سجلت مصر والسودان، أمس، اعتراضهما على الإجراء الأحادي الإثيوبي بملء خزان «سد النهضة»، دون التنسيق مع دول مصب نهر النيل، محذرتان من تداعيات تلك الخطوة على جهود التوصل لاتفاق ينظم قواعد ملء وتشغيل السد الذي تقيمه أديس أبابا على الرافد الرئيسي لنهر النيل، ويثير توترات مع القاهرة والخرطوم بسبب تأثيره المتوقع على حصتيهما من المياه. وأعرب السودان عن مخاوفه من تكرار الخطوة الأحادية الإثيوبية، بمواصلة ملء سد النهضة دون التوصل لاتفاق بين الدول الثلاث.
واستؤنفت، أمس، المفاوضات بين وزراء الموارد المائية لمصر وإثيوبيا والسودان، برعاية الاتحاد الأفريقي، وحضور مراقبين من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وخبراء مفوضية الاتحاد الأفريقي، لمدة أسبوعين. وكان السودان قد طلب تأجيل المفاوضات لأسبوع لإجراء مشاورات داخلية مع مكونات الحكومة الانتقالية. وقال وزير الري السوداني، ياسر عباس، في بيان، إن وفد البلاد المفاوض أجرى مشاورات واسعة منذ نهاية الجولة السابقة للمفاوضات، خصوصاً بعد التداعيات السلبية لبدء إثيوبيا ملء السد دون تشاور مسبق مع أطراف التفاوض.
وأضاف عباس أن التحرك الإثيوبي المنفرد قبل التوصل لاتفاق بين الدول الثلاث يطرح مخاوف من تأثيرات بيئية واجتماعية لسد النهضة على المزارعين في ضفاف النيل الأزرق وسلامتهم.
وبحسب بيان مصري، تم التوافق على قيام اللجان الفنية والقانونية بمناقشة النقاط الخلافية خلال اليوم (الثلاثاء) وغداً (الأربعاء)، في مسارين متوازيين، وعرض المخرجات في اجتماع وزاري يوم الخميس المقبل.
ويرعى الاتحاد الأفريقي، منذ شهر يوليو (تموز) الماضي، مفاوضات شاقة، على أمل الوصول إلى اتفاق نهائي ينهي النزاع المائي الذي قارب عقداً من الزمان.
ولم تفضِ جولات عدة من الاجتماعات إلى إحراز أي تقدم، إلا أن اجتماعاً لمكتب الاتحاد الأفريقي، نهاية يوليو (تموز) الماضي، بحضور زعماء الدول الثلاث، قرر استئناف المفاوضات مرة أخرى، واختزلها في قضايا السد، مستبعداً «إقحام أي موضوعات غير ذات صلة أو طموحات مستقبلية في عملية المفاوضات»، في إشارة إلى ملف تقاسم المياه.
وخلال الأسابيع الأخيرة، تصاعد الخلاف مع إعلان إثيوبيا انتهاء المرحلة الأولى من تعبئة خزان السد، قبل التوصل إلى الاتفاق. وأبدت مصر، أمس، اعتراضها على الإجراء الأحادي لملء سد النهضة دون التشاور والتنسيق مع دول المصب. وحذر وزير الموارد المائية والري المصري، محمد عبد العاطي، في كلمته، من أن ذلك الإجراء «يلقي بدلالات سلبية توضح عدم رغبة إثيوبيا في التوصل لاتفاق عادل، ويتعارض مع اتفاق إعلان المبادئ (الموقع بين الدول الثلاث عام 2015)».
وأكد عبد العاطي أهمية سرعة التوصل لاتفاق حول ملء وتشغيل السد، بحيث يتم التوافق حول كل نقطة من النقاط الخلافية، مشيراً إلى اقتراح مصر آلية عمل خلال الاجتماعات الحالية التي ستُعقد لمدة أسبوعين.
ودعم السودان الموقف المصري. وقال ياسر عباس، وزير الموارد المائية السوداني، في كلمته، إن «التحرك (الإثيوبي) المنفرد قبل التوصل لاتفاق بين الدول الثلاث أعاد طرح المخاوف في حال تكرار مثل هذا التحرك في المستقبل، وتحديداً فيما يتعلق بالتأثيرات البيئية والاجتماعية لسد النهضة على المزارعين على ضفاف النيل الأزرق وسلامتهم».
ودعا الوفد السوداني، بحسب بيان، إلى ضرورة «التوقيع على اتفاق بين الدول الثلاثة يؤمن سلامة سد الروصيرص، والتبادل السلس للمعلومات في هذا المجال، بما يتماشى مع مقتضيات القانون الدولي».
ويمثل السد الذي تبلغ تكلفته 4 مليارات دولار، وستبلغ طاقته الإنتاجية من الكهرباء 6450 ميغاواط، حجر الأساس الذي تبني عليه إثيوبيا طموحها في أن تصبح أكبر دولة مصدرة للكهرباء في أفريقيا، لكنه في الوقت نفسه يثير قلقاً مصرياً من تراجع إمدادات المياه الشحيحة أصلاً من النيل، التي يعتمد عليها أكثر من 100 مليون نسمة بنسبة تفوق 90 في المائة». وأعلن السودان ترحيبه بمقترحات الحلول التي قدمها الخبراء الأفارقة في تقريرهم للاجتماعات، وعدها تمثل أساس لاتفاقٍ مرضٍ للأطراف الثلاثة.
وطالب وزير الري السوداني بأن تكون الجولة الحالية من المفاوضات حاسمة، تحدد خلالها أجندة واضحة لفترة التفاوض خلال أسبوعين، ومنح المراقبين دور أكبر لتقريب وجهات النظر، والتركيز على القضايا العالقة، والالتزام بعدم الدفع بأي قضايا جديدة خلال المفاوضات.
وأعلن الوفد السوداني مواصلة جولات المفاوضات على المستوى الوزاري في 6 من أغسطس (آب) الحالي. وعشية جلسة المفاوضات، حشدت إثيوبيا مواطنيها، أول من أمس، في العاصمة أديس أبابا، لـ«الاحتفال بالتقدم الذي أحرزوه في بناء سد النهضة على نهر النيل، ودعم استكمال البناء».
ولوح عشرات الآلاف من الإثيوبيين في شوارع العاصمة بعلم بلادهم، حاملين ملصقات تمجد الإنجاز الحكومي، ورقص آخرون في الأماكن العامة للاحتفال بالمناسبة، وانطلقت احتفالات مماثلة في مدن أخرى في إثيوبيا. ووفق وكالة الأنباء الإثيوبية، تم تنظيم هذا الحدث من قبل مكتب المجلس الوطني، تحت شعار «صوتنا لسدنا»، كـ«حملة تضامن لجعل الأصوات الإثيوبية مسموعة للعالم»، وإرسال رسالة إلى المجتمع الدولي حول السد، بصفته «يقوم على مبدأ الاستخدام العادل للموارد الطبيعية لمكافحة الفقر في البلاد». وملأ الآلاف من الحشود بساحات وشوارع أديس أبابا، بعد ظهر يوم أمس، لإظهار دعمهم لبناء سد النهضة. وقال نائب رئيس الوزراء الإثيوبي، ديميك ميكونين، خلال حديثه، إن «الإثيوبيين من جميع فئات المجتمع ساهموا بشكل كبير في بناء مشروع سد النهضة». وأضاف أن حملة التضامن تهدف إلى حشد الشعب لإكمال السد، ودعم الدبلوماسية في استكمال بناء السد، والاحتفال بملء سد النهضة للمرحلة الأولية.
«سد النهضة»: اعتراض مصري ـ سوداني على «الملء الإثيوبي»
أديس أبابا تحشد مواطنيها لدعم استكمال البناء... ومُهلة لحل الخلافات
«سد النهضة»: اعتراض مصري ـ سوداني على «الملء الإثيوبي»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة