باحثون يرسمون صورة القلق في الدماغ

الشعور بالقلق حالة شائعة؛ فمعظمنا شعر بها من وقت إلى آخر بسبب الحاجة إلى المال أو رغبته في إنجاز الأهداف المتعلقة بالعمل، لكن عندما تستمر هذه المشاعر ولا تتعلق بسبب محدد، يمكن أن يصبح القلق حالة مزمنة. وينشأ القلق في الدماغ، ويؤثر على الجسد في صورة خفقان وصداع ودوخة وآلام في المعدة، وقد تؤدي ضغوط العالم الحديث إلى زيادة في اضطرابات القلق، والتي تعد حالياً الشكل الأكثر شيوعاً من اعتلال الصحة العقلية في الولايات المتحدة؛ ونتيجة لذلك، يحاول الباحثون فهم ما يبدو عليه القلق في الدماغ حتى يتمكنوا من تطوير طرق أفضل للتشخيص والعلاج.
وفي دراسة جديدة، فحص باحثون من جامعة تورينو في إيطاليا أدمغة 42 شخصاً يعانون من أنواع مختلفة من القلق، ووجدوا اختلافات قابلة للقياس في تشريح الدماغ بين الأشخاص الذين يعانون من أشكال مؤقتة ومزمنة من هذه الحالة؛ ما مكنهم من رسم شكل القلق في الدماغ، وأعلنوا عن ذلك في العدد الأخير من دورية «ساينتفيك ريبورتيز».
ووفق تقرير نشره أول من أمس موقع «ميديكال نيوز توداي»، فقد قام الباحثون بتقييم نوع القلق الذي يعاني منه كل شخص باستخدام اختبار القياس النفسي الذي يطلب من المشاركين تقييم أنفسهم في عبارات مختلفة، مثل «أشعر بالهدوء»، «أنا قلق حالياً»، و«أنا قلق للغاية بشأن شيء غير مهم».
وباستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي، والذي يمكن أن يوفر صوراً للدماغ، أجرى الباحثون فحوصاً دماغية هيكلية ووظيفية لـ42 شخصاً يعانون من القلق المؤقت والمزمن.
ونجح الباحثون في تحديد الاختلافات التشريحية الدائمة في أدمغة الأشخاص الذين يعانون من القلق المزمن، خاصة في المناطق المرتبطة بتنظيم العاطفة، مثل القشرة الحزامية الأمامية، وهذه الاختلافات التشريحية يمكن أن تكمن وراء الأفكار السلبية المتكررة التي يعاني منها الأشخاص الذين يعانون من القلق.
في المقابل، وجدوا أن الأشخاص الذين يعانون من القلق المؤقت لديهم اختلافات وظيفية في دماغهم، وهي تغييرات مؤقتة في نشاط الدماغ، وتتعلق الكثير من هذه التغييرات بشبكة الوضع الافتراضي، وهي شبكة من مناطق الدماغ يرتبط فرط نشاطها بالقلق الشديد، في حين أن أنشطة مثل التأمل تهدئ هذه الشبكة.
ويقول الدكتور نيكولا دي بيسابيا، الباحث الرئيسي بالدراسة، في التقرير الذي نشره موقع «ميديكال نيوز توداي»، إن الأطباء يمكنهم في يوم من الأيام، استخدام وصف أنواع القلق التي قدمناها في الدراسة لتشخيص الأشخاص الذين يعانون من القلق بشكل أكثر دقة واختيار العلاج الأنسب لهم.