وجه بيروت مشوّه وسكانها حانقون على «الدولة الفاسدة»

آلاف باتوا بلا مأوى

صورة مأخوذة من الجو تظهر حجم الدمار الهائل الذي خلفه انفجار مرفأ بيروت (أ.ب)
صورة مأخوذة من الجو تظهر حجم الدمار الهائل الذي خلفه انفجار مرفأ بيروت (أ.ب)
TT

وجه بيروت مشوّه وسكانها حانقون على «الدولة الفاسدة»

صورة مأخوذة من الجو تظهر حجم الدمار الهائل الذي خلفه انفجار مرفأ بيروت (أ.ب)
صورة مأخوذة من الجو تظهر حجم الدمار الهائل الذي خلفه انفجار مرفأ بيروت (أ.ب)

تتداخل معالم الحزن والغضب على وجوه الناس في منطقة الأشرفية في بيروت. يهز طارق برأسه من غير أن يرفع عينيه عن الزجاج الذي ملأ الشارع الداخلي في الجميزة، ويقول بحسرة: «هذه معالم تواطؤ الدولة بفسادها على الشعب».
فالرجل الأربعيني خسر مأواه بفعل الانفجار الذي عصف ببيروت عصر أول من أمس الثلاثاء، ولا تخفف عنه عبارات المواساة، ولا التهنئة بسلامته وسلامة عائلته التي أصيب أحد أفرادها بجروح في الوجه والصدر إثر الزجاج المتطاير. يسأل عن السبب، ويؤكد أن الدولة مسؤولة بإهمالها وفسادها: «لا نستحق كل هذا الوجع والغبن. نحن شعب يستحق الحياة، لا سلطة سياسية فاسدة وتكرهنا».

وطارق واحد من عشرات نزلوا إلى شوارع الأشرفية لإزالة الركام الذي خلفه عصف التفجير الأكبر في تاريخ لبنان، عندما انفجر مستودع نيترات الأمونيوم، في مرفأ بيروت أول من أمس. معالم الشارع اختفت تحت الزجاج المكسور، وحطام الأبنية غيَّر وجه الشارع الذي تصح فيه صورة «المنكوب». تقلص حجم السيارات بفعل الضغط، حتى تراءت كطفل يشد ذراعيه إلى صدره خوفاً، بينما تعرت أبنية من جدرانها الزجاجية. باتت ثكلى، تندب سكانها، وتتراقص ألماً بين أجسادهم.
يشد متطوعون أزر السكان للتخفيف عنهم. يعاونونهم في جمع الزجاج، ويقدمون لهم عبوات المياه؛ لكن الحزن المرسوم على الوجوه يختلط بالغضب: «كيف يمكن لدولة أن تبقي مواد شديدة الانفجار في مستودع قريب من بيوت المدنيين لسنوات؟»، تسأل كارلا التي تتفقد منزل شقيقها في الأشرفية، في إشارة إلى المواد التي صودرت في عام 2014، وخُزنت في العنبر رقم 12 في المرفأ، ولم تُتلف بعد. فهي ترى أن الدولة «متواطئة على الناس وأمنهم»، وتتشارك في هذا الاستنتاج مع كثير من اللبنانيين الذين قال بعضهم في مواقع التواصل الاجتماعي إن الدولة اللبنانية هي أول دولة في العالم تستخدم قنبلة تشبه قبلة نووية ضد شعبها!
بدت بيروت صباح الأربعاء مدينة منزوعة الوجه. تخبئ ملامحها خلف الغبار، وتتستر بالركام الذي يمتد على مساحات واسعة إلى أحياء الأشرفية المرتفعة، ومنها إلى ساحة السوديكو، وغرباً إلى البسطة وفردان والحمراء، ونزولاً إلى واجهتها البحرية التي هبطت واجهاتها إلى الأرض، وتساوت مع الأرصفة.
«الفساد أنزل حلم رفيق الحريري إلى الحضيض»، يقول شاب في ساحة الشهداء حضر من منطقة المزرعة ليعاين آثار الدمار عن كثب، متأسفاً على حال شارع كان يعمل في أحد مبانيه قبل انتفاضة 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. يضيف: «لم يكن ينقصنا إلا انفجار لنسدل الستار على حلم الحريري بمدينة تنافس المدن الأوروبية».
في داخل المباني في الوسط التجاري، ركام ينسحب على قاعات البرلمان ومكاتب النواب. لم يفرق الانفجار بين أملاك الناس والأملاك العامة. يتساوى الضرر، بما يحيل المشهد إلى الكارثة الوطنية. ويتمدد غرباً إلى أسواق بيروت وفنادقها. وقال نقيب أصحاب الفنادق والمؤسسات السياحية بيار الأشقر، إن «90 في المائة من فنادق بيروت متضررة».
الأضرار متشابهة، والشكوى واحدة، بينما تتفاوت التوصيفات: «ألا تشبه الأراضي المحروقة جراء الحروب؟ ألا تشبه تسونامي، والمدن التي تعرضت للزلازل؟» يسأل شاب في أسواق بيروت، ويستطرد: «من سيصلح الأضرار في دولة مفلسة وعاجزة وفاسدة؟» وهو التحدي الذي ينتظر لبنان، وعاد بموجبه سنوات طويلة إلى الوراء جراء الدمار الهائل.



تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
TT

تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)

أصدرت الدول العربية المجتمعة في مدينة في الأردن، اليوم السبت، بيانها الختامي الذي أكدت فيه دعمها لعملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية.

وقال البيان بعد اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا التي تضم: الأردن، والسعودية، والعراق، ولبنان، ومصر، وأمين عام جامعة الدول العربية، وبحضور وزراء خارجية الإمارات، ومملكة البحرين، الرئيس الحالي للقمة العربية، ودولة قطر، وذلك ضمن اجتماعات العقبة حول سوريا: «أكد المجتمعون الوقوف إلى جانب الشعب السوري الشقيق، وتقديم كل العون والإسناد له في هذه المرحلة الدقيقة، واحترام إرادته وخياراته».

وأضاف: «ندعم عملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية، وبمن فيها المرأة والشباب والمجتمع المدني بعدالة، وترعاها الأمم المتحدة والجامعة العربية، ووفق مبادئ قرار مجلس الأمن رقم 2254 وأهدافه وآلياته».

كما دعا البيان إلى «تشكيل هيئة حكم انتقالية جامعة بتوافق سوري، والبدء بتنفيذ الخطوات التي حددها القرار للانتقال من المرحلة الانتقالية إلى نظام سياسي جديد، يلبي طموحات الشعب السوري بكل مكوناته، عبر انتخابات حرة ونزيهة، تشرف عليها الأمم المتحدة، استناداً إلى دستور جديد يُقره السوريون، وضمن تواقيت محددة وفق الآليات التي اعتمدها القرار».

وأكد البيان على «دعم دور المبعوث الأممي إلى سوريا، والطلب من الأمين العام للأمم المتحدة تزويده بكل الإمكانات اللازمة، وبدء العمل على إنشاء بعثة أممية لمساعدة سوريا؛ لدعم العملية الانتقالية في سوريا ورعايتها، ومساعدة الشعب السوري الشقيق في إنجاز عملية سياسية يقودها السوريون وفق القرار 2254».

وشدد على أن «هذه المرحلة الدقيقة تستوجب حواراً وطنياً شاملاً، وتكاتف الشعب السوري بكل مكوناته وأطيافه وقواه السياسية والاجتماعية؛ لبناء سوريا الحرة الآمنة المستقرة الموحدة التي يستحقها الشعب السوري بعد سنوات طويلة من المعاناة والتضحيات».

إلى ذلك طالب البيان بـ«ضرورة الوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية»، وأكد «ضرورة احترام حقوق الشعب السوري بكل مكوناته، ومن دون أي تمييز على أساس العرق أو المذهب أو الدين، وضمان العدالة والمساواة لجميع المواطنين».

ودعا إلى «ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، وتعزيز قدرتها على القيام بأدوارها في خدمة الشعب السوري، وحماية سوريا من الانزلاق نحو الفوضى، والعمل الفوري على تمكين جهاز شرطي لحماية المواطنين وممتلكاتهم ومقدرات الدولة السورية».

وحث على «الالتزام بتعزيز جهود مكافحة الإرهاب والتعاون في محاربته، في ضوء أنه يشكل خطراً على سوريا وعلى أمن المنطقة والعالم، ويشكل دحره أولوية جامعة».

أيضاً، أكد البيان «التضامن المطلق مع الجمهورية العربية السورية الشقيقة في حماية وحدتها وسلامتها الإقليمية وسيادتها وأمنها واستقرارها وسلامة مواطنيها. وتوفير الدعم الإنساني الذي يحتاج إليه الشعب السوري، بما في ذلك من خلال التعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

وتطرق إلى العمل على «تهيئة الظروف الأمنية والحياتية والسياسية للعودة الطوعية للاجئين السوريين إلى وطنهم، وتقديم كل العون اللازم لذلك، وبالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

كذلك، أدان البيان توغل إسرائيل داخل المنطقة العازلة مع سوريا وسلسلة المواقع المجاورة لها في جبل الشيخ ومحافظتي القنيطرة وريف دمشق، ورفضه احتلالاً غاشماً وخرقاً للقانون الدولي ولاتفاق فك الاشتباك المبرم بين سوريا وإسرائيل في عام 1974، مطالباً بانسحاب القوات الإسرائيلية.

كما أدان الغارات الإسرائيلية على المناطق والمنشآت الأخرى في سوريا، وأكد أن هضبة الجولان أرض سورية عربية محتلة يجب إنهاء احتلالها، مطالباً مجلس الأمن باتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه الاختراقات.

وأوضح أن التعامل مع الواقع الجديد في سوريا سيرتكز على مدى انسجامه مع المبادئ والمرتكزات أعلاه، وبما يضمن تحقيق الهدف المشترك في تلبية حقوق الشعب السوري وتطلعاته.