سكان صنعاء يستعيضون عن الأضاحي بالأسماك والدجاج

تفاقم المعاناة جراء توقف الرواتب وتضاؤل القدرة الشرائية في عهد الانقلابيين

بائع «بالونات» في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)
بائع «بالونات» في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)
TT

سكان صنعاء يستعيضون عن الأضاحي بالأسماك والدجاج

بائع «بالونات» في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)
بائع «بالونات» في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)

فرضت الأوضاع المعيشية المتدهورة في ظل الانقلاب الحوثي على أغلب سكان العاصمة صنعاء وبقية المدن الخاضعة للجماعة اللجوء إلى شراء الأسماك والدجاج، عوضاً عن الأضاحي من المواشي، كما جرت العادة قبل اقتحام الميليشيات للعاصمة.
وفي حين استقبل السكان عيد الأضحى هذا العام وسط أزمات متعددة، رافق ذلك ارتفاع جنوني في أسعار الأضاحي والمواد الضرورية، في وقت لا يزال فيه الملايين يعانون من استمرار سياسات وعبث الجماعة الانقلابية ونهبها للرواتب، وفرض مزيد من الإتاوات تحت ذرائع وتسميات غير قانونية.
وأفاد بائع مواشي من إب لـ«الشرق الأوسط» بأن غالبية السكان في محافظته ذات الكثافة السكانية العالية اكتفوا قبيل هذا العيد، ونتيجة لفقرهم، بالنظر إلى خروف العيد في أسواق الماشية، بدلاً من شرائه.
وفي حين أكد البائع أن كثيراً من الميسورين في المحافظة قاموا، وعلى غير عادتهم، بالتشارك فيما بينهم في شراء خروف واحد كأضحية، قال إن معظم سكان مدينة إب اكتفوا هذا العيد إما بشراء كمية بسيطة من اللحم من محلات الجزارة، أو بشراء الدجاج والأسماك، بدلاً من الأضاحي.
إلى ذلك، أشار بائعو اللحوم في صنعاء وإب لـ«الشرق الأوسط» إلى ضعف إقبال الناس على شراء الأضاحي، أو حتى الحجز المسبق لشرائها، نظراً للحالة المادية الصعبة التي يعيشونها، حيث ارتفعت الأسعار بنسبة 400 في المائة عن الأعوام السابقة.
وفي سياق إصرار الجماعة على زيادة معاناة اليمنيين، أفادت لـ«الشرق الأوسط» مصادر محلية في العاصمة بأن مسلحي الميليشيات الحوثية وزعوا على سكان الأحياء ظروفاً فارغة طالبوهم بالتبرع فيها لدعم جبهات القتال.
ومع دخول أول أيام العشر من ذي الحجة، كانت الجماعة المدعومة من إيران قد سارعت إلى شن حرب شعواء ضد مختلف القطاعات التجارية، بشقيها الحكومي والخاص، وفرضت على كثير من منتسبيها جبايات مالية.
وكشفت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» عن أن مسلحي الجماعة شنوا على مدى الأسبوع الماضي أكثر من 18 حملة للجباية، استهدفت ملاك الأفران، وبائعي اللحوم والمواشي، والتجار والباعة المتجولين، ومالكي مضخات المياه.
وشكا مواطنون في صنعاء ومدن أخرى تحت بسطة الجماعة لـ«الشرق الأوسط» من صعوبات كبيرة يواجهونها حالياً، يتمثل بعضها بانعدام شبه كامل للخدمات والمتطلبات الأساسية التي يحتاجون إليها خلال أيام العيد، مثل مادة الغاز المنزلي.
ويقول «م. س.»، وهو أحد سكان العاصمة، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «هذا العيد يختلف تماماً عن الأعياد السابقة، من حيث الأزمات المتعددة وارتفاع منسوب تعسف الميليشيات التي تسبق في العادة كل عيد، وتنتج عنها ظروف معيشية قاسية».
وأضاف: «إن أزمة الوقود التي طال أمدها، وافتعلتها الجماعة بغية التكسب، زادت من مضاعفة أعباء السكان، ووقفت حاجزاً أمام البحث عن مصادر أرزاقهم، وتوفير احتياجاتهم وأسرهم، وأدت إلى توقف أغلب خدمات النقل والمواصلات، وإلى ارتفاع كبير في أسعار السلع الأساسية».
ونتيجة للتدمير الحوثي المنظم على مدى أزيد من 5 أعوام لكل مقومات الاقتصاد اليمني، ونهبها المستمر لكل موارد الدولة، حدث انهيار كبير متسارع في قيمة العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، ورافق ذلك ارتفاع غير مبرر في الأسعار، ما ضاعف من معاناة اليمنيين، وأسهم بشكل كبير في تدهور أوضاعهم، وتدني قدرتهم الشرائية.
وكانت منظمات دولية قد جددت تحذيراتها من زيادة أعداد من يعانون انعداماً في الأمن الغذائي باليمن، بنحو 1.2 مليون شخص خلال الأشهر الستة المقبلة، ليرتفع الإجمالي إلى نحو 10 ملايين شخص.
وقال برنامج الأغذية العالمي، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة، ومنظمة الأغذية والزراعة، في بيان مشترك، إن «الصدمات الاقتصادية والصراع والفيضانات والجراد و-حالياً- (كوفيد-19) يثيرون عاصفة يمكن أن تعكس المكاسب التي تحقّقت على صعيد الأمن الغذائي».
وبحسب البرنامج، بلغ العدد الإجمالي للذين يواجهون خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن نحو 10 ملايين شخص.
وكان تقرير عالمي حول الأزمات الغذائية 2020 قد أكد قبل أيام أن اليمن يحتل المركز الأول بين أسوأ عشر أزمات غذائية. ورغم التخفيف النسبي للمساعدات الإنسانية من حدة الأزمة، فإن هناك 15.9 مليون شخص ينامون جوعى كل يوم، بحسب التقرير.


مقالات ذات صلة

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر
TT

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر

خلافاً للكثير من القادة الذين عاشوا في الظل طويلا، ولم يفرج عن أسمائهم إلا بعد مقتلهم، يعتبر محمد حيدر، الذي يعتقد أنه المستهدف بالغارة على بيروت فجر السبت، واحداً من قلائل القادة في «حزب الله» الذين خرجوا من العلن إلى الظل.

النائب السابق، والإعلامي السابق، اختفى فجأة عن مسرح العمل السياسي والإعلامي، بعد اغتيال القيادي البارز عماد مغنية عام 2008، فتخلى عن المقعد النيابي واختفت آثاره ليبدأ اسمه يتردد في دوائر الاستخبارات العالمية كواحد من القادة العسكريين الميدانيين، ثم «قائداً جهادياً»، أي عضواً في المجلس الجهادي الذي يقود العمل العسكري للحزب.

ويعتبر حيدر قائداً بارزاً في مجلس الجهاد في الحزب. وتقول تقارير غربية إنه كان يرأس «الوحدة 113»، وكان يدير شبكات «حزب الله» العاملة خارج لبنان وعين قادة من مختلف الوحدات. كان قريباً جداً من مسؤول «حزب الله» العسكري السابق عماد مغنية. كما أنه إحدى الشخصيات الثلاث المعروفة في مجلس الجهاد الخاص بالحزب، مع طلال حمية، وخضر يوسف نادر.

ويعتقد أن حيدر كان المستهدف في عملية تفجير نفذت في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2019، عبر مسيرتين مفخختين انفجرت إحداهما في محلة معوض بضاحية بيروت الجنوبية.

عمال الإنقاذ يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية ضربت منطقة البسطة في قلب بيروت (أ.ب)

ولد حيدر في بلدة قبريخا في جنوب لبنان عام 1959، وهو حاصل على شهادة في التعليم المهني، كما درس سنوات عدة في الحوزة العلمية بين لبنان وإيران، وخضع لدورات تدريبية بينها دورة في «رسم وتدوين الاستراتيجيات العليا والإدارة الإشرافية على الأفراد والمؤسسات والتخطيط الاستراتيجي، وتقنيات ومصطلحات العمل السياسي».

بدأ حيدر عمله إدارياً في شركة «طيران الشرق الأوسط»، الناقل الوطني اللبناني، ومن ثم غادرها للتفرغ للعمل الحزبي حيث تولى مسؤوليات عدة في العمل العسكري أولاً، ليتولى بعدها موقع نائب رئيس المجلس التنفيذي وفي الوقت نفسه عضواً في مجلس التخطيط العام. وبعدها بنحو ثماني سنوات عيّن رئيساً لمجلس إدارة تلفزيون «المنار».

انتخب في العام 2005، نائباً في البرلمان اللبناني عن إحدى دوائر الجنوب.