أين يشتري العرب عقاراتهم في لندن عام 2015؟

الجيل الجديد يعزف عن نايتسبريدج ويتوجه إلى جنوب التيمس

جانب من عقارات ضواحي لندن... ووسطها
جانب من عقارات ضواحي لندن... ووسطها
TT

أين يشتري العرب عقاراتهم في لندن عام 2015؟

جانب من عقارات ضواحي لندن... ووسطها
جانب من عقارات ضواحي لندن... ووسطها

هناك تحولات جذرية في توجهات شراء العقار في لندن من المستثمرين العرب، يرصدها خبراء شركات العقار في لندن مع ظهور جيل جديد من المستثمرين العرب الذين يتوجهون إلى مواقع استثمار جديدة مغايرة لتلك التي كان يستثمر فيها جيل الآباء. وفي الوقت الذي تتكفل فيه العقوبات الروسية بمنع كبار المستثمرين الروس من دخول سوق العقارات اللندنية، فإن توجهات الاستثمار العربي الجديدة من شأنها أن تقلب المعادلة السعرية بحيث تستقر أسعار المناطق التقليدية وسط العاصمة، بينما ترتفع أسعار المناطق الجديدة.
ويقول مارتن بخيت، المدير التنفيذي لشركة «كاي آند كو» العقارية، لـ«الشرق الأوسط»، إنه على الرغم من بقاء مناطق تقليدية مثل مايفير ونايتسبردج وهايد بارك وبعض أرجاء مارليبون مفضلة لدى كبار المستثمرين من الشرق الأوسط، إلا أن الجيل الجديد يبدي اهتماما بالمناطق الناشئة. ويضيف «على سبيل المثال قمنا مؤخرا ببيع مجموعة شقق في مشروع (ذا هيرون) في شرق لندن ومشروع (ريفر ووك) الذي يطل على النهر إلى مستثمرين صغار السن من الشرق الأوسط». وهم يبحثون عن مواقع جديدة بعيدة عن تلك التقليدية من أجل تحقيق عوائد أعلى على المدى الطويل. وهناك بعض الوحدات القليلة الباقية في هذه المشاريع.
كما يقول مارتن إنه تلقى طلبا من مستثمر في الشرق الأوسط يبحث عن الشراء في منطقة «انجل» في شرق لندن، وهو توجه يثبت أن الجيل الجديد من المستثمرين لا يتقيد بقواعد الشراء التقليدية في وسط لندن.
ويوافق أليكس نيوال، مدير شركة «هانوفر برايفت أوفيس»، على رأي مارتن بخيت، ويضيف أن الجيل الجديد قد يكون قريبا في التوجهات من الجيل القديم من مستثمري العقار من الشرق الأوسط، إلا أنهم يفضلون الاستقلالية في اتخاذ قرارات الاستثمار. وهو يشير إلى أن شركته ما زالت ترى مستثمرين من المنطقة يشترون عقارات متلاصقة في منطقة نايتسبردج ليكونوا بالقرب من العائلة والأصدقاء. لكن التوجه العام هو الانتشار بمحاذاة نهر التيمس، لأن العرب يفضلون الوحدات العقارية الجديدة، كما أنه من الصعب العثور على المساحات الأفقية العريضة بالنوعية نفسها في مناطق وسط لندن. وهو يقول إن سوق لندن تحاول أن تنافس دبي التي تتفوق في تقديم مثل هذه العقارات التي يفضلها العرب.
ويؤكد نيوال، لـ«الشرق الأوسط»، أن المستثمرين العرب ما زالوا يهتمون بعقارات فريدة بمساحات لا تقل عن 20 ألف قدم مربع في مواقع جيدة في مايفير ونايتسبردج وبلغرافيا، لكن صغار السن يبحثون عن شقق أصغر حجما في مناطق مغايرة تشمل كنسينغتون وتشيلسي ومارليبون وأيضا بمحاذاة نهر التيمس. وبعضهم اشتروا في مشروع هيرون في شرق لندن أيضا.
من المناطق الساخنة الجديدة في لندن تلك التي تمتد ما بين جسر تاور بريدج في شرق لندن إلى منطقة باترسي التي تضم مشاريع عملاقة مثل تطوير محطة الكهرباء القديمة ومشروع مبنى السفارة الأميركية الجديدة في لندن. وتستفيد هذه المنطقة بالدرجة الأولى من تحول الاستثمار العربي والأجنبي إليها خصوصا في القطاع الفاخر الذي يمثل نسبة 10 مائة من قمة السوق.
الانعكاس الملحوظ في المنطقة هو ارتفاع أسعار العقارات بنسب أعلى في باترسي من مناطق غيرها، حيث ارتفع سعر القدم المربع من 500 جنيه إسترليني قبل 5 سنوات إلى 1300 إسترليني اليوم. وترتفع الأسعار أكثر في المنطقة القريبة من وسط العاصمة بين لندن بريدج ووترلو بريدج إلى 1800 إسترليني للقدم المربع الواحد في المشاريع الجديدة.
وأكد أكثر من خبير عقاري هذا التحول بالقول إن خروج مستثمري الشرق الأوسط من المناطق التقليدية إلى المناطق الجديدة كان شبه مستحيل منذ عشر سنوات، لكن الوضع تغير الآن مع ظهور جيل جديد من المستثمرين يقيس الأمور بمعايير جديدة تتعلق بجودة الاتصالات والقرب من وسط المدينة والسكن بين مجتمع الشباب البريطاني الذي يتوجه إلى المناطق الجديدة، بالإضافة إلى توقعات ارتفاع الثمن بنسب أعلى في المناطق الجديدة عنها في القديمة.
ويعني هذا بمنظور آخر أن النقاط العقارية الساخنة في لندن بدأت تتغير إلى خارج نطاقها التقليدي. ويقود التغيير جيل جديد جيد التعليم والخبرة والسفر الدولي يفضل السكن في شقق صغيرة مرتفعة الموقع تطل على مشاهد خلابة في العاصمة، مقارنة بالسكن في شقق أو بيوت تقليدية قديمة في وسط لندن. ولا يفضل هذا الجيل الجديد، الذي من الأرجح أن يكون قد تلقى تعليمه في الخارج، البقاء في العقارات التقليدية التي يملكها جيل الآباء.
وربما كانت بداية التحول في منطقة جنوب نهر التيمس بناء ناطحة السحاب «شارد» التي تعد أعلى مبنى في أوروبا. فقد وضعت الناطحة منطقة جنوب النهر على الخارطة العقارية الدولية خصوصا أنها تحتوي على شقق سوبر فاخرة بالإضافة إلى فندق خمس نجوم هو «شنغاري لا». وتدخل العديد من الشركات العقارية العربية في توفير الوحدات العقارية الفاخرة للمستثمرين الجدد، منها بنك «جدوى» الاستثماري السعودي الذي شارك في شراء مبنى «كنغز ريتش» في عام 2010. والمبنى مكون من 30 طابقا وكان المقر الرئيسي لشركة النشر «إيه بي سي» التي واجهت صعوبات مالية. وبيع المبنى لبنك «جدوى» ومجموعة من المستثمرين الآخرين بمبلغ 60 مليون إسترليني.
ويعمل بنك «جدوى» الآن على تحويل المبنى المكون من 30 طابقا إلى مبنى أعلى من 41 طابقا يحتوي على مجموعات من الشقق الفاخرة، بالإضافة إلى وحدات تجارية متنوعة أخرى. وكانت دوافع هذا الاستثمار وجود الطلب المتزايد من الجيل الجديد على الاستثمار في هذه المنطقة مع انخفاض سعر الإسترليني مقابل الدولار. وتم تغيير اسم المجمع السكني الجديد إلى «ساوث بنك تاور»، وهو يقع بالقرب من النهر ويوفر من طوابقه العليا مشاهد خلابة لمدينة لندن.
وحصل المشروع مؤخرا على ترخيص إضافة 11 طابقا أخرى، وباعت الشركة بالفعل العديد من الوحدات السكنية في المشروع منها 50 وحدة على الأقل لمستثمرين من الشرق الأوسط. وتتراوح أسعار الوحدات ما بين 6 ملايين و16 مليون إسترليني.
وهناك العشرات من المشاريع المماثلة بطول الشاطئ الجنوبي للنهر، منها مركز «شل» الذي تحول إلى وحدات سكنية ويخضع الآن إلى عملية تطوير من مجموعة «كناري وارف» الاستثمارية. ويتكلف مشروع التطوير 1.2 مليار إسترليني ليتحول معه مركز «شل» والمنطقة المحيطة إلى واحة استثمار عقاري فاخر مساحتها 800 ألف قدم مربع توفر 877 شقة جديدة، منها نسبة كبيرة تباع إلى مستثمرين من الشرق الأوسط.
وتدخل في استثمار العقار في مناطق لندن الجديدة الصناديق السيادية الخليجية التي تجد في العاصمة البريطانية ملاذا آمنا من ناحية وعوائد أعلى من ناحية أخرى. ولا يقتصر الاستثمار على الكبار فقط، فقد لاحظت شركات العقار اللندنية دخول استثمارات بحجم متوسط من المنطقة منها صناديق عائلية أو استثمارات شخصية بأحجام تتراوح بين 10 و30 مليون إسترليني.
ونظرا لتدفق الاستثمار على منطقة جنوب النهر في لندن، يتوقع خبراء العقار صعود السعر قريبا إلى نحو ألفي إسترليني للقدم المربع الواحد. ويجري العمل حاليا على نحو 27 مشروعا جديدا توفر أكثر من 16 ألف مسكن جديد في المنطقة خلال السنوات العشر المقبلة.
وتكتسب هذه التحولات زخما إضافيا مع شكوك في أن سوق وسط لندن أخذ في الهبوط التدريجي بداية من شهر أغسطس (آب) الماضي، حيث اضطر البائعون مع تراجع الطلب إلى خفض الأسعار بأكبر نسبة منذ نهاية عام 2007، وذلك في المناطق الساخنة التقليدية.
وبعد فترة نمو قوي بلغت في 12 شهرا من منتصف عام 2013 إلى منتصف عام 2104 نحو 25.8 في المائة ارتفاعا في أسعار عقارات لندن، تبدو الفترة المقبلة ملبدة بالشكوك حول تطور الأسعار. وأكدت شركة «رايت موف» العقارية تراجع الأسعار في الصيف الماضي، وقالت إنه أكبر من التراجع الموسمي خلال فصل الصيف. وعللت التراجع بتشديد شروط منح القروض العقارية وتوقعات ارتفاع أسعار الفائدة عن معدلاتها المتدنية تاريخيا حاليا.
وكانت أكبر نسب التراجع في أحياء تشيلسي وكنسيغنتون بنحو سبعة في المائة من الأسعار إلى متوسط أسعار يبلغ 2.2 مليون إسترليني للعقار. وتتوقع شركة «سافيلز» العقارية تراجع أسعار العقار الفاخر في لندن خلال عام 2015 بنحو واحد في المائة، وهو أول تراجع في السوق منذ شهر مارس (آذار) عام 2008.
ويواجه القطاع العقاري الفاخر في لندن بعض التحديات مثل الوعود الانتخابية من حزب العمال المعارض بفرض ضرائب على العقار الفاخر، كما أن مشاريع العقار الفاخر في لندن تبدو متوافرة بنسب أعلى من الطلب المتوقع من المستثمرين الجدد. لكن العاملين في قطاعات بيع عقارات لندن يأملون أن تجذب المدينة المزيد من الاستثمارات الأجنبية في المستقبل القريب، نظرا للأمان الاستثماري السياسي والقانوني الذي توفره لندن مع ارتفاع التوتر السياسي في شرق أوروبا ومنطقة الشرق الأوسط. وتتميز لندن أيضا بأنها مركز مالي عالمي ومركز تعليم من الطراز الأول يجذب عائلات المستثمرين للمعيشة فيها. ولكن تبقى المخاطر السياسية قائمة خصوصا في ما يتعلق بضرائب العقارات الفاخرة. وهي ضرائب قد يطبقها حزب العمال المعارض لو نجح انتخابيا. وتقبل بريطانيا على انتخابات عامة في عام 2015.



«المنازل الذكية»... طريق الحياة الجديدة باستخدام التقنية

المنازل الذكية تستعد للانضمام إلى القطاعات التي يمكن التحكم بها عن طريق الأجهزة الذكية (الشرق الأوسط)
المنازل الذكية تستعد للانضمام إلى القطاعات التي يمكن التحكم بها عن طريق الأجهزة الذكية (الشرق الأوسط)
TT

«المنازل الذكية»... طريق الحياة الجديدة باستخدام التقنية

المنازل الذكية تستعد للانضمام إلى القطاعات التي يمكن التحكم بها عن طريق الأجهزة الذكية (الشرق الأوسط)
المنازل الذكية تستعد للانضمام إلى القطاعات التي يمكن التحكم بها عن طريق الأجهزة الذكية (الشرق الأوسط)

تبرز المنازل الذكية خياراً جديداً في أسلوب الحياة مع التسارع الذي تشهده التقنيات المنزلية؛ مما يعتقد أنها تجعل الحياة أسهل من خلال التحكم في مرافق المنازل عبر الهاتف المحمول، الأمر الذي يضم هذا الاستخدام ضمن استخدامات كثيرة عبر تلك الأجهزة المحمولة.
ويمكن الآن التحكم بكل شيء في المنزل وفق طرق سهلة، سواء كان ذلك تشغيل الإضاءة أو فتح الستائر، أو تشغيل الواي فاي، أو تعديل درجة الحرارة، وفتح وإغلاق قفل الباب الأمامي، وحتى إشعال وإطفاء الموقد، حيث يقضي معظم الأفراد أغلب أوقاته في المنزل أكثر من أي مكان آخر، ومع ذلك التفكير بالتكنولوجيا عندما التواجد في المنزل يكون أقل مقارنة بالخارج فيما عدا تقنية الواي فاي.
غدت الصورة عن المنزل التي تتمثل بأنه مكان خالٍ من التكنولوجيا على وشك التغيير، فحان وقت النظر إلى الأجهزة الكثيرة المتناثرة في أنحاء المنزل، سواء كان التلفزيون في غرفة المعيشة، أو الثلاجة في المطبخ، أو المكيّف في غرف النوم، أو حتى جهاز تسخين المياه في الحمامات. وأصبح الأفراد محاطين بالإلكترونيات التي يتم وصفها بالأجهزة الذكية بشكل متزايد كل يوم، فهي تملك أجهزة استشعار تمكّنها من تسجيل البيانات ومشاركتها عبر الإنترنت. ويوجد اليوم نحو 31 مليار جهاز متصل بالإنترنت، ومن المفترض أن يرتفع هذا العدد إلى 75.4 مليار بحلول عام 2025، وفقاً لتقديرات وكالة الأبحاث «ستسيتا».
ولا شك بأن السؤال الذي يسيطر في الوقت الحالي هو، متى ستصبح المنازل أكثر ذكاءً عبر وصل جميع هذه الأجهزة بمركز واحد، ليتم التمكن من القياس والتحكم بكل شيء داخل المنازل. وتتجاوز رؤية المنزل الذكي مفهوم الراحة، حيث ستكون التقنيات الجديدة ذات تأثير عميق وإيجابي على الصحة من خلال مراقبة النظام الغذائي وظروف البيئة المحيطة في الأشخاص ورفاهيتهم بشكل عام. وسيتمكن الأطباء بفضل التكنولوجيا من معرفة حالة الأشخاص بالوقت الفعلي كما سيكون تاريخهم الطبي في متناول اليد قبل حتى إخبار الأطباء به. وعلاوة على ذلك، ستمكن المنازل الذكية العاملين في الرعاية الصحية من علاج الأمراض بشكل استباقي.
وسيمتد تأثير التكنولوجيا أيضاً إلى طريقة التعليم والتعلُّم عند وصل أجهزة التعلم الخاصة بالأطفال بأجهزة معلميهم، لتعزيز التفاعل والتعليم المخصص، وسيزداد التركيز على التدريس عبر الوسائط المتعددة، حيث سنتمكن من تحقيق فكرة غرف الدراسة الافتراضية على أرض الواقع، وسيتمكن البالغون أيضاً من إكمال دراستهم من النقطة التي توقفوا عندها، وذلك عبر الدورات التي تم تطويرها للتعلّم المنزلي والتي يمكن بثها على شاشات الأجهزة.
وتعد البيئة المحرك الأهم لتقنيات المنزل الذكي، وخاصة بما يتعلق بتأثير الأشخاص عليها، حيث تستطيع الأتمتة المنزلية الذكية أن تخفّض استهلاك الطاقة والمياه في المباني إلى حد كبير. وصحيح بأن المستهلك سيستخدم المزيد من الأجهزة التي تعمل بالطاقة الكهربائية، إلا أن حلول المنزل الذكي المدعمة بالذكاء الصناعي تستطيع أن تتعرف على سلوك من يعيشون في المنزل وتشغيل الأجهزة أو إيقافها استناداً إلى الروتين اليومي للمستخدم. وسنتمكن مع هذه الحلول الذكية عبر نظرة واحدة على الهواتف المحمولة من معرفة مقدار الطاقة والمياه المستهلكة وتكلفتها. وبالنظر إلى ارتفاع تكلفتهما بشكل مستمر، سيضطر أصحاب المنازل والمرافق والحكومات إلى البحث عن طرق أفضل وأكثر فاعلية للحد من التلوث البيئي، وجعل الحياة أكثر استدامة.
وقد تبدو هذه الأفكار التقنية بعيدة التحقيق، إلا أنها حالياً في مراحل التصميم في مشاريع مثل «نيوم»، المبادرة التي تبلغ تكلفتها 500 مليار دولار، والتي تعد حجر الأساس في «رؤية السعودية 2030»، كما أنها وصفت كأضخم مشروع حضري في العالم اليوم. وستعيد هذه المبادرة تعريف طريقة العيش وستركز في جزء كبير منها على المنازل.
وقال نجيب النعيم، رئيس مجلس إدارة العمليات في «شنايدر إلكتريك» السعودية: «سيكون لمبادرة (نيوم) تأثير غير مباشر على المنطقة بشكل عام، وينبغي أن تصبح المنازل الذكية القاعدة السائدة في الشرق الأوسط بحلول عام 2030. ويبدو لنا أن المنازل الذكية ستستمر في النمو مستقبلاً؛ مما يعني أن طريقة عيشنا اليومية ستتغير بشكل كبير». وبدأت الشركة الاستثمار في أتمتة المنزل الذكي منذ عقود من الزمن، ويعتقد النعيم بأن طريقة عيشنا «ستكون مختلفة بشكل جذري في المستقبل».

التطورات في تقنيات المنزل الذكي
تتطور التكنولوجيا اليوم بوتيرة متسارعة وتقنيات المنزل الذكي ليست استثناءً، والتساؤل يتمحور في معنى هذا التطور من حيث الأداء العملي، وكيف يمكن أن تؤثر البيوت الذكية على الحياة.
الذكاء الصناعي: سيكون الذكاء الصناعي في صميم التقنيات في المنازل المستقبلية، وستتمكن المنازل الذكية من تتبع موقع الأشخاص داخل المنزل، إما عن طريق جهاز استشعار إلكتروني يتم تركيبه على الملابس أو أجهزة استشعار إلكترونية داخل المنزل. وسيمتلك المنزل القدرة على تحديد هوية الأشخاص وأماكنهم، وسيستخدم هذه المعلومات لتلبية الاحتياجات وتوقعها أيضاً. وسيكون المنزل قادراً على ضبط كل شيء بدءاً من التدفئة والتبريد إلى الموسيقى والإضاءة، وكل ذلك حسب احتياجات الشخص الذي سيدخل من باب المنزل.
الإضاءة الذكية: ستُحدث الإضاءة الذكية ثورة في طريقة إضاءة المنازل، فهي تعمل على ضبط نفسها تلقائياً من خلال الكشف عن وجود الأشخاص في الغرفة، وحال خروجهم من هناك، تصبح الأنوار خافتة أو يتم إطفاؤها تماماً. كما يمكن أن تطبق الإضاءة الذكية على نشاطات الأشخاص؛ فعلى سبيل المثال، يمكن لأجهزة استشعار الضغط إطفاء الأنوار عند الاستلقاء في السرير بعد وقت معين، وستكتشف المستشعرات استيقاظ الأفراد لاستخدام الحمام وتقوم بتشغيل الإنارة. وتضبط الإضاءة درجة سطوعها تلقائياً وفقاً لفترات اليوم، وسيتذكر المنزل الذكي الروتين الخاص بالمستخدم ليتمكن من تخصيص كل جهاز في منزلك حسب الرغبة.
الأقفال الذكية: يمكن أيضاً برمجة الأقفال الذكية وفقاً لاحتياجات الأفراد، فيمكن السماح للزوار بالدخول أو منعهم بناءً على سمات تعريفية محددة. كما يمكنك السماح بالدخول لشخص ما، مثل حامل البريد عن بُعد. ويمكن إرسال رموز فتح الأقفال الافتراضية عبر تطبيق إلكتروني وفتح الباب عبر استخدام الهاتف المحمول.
مراقبة المنزل: تستطيع الأنظمة الأمنية الذكية مراقبة المنزل بشكل مستقل، والإبلاغ عن أي حوادث غير مسبوقة لمالك المنزل، وإبلاغ خدمات الطوارئ إذا لزم الأمر. وتستطيع المنازل الذكية أيضاً مراقبة كبار السن الذين يعيشون بمفردهم، فتقدم لهم يد المساعدة كتذكيرهم بتناول أدويتهم وضمان إتمامهم للمهام اليومية بنجاح وأمان. وفي حالات الطوارئ كالسقوط أو الحوادث، سيتمكن نظام المنزل الذكي من إخطار خدمات الطوارئ والسماح لهم بالدخول تلقائياً.
نظام التكييف: يعد التكييف من الضروريات الأساسية في دول الخليج، وعلى الرغم من ذلك لن يتغير قريباً، فإن الحلول المنزلية الذكية يمكن أن تقلل استهلاك الطاقة التي نستخدمها لتشغيل أنظمة التبريد لدينا في الصيف وأنظمة التدفئة في الشتاء بشكل كبير. فمن خلال التعلم الذاتي لسلوك واحتياجات الأسرة بالنسبة لتدفئة وتبريد المنزل مع مرور الوقت وإقران تلك المعلومات مع درجة الحرارة داخل المنزل وخارجه، يستطيع منظم الحرارة الذكي تقليص قيمة فواتير استهلاك الطاقة بنسبة 15 في المائة أو أكثر؛ مما سيختصر على الوالدين تأنيب الأطفال للتوقف عن العبث بمفتاح الطاقة.
طريقة دمج الأجهزة الذكية بنظام المنزل الذكي: يملك كل واحد منا الكثير من الأجهزة الذكية في المنزل والتي يمكن وصلها بشبكة الإنترنت. وما يحتاج إليه معظم الأشخاص هو وسيلة بسيطة بأسعار معقولة لإيصال جميع هذه الأجهزة بنظام واحد. ويؤمن نجيب النعيم من شركة «شنايدر إلكتريك» بأن تطبيق ويزر الذي أطلقته الشركة ومفهوم المنزل المتصل المتطور (سكوير دي) ربما يكون الحل المثالي لمن يبحثون عن تقنية المنزل الذكي الرائدة اليوم.
وقال النعيم «سيتطلب تحقيق ذلك شركة ذات خبرة بالطاقة والكهرباء والخدمات الرقمية والأجهزة والبرامج لتنشئ جهاز تحكم المنزل الذكي الذي نحتاج إليه جميعاً. ويعمل تطبيق (ويزر) من جهاز واحد نحمله بيدنا دائماً هو الهاتف المتحرك. ومن خلال وصل كل جهاز لدينا في المنزل بالإنترنت والتحكم به عبر (ويزر) سنتمكن من مراقبة كافة أجهزتنا والتحكم بها بطريقة آمنة ومن جهاز واحد».
وتهدف «شنايدر» على المدى الطويل إلى إضافة مستشعرات في جميع المعدات الكهربائية في المنزل لتتيح قياس استهلاك الطاقة والتحكم بالأجهزة، إما مباشرة أو من خلال الذكاء الصناعي، ومساعدة أصحاب المنازل والمباني على إنشاء «شبكات كهربائية صغيرة» من خلال دمج البطاريات وأجهزة الطاقة المتجددة مثل الألواح الشمسية. وبهذا قد تصبح الأسلاك الكهربائية والمقابس والقواطع الخاصة بك العمود الفقري الذكي لمنزلك المستقبلي.
«شنايدر» هي من المشاركين في مبادرة «موطن الابتكار» التابعة لشركة «سابك»، وهي مشروع يهدف إلى إنشاء منزل تجريبي متكامل بأثاثه لتوفير تجربة عيش حديثة ومريحة ومستدامة، وإلى رفد السعودية بالمشاريع المستدامة. ويعرض مشروع «موطن الابتكار» ما يمكن تحقيقه عندما تتعاون الشركات العالمية مع رواد الأبحاث مثل «سابك» لابتكار أفكار جديدة من شأنها أن تثير اهتمام السعوديين وتُطلعهم على ما ستبدو عليه منازلهم في المستقبل.
وقال النعيم: «لم تتغير منازلنا كثيراً على الرغم من كمية التقنيات المحيطة بنا. وأصبح ذلك على وشك التغيير، فسنستذكر مستقبلاً الماضي بعد عقد من الزمن، ونتساءل لماذا لم نختر مفهوم المنزل الذكي في وقت أبكر. وسيحدث ذلك ثورة في طريقة راحتنا وعملنا ولعبنا. وأعتقد أن السعودية ستقود مسيرة التطور التقني في المنازل الذكية بفضل مشاريعها الرائدة مثل (نيوم)».