اليمن يجابه آثار السيول... ويستنجد باليونيسكو لحماية تراثه

تدابير حكومية في مأرب والحديدة لفتح الطرق وتصريف المياه

جانب من آثار السيول التي دهمت صنعاء قبل أيام (إ.ب.أ)
جانب من آثار السيول التي دهمت صنعاء قبل أيام (إ.ب.أ)
TT

اليمن يجابه آثار السيول... ويستنجد باليونيسكو لحماية تراثه

جانب من آثار السيول التي دهمت صنعاء قبل أيام (إ.ب.أ)
جانب من آثار السيول التي دهمت صنعاء قبل أيام (إ.ب.أ)

في الوقت الذي تواصل فيه الحكومة اليمنية والسلطات المحلية مجابهة آثار السيول والأمطار غير المسبوقة التي عمت أرجاء البلاد، أطلقت عبر مندوبها لدى منظمة اليونيسكو دعوة استنجدت فيها بالمنظمة الأممية لحماية المواقع المدرجة ضمن لائحة التراث الإنساني.
وكانت السيول والأمطار أدت إلى وفاة أكثر من 20 يمنيا خلال أسبوع في أكثر من محافظة وأصابت العشرات، فضلا عما ألحقته من دمار بعشرات المنازل والمزارع والحواجز المائية، إلى جانب تهديدها بتهدم منازل تاريخية في صنعاء القديمة وشبان وزبيد.
وذكرت المصادر الرسمية أن سفير اليمن لدى اليونيسكو الدكتور محمد جميح قال في رسالة بعثها إلى المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونيسكو) السيدة أودوراي أوزولاي إن «الأمطار الغزيرة والفيضانات التي شهدها اليمن أدت إلى دمار طال عدداً من المواقع الأثرية في البلاد، وعلى وجه الخصوص المواقع الثلاثة المسجلة على لائحة اليونيسكو للتراث العالمي في صنعاء القديمة وزبيد وشبام حضرموت».
ودعا جميح في رسالته المجتمع الدولي واليونيسكو على وجه الخصوص إلى سرعة تقديم الدعم اللازم للتغلب على الآثار الناجمة عن الفيضانات والأمطار، وبكل وسيلة ممكنة.
وأكد المندوب اليمني على ضرورة لجوء اليونيسكو إلى «صندوق طوارئ التراث العالمي لتسريع عمليات مواجهة الآثار المترتبة على الأمطار الغزيرة التي يشهدها اليمن، والتي أثرت على معظم مواقع التراث الإنساني في البلاد، وليس على المواقع المسجلة على لائحة اليونيسكو للتراث العالمي».
وأشاد بجهود المنظمة في حماية التراث العالمي في اليمن، داعياً إياها إلى مواصلة دعم اليمن في هذه الفترة العصيبة من الحرب والفيضانات، والتي تتطلب تكاتف المجتمع الدولي لحماية ذلك التراث الذي يتعرض للدمار بفعل عوامل متعددة.
في غضون ذلك دشنت السلطات المحلية في محافظة مأرب (شرق صنعاء) أمس الأربعاء، بدء تنفيذ الأعمال والتدابير الخاصة بمواجهة أضرار سيول فيضان بحيرة سد مأرب، والتي تنفذها اللجنة الفرعية للطوارئ في مديرية الوادي والمنبثقة عن لجنة الطوارئ في المحافظة.
وأكدت المصادر الرسمية أن اللجنة شرعت في أعمال فتح الطرق المغلقة وإنشاء الطرق والمجاري ومصدات المياه المتدفقة بعيدا عن مساكن ومزارع المواطنين للحد من أضرار السيول.
وكانت السيول تسببت في خسائر جمة في محافظة مأرب جراء تدفقها من السد الذي فاض لأول مرة من عقود إلى الطرقات العامة والفرعية ومزارع ومساكن المواطنين وتسببها بنزوح عشرات الأسر من الأماكن التي غمرتها المياه. وجاء هذه الأعمال الميدانية في المحافظة بعد يوم من اجتماع استثنائي للجنة الطوارئ ناقشت فيه الإجراءات والتدابير اللازمة لمواجهة أضرار السيول والعواصف التي شهدها عدد من المديريات.
وأمر المحافظ سلطان العرادة - بحسب ما أفادت به المصادر الرسمية - بتشكيل لجان فرعية للجنة الطوارئ في جميع مديريات المحافظة، وأقر تشكيل لجنتي طوارئ في مديريتي صرواح ومأرب الوادي بشكل عاجل، تتكون من المكاتب المختصة والوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين ومديري المديريات لمواجهة الأضرار الناجمة عن تدفق مياه السد بعد المفيض.
وتحدث المحافظ العرادة في الاجتماع عن التبعات المتوقعة الناجمة عن فيضان مياه سد مأرب والمخاطر التي قد تحدث في حال استمر فيضانه، مشددا على ضرورة تنفيذ معالجات آنية وأخرى استراتيجية لتفادي وقوع الكارثة بدءاً من إغاثة المتضررين وفتح ممرات وطرق آمنة، وعمل مصدات للسيول، وصيانة الطرق المتضررة، والانتقال إلى إنشاء جسور على الطريق الدولية التي تمر عبرها مياه السد.
وتضمنت توجيهات العرادة إنشاء قنوات مفيض إضافية تتوزع من خلالها المياه الخارجة وتخفض من مستوى الضغط الناجم عن تدفقها باتجاه مجرى واحد كما هو الحاصل الآن، بالإضافة إلى تنفيذ عدة مشاريع استراتيجية للاستفادة من الوفر المائي في السد بما يعود بالنفع على المخزون المائي، وتوسع القطاع الزراعي والغطاء النباتي في المحافظة.
في السياق نفسه، أفادت المصادر الرسمية بأن محافظ الحديدة الدكتور الحسن طاهر دشن أمس (الأربعاء) أعمال شفط مياه الأمطار وردم المستنقعات والبؤر الناتجة عن هطول الأمطار الغزيرة وتدفق السيول في مناطق مختلفة من مديريات المحافظة المحررة، وتسوية الشوارع والطرق.
وأثنى المحافظ في تصريحات رسمية بالدور الذي يوليه مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية من خلال برامج الاستجابة الطارئة التي تنفذها مؤسسة طيبة للتنمية، ومنها الاستجابة لشفط مياه الأمطار وردم المستنقعات من أحياء وشوارع ومخيمات مدينة الخوخة، ضمن برامج الاستجابة الطارئة لمشروع المياه والإصحاح البيئي المنفذ في مديرية الخوخة ومخيمات النازحين للحد من تفشي الأمراض والأوبئة.
وكانت الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين أوضحت في تقرير سابق أن الأمطار الغزيرة التي شهدتها محافظات مأرب وأبين والضالع والمصحوبة بالرياح، تسببت بأضرار جسيمة في مخيمات النازحين، وأدت إلى جرف كلي أو جزئي في مساكن 2242 شخصا كإحصائية أولية في المحافظات الثلاث.
وفي الساحل الغربي، حيث محافظتا الحديدة وحجة، كانت أفادت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في تغريدة على «تويتر» بأن «‏الأمطار الغزيرة والسيول التي شهدتها المحافظتان تسببت بأضرارٍ طالت أكثر من 9 آلاف عائلة».
وعلى وقع استمرار هطول الأمطار، أفادت في وقت سابق هيئة الآثار الخاضعة للحوثيين في صنعاء بأن مباني المدينة القديمة التي صمدت لمئات السنين تكاد تنهار في أي لحظة، جراء استمرار هطول الأمطار الغزيرة التي نتج عنها انهيار شبه كلي لعدد من المباني مأهولة بالسكان، وانهيارات جزئية للجدران الحاملة والأسقف بسور مدينة صنعاء الشمالي والجنوبي.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».