الأجهزة الرسمية تتسابق للتنصل من مسؤولية الانفجار

آثار الدمار تبدو على البنايات القريبة من مرفأ بيروت (إ.ب.أ)

الأجهزة الرسمية تتسابق  للتنصل من مسؤولية الانفجار
TT

الأجهزة الرسمية تتسابق للتنصل من مسؤولية الانفجار

الأجهزة الرسمية تتسابق  للتنصل من مسؤولية الانفجار

أحدث قرار المجلس الأعلى للدفاع بتشكيل لجنة تحقيق لكشف حقيقة التفجير الذي وقع في مرفأ بيروت، إرباكاً لدى الأجهزة الأمنية والقضائية وحتى الإدارية التي بدأت تتقاذف كرة الاتهام، وتحميل كل طرف المسؤولية للآخر.
واستباقاً لانطلاق التحقيقات، سارعت المديرية العامة للجمارك إلى توزيع كتابين كانت وجهتهما إلى قضاء الأمور المستعجلة، وكان الكتاب الأول موقعاً من المدير العام السابق للجمارك شفيق مرعي؛ حيث طالب فيه قاضي الأمور المستعجلة في بيروت باتخاذ قرار يحدد كيفية التصرف في المواد المخزنة من «نترات الأمونيوم» في مرفأ بيروت، بالنظر لخطورتها الشديدة، إذا بقيت داخل المخزن في ظل ظروف مناخية غير ملائمة. وطلب الكتاب «إلزام الوكالة البحرية بإعادة تصدير هذه البضائع بصورة فورية إلى الخارج، حفاظاً على سلامة المرفأ والعاملين فيه».
أما الكتاب الثاني فكان بتوقيع المدير العام الحالي للجمارك بدري ضاهر، بتاريخ 28 أكتوبر (تشرين الأول) 2017، جدد فيه مطالبة قاضي الأمور المستعجلة بـ«إلزام الوكالة البحرية بإعادة تصدير البضائع إلى الخارج، أو بيعها للشركة اللبنانية للمتفجرات (مجيد شماس)، بالنظر للخطورة التي تترتب على بقائها في المرفأ».
وإزاء تفاعل الرأي العام اللبناني عبر وسائل التواصل الاجتماعي مع هذين الكتابين؛ خصوصاً مع غياب الجواب القضائي، سارع مصدر قضائي إلى رفع المسؤولية عن قضاء الأمور المستعجلة، وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «قضاء العجلة نظر في موضوع حجز الباخرة التي كانت تحمل هذه البضائع، وبطلب تحريرها من الحجز». ولفت إلى أن «موضوع المواد المتفجرة يخضع لقوانين خاصة ليست من صلاحيات قضاء العجلة، وهذه القوانين تراعي مسألة حفظ هذه المواد القابلة للتفجير في أماكن بعيدة عن السكن وعن المنشآت الحيوية، مثل المرفأ والمطار والأماكن المكتظة».
وشدد المصدر القضائي على أن التحقيق «سيحدد هويات كل الأشخاص المعنيين بموضوع تخزين هذه المواد في المرفأ، وإلى أي إدارة يتبعون، وكل الأعمال التي قاموا بها». وقال: «التحقيقات بدأت بوتيرة سريعة، وهي تنتظر في الوقت نفسه انتهاء التقارير المتعلقة بتخزين هذه المواد»، كاشفاً أن «المؤشرات الأولية تفيد بأن المواد التي انفجرت داخل المرفأ ليست عبارة عن أسمدة تستخدم للمزروعات؛ بل هناك أكبر وأخطر من ذلك». وأكد أن «الأسمدة التي تستعمل للمزروعات تحتوي على نسبة لا تتعدى 17 في المائة من نترات الأمونيوم، أما المواد التي انفجرت فتحتوي نسبة 34.7 في المائة من هذا الصنف، عدا وجود مادتي (ميتانول) و(أنفلامابل)، وهي مواد سريعة الاشتعال وتستخدم في تصنيع المتفجرات».
في هذا الوقت، رفض مصدر مقرب من إدارة الجمارك اللبنانية تحميل هذا الجهاز مسؤولية ما حصل، وكشف لـ«الشرق الأوسط» أن إدارة الجمارك بعثت بثماني مراسلات إلى القضاء وإلى المراجع الرسمية العليا، موضحاً أن «مراجع عليا في الدولة أجابت بأنها على علم بوجود هذه المواد، وسوف تبحث الأمر مع المعنيين». وسأل المصدر: «من هم المعنيون؟ هل هناك جهات سياسية أو حزبية وحدها لها الحق أن تتصرف في هذه البضاعة؟ هل يعقل أن يخصص عنبر بأهمية العنبر رقم 12 لتخزين ذخائر ومواد متفجرة أو ذخائر قديمة وغير صالحة للاستعمال؟».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».