المشيشي يكشف «ملامح» الحكومة التونسية الجديدة

كشف هشام المشيشي، رئيس الحكومة التونسية المكلف، عن الملامح الأولية للحكومة التي يسعى إلى تشكيلها، لتحل محل حكومة تصريف الأعمال التي يقودها إلياس الفخفاخ، رئيس الحكومة المستقيل منذ منتصف الشهر الماضي.
وقال المشيشي أمس، في أول تصريح إعلامي حول شكل الحكومة المقبلة، إنها ستكون «حكومة إنجاز، ستهتم أكثر بتحقيق أهداف اقتصادية واجتماعية، وستنكب على ما يغير أوضاع التونسيين التي وصلت إلى مرحلة صعبة»؛ داعياً الطبقة السياسية إلى إيجاد «التوافقات اللازمة التي تساعد على العمل سوياً، حتى تتمكن الحكومة المرتقبة من تجاوز التجاذبات داخل البرلمان».
وبخصوص تركيبة الحكومة المنتظرة، قال المشيشي إن ما يهمه بالأساس «هو برنامج الحكومة، وليست تركيبتها»، مؤكداً أن البرنامج الحكومي «جاهز»، وأنه سيتم التركيز على إيقاف النزيف على مستوى المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية، وإعادة التوازنات العامة على مستوى الميزانية ومحركات الاقتصاد.
لكن المشيشي أقر في المقابل بوجود اختلافات سياسية عميقة بين مكونات المشهد السياسي، وقال إنه سيسعى من خلال الحكومة المقبلة إلى «إيجاد توليفة تكون وعاء للأطروحات الإيجابية لمختلف المكونات السياسية»؛ مشيراً إلى وجود إجماع الأحزاب على دقة الوضعين الاقتصادي والاجتماعي في هذه المرحلة، واختلافات سياسية عميقة نتيجة النظام السياسي الحالي، والتشتت الواضح على مستوى التمثيل البرلماني؛ داعياً إلى توفير مناخ من الاستقرار الاقتصادي والحكومي، يمكنان من وضع برنامج للإقلاع الاقتصادي في غضون سنتين من الآن.
على صعيد متصل، قال راشد الغنوشي، رئيس حركة «النهضة» (إسلامية) ورئيس البرلمان، أمس، إن تونس «تتسع للجميع ولا مجال للإقصاء»، وعبَّر عن استغرابه من دعوات بعض الأطراف السياسية إلى تشكيل حكومة جديدة دون «النهضة»، بقوله: «هم إقصائيون ويخافون المنافسة. فهل هناك من يقصي الحزبين الفائزين بالمرتبتين الأولى والثانية من الحكم؟ هل هذه ديمقراطية؟»؛ مضيفاً أن حماية الديمقراطية التونسية «تكون من خلال منح الحكم للأحزاب الفائزة في انتخابات 2019، وليس للكفاءات».
وتابع الغنوشي متسائلاً: «كيف تتشكل حكومة تونسية دون حركة (النهضة) وحزب (قلب تونس)، والحزب الثالث والرابع إن دعت الضرورة لذلك، فبمن سيشكلونها إذن؟ بالحزب العاشر؟».
كما انتقد الغنوشي ما اعتبره «تهماً باطلة»، وجهها لها خصومه السياسيون في البرلمان خلال جلسة سحب الثقة منه، وأبرزها عدم قدرته على إدارة البرلمان، وهو ما فنده مستعيناً بتقارير قدمتها جمعيات ومنظمات، تفيد بأن عمل المجلس النيابي في دورته الحالية «كان أفضل»، وأن إنتاجيته أعلى بنسبة 30 في المائة مقارنة مع البرلمان السابق.
في غضون ذلك، وجَّه الغنوشي نقداً مبطناً للرئيس قيس سعيد، بقوله إن «(النهضة) لن تسمح بالعودة إلى مركزة السلطة»، مبرزاً أن تونس «لها رئيس واحد، وهو رمز الدولة ووحدتها؛ لكنه ليس صاحب السلطة بمفرده».
واعتبر الغنوشي أن رئيس الحكومة المكلف يحاول الاحتماء خلف رئيس الجمهورية «غير أنه يحتمي خلف أحد المشاركين في السلطة لا خلف صاحبها الأوحد، وعليه أن يبحث لنفسه عن حماية إضافية من خلال البرلمان، ممثلاً في حزبه الأول (حركة النهضة)، والثاني (قلب تونس)»، على حد تعبيره.
في غضون ذلك، كشفت نادية السعدي، المديرة العامة بوحدة التصريح بالمكاسب في هيئة مكافحة الفساد (هيئة دستورية منتخبة) عن تسجيل الهيئة 107 شبهات تضارب مصالح ما بين سنة 2019 ونهاية شهر يوليو (تموز) الماضي، تتعلق برئاسة الحكومة والوزراء ورئاسة الجمهورية، وأعضاء مجلس نواب الشعب (البرلمان)، ورؤساء البلدية والهيئات الدستورية.
وكانت تهمة «تضارب المصالح» قد أطاحت بحكومة الفخفاخ، بعد أن كشفت التحريات عن إبرام شركات يساهم الفخفاخ في رأسمالها، صفقات مع الحكومة بعد المصادقة البرلمانية على حكومته في 28 من فبراير (شباط) الماضي، وقد قدم استقالته لرئيس الجمهورية في 15 من يوليو الماضي. وقد كلف قيس سعيد المشيشي وزير الداخلية في الحكومة نفسها بتشكيل حكومة جديدة.