موسكو تندد بـ«استفزازات مسلحي إدلب» وسط استبعاد توسيع المواجهات

نددت موسكو مجدداً بما وصفت بأنها «استفزازات متكررة من جانب المسلحين في إدلب»، فيما شكك خبراء روس في احتمال توسيع نطاق الضربات الجوية التي وقعت أخيراً، وإطلاق عملية عسكرية واسعة.
وقال رئيس «مركز المصالحة بين الأطراف المتحاربة» في سوريا، ألكسندر شيربيتسكي، إن «إرهابيي تنظيم (جبهة النصرة)» جددوا قصف مناطق سكنية في محافظتي حلب وإدلب». ولفت، في إيجاز صحافي، إلى أن موسكو سجلت خلال الساعات الـ24 الأخيرة «عمليات قصف المناطق السكنية في أورم الكبرى بمحافظة حلب، والملاجة في محافظة إدلب، من مواقع التنظيم الإرهابي (جبهة النصرة)».
وجاء التصريح على خلفية السجالات التي أطلقها استهداف أحد أكبر مستودعات «تحرير الشام» للذخيرة والسلاح، في محيط مدينة بنش بريف إدلب الشمالي الشرقي، ما أسفر عن تدمير المستودع بشكل كامل.
وكانت وكالة «نوفوستي» الحكومية نقلت عن مصدر عسكري أن «عملية الاستهداف أتت بعد رصد طائرات الاستطلاع أحد المواقع المعادية، والذي تبين أنه يُستخدم من قبل المجموعات المسلحة مستودعاً لتخزين الأسلحة والذخيرة، كما لوحظ وجود آليات بجانب المستودع تقوم بعملية النقل والتفريغ».
وأوضح المصدر أن «هذا الرصد استدعى تدخلاً سريعاً من قبل الطيران الحربي عبر سلسلة من الغارات التي استهدفت الموقع وأسفرت عن تدمير المستودع، تلتها سلسلة انفجارات سُمع دويها في مناطق عدة بريف إدلب ناجمة عن احتراق الأسلحة والذخائر، فيما سُجل، وبحسب المعلومات الأولية، مقتل وإصابة أكثر من 20 مسلحاً كانوا موجودين على مقربة من المكان المستهدف».
وكان لافتاً أن موسكو تجاهلت الاتهامات للطيران الروسي بشن غارات على مدينة بنش، ولم تعلق، أمس، على بيان أصدرته «غرفة عمليات الفتح المبين» أشارت فيه إلى أن روسيا «تواصل سياسات الكذب والتضليل لتبرير جرائمها». وأكدت في البيان أن الطيران الروسي قام بشن الغارات التي أسفرت عن مقتل مدنيين، خلافاً للبيانات التي صدرت عن النظام بأن الطيران الحربي استهدف مخزن سلاح.
في الأثناء، ازداد الجدل في أوساط الخبراء الروس حول احتمال أن يكون التصعيد الأخير حول إدلب مقدمة لشن عملية عسكرية واسعة النطاق. واستندت غالبية الصحف الروسية إلى بيانات «المركز الروسي للمصالحة بين الأطراف المتحاربة» التي تضمنت تقارير شبه يومية عن ازدياد نشاط مسلحي «هيئة تحرير الشام» ووقوع خسائر متزايدة في صفوف الجيش السوري بسبب هجماتها، لتشكل إشارة إلى ضرورة «توجيه رد قوي».
لكن الخبير في المجلس الروسي للشؤون الدولية، كيريل سيمونوف، قلل في حديث لصحيفة «كوميرسانت» من احتمالات توسيع نطاق المعركة، وزاد أنه «من شأن أي عملية عسكرية غير منسقة مع أنقرة، أن تنطوي على مخاطر أكبر بكثير مما كانت عليه قبل الانتشار العسكري التركي في المنطقة. ولذلك، فإن نقل تعزيزات الجيش السوري والضربات الجوية الروسية على إدلب، لا يمكن اعتبارها حتى الآن سوى إشارة إلى تركيا لبذل كل ما في وسعها لتنفيذ اتفاق إنشاء منطقة أمنية». ولفت الخبير إلى ضرورة أن تؤخذ في الحسبان الصعوبات التي تواجهها الدوريات الروسية - التركية على الطريق السريعة «إم فور (M4)»، لافتاً إلى أن «إنشاء الشريط الآمن، سوف يقطع حتماً الأراضي التي تسيطر عليها (هيئة تحرير الشام) والمعارضة، ولا يمكن إنجاز ذلك إلا باستخدام القوة»، منبهاً في الوقت ذاته إلى أن «نتيجة العملية العسكرية قد تغدو غير سارة لدمشق».
وأوضحت الصحيفة أن «تجربة العملية العسكرية السابقة في هذه المنطقة أظهرت أن ميزان القوى يمكن أن يتغير بشكل جذري حتى عند المشاركة المحدودة للجيش التركي في دعم المعارضة».
إلى ذلك، خرجت موسكو عن صمتها حيال الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على مواقع في دمشق، وحملت عبارات بيان أصدرته وزارة الخارجية الروسية تنديداً نادراً بالتصعيد، من دون أن يذهب نحو تحميل تل أبيب المسؤولية بشكل كامل. ولفت البيان إلى أن «سلاح الجو الإسرائيلي شن ضربات على مواقع الجيش السوري رداً على محاولة مزعومة من قبل أشخاص مجهولين في وقت سابق من ذلك اليوم لزرع عبوة ناسفة بالقرب من خط التقسيم في مرتفعات الجولان المحتلة. وفي الوقت نفسه، حمل الإسرائيليون، كما هو متوقع، كل المسؤولية عن الحادث للجانب السوري».
وزاد البيان أن موسكو «تدين بشدة هذه التصرفات، وتعرب عن قلق بالغ إزاء تفاقم العلاقات بين إسرائيل وسوريا». وقالت الخارجية الروسية: «نحذر القيادة الإسرائيلية من تكرار مثل هذه الخطوات التي تحمل عواقب خطيرة على منطقة الشرق الأوسط برمتها. واذ نعرب عن دعمنا سيادة سوريا ووحدة أراضيها، فإننا ندعو كلا الجانبين إلى ضبط النفس ومنع مزيد من التوتر».