طرق متهالكة تحوّل تنقلات اليمنيين في مناطق الانقلاب إلى جحيم

اتهامات للحوثيين بنهب أموال الصيانة وتعريض المسافرين للخطر

شارع غمرته المياه بعد هطول أمطار على صنعاء قبل أيام (إ.ب.أ)
شارع غمرته المياه بعد هطول أمطار على صنعاء قبل أيام (إ.ب.أ)
TT

طرق متهالكة تحوّل تنقلات اليمنيين في مناطق الانقلاب إلى جحيم

شارع غمرته المياه بعد هطول أمطار على صنعاء قبل أيام (إ.ب.أ)
شارع غمرته المياه بعد هطول أمطار على صنعاء قبل أيام (إ.ب.أ)

كشفت سيول الأمطار بعد أن دمرت وأغرقت أخيراً طرقاً وشوارع عدة في العاصمة اليمنية صنعاء ومحافظات ذمار وإب وتعز، وكذا الطريق الرئيسية الرابطة بينها، عن مستوى العبث والإهمال والفشل الإداري الكبير الذي اتسمت به الميليشيات الحوثية المدعومة إيرانياً.
وفي هذا السياق شكا مسافرون وسائقو مركبات لـ«الشرق الأوسط»، من تعرضهم للمعاناة والمخاطر الحقيقية أثناء سفرهم من صنعاء إلى مدنهم نتيجة تدهور خطوط السير، خصوصاً الخط الواصل بين صنعاء وتعز.
وأكدوا أن تلك الطريق أصبحت اليوم مدمرة بشكل شبه كلي، خصوصاً في مداخل ومخارج المدن التي تمر الطريق عبرها، مثل: معبر وبيت الكوماني ويريم وكتاب والدليل وغيرها.
ودعا المسافرون والسائقون قادة الميليشيات إلى تحمل مسؤولياتهم وتسخير جزء من الأموال التي نهبوها من القطاعات والصناديق الحكومية الإيرادية والقيام بترميم الطرق خصوصاً طريق صنعاء - تعز الذي يربط بين العديد من المحافظات ذات الكثافة السكانية.
ويتحدث أحد المسافرين لـ«الشرق الأوسط»، عن مواجهته وعائلته لمتاعب مضنية أثناء سفرهم قبل يومين في هذا الخط الممتلئ بأعداد لا حصر لها من الحفريات والمطبات التي افتعلها مواطنون وأصحاب محال تجارية، كنقاط لبيع بضائعهم على المسافرين.
وقال المسافر الذي رمز لاسمه بـ«ن. و» إن الأمر الذي زاد الطين بلة يكمن بافتعال مسلحي الجماعة لعدد آخر من المطبات بالقرب من نقاط التفتيش التابعة لهم، المنتشرة على طول الطريق، التي جعلت، إلى جانب حملات التفتيش والتضييق الحوثية على المسافرين، من السفر مشقة وعناء تطول فيه أوقات السفر إلى ساعات طويلة.
ومع تأكيدات عدد من السائقين وشكواهم المستمرة من تدهور خطوط السير، أشار سائق سيارة أجرة، التقت به «الشرق الأوسط»، إلى تردي البنية التحتية في طريق (صنعاء، ذمار، إب، تعز) وتدميرها بشكل كلي نتيجة سيول الأمطار الجارفة وإهمال وعبث ونهب وفساد الجماعة وتقاعسها عن القيام بواجبها في عمل الصيانة.
وأكد السائق أن القيادة في هذه الخطوط تحولت إلى مخاطرة كبيرة، مشيراً إلى تعرُّض سيارته ومركبات الكثير من زملائه لخسائر كبيرة نتيجة انتشار المطبات والحفر، خصوصاً تلك التي يتم استحداثها ولا يعلمون بها، أو التي تتسبب بها سيول الأمطار فجأة.
على الصعيد نفسه وفي طريق «الحديدة، إب»، طالب العشرات من سائقي قاطرات الشحن الثقيل الجماعة باقتطاع ولو جزءاً بسيطاً من الأموال التي تفرضها عليهم بشكل يومي مقابل السماح لهم بالعبور، وتخصيصها لأعمال الصيانة كون ذلك الخط لا يزال يعاني من التآكل والتلف لمادة الإسفلت الخاصة به، وكذا انتشار الحفريات نتيجة الأمطار التي تشهدها باستمرار مديريات محافظة إب.
وأكد البعض من سائقي الشحن الثقيل، أن المبالغ التي تجبيها الميليشيات منهم باستمرار على مداخل مدينة العدين في إب تصل إلى عشرات الملايين من الريالات، وهي كافية لشق وبناء العشرات من الطرق الرئيسية الجديدة، وليس فحسب لإصلاح وترميم بعض الطرقات.
واعتبروا أن رداءة وتهالك هذه الطريق وإلى جانبها الطريق الرئيسية بين «تعز، إب، ذمار، صنعاء» يشكل عائقاً كبيراً أمامهم، ويعرّضهم بالوقت ذاته وقاطراتهم التي تنقل المشتقات النفطية والبضائع والمواد من الحديدة إلى مدن يمنية عدة، إلى مخاطر وخسائر فادحة.
من ناحية ثانية، كشف مسؤولون في المؤسسة العامة للطرق والجسور الخاضعة لسيطرة الجماعة بصنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، عن ارتفاع عدد الحفر والمطبات المستحدثة حالياً في طريق «صنعاء، تعز» إلى أزيد من 4 آلاف و620 مطباً وحفرية.
وكان تقرير رسمي صادر عن صندوق صيانة الطرق، أكد أن عدد المطبات في 12 طريقاً رئيسية بين المحافظات اليمنية بلغت مطلع عام 2014م، أي قبل الانقلاب، أكثر من 1203 مطبات يتصدرها طريق «صنعاء - تعز» بواقع 235. يليه طريق «أبين - عدن» بـ178، ثم طريق «صنعاء - الحديدة» بـ146. وطريق «إب - العدين - الجراحي» بواقع 138. وأكد التقرير تسبب تلك المطبات بحدوث ما يزيد على 40 في المائة من حوادث المرور.
وعلى صلة بالموضوع ذاته، شهدت مناطق عدة في صنعاء وإب وذمار وغيرها على مدى الأسبوع الأخير أمطاراً غزيرة تسببت بدمار واسع في الشوارع والطرقات والممتلكات العامة والخاصة والمحاصيل الزراعية.
وأكد مواطنون بتلك المناطق لـ«الشرق الأوسط»، أن سيول الأمطار أوقفت حركة السير بعدد من الطرق الرئيسية، خصوصاً طريق صنعاء – تعز، وأن الكثير من المواطنين ظلوا عالقين، الأمر الذي حال دون إمكانية عودتهم إلى مناطقهم ومساكنهم لساعات طويلة.
وعلى وقع استمرار هطول الأمطار وتدفق السيول، أفاد المواطنون بأن الميليشيات لم تحرك ساكناً لحمايتهم ومصالحهم وممتلكاتهم من قبيل عمليات الصيانة أو الإنقاذ أو التحذيرات المسبقة.
وطالب السكان سلطة الجماعة الانقلابية بالقيام بواجبها، وإلزام مكاتب الأشغال ومؤسسة صيانة الطرق الخاضعة لسيطرتها بسرعة إعادة فتح العشرات من الطرق والتخفيف من الأضرار التي تسببت بها السيول.
وعلى مدى السنوات الماضية من عمر الانقلاب، ارتفعت نسبة حوادث السير بمناطق سيطرة الجماعة إلى أرقام ضخمة، بسبب ما تعانيه الطرق من تلف وتدمير شبه كلي، وتغاضي الميليشيات عن القيام بمسؤوليتها في أعمال الصيانة.
في المقابل، أشارت مصادر مطلعة في صنعاء إلى ارتفاع أعداد ضحايا حوادث السير في الطرقات يومياً بمناطق سيطرة الجماعة، مؤكدة أن الطرقات المتهالكة في المدن وخطوط السفر الطويلة التي تربط المحافظات بعضها ببعض، تعد من الأسباب الرئيسية وراء وقوع معظم الحوادث.
وفي حين تعد المصادر أن الحوادث الناجمة عن رداءة الطرقات مشكلة قديمة، فإنها أكدت أنها تفاقمت بشكل كبير جداً منذ انقلاب الجماعة وشن حربها الهمجية المصحوبة بممارسات النهب والسرقة والابتزاز بحق اليمنيين ومؤسساتهم، لا سيما في ظل توقف أعمال ترميم صيانة الطرقات بشكل تام.
وعلى الصعيد ذاته، تحدث مختصون في هندسة الطرق بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرض كثير من الطرقات والجسور خلال السنوات الماضية لعوامل طبيعية وغير طبيعية أدت في المجمل إلى تضررها وخروجها عن الخدمة، دون أن تقوم الجماعة الانقلابية بأي تحرك للصيانة.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.