انتشار واسع لمرض «السل»... وتحذيرات من كارثة صحية جديدة

مريض بالسل في الأرجنتين (رويترز)
مريض بالسل في الأرجنتين (رويترز)
TT

انتشار واسع لمرض «السل»... وتحذيرات من كارثة صحية جديدة

مريض بالسل في الأرجنتين (رويترز)
مريض بالسل في الأرجنتين (رويترز)

قال علماء وخبراء صحيون إن مرض السل انتشر مؤخراً بشكل مخيف وسط تركيز المنظمات الصحية على أزمة فيروس «كورونا المستجد»، محذّرين من عواقب إهمال هذا المرض الذي يودي بحياة 1.5 مليون شخص كل عام.
وحسب صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، فإن مرض السل من أكثر الأمراض المعدية التي تتسبب في وفيات في مختلف أنحاء العالم. ولكن على الرغم من ذلك، فقد وصلت حصيلة هذا المرض خلال العقد الماضي إلى أدنى مستوياتها في عام 2018، وهي السنة الأخيرة التي تتوفر عنها بيانات.
ولكن الآن، ومع انتشار جائحة «كورونا» في جميع أنحاء العالم، واستهلاك الموارد الصحية العالمية للتصدي لها، عاد السل للانتشار بشكل واسع، ما أثار قلق خبراء الصحة من تسبب ذلك في كارثة صحية جديدة.
وأشار أكثر من عشرين من مسؤولي الصحة العامة والأطباء والمرضى في جميع أنحاء العالم إلى أنه، إلى جانب تركيز الاهتمام على «كورونا» على حساب الأمراض المعدية الأخرى، فقد تسببت عمليات الإغلاق الناتجة عن تفشي الفيروس، خصوصاً عبر أجزاء من أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية، إلى عدم تمكن مرضى السل والأمراض الخطيرة الأخرى من السفر للحصول على التشخيص أو الأدوية اللازمة.
وأبلغت 80% من برامج مكافحة أمراض السل والملاريا والإيدز عن حدوث خلل في خدماتها في جميع أنحاء العالم بعد تفشي وباء «كورونا».
ووفقًا لبعض التقديرات، يمكن أن يؤدي المزيد من الإغلاق عبر أجزاء مختلفة من العالم إلى 6.3 مليون حالة إصابة إضافية بمرض السل و1.4 مليون حالة وفاة جرّاءه.
ونوه الخبراء بأن تناقص القدرة التشخيصية يمكن أن يكون له التأثير الأكبر على كارثة انتشار مرض السل، حيث يمكن للمصاب بالمرض نشر العدوى إلى ما يصل إلى 15 فردًا آخر على مدار العام، مما يزيد بشكل حاد من احتمال حدوث كارثة صحية بمجرد انتهاء عمليات الإغلاق، خصوصاً في الأماكن ذات الكثافة السكانية.
من جهتها، قالت الدكتورة لوتشيكا ديتيو، التي تترأس «شراكة دحر السل»، وهي اتحاد دولي يضم 1700 مجموعة تكافح المرض: «كلما ترك الأشخاص دون تشخيص أو علاج ازدادت الكارثة سوءاً». وأضافت: «إعطاء الأولوية لفيروس (كورونا) على حساب السل تصرُّف غير سليم بالمرة من منظور الصحة العامة. يجب أن تكون المنظمات الصحية ذكية حقاً وأن تفعل كلا الأمرين».
ووفقاً لديتيو، فقد تسبب تفشي «كورونا» في انخفاض تشخيص السل بنسبة 70% في إندونيسيا، و50% في موزمبيق وجنوب أفريقيا، و20% في الصين.
وفي الهند، التي يوجد بها ما يقرب من ثلث حالات السل في العالم، انخفضت تشخيصات مرض السل التي سجلتها الحكومة بين 25 مارس (آذار) و19 يونيو (حزيران) 60.486 حالة مقارنةً بـ179.792 حالة خلال نفس الفترة من عام 2019.
أما في المكسيك، فقد انخفضت هذه التشخيصات في شهر مايو (أيار) إلى 263 حالة مقارنةً بـ1097 في هذا الشهر نفسه من العام الماضي.
وقال الدكتور جورجيو فرانيوتي، المدير التنفيذي لمجموعة «Medical Impact» الطبية، ومقرها المكسيك: «لا أحد يختبر مرض السل في أي منشأة بالبلاد. عقل الأطباء وصناع القرار في المكسيك معلّق بمحاربة (كورونا) فقط». وأضاف: «إذا كنا نتحدث عن الأوبئة وحالات الوفاة الناتجة عنها، فالسل هو أكبر وحش منها. حيث يصيب 10 ملايين حالة في السنة ويودي بحيات نحو 1.5 شخص. لم يصل (كورونا) إلى هذه الحصيلة بعد».
ولفت خبراء الصحة أيضاً إلى أن وباء «كورونا» تسبب في تقليص عدد الاختبارات التشخيصية لمرضى السل مع تحول تركيز الشركات على اختبارات الفيروس التاجي.
يُذكر أن فيروس «كورونا» أصاب أكثر من 18.3 مليون شخص على مستوى العالم منذ ظهوره في الصين في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أودى بحياة 692854 شخصاً آخر.


مقالات ذات صلة

10 علامات تحذيرية من ارتفاع ضغط الدم... وكيفية التعامل معها

صحتك ارتفاع ضغط الدم تحدٍّ كبير للصحة العامة (رويترز)

10 علامات تحذيرية من ارتفاع ضغط الدم... وكيفية التعامل معها

بعض العلامات التحذيرية التي تنذر بارتفاع ضغط الدم، وما يمكنك القيام به لتقليل المخاطر:

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك المشي اليومي يسهم في تعزيز الصحة ودعم الحالة النفسية (رويترز)

6 فوائد صحية للمشي اليومي

أكدت كثير من الدراسات أهمية المشي اليومي في تعزيز الصحة، ودعم الحالتين النفسية والجسدية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك زيوت البذور يمكن أن تتسبب في إصابة الأشخاص بسرطان القولون (رويترز)

للوقاية من سرطان القولون... تجنب استخدام هذه الزيوت في طهي الطعام

حذَّرت دراسة من أن زيوت البذور -وهي زيوت نباتية تستخدم في طهي الطعام، مثل زيوت عباد الشمس والذرة وفول الصويا- يمكن أن تتسبب في إصابة الأشخاص بسرطان القولون.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق يعاني الكثير من الأشخاص من كثرة التفكير وقت النوم (أ.ف.ب)

كيف تتغلب على كثرة التفكير وقت النوم؟

يعاني كثير من الأشخاص من كثرة التفكير ليلاً؛ الأمر الذي يؤرِّقهم ويتسبب في اضطرابات شديدة بنومهم، وقد يؤثر سلباً على حالتهم النفسية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

توصلت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا إلى أن اتباع نظام غذائي منخفض في أحماض أوميغا 6 وغني بأحماض أوميغا 3 الدهنية، يمكن أن يبطئ سرطان البروستاتا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».