ما التداعيات السياسية المحتملة لانفجار بيروت؟

منزل لبناني تضرر بشدة من الانفجار في بيروت (أ.ف.ب)
منزل لبناني تضرر بشدة من الانفجار في بيروت (أ.ف.ب)
TT

ما التداعيات السياسية المحتملة لانفجار بيروت؟

منزل لبناني تضرر بشدة من الانفجار في بيروت (أ.ف.ب)
منزل لبناني تضرر بشدة من الانفجار في بيروت (أ.ف.ب)

وقع انفجار بيروت غير المسبوق في حجمه في تاريخ لبنان في وقت تواجه الطبقة الحاكمة غضباً شعبياً ونقمة لعجزها عن إيجاد حلول للأزمات المتلاحقة.
هل يسرّع الانفجار الإطاحة بالحكومة ويعطي دفعاً جديداً للتحركات الشعبية التي حدّ تفشي وباء «كوفيد - 19» ثم تسارع الانهيار الاقتصادي من وتيرتها؟ أم ستكون له نتائج معاكسة لناحية تثبيت السلطة المدعومة بشكل رئيسي من «حزب الله؟».
أبصرت حكومة الرئيس حسان دياب النور مطلع العام الحالي، بوصفها تضمّ اختصاصيين. لكن سرعان ما تبيّن نفوذ الأحزاب داخلها، خصوصاً «حزب الله»، المدعوم من طهران وحليفه التيار الوطني الحر بزعامة رئيس الجمهورية ميشال عون. ولم يتأخر بعض حلفائه بالتهديد بسحب وزرائهم عند التباين حول إدارة بعض الملفات.
ويثير أداء الحكومة التي لم تنجح بعد في تحقيق إصلاحات ملحة يشترط المجتمع الدولي وصندوق النقد إجراءها مقابل الحصول على دعم خارجي، امتعاضاً شعبياً، وذلك حسب ما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
وتقدم وزير الخارجية ناصيف حتي الدبلوماسي المخضرم، الأسبوع الحالي باستقالته لتعذّر قيامه بواجباته وغياب إرادة حقيقية للإصلاح، وفق قوله. حتى أنه لمح إلى وجود مرجعيات عدة داخل الحكومة تتحكم بأدائها. وشكلت الاستقالة ضربة جديدة للحكومة برئاسة حسان دياب.
إلا أنّ فاجعة الانفجار أسهمت في كسر عزلة الحكومة الدبلوماسية التي لم يزر رئيسها أي دولة منذ تعيينه كما جرت العادة، وقد أدت إلى بدء تدفّق مساعدات خارجية للمساهمة في تجاوز محنة الانفجار الذي أودى بحياة 137 شخصاً وتسبب بجرح خمسة آلاف على الأقل إلى جانب عشرات المفقودين وتشريد نحو 300 ألف من منازلهم.
وسارع وزير الخارجية الجديد شربل وهبي إلى التأكيد لقناة الجديد المحلية الخميس أن زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المرتقبة اليوم إلى بيروت تعني أن «لبنان ما زال يحظى بتضامن وعطف الدول».
وتقول مديرة مركز كارنيغي لـ«الشرق الأوسط» مهى يحيى لوكالة الصحافة الفرنسية: «في أي بلد آخر، كانت الحكومة لتستقيل» عقب انفجار تداعياته كارثية إلى هذا الحد، وأكد دياب أنه نجم عن تخزين 2750 طناً من نترات الأمونيوم. وتضيف: «مجرّد وجود كمية بهذا الحجم من نترات الأمونيوم مخزّنة في مرفأ بيروت من دون إجراءات احترازية يشكّل إهمالاً جرمياً».
إلا أنّه في ظل الاستقطاب السياسي الحاد وصراع النفوذ في الشرق الأوسط، خصوصاً بين الولايات المتحدة وإيران، فإن عرابي الحكومة اللبنانية سيعملون على الأرجح لضمان عدم سقوطها، مهما كلّف الأمر.
ويقول الباحث والأستاذ الجامعي كريم بيطار لوكالة الصحافة الفرنسية: «رغم الغضب العام ليس مرجّحاً أن نرى استقالة فورية للحكومة في هذه المرحلة، طالما أنه ما من بديل واضح» خصوصاً أنّ خصوم الحكومة في مرمى اتهامات المتظاهرين ولا يحظون بثقتهم على الإطلاق.
في صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، كتب الباحث فيصل عيتاني أن «الكارثة، بشدتها الاستثنائية، هي كالعادة في لبنان نتيجة أعمال تجارية». وأضاف أن «ثقافة الإهمال والفساد وتبادل اللوم متجذرة في البيروقراطية اللبنانية بإشراف طبقة سياسية معروفة بعدم كفاءتها وتحقيرها للصالح العام».
في 17 أكتوبر (تشرين الأول)، اندلعت موجة احتجاجات ضخمة غير مسبوقة استمرت عدة أشهر، طالبت برحيل الطبقة السياسية الحاكمة مجتمعة، المتهمة بالفساد والهدر والعجز عن إيجاد حلول للأزمات المتعاقبة.
هدأت المظاهرات تدريجياً بعد تشكيل دياب لحكومته، ثم بدأ انتشار فيروس كورونا المستجد، من دون أن تتوقف التحركات المطلبية الرمزية أمام مؤسسات الدولة ومصرف لبنان، آخرها محاولة متظاهرين قبل أيام اقتحام وزارة الطاقة احتجاجاً على انقطاع الكهرباء لساعات طويلة.
ويقول بيطار، أستاذ العلاقات الدولية في باريس وبيروت إن «الفيروس وفّر فترة استراحة للسلطة»، لكن انفجار المرفأ قد «ينفخ الروح مجدداً في الثورة». ويعرب عن اعتقاده بأن «اللبنانيين سيكونون اليوم أكثر تصميماً على محاسبة الطبقة السياسية، الفاسدة حتى النخاع».
ويتوقّع بيطار أن تكون الموجة الثانية من الاحتجاجات الشعبية «أكثر قسوة من المرحلة الأولى، وستنزلق نحو العنف».
وترى مهى يحيى بدورها أنه إذا كان الانفجار سيدفع المتظاهرين إلى التصعيد مجدداً تحت شعار «كلن يعني كلن»، فإنه أيضاً «قد يدفع بالكثيرين» إلى اختيار طريق المنفى بحثاً عن بداية جديدة.
ودعا «حزب الله» اللبنانيين والقوى السياسية كافة إلى «التضامن والوحدة» لتجاوز «الفاجعة الأليمة». وأعلن تأجيل خطاب أمينه العام حسن نصر الله الذي كان مقرراً مساء الأربعاء من دون تحديد موعد جديد.
وتقول مهى يحيى: «سيخضعون هم أيضاً للمسائلة، لأنهم جزء لا يتجزأ من النظام الحاكم»، مشيرة إلى اتهامات حول نفوذ الحزب في إدارة المرفأ أو «التهريب عبره» على الأقل.
ويعدّ «حزب الله» لاعباً رئيسياً والطرف السياسي الأقوى في البلاد، ولطالما شكّل نزع سلاحه عنواناً خلافياً بين القوى السياسية ومطلباً لواشنطن، التي تصنّفه منظمة «إرهابية».
وازداد الغضب الشعبي على «حزب الله» خلال الفترة الماضية، خصوصاً مع تدهور الوضع الاقتصادي في البلاد.
ويواجه «حزب الله» استحقاقاً مهماً، إذ إنه كان من المفترض أن تنطق المحكمة الدولية الخاصة بلبنان الجمعة بالحكم في حق أربعة متهمين من «حزب الله» في قضية اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري في فبراير (شباط) 2005. قبل أن تعلن تأجيل الجلسة إلى 18 أغسطس (آب) «احتراماً لضحايا» الانفجار.
ويرجّح بيطار أن يثير صدور الحكم «بعض التوترات على الأرجح» بين مناصري حزب الله، الذي ينفي أي تورط لعناصره بالاغتيال ولا يعترف بالمحكمة الدولية، ومؤيدي الحريري الذين ينتظرون منذ 15 عاماً هذه اللحظة.



مصر: «حماس» ستطلق سراح 33 محتجزاً مقابل 1890 فلسطينياً في المرحلة الأولى للاتفاق

طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

مصر: «حماس» ستطلق سراح 33 محتجزاً مقابل 1890 فلسطينياً في المرحلة الأولى للاتفاق

طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

أعلنت وزارة الخارجية المصرية، السبت، أن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة ستشهد إطلاق حركة «حماس» سراح 33 محتجزاً إسرائيلياً مقابل 1890 فلسطينياً.

وعبرت الوزارة، في بيان، عن أملها في أن يكون الاتفاق البداية لمسار يتطلب تكاتف الجهود الإقليمية والدولية لتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني.

ودعت مصر المجتمع الدولي، خاصة الولايات المتحدة، لدعم وتثبيت الاتفاق والوقف الدائم لإطلاق النار، كما حثت المجتمع الدولي على تقديم كافة المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني، ووضع خطة عاجلة لإعادة إعمار غزة.

وشدد البيان على «أهمية الإسراع بوضع خارطة طريق لإعادة بناء الثقة بين الجانبين، تمهيداً لعودتهما لطاولة المفاوضات، وتسوية القضية الفلسطينية، في إطار حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس».

وأشارت الخارجية المصرية إلى التزامها بالتنسيق مع الشركاء: قطر والولايات المتحدة، للعمل على التنفيذ الكامل لبنود اتفاق وقف إطلاق النار من خلال غرفة العمليات المشتركة، ومقرها مصر؛ لمتابعة تبادل المحتجزين والأسرى، ودخول المساعدات الإنسانية وحركة الأفراد بعد استئناف العمل في معبر رفح.

وكانت قطر التي أدت مع مصر والولايات المتحدة وساطة في التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، أعلنت أن 33 رهينة محتجزين في غزة سيتم الإفراج عنهم في إطار المرحلة الأولى من الاتفاق.

وكانت وزارة العدل الإسرائيلية أعلنت أن 737 معتقلا فلسطينيا سيُطلق سراحهم، إنما ليس قبل الساعة 14,00 ت غ من يوم الأحد.

ووقف إطلاق النار المفترض أن يبدأ سريانه الأحد هو الثاني فقط خلال 15 شهرا من الحرب في قطاع غزة. وقُتل أكثر من 46899 فلسطينيا، معظمهم مدنيون من النساء والأطفال، في الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة، وفق بيانات صادرة عن وزارة الصحة التي تديرها حماس وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقا بها.

وأعربت الخارجية المصرية في البيان عن «شكرها لدولة قطر على تعاونها المثمر»، كما ثمّنت «الدور المحوري الذي لعبته الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لإنهاء الأزمة إلى جانب الرئيس الأميركي جو بايدن».