التطورات والتوقعات الحالية؛ استعداداً للدورة السادسة لمجلس التعاون رفيع المستوى، التي ستُعقد في تركيا العام المقبل.

ولفت البيان إلى مناقشة قضايا إقليمية أيضاً خلال الاجتماع في إطار العلاقات التركية - الأوروبية والتطورات الأخيرة بالمنطقة.

وجاء الاجتماع بعد زيارة قام بها فيدان إلى أثينا في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أكد البلدان خلالها الاستمرار في تعزيز الحوار حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.

لا أرضية للتوافق

وقال ميتسوتاكيس، في مؤتمر صحافي عقده بعد القمة غير الرسمية للاتحاد الأوروبي في بودابست في 9 نوفمبر، إن الحفاظ على الاستقرار في العلاقات بين بلاده وتركيا سيكون في مصلحة شعبيهما.

وأشار إلى اجتماع غير رسمي عقده مع إردوغان في بودابست، مؤكداً أن هدف «التطبيع» يجب أن يكون الأساس في العلاقات بين البلدين، وتطرق كذلك إلى المحادثات بين وزيري خارجية تركيا واليونان، هاكان فيدان وجيورجوس جيرابيتريتيس، في أثنيا، قائلاً إنه جرى في أجواء إيجابية، لكنه لفت إلى عدم توفر «أرضية للتوافق بشأن القضايا الأساسية» بين البلدين.

وزير الخارجية اليوناني يصافح نظيره التركي في أثينا خلال نوفمبر الماضي (رويترز)

وسبق أن التقى إردوغان ميتسوتاكيس، في نيويورك على هامش مشاركتهما في أعمال الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأكد أن تركيا واليونان يمكنهما اتخاذ خطوات حازمة نحو المستقبل على أساس حسن الجوار.

وزار ميتسوتاكيس تركيا، في مايو (أيار) الماضي، بعد 5 أشهر من زيارة إردوغان لأثينا في 7 ديسمبر (كانون الأول) 2023 التي شهدت عودة انعقاد مجلس التعاون الاستراتيجي بين البلدين، بعدما أعلن إردوغان قبلها بأشهر إلغاء المجلس، مهدداً بالتدخل العسكري ضد اليونان بسبب تسليحها جزراً في بحر إيجه.