لبنان ينتظر ارتدادات الأحكام في قضية اغتيال الحريري

يواجه المتهمون من «حزب الله» احتمال السجن المؤبد في حال إدانتهم

مبنى المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في لاهاي (إ.ف.ب)
مبنى المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في لاهاي (إ.ف.ب)
TT

لبنان ينتظر ارتدادات الأحكام في قضية اغتيال الحريري

مبنى المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في لاهاي (إ.ف.ب)
مبنى المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في لاهاي (إ.ف.ب)

تنطق المحكمة الدولية الخاصة بلبنان حكمها في قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، الجمعة المقبل، غيابياً، بحق 4 متهمين ينتمون إلى «حزب الله» الذي قال نائب أمينه العام، الشيخ نعيم قاسم، مؤخراً، إن «المحكمة الدولية خارج تفكيرنا وخارج نقاشاتنا وكل ما يصدر عنها ليس محل اهتمام لنا ونحن نعتبرها من الأصل مسيسة»، فيما يتوجس اللبنانيون من ارتدادات الحكم على المشهد الداخلي اللبناني.
وفي 14 فبراير (شباط) 2005، قتل الحريري مع 21 شخصاً وأصيب 226 بجروح، في انفجار استهدف موكبه، مقابل فندق سان جورج العريق، وسط بيروت.
وأعلنت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، أنه بسبب وباء «كوفيد - 19»، «سيُتلى (الحكم) من قاعة المحكمة مع مشاركة جزئية عبر الإنترنت» الجمعة. ويواجه المتهمون، في حال تمت إدانتهم، احتمال السجن المؤبد. ويُتلى حكم العقوبة في جلسة علنية منفصلة عن جلسة النطق بالحكم. وأوضح متحدث باسم المحكمة أنه «إذا كان الشخص المدان طليقاً وغير حاضر عند تلاوة الحكم والعقوبة، تُصدر غرفة الدرجة الأولى مذكرة توقيف بحقّه». ويحق للادعاء والمدان استئناف الحكم أو العقوبة، وفي حال توقيف أحد المتهمين، يجوز له أن يطلب إعادة محاكمته.
وتُعد هذه المحكمة، التي من المفترض أن تُطبق القانون الجنائي اللبناني، بحسب موقعها الإلكتروني، «الأولى من نوعها في تناول الإرهاب كجريمة قائمة بذاتها».
وتوجّه التحقيق الدولي أولاً نحو سوريا، لكن ما لبث أن توقف عن ذكر دمشق، ووجّه الاتهام إلى عناصر في «حزب الله»، بالتخطيط وتنفيذ الاغتيال. ورفض «حزب الله» تسليم المتهمين، نتيجة اعتمادها بشكل شبه تام على تسجيلات هواتف خلوية. ولطالما نفى الحزب الاتهامات، مؤكداً عدم اعترافه بالمحكمة، التي يعتبرها «مسيسة». وباستثناء مصطفى بدر الدين، القائد العسكري السابق لـ«حزب الله» الذي قتل في سوريا العام 2016، وتتهمه المحكمة بأنه «العقل المدبّر» للعملية، وجاء في مذكرة توقيفه أنه «خطط للجريمة وأشرف على تنفيذها»، تقتصر المعلومات على المتهمين الأربعة الآخرين الذين لا يُعرف شيء عن مكان وجودهم. وأسندت للمتهمين، سليم عياش وحسن مرعي وحسين عنيسي وأسد صبرا، اتهامات عدة، أبرزها «المشاركة في مؤامرة لارتكاب عمل إرهابي، والقتل عمداً، ومحاولة القتل عمداً».
ولا يعني النطق بالحكم أو العقوبة انتهاء عمل المحكمة، كونها فتحت قضية أخرى العام الماضي، موجّهة تهمتي «الإرهاب والقتل» لعياش في 3 هجمات أخرى استهدفت سياسيين بين العامين 2004 و2005. وخلال المحاكمة، قال الادعاء إنه جرى اغتيال الحريري كونه كان يُشكل «تهديداً خطيراً» للنفوذ السوري في لبنان، الذي تنخره الانقسامات الطائفية والسياسية وترتبط قواه السياسية بدول خارجية. ويقرّ المدعون بأن القضية تعتمد على أدلة «ظرفية» لكنهم يجدونها مقنعة، تعتمد أساساً على تسجيلات هواتف خلوية قالوا إنها تبين مراقبة المتهمين للحريري منذ استقالته حتى الدقائق الأخيرة قبل التفجير.
وأكد سعد الحريري، الأسبوع الماضي، أنه لم يقطع الأمل يوماً بالعدالة الدولية وكشف الحقيقة، داعياً أنصاره إلى التحلي بالصبر و«تجنب الخوض بالأحكام والمبارزات الكلامية على وسائل التواصل الاجتماعي».
أما رئيس الوزراء الحالي حسان دياب، الذي شكّل حكومته قبل أشهر بدعم من «حزب الله»، فحذّر الأسبوع الماضي من «ارتدادات استحقاق 7 أغسطس (آب)». وقال: «بحسب معلوماتنا، المعنيون في هذه القضية سيتعاطون معها بشكل مسؤول لوقف الاصطياد بالماء العكر الذي قد يلجأ له البعض». وأكد أن «مواجهة الفتنة أولوية».
وتتهم المحكمة سليم عياش (56 عاماً)، الذي قالت إنه مسؤول عسكري في «حزب الله» بقيادة العملية. وجاء في مذكرة توقيفه، أنه «المسؤول عن الخلية التي نفذت عملية الاغتيال، وشارك شخصياً في التنفيذ». وفي سبتمبر (أيلول) 2019، وجّهت المحكمة الدولية تهمتي «الإرهاب والقتل» لعياش لمشاركته في 3 هجمات أخرى استهدفت سياسيين بين العامين 2004 و2005. استهدف الهجوم الأول في العام 2004 الوزير السابق مروان حمادة، ما أدى إلى إصابته بجروح بليغة. وأودى هجوم في العام 2005 بحياة الأمين العام السابق للحزب الشيوعي اللبناني جورج حاوي، واستهدف الهجوم الأخير وزير الدفاع آنذاك، إلياس المر، ما أدى إلى إصابته.
ويحاكم كل من حسين عنيسي (46 عاماً) وأسد صبرا (43 عاماً)، بتهمة تسجيل شريط فيديو مزيف بثّته قناة «الجزيرة» يدعي المسؤولية نيابة عن جماعة وهمية أطلقت على نفسها «جماعة النصر والجهاد في بلاد الشام». وتتضمن لائحة الاتهامات الموجهة لهما على صفحة المحكمة الدولية «التدخل في جريمة ارتكاب عمل إرهابي باستعمال أداة متفجّرة» و«التدخل في جريمة قتل رفيق الحريري عمداً باستعمال مواد متفجّرة». وفي مارس (آذار) 2018، رفضت المحكمة طلباً بتبرئة عنيسي، بعدما قال محاموه إنّ الادعاء لم يقدم أدلة كافية لإدانته.
كما قررت المحكمة الدولية ملاحقة حسن مرعي (54 عاماً) العام 2013. وضمّت في فبراير 2014 قضيته إلى قضية المتهمين الآخرين. ووجهت لمرعي أيضاً اتهامات بـ«التدخل في جريمة ارتكاب عمل إرهابي»، وقتل الحريري والقتلى الآخرين عمداً.



وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

زار وفد إسرائيلي رفيع المستوى القاهرة، الثلاثاء، لبحث التوصل لتهدئة في قطاع غزة، وسط حراك يتواصل منذ فوز الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنجاز صفقة لإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار بالقطاع المستمر منذ أكثر من عام.

وأفاد مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» بأن «وفداً إسرائيلياً رفيع المستوى زار القاهرة في إطار سعي مصر للوصول إلى تهدئة في قطاع غزة، ودعم دخول المساعدات، ومتابعة تدهور الأوضاع في المنطقة».

وأكد مصدر فلسطيني مطلع، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، أن لقاء الوفد الإسرائيلي «دام لعدة ساعات» بالقاهرة، وشمل تسلم قائمة بأسماء الرهائن الأحياء تضم 30 حالة، لافتاً إلى أن «هذه الزيارة تعني أننا اقتربنا أكثر من إبرام هدنة قريبة»، وقد نسمع عن قبول المقترح المصري، نهاية الأسبوع الحالي، أو بحد أقصى منتصف الشهر الحالي.

ووفق المصدر، فإن هناك حديثاً عن هدنة تصل إلى 60 يوماً، بمعدل يومين لكل أسير إسرائيلي، فيما ستبقي «حماس» على الضباط والأسرى الأكثر أهمية لجولات أخرى.

ويأتي وصول الوفد الإسرائيلي غداة حديث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في كلمة، الاثنين، عن وجود «تقدم (بمفاوضات غزة) فيها لكنها لم تنضج بعد».

وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية، الثلاثاء، عن عودة وفد إسرائيل ضم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، ورئيس جهاز الأمن العام «الشاباك» رونين بار، من القاهرة.

وأفادت هيئة البث الإسرائيلية بأنه عادت طائرة من القاهرة، الثلاثاء، تقلّ رئيس الأركان هرتسي هاليفي، ورئيس الشاباك رونين بار، لافتة إلى أن ذلك على «خلفية تقارير عن تقدم في المحادثات حول اتفاق لإطلاق سراح الرهائن في غزة».

وكشف موقع «واللا» الإخباري الإسرائيلي عن أن هاليفي وبار التقيا رئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، وكبار المسؤولين العسكريين المصريين.

وبحسب المصدر ذاته، فإن «إسرائيل متفائلة بحذر بشأن قدرتها على المضي قدماً في صفقة جزئية للإفراج عن الرهائن، النساء والرجال فوق سن الخمسين، والرهائن الذين يعانون من حالة طبية خطيرة».

كما أفادت القناة الـ12 الإسرائيلية بأنه جرت مناقشات حول أسماء الأسرى التي يتوقع إدراجها في المرحلة الأولى من الاتفاقية والبنود المدرجة على جدول الأعمال، بما في ذلك المرور عبر معبر رفح خلال فترة الاتفاق والترتيبات الأمنية على الحدود بين مصر وقطاع غزة.

والأسبوع الماضي، قال ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي، إن الشرق الأوسط سيواجه «مشكلة خطيرة» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل تنصيبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكد مبعوثه إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الاثنين، أنه «لن يكون من الجيد عدم إطلاق سراح» الرهائن المحتجزين في غزة قبل المهلة التي كررها، آملاً في التوصل إلى اتفاق قبل ذلك الموعد، وفق «رويترز».

ويتوقع أن تستضيف القاهرة، الأسبوع المقبل، جولة جديدة من المفاوضات سعياً للتوصل إلى هدنة بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة، حسبما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مصدر مقرّب من الحركة، السبت.

وقال المصدر: «بناء على الاتصالات مع الوسطاء، نتوقع بدء جولة من المفاوضات على الأغلب خلال الأسبوع... للبحث في أفكار واقتراحات بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى». وأضاف أنّ «الوسطاء المصريين والقطريين والأتراك وأطرافاً أخرى يبذلون جهوداً مثمّنة من أجل وقف الحرب».

وخلال الأشهر الماضية، قادت قطر ومصر والولايات المتحدة مفاوضات لم تكلّل بالنجاح للتوصل إلى هدنة وإطلاق سراح الرهائن في الحرب المتواصلة منذ 14 شهراً.

وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، السبت، إن الزخم عاد إلى هذه المحادثات بعد فوز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية، الشهر الماضي. وأوضح أنّه في حين كانت هناك «بعض الاختلافات» في النهج المتبع في التعامل مع الاتفاق بين الإدارتين الأميركية المنتهية ولايتها والمقبلة، «لم نر أو ندرك أي خلاف حول الهدف ذاته لإنهاء الحرب».

وثمنت حركة «فتح» الفلسطينية، في بيان صحافي، الاثنين، بـ«الحوار الإيجابي والمثمر الجاري مع الأشقاء في مصر حول حشد الجهود الإقليمية والدولية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، والإسراع بإدخال الإغاثة الإنسانية إلى القطاع».

وأشار المصدر الفلسطيني إلى زيارة مرتقبة لحركة «فتح» إلى القاهرة ستكون معنية بمناقشات حول «لجنة الإسناد المجتمعي» لإدارة قطاع غزة التي أعلنت «حماس» موافقتها عليها.