الرئيس الجزائري يعيّن قائداً جديداً للدرك الوطني

عهد إليه مهمة «تنظيف» المؤسسة التابعة للجيش من «ممارسات الفساد»

TT

الرئيس الجزائري يعيّن قائداً جديداً للدرك الوطني

تسلم قيادة سلاح الدرك الجزائري منذ أمس مسؤول جديد، عهد إليه مهمة «تنظيف» هذه المؤسسة الكبيرة التابعة للجيش من ممارسات الفساد التي شابتها في السنين الأخيرة. وفي غضون ذلك، رحب الإسلاميون بقرار «المجلس الأعلى للأمن» رفع الحظر تدريجياً عن الصلاة في المساجد، بعد 5 أشهر من إغلاقها.
وأعلنت الرئاسة في بيان أن الرئيس عبد المجيد تبون، عين بصفته وزيراً للدفاع، العميد نور الدين قواسمية قائداً للدرك الوطني، خلفاً للواء عبد الرحمن عرعار الذي أحيل على التقاعد، بحسب البيان، الذي أكد أيضاً تعيين العميد علي ولحاج يحيى رئيساً لأركان قيادة الدرك، وهو منصب كان يشغله القائد الجديد للجهاز، الذي هزه تورط كبار قياداته في قضايا فساد.
وأطلق القضاء الجزائري قبل ثلاثة أشهر مذكرة اعتقال دولية ضد الجنرال غالي بلقصير، قائد الدرك السابق، الذي غادر البلاد على خلفية ملاحقات بحق مسؤولين عسكريين بارزين. وتم اتهامه بـ«سوء تسيير مصالح الدرك»، و«استغلال الوظيفة بغرض التربح الشخصي». وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أدان القضاء العسكري قائد الجهاز الأسبق، اللواء مناد نوبة بـ15 سنة سجناً بتهم فساد. ولاحظ مراقبون أن عددا كبيرا من الضباط العسكريين السامين، الذين وضعهم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة في مسؤوليات ووظائف كبيرة، تعرضوا للسجن والمتابعة القضائية، وبعضهم جرى عزلهم.
وخلال مراسيم تنصيب قواسمية، التي جرت أمس بمقر الهيئة الأمنية، قال الفريق سعيد شنقريحة، رئيس أركان الجيش، مخاطباً أفراد الدرك: «آمركم بالعمل تحت سلطته وطاعة أوامره وتنفيذ تعليماته، بما يمليه صالح الخدمة، تجسيداً للقواعد والنظم العسكرية السارية وقوانين الجمهورية، ووفاء لتضحيات شهدائنا الأبرار، وتخليداً لقيم ثورتنا المجيدة».
وتابع الفريق شنقريحة موضحاً أن حيوية هذه المهام الموكلة للدرك الوطني «تتطلب منكم جميعاً أنتم رجال الدرك الوطني، وفي جميع مواقعكم، الكثير من الحرص على أدائها على الوجه الأكمل، مما يستوجب بالضرورة السعي الحثيث والواعي لتمتين العلاقة مع أبناء الشعب». إلى ذلك، رحبت «حركة البناء الوطني» (إسلامية) في بيان أمس بإعلان السلطات فتح المساجد من جديد بـ«صورة تدريجية». وقال رئيسها عبد القادر بن قرينة، مرشح «رئاسية» نهاية العام الماضي: «لقد تلقينا باستبشار وفرح وسرور قرار إعادة فتح المساجد أمام عُمّارها من المصلين، والذاكرين والحُفَـاظ لكتاب الله تعالى، ضمن شروط السلامة الصحية. وإننا في حركة البناء، إذ نتقاسم هذه الفرحة مع جميع الجزائريين والجزائريات، الذين سيعودون بإذن الله تعالى إلى بيوت الله، التي تعلّقت بها قلوبهم ليستأنفوا إحياء شعائر دينهم بإقامة الجماعات والجُمعات، ندعو أنفسنا وإيّاهم أوّلاً إلى عدم الغفلة عن واجب شكر الله تعالى على هذه النعمة، التي أرجعها إلينا بعدما رفعت فجأة من الأرض، وقارب ذلك نصف العام، وكان الشعور بفقدها يشكل همّاً مستمراً، وانشغالاً ملحاً عندنا وعند جماهير شعبنا الجزائري، المتطلع دائماً لإقامة دينه وشعائره، والتشبث بثوابته».
وكان «المجلس الأعلى للأمن» (هيئة استشارية غير تنفيذية)، قد اجتمع أول من أمس برئاسة تبون، وطالب من رئيس الوزراء عبد العزيز جراد بـ«اتخاذ التدابير لإعادة فتح أماكن العبادة بصورة تدريجية، على أن ينحصر الأمر في المرحلة الأولى في كبرى المساجد، التي تتسّع لألف مصلٍ على الأقل، ويتسنى فيها احترام شرطي التباعد الجسدي والارتداء اللازم للكمامات». بحسب ما جاء في بيان لـ«المجلس».
كما تقرر إعادة فتح الشواطئ والمتنزهات وأماكن الاستراحة تدريجياً، وكلف الرئيس الحكومة «باتخاذ الإجراءات اللازمة لفتح هذه المساحات، ولكن بفرض شروط صارمة للتدابير الوقائية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.