حديث تركي عن انسحاب إيطالي من مصراتة وتسليم سرت والجفرة إلى «الوفاق»

وزير الخارجية التركي خلال لقائه خالد المشري في طرابلس أمس (أ.ف.ب)
وزير الخارجية التركي خلال لقائه خالد المشري في طرابلس أمس (أ.ف.ب)
TT

حديث تركي عن انسحاب إيطالي من مصراتة وتسليم سرت والجفرة إلى «الوفاق»

وزير الخارجية التركي خلال لقائه خالد المشري في طرابلس أمس (أ.ف.ب)
وزير الخارجية التركي خلال لقائه خالد المشري في طرابلس أمس (أ.ف.ب)

قال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، أمس إن هناك عرضا لتسليم مدينتي سرت والجفرة الليبيتين إلى حكومة الوفاق الوطني الليبي، مع استمرار المحادثات، دون أن يكشف عن تفاصيل.
وأضاف جاويش أوغلو، في تصريحات عقب لقائه في العاصمة الليبية طرابلس، التي توجه إليها فجأة أمس في زيارة عمل، كلا من رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فايز السراج، ووزير خارجية مالطا إيفاريست بارتولو، أن بلاده أكدت لروسيا استمرار محادثات مسار الحل السياسي في ليبيا، التي وصف الوضع فيها بأنه «معقد جدا». معتبرا أن المبادرات المطروحة، مثل مبادرة «إعلان القاهرة»، لا فائدة منها، قائلا: «نواصل جهودنا، ولن تكون هناك فائدة من المبادرات المطروحة مثل مبادرة القاهرة، ونحن نحاول في طريق الحوار حتى النهاية».
ونقلت وكالة أنباء «الأناضول» التركية الرسمية عن جاويش أوغلو قوله إن خليفة حفتر (قائد الجيش الوطني الليبي) «لا يؤمن بالحل السياسي ولا بوقف إطلاق النار، متهما فرنسا بغض الطرف عن الأسلحة التي ترسل إليه من مصر وسوريا.
ووصف جاويش أوغلو، الذي رصدت تقارير للأمم المتحدة وجهات دولية إرسال بلاده شحنات أسلحة ضخمة وآلاف المرتزقة، إلى جانب عناصر الجيش التركي لدعم ميليشيات حكومة الوفاق الموالية لتركيا، عملية «إيريني» البحرية الأوروبية لمراقبة حظر توريد السلاح إلى ليبيا بأنها «متطرفة». ودعا ألمانيا، التي أرسلت قبل أيام سفينة للانضمام للعملية البحرية، إلى عدم الانحياز إلى أي طرف في ليبيا. وقال بهذا الخصوص: «يجب على ألمانيا ألا تكون منحازة لأي طرف ويجب أن تكون حيادية، لكنها تعرضت لضغط فرنسي، وأرسلت سفينة من أجل التحرك ضمن عملية إيريني».
وأضاف الوزير التركي أن الوضع في ليبيا معقد جدا رغم توقف إطلاق النار، داعياً إلى الاستمرار في المباحثات من أجل إيجاد حل سياسي، في وقت تستمر فيه أنقرة في نقل المرتزقة والسلاح إلى العاصمة طرابلس لدعم قوات الوفاق.
وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان، قبل أيام قليلة، أن تركيا مستمرة في نقل المرتزقة، لافتاً إلى أن 10 آلاف من المتطرفين وصلوا إلى ليبيا خلال الأشهر الماضية، من بين أكثر من 17 ألف مرتزق، بينهم 2500 يحملون الجنسية التونسية.
في السياق ذاته، نفى السفير التركي في الصومال، محمد يلماظ، ما تردد عن طلب بلاده من مقديشو، إرسال جنود صوماليين للمشاركة في القتال ضد الجيش الوطني الليبي، قائلا إن بعض الدول، التي لم يسمها، «تتعمد التضليل عبر منصات التواصل الاجتماعي».
كما عقد وزير الخارجية التركي لقاء مغلقا مع كل من السراج وبارتولو، في مقر حكومة الوفاق بالعاصمة طرابلس، تم خلاله بحث آخر المستجدات على الساحة الليبية، وسبل حل الأزمة بالطرق السياسية، بحسب ما ذكرت الخارجية التركية، التي أشارت إلى أن جاويش أوغلو توجه رفقة نظيره في مالطا في زيارة عمل إلى ليبيا.
ومن المتوقع أن تتناول الزيارة أيضا القضايا المدرجة على جدول الأعمال الخاصة بالدول الثلاث: مالطا وليبيا وتركيا.
وجاء ذلك بعد أسبوعين من عقد وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، اجتماعا ثلاثيا مع وزير داخلية حكومة الوفاق فتحي باشاغا ووزير داخلية مالطا بايرون جاميلري في أنقرة لبحث الملف الليبي، وذلك عقب زيارة أكار لقطر بيوم واحد، كما التقى وزير الداخلية القطري خالد العطية الوزير المالطي وباشاغا في أنقرة.
وزار وزير الدفاع الإيطالي لورنزو جوريني طرابلس، أول من أمس، رفقة رئيس قيادة أركان الدفاع الجنرال إنزو فيتشاريللي، ورئيس جهاز الأمن الخارجي الجنرال جياني كارفيللي، وقائد العمليات بوزارة الدفاع الجنرال لوتشيانو بورتولانو، والوزير المفوض المستشار ماسيمو ماروتي، ورئيس مكتب السياسة العسكرية الأميرال جيانفر انكوانوتسياتا، حيث أجرى مباحثات مع السراج ومسؤولين عسكريين وسياسيين في حكومة «الوفاق» حول مستجدات الأوضاع في ليبيا، ومتابعة ملفات التعاون الأمني والعسكري في مجال إزالة الألغام والمفخخات، ووضع برامج للتدريب، واستقبال الطلبة العسكريين الليبيين بالكليات العسكرية الإيطالية، وعودة الشركات الإيطالية لاستئناف نشاطها في ليبيا.
وأكد الجانبان على الضرورة القصوى لعودة إنتاج النفط، تحت إشراف المؤسسة الوطنية الليبية للنفط.
كما أجرى وزير الخارجية الإيطالي، لويجي دي مايو (أيار)، اتصالا هاتفيا، أمس، مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو، أعرب خلالها الوزيران عن نيتهما المشتركة في تعزيز التعاون بين إيطاليا وتركيا بشأن الملف الليبي وشرق البحر المتوسط، وإجراء حوار بناء بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، ما يؤدي إلى تهدئة التوترات في المنطقة وشرق المتوسط، وتعزيز الأمن والتعاون في المنطقة.
وذكرت مصادر إعلامية، أمس، أن إيطاليا تعتزم نقل جنودها خارج مصراتة، بناء على طلب من القوات التركية المتواجدة هناك.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».