دراسة: الأميركيون يعانون من «قلق كورونا» أكثر من غيرهم

موظف يظهر وكأنه يعاني من الضغط النفسي (أرشيف - رويترز)
موظف يظهر وكأنه يعاني من الضغط النفسي (أرشيف - رويترز)
TT

دراسة: الأميركيون يعانون من «قلق كورونا» أكثر من غيرهم

موظف يظهر وكأنه يعاني من الضغط النفسي (أرشيف - رويترز)
موظف يظهر وكأنه يعاني من الضغط النفسي (أرشيف - رويترز)

قلبت جائحة «كورونا» الحياة رأساً على عقب في جميع أنحاء العالم؛ حيث فقد عديد من العمال وظائفهم، وتراجعت الاقتصادات، وتصاعد قلق الآباء بشأن إعادة فتح المدارس.
لكن الولايات المتحدة تتعرض لضربات أشد بأكثر من طريقة، فهي لا تعاني فقط من أكبر عدد من الحالات والوفيات؛ بل يعاني سكان البلاد أيضاً من عواقب على الصحة العقلية أكثر من الناس في البلدان الأخرى، بحسب تقرير جديد صدر عن صندوق «الكومنولث» أمس (الخميس)، وفقاً لشبكة «سي إن إن».
وقال الدكتور ديفيد بلومنتال، رئيس صندوق «الكومنولث»، في بيان صحافي: «بينما تكافح بلادنا مع ارتفاع عدد الحالات والفوضى الاقتصادية التي يسببها الوباء، يعيش الناس في البلدان الأخرى واقعاً مختلفاً أفضل». وأضاف: «على الأميركيين أن يدركوا أن بلادنا يمكنها أن تفعل ما هو أفضل أيضاً».
ولدى الأميركيين أعلى نسبة (33 في المائة) من الأشخاص الذين أبلغوا عن تعرضهم للتوتر أو القلق أو الحزن الشديد الذي يصعب التعامل معه. وكانت البُلدان ذات المستويات الأعلى التالية هي كندا والمملكة المتحدة، وكلاهما أفاد بأن 26 في المائة من الناس يشعرون بالقلق أو التوتر.
وكانت الدولة ذات أدنى مستويات القلق هي النرويج؛ حيث أبلغ 10 في المائة من البالغين عن مخاوف تتعلق بالصحة العقلية.
وجاء في التقرير أن «الأبحاث السابقة تظهر أنه حتى قبل الوباء، كان الأميركيون بالفعل من بين أكثر الأشخاص عرضة للتوتر العاطفي. يبدو أن الوباء في عديد من البلدان قد ساهم في ارتفاع معدلات الضيق العاطفي، مقارنة بما كانت عليه قبل تفشي المرض».
وهناك عدد من الأسباب التي تجعل أداء الولايات المتحدة أسوأ عند مقارنتها بالدول الأخرى، مثل نقص التغطية التأمينية الشاملة، والمصادر الموثوقة للرعاية الأولية، وبرامج الدعم الاجتماعي، واستجابة القيادة، وفقاً لأحد مؤلفي التقرير، إريك شنايدر.
وقال إن القادة الفعالين «استخدموا رسائل واضحة ومتسقة، تستند إلى أدلة علمية ونصائح الخبراء».

التأثير النفسي للوباء

وفقاً للتقرير الجديد، كان البالغون الأميركيون أيضاً أقل احتمالية للحصول على رعاية الصحة العقلية، إذا أرادوها واحتاجوا إليها، مقارنة بأولئك الموجودين في البلدان الأخرى.
وبحسب التقرير، قال 31 في المائة من البالغين في الولايات المتحدة، إنهم قادرون على الوصول إلى رعاية الصحة العقلية. وهذه النسبة قريبة من تلك التي سجلتها بريطانيا؛ حيث أفاد 32 في المائة من الناس فقط بأنهم قادرون على الحصول على مساعدة احترافية.
كما ذكر أكثر من 30 في المائة من البالغين في الولايات المتحدة، أنهم واجهوا آثاراً اقتصادية سلبية. مرة أخرى، كان هذا أعلى بكثير من أي من البلدان الأخرى المدرجة. كما ارتبطت هذه المخاوف الاقتصادية بقضايا الصحة العقلية.
وذكر التقرير أن «56 في المائة من البالغين الأميركيين الذين أبلغوا عن تعرضهم لأي عواقب اقتصادية سلبية للوباء، أفادوا أيضاً بأنهم يعانون من اضطرابات نفسية».
وكان البالغون في الولايات المتحدة وأستراليا وكندا هم الأكثر عرضة للإبلاغ عن فقدانهم وظيفة أو مصدر دخل بسبب تفشي فيروس «كورونا».
وكما هو الحال في جميع الفئات الأخرى التي نظر إليها الاستطلاع، كان الأميركيون من بين أكثر الشعوب التي أظهرت عدم الرضا عن عمل حكوماتها خلال الوباء.
وقال 33 في المائة فقط من الأميركيين إنهم يشعرون أن قادة الحكومة المركزية قاموا بعمل «جيد جداً» أو «جيد». وحصلت ألمانيا على أعلى معدل استجابة إيجابية؛ حيث وافق 94 في المائة من الألمان على استجابة حكومتهم للأزمة الصحية.


مقالات ذات صلة

بريطانيا: الأطفال يعيشون حياة أقصر بسبب الوجبات السريعة

صحتك التقرير يوضح أنه من الأقل احتمالاً أن يكون أمام الأطفال في وسط المدن فرصة للحصول على خيارات غذائية صحية وبتكلفة مقبولة (رويترز)

بريطانيا: الأطفال يعيشون حياة أقصر بسبب الوجبات السريعة

كشف كبير المسؤولين الطبيين في إنجلترا عن أن «الصحاري الغذائية» في المدن إلى جانب إعلانات الوجبات السريعة تتسببان في عيش الأطفال حياة «أقصر وغير صحية».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك دراسة جديدة تشير إلى إمكانية علاج مرض قصور القلب (ميديكال إكسبرس)

علاج ثوري جديد لقصور القلب... والتعافي غير مسبوق

تاريخياً، عُدَّت الإصابةُ بقصور القلب غير قابل للعكس، لكن نتائج دراسة جديدة تشير إلى أن هذا قد يتغير يوماً ما.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق التثاؤب يحدث عندما يكون الناس في حالة انتقالية مثلاً بين النوم والاستيقاظ (رويترز)

التثاؤب... هل يعني أن أدمغتنا لا تحصل على الأكسجين الكافي؟

يشعر معظمنا بقرب عملية التثاؤب. تبدأ عضلات الفك بالتقلص، وقد تتسع فتحتا الأنف، وقد تذرف أعيننا الدموع عندما ينفتح فمنا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الدعم المُرتكز على التعاطف مع المريض يعادل تناول الدواء (جامعة تكساس)

المكالمات الهاتفية المُرتكزة على التعاطف تُحسّن السيطرة على السكري

المكالمات الهاتفية المُرتكزة على التعاطف مع مرضى السكري من أفراد مدرّبين على القيام بذلك، أدَّت إلى تحسينات كبيرة في قدرتهم على التحكُّم في نسبة السكر بالدم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك لا يستطيع بعضنا النوم في بعض الأحيان رغم شعورنا بالتعب والإرهاق الشديدين (رويترز)

لماذا لا يستطيع البعض النوم ليلاً رغم شعورهم بالتعب الشديد؟

أحياناً لا يستطيع بعضنا النوم رغم شعورنا بالتعب والإرهاق الشديدين، الأمر الذي يعود إلى سبب قد لا يخطر على بال أحد وهو الميكروبات الموجودة بأمعائنا.

«الشرق الأوسط» (لندن)

معرض «المجهول» للتشكيلي المصري أحمد مناويشي يُسقط الأقنعة

يركُن مناويشي إلى نقل مشاعر أشخاص يعيشون المجهول (الشرق الأوسط)
يركُن مناويشي إلى نقل مشاعر أشخاص يعيشون المجهول (الشرق الأوسط)
TT

معرض «المجهول» للتشكيلي المصري أحمد مناويشي يُسقط الأقنعة

يركُن مناويشي إلى نقل مشاعر أشخاص يعيشون المجهول (الشرق الأوسط)
يركُن مناويشي إلى نقل مشاعر أشخاص يعيشون المجهول (الشرق الأوسط)

ما إنْ تدخُل معرض «المجهول» للفنان التشكيلي المصري أحمد مناويشي، حتى تستوقفك وجوه لوحاته، بريشة حرّة تستكشف ملامحَ وأحداثاً غامضة. أعماله تبحث عن مشاعر عميقة وعلامات استفهام تحضّك على التحليل وفكّ الألغاز.

ينقسم معرض مناويشي في غاليري «آرت ديستريكت» بمنطقة الجميزة البيروتية إلى قسمين، من بينها ما يروي حكايات أشخاص اختبأت مشاعرهم تحت الأقنعة الواقية من جائحة «كورونا»، وأخرى رسمها حديثاً لمَن عاشوا الحرب الأخيرة في لبنان.

مع هذا المعرض، يستعيد غاليري «آرت ديستريكت» عافيته. فالحرب منعته قسرياً من إقامة نشاطات ثقافية. ومن خلال «المجهول»، يعلن صاحبه المصوّر الشهير ماهر عطّار انطلاق الموسم الفنّي في الغاليري.

الرسام أحمد مناويشي أمام لوحات معرضه «المجهول» (الشرق الأوسط)

في الجزء الأول من مجموعة أحمد منشاوي، تصطفُّ سلسلة لوحات صغيرة، تصوِّر جميعها وجوهاً يعتريها القلق. فالفنان المصري لفتته ملامح الإنسانية في زمن «كورونا». كان يرى الإنسان يمشي مرتدياً القناع خوفاً من الإصابة بالعدوى. وهو ما حضَّه، خلال إقامته في بروكسل، على تخيّل ملامحه الأصلية. وفي 30 لوحة يئنُّ أصحابها تحت وطأة أحاسيسهم، يُترجم أفكاره. مجموعة من النساء والرجال تصرخ بصمت، فتُخرج غضبها وقلقها وحزنها عابسةً في معظم الوقت.

تقنيته المرتكزة على الأكليريك تتدخَّل فيها أحياناً أنامل الفنان بعيداً عن ريشته (الشرق الأوسط)

يوضح مناويشي لـ«الشرق الأوسط»: «بدأتِ التجربة عندما كنتُ في بروكسل عام 2021. كانت مفاعيل الجائحة لا تزال تسيطر على حياتنا. جميعنا اعتقدنا بأنّ هذه الحقبة أبدية، كأنَّ سوادها لا حدود له. فرحتُ أتخيّل الناس الذين أراهم كأنهم خلعوا أقنعة الوقاية ورسموها. جميعهم كانوا مجهولين بالنسبة إليّ، ولا تربطني بهم أي علاقة. عندما عدتُ إلى لبنان، انتابتني الأحاسيس عينها. كانت الحرب محتدمة، وكان الناس قلقين، لا يعرفون مصيرهم. فرأيتُ بوضوح المجهول الذين يتخبَّطون فيه. حالة الترقب هذه حرّضت ريشتي على التحرُّك من جديد. ومن خلال تلك الحالتين، تناولتُ موضوع (المجهول)، إنْ من ناحية المشاعر أو المصير».

الإحساس بالتأرجُح في طريق لا رؤية واضحة لنهايتها، يُترجمه أحمد مناويشي. ويعترف من خلال ريشته بأنّ الانتظار مخيف، فكيف إذا كانت الأجواء التي يعيشها الناس غامضة؟

تحمل وجوه لوحات مناويشي أسئلة مختلفة تتعلّق بقلق المصير (الشرق الأوسط)

في واحدة من لوحاته، يشير إلى شخصيات مجموعة «أنونيموس» العاملة في مجال «النضال» عبر الاختراق البرمجي. راجت أعمالها المثيرة للجدل عام 2003، فمثَّلت مفهوماً لمستخدمي الإنترنت المجهولين. حينها، عَبَروا من العالم الواقعي إلى الوهمي في أعمال تتعارض مع الرقابة. اخترقوا مواقع حكومية عدّة، وأنظمة كومبيوتر أهم شركات الحماية. وولَّدوا «بلبلة» على أصعدة مختلفة، وهم يرتدون أقنعة تُعرَف بـ«جاي فوكس».

يتابع الرسام المصري: «قناع (الأنونيموس) كان الأشهر في القرن الحالي، فرغبتُ بالربط بينه وبين عنوان معرضي، لتُولد هذه اللوحة الوحيدة عن تلك المجموعة. مبدأ هؤلاء يرتكز على الثورة ورفض حُكم الدولة العميقة والسلطات العليا».

لم يعنون مناويشي لوحاته بأسماء معيّنة، فتركها مجهولةً. يقول: «رغبتُ في أن يسمّيها ناظرها كما يشتهي. أرنو إلى هذا التفاعل المباشر بين المُشاهد واللوحة». وهو يميل إلى المدرسة التعبيرية في الفنّ التشكيلي: «أحبُّ حالة الحركة في لمسات اللوحة وموضوعها، وأرغب في التواصل معها القائم على الشعور بأنها حيّة، فلا تكون باهتة تمرّ من دون تَرْك أثرها على ناظرها. لذلك، تسير ريشتي بشكل غير مُنتظم باحثةً عن نَفَس لا ينقطع؛ ومرات تتدخَّل أناملي مباشرة، فأبتعدُ عن ريشتي لتخرُج أعمالي من رتابتها، وتكسر تلك القدرة على التحكُّم التقليدي بمشاعر مُشاهدها».

تؤلّف الألوان التي يستعملها مناويشي حالةً بذاتها. فهو جريء باختيارها زاهيةً مرّات؛ ودافئة أخرى. يُحدِث زوبعة بألوان تبدو ثائرة، فتُعبّر عن الظلم والقلق والعنف: «مشاعر الإنسانية لا يمكن حصرها في بوتقة واحدة. وهذه الألوان تعبّر عن المشهدية المدفونة في أعماقنا، فتُبرز التنوّع في أحاسيس تنتابنا وفيها كلّ الاحتمالات. وهنا يأتي دور المتلقّي الذي يرى اللوحة من وُجهة نظره، ويُلاقي ما يمثّل تفكيره ومشاعره في أحد هذه الألوان».

ينقسم «المجهول» إلى قسمين من الأعمال التعبيرية (الشرق الأوسط)

في قسم لوحات الحرب، تأخُذ أعمال الرسام أحمد مناويشي منحى آخر، فيكبُر حجمها بشكل ملحوظ لتضع تفاصيل الوجه تحت المجهر. يعلّق: «هذه المساحات الكبيرة تزوّدنا بفرصة للتوضيح بشكل أفضل. فالعبور من زمن (كورونا) إلى زمن الحرب، كان لا بدَّ أن يحمل التطوّر. واعتمدتُ هذا التغيير؛ لئلا أقع في التكرار والتشابُه».

وأنت تتجوَّل بين أقسام معرض «المجهول»، تستوقفك ملامح وجه رجل حائر، ووجه امرأة تنظر إلى الغد بعتب. وأحياناً تلمس صلابة وجه آخر على شفير هاوية. وفي أخرى، تحملك ملامح رجل تلقّى صفعات الحياة بعينين حزينتين. لكنَّ جميع الشخصيات لا تبدو مستسلمة لقدرها، كأنها تقول: «وماذا بعد؟» على طريقتها.

يبرُز العنصر الأنثوي بوضوح في مجموعة «المجهول». وهنا كان لا بدَّ للرسام التشكيلي أن يعترف: «النساء لا يعرفن إخفاء أحاسيسهن ببراعة. مشاعرهن تخرج بقوة. لذلك نكتشفها بصورة أسهل من تلك الموجودة عند الرجل. فالأخير يحاول أن يُظهر صموداً تجاه مشاعره. ويفضّل ألا تُقرأ بسهولة».

يؤكد أحمد مناويشي أنه لا يحبّ تقييد نفسه بأسلوب رسم واحد. ويختم: «أفضّل التنويع دائماً، وعدم طَبْع لوحاتي بهوية واحدة كما يحبّ بعضهم. أُشبّه نفسي بروائي يؤلّف القصص ليستمتع بها القارئ، فلا يكرّر نفسه أو يقدّم ما يتشابه. ما أنجزه اليوم في عالم فنّ (البورتريه)، لم أقاربه مِن قبل. هو نافذة للتعبير. وهذا الاختلاف في الأسلوب يُحفزّني على دخول مدارس فنّية مختلفة. ما يهمّني هو تقديمي للناس أعمالاً يستمتعون بها فتولّد عندهم حبَّ الاكتشاف».