منطاد للسياحة إلى حافة الفضاء

«سفينة نبتون» تتسع لتسعة أشخاص

منطاد للسياحة إلى حافة الفضاء
TT

منطاد للسياحة إلى حافة الفضاء

منطاد للسياحة إلى حافة الفضاء

يمثّل السفر إلى الفضاء ومنذ وقتٍ طويل فكرة ساحرة بالنسبة للبشرية. واليوم، ومع استعار المنافسة في قطاع الرحلات الفضائية الناشئ، فقد يتحوّل حلم الخيال العلمي هذا إلى حقيقة.

منطاد فضائي
تقدّمُ شركة «سبيس برسبكتيف» فرصة للسياحة الفضائية ولكن مع تعديل غير مألوف على نموذج السفر التجاري إلى الفضاء، إذ وبدل تسخير أحدث تقنيات الدفع أو استخدام معزّزات الصواريخ، عمدت الشركة إلى استخدام حجرة (مقصورة) مصممة بنظم لتوفير الضغط الجوي المناسب لحياة الركاب ومنطاد يطير على ارتفاع عالٍ لإيصال السياح إلى أعتاب ما يُعرف بالحدود الأخيرة للغلاف الجوي. ولكن كم سيكلّف هذا المشروع؟ وأيضاً، لماذا استخدمت الشركة منطاداً؟
صحيح أنّ المنطاد قد لا يبدو وسيلة المواصلات المثالية لرحلة مشابهة، ولكنّ جاين بوينتر وتابر ماك كالوم مؤسسا الشركة لهما تاريخ غني بالأفكار الغريبة لتطوير هذه الوسيلة الطائرة. فقد أسّس الشريكان قبل «سبيس برسبكتيف»، شركة «وورلد فيو إنتربرايزس» التي استخدمت مناطيد عالية الارتفاع في مجموعة من التطبيقات كالاستشعار عن بعد والاتصالات. وكان ماك كالوم قد حقّق بالتعاون مع آلان أوستاس، المسؤول التنفيذي في «غوغل»، رقماً قياسياً في «الغوص الفضائي» من منطاد على ارتفاع 136 ألف قدم. واعتمد الشريكان الحاليان على هذه التجربة وأعادا تخيّلها كنموذج للسياحة الفضائية.

سياحة كونية
صُممت مقصورة «سبيس برسبكتيف» المتصلة بالمنطاد والتي تحمل اسم «سبيس شيب نبتون» Spaceship Neptune (سفينة نبتون الفضائية) للارتفاع حتّى 100 ألف قدم، أي ما يقارب 32 كلم فوق سطح الأرض. وتشرح جاين بوينتر أنّ راكب المقصورة «عند هذا الارتفاع، سيكون فوق الغلاف الجوي بنسبة 99 في المائة، مما يعني أنّه أصبح في الفضاء التي نسمّيها نحن حافّة الفضاء، لتحقيق جميع المقاصد والأهداف».
لخوض المغامرة كاملة، يحتاج راكبو «سبيس شيب نبتون» للاسترخاء أولاً لنحو ستّ ساعات. ثم وبعد الإقلاع، سيرتفع المنطاد ببطء بسرعة لا تتجاوز 19.3 كلم في الساعة، أي أنّه سيحتاج بهذا المعدّل إلى نحو ساعتين لبلوغ المستويات العليا من الغلاف الجوّي. وبعد وصوله إلى ذروة مساره، ينزلق المنطاد على طول أعتاب الحدود الأخيرة للغلاف الجوي لساعتين إضافيتين، مانحاً رّكّابه فرصة لتأمّل المناظر الأخّاذة.
وتضيف بوينتر في حديث نقلته موقع مجلة عن موقع «تيك ريبابليك» الإلكتروني: «إذا تمكّننا من توصيل الركّاب والرحلة إلى هذا الارتفاع قبل شروق الشمس، قد يتمكّن السيّاح من مشاهدة أجمل منظر كوني قد يرونه في حياتهم. ومن ثمّ، يمكنهم البدء بمشاهدة شروق الشمس فوق حافّة الأرض، وبالطبع، سيرون شكل كوكبنا المتقوّس، والخطّ الأزرق الرفيع لغلافنا الجوّي، وآخر جهة من الأرض تقع تحتهم».
وفي طريق العودة، ستهبط السفينة ببطء في مسار يمتدّ لساعتين تقريباً قبل السقوط في المحيط مرتطمة بمياهه، لكن بوينتر تقول إنّ وصف العملية بـ«هبوط سفينة فضائية في المحيط» مبالغٌ به بعض الشيء. وأن من الضروري جداً أن نوضح أنّ تصميم «سبيس شيب نبتون» مختلف تماماً عن الكبسولات التقليدية التي يعود روّاد الفضاء فيها عادة إلى الأرض.
وتضيف أنّه «عندما ينظر النّاس إلى كبسولة الناسا أثناء دخولها إلى الأرض، غالباً ما تنفّذ هبوطاً معكوساً، أي تنقلب على نفسها في المياه».
ولكنّ هبوط «سبيس شيب نبتون» المائي سيكون تجربة أكثر متعة. فبدل الجانب السفلي المسطّح والمتضخّم، تأتي الكبسولة الجديدة بتصميم «البلبل الدوّار» (المغزل)، مما يتيح لها اختراق سطح المحيط بخفّة وتخفيف سرعتها تدريجياً أثناء الهبوط. وتوكّد بوينتر أنّ «الركّاب لن يضطرّوا إلى تحصين أنفسهم من حدث ارتطام وأنّ الهبوط سيكون مريحاً جداً. نحن نسعى حقّا لتقديم رحلة هادئة وسهلة من بدايتها وحتّى نهايتها».

تصميم مطور
تضمّ السفينة على متنها حمّاماً ومنضدة للمرطبات، بالإضافة إلى اتصال بالـ«واي - فاي» ليتمكّن المستكشفون من التقاط الصور ومشاركتها في الوقت الحقيقي. ومن المقرّر أن تقلع «سبيس شيب نبتون» أخيراً من منشأة لهبوط السفن الفضائية في مركز كيندي الفضائي التابع لوكالة ناسا في فلوريدا. وتأمل الشركة أن تتوسّع في خيارات مواقع إقلاعها حول العالم، لا سيما أن إمكانية الإقلاع من اليابسة وركوب رياح الطبقة العليا من الغلاف الجوّي ومن ثمّ الهبوط في المياه ستمكّنها من التوسّع بسرعة أكبر برحلاتها من الخيارات الأخرى المحكومة بالهبوط على اليابسة.
وتعتبر بوينتر أنّ «الهبوط على اليابسة يصعّب التوسع في العمل حول العالم. فقد اتضح أنّ الهبوط في المحيط يسهّل التوسّع في أرجاء الكوكب لأنّ بقع اليابسة الصالحة للإقلاع كثيرة مع خيار الهبوط في المياه بعدها. واتضح أيضاً أنّ الرياح في منطقة الستراتوسفير العليا من الأرض، تميل إلى الهبوب شرقاً أو غرباً بحسب توقيت سفر المركبات خلال العام».
وتخطّط الشركة بحسب «بوينتر» لإجراء رحلة تجريبية لكبسولة غير مأهولة في الربع الأوّل من 2021. على أن تضمّ التجهيزات الكاملة ولكن بوزن أقلّ.

تنافس سياحي فضائي
حجزت «سبيس برسبيكتف» لنفسها مكاناً في قلب سوق الطيران البشري إلى الفضاء، بينما تعمل الشركات المنافسة وأبرزها «بلو أوشن» و«فيرجن غالاكتيك» حالياً على تطوير أنظمة تحمل البشر إلى الفضاء «دون المداري» الأقرب إلى الغلاف الجوي. تشير التقديرات المبدئية أنّ ثمن رحلة «بلو أوريجين» إلى الفضاء سيتراوح بين 200 ألف و300 ألف دولار، مقابل ما لا يقلّ عن 250 ألف دولار لرحلة «فيرجن غالاكتيك» السياحية إلى الفضاء.
أوردت بعض التقارير ترجيحات للأسعار السفر على متن «سبيس شيب نبتون»، ولكنّ بوينتر قالت إنّ الشركة لم تحدّد رقماً بعد، وأنّها ستراعي أسعار السوق عندما تفعل.
وأضافت أنّها وشريكها «يفكّران بتحديد سعرٍ لا يتجاوز نصف الأسعار المطروحة حالياً من قبل مزوّدي بطاقات الرحلات الفضائية. إذن، بحسابات بسيطة جداً، يمكن القول إنّ بطاقة الرحلة في «سبيس شيب نبتون» ستُباع بنحو 125 ألف دولار للمقعد الواحد». ولكن بوينتر عادت وشدّدت أنّ الشركة لم تحدّد سعراً حتّى اليوم.
وحتّى يومنا هذا، حصل عدد قليل من البشر على فرصة الاستمتاع بمشاهدة الأرض من الفضاء. ويصف روّاد الفضاء التحديق بكوكبهم الأمّ الذي يسبح في الأكوان الواسعة على أنّه تجربة تحوّلية، وغالباً ما تعلق بالذهن ردّة الفعل العاطفية والانطباعات الراسخة الناتجة عن هذه اللحظة. وتقول بوينتر: «عندما نتحدّث مع روّاد الفضاء عن تجربتهم بالسفر خارج الأرض، يعبّرون عن اتصال عميق بكوكبنا، وليس بصورته كمهد للبشرية والحياة فحسب، بل أيضاً بفكرة أنّنا كلّنا كبشر ننتمي إلى عائلة واحدة».
يتفنّن الكثيرون بوصف النظر إلى كوكبنا الأمّ من الخارج ويتحدّثون عن الذهول الذي يصيبهم عند رؤية جمال الأرض وهشاشتها من الفضاء. وتأمل بوينتر أن تتمكّن «سبيس شيب نبتون» من منح عدد أكبر من الأشخاص فرصة خوض هذه التجربة في السنوات المقبلة.



الليزر في طب الأسنان للعلاج والوقاية

الليزر في طب الأسنان للعلاج والوقاية
TT

الليزر في طب الأسنان للعلاج والوقاية

الليزر في طب الأسنان للعلاج والوقاية

شهد مجال طب الأسنان في السنوات الأخيرة تطورات رائعة، وكان من أبرزها ظهور طب الأسنان بالليزر. وفيما يستمر أطباء الأسنان في البحث عن طرق مبتكرة لتحسين رعاية المرضى ونتائج العلاج، برزت تكنولوجيا الليزر بوصفها تحولاً نوعياً؛ حيث تُقدم حلولاً ذات تدخل جراحي محدود لمجموعة واسعة من علاجات طب الأسنان دون الحاجة إلى استعمال إبرة التخدير المزعجة التي يتهيب منها كل من جلس على كرسي طبيب الأسنان.

أنواع الليزر

تعتمد تقنية الليزر في طب الأسنان على استخدام الأمواج الطيفية لشعاع الليزر للتعامل مع الأسنان واللثة، وتُستخدم الأمواج الطيفية حسب قوة الإشعاع ونوع الليزر.

وينقسم الليزر إلى نوعي:

*ليزر الأنسجة الرخوة، وهذا النوع يستعمل لتحفيز الخلايا الداخلية للأسنان واللثة لتسريع عملية الشفاء والتجديد. وتُستخدم هذه التقنية في عمليات طبية كثيرة، مثل تحفيز الشفاء بعد الجراحة، والتخفيف من الألم، والتخفيف من التهابات اللثة، وكذلك في عمليات تحسين المظهر الجذري للأسنان.

*النوع الثاني، أو ما يُسمى بليزر الأنسجة الصلدة، يستعمل في علاج تسوس الأسنان وقص اللثة الزائدة، حتى في إزالة أجزاء من عظم الفك في بعض الحالات.

ويُستخدم طب الأسنان بالليزر أشعة ضوئية مركزة لإجراء علاجات سنية دقيقة، بدءاً من اكتشاف التسوس وإزالته، وصولاً إلى جراحة اللثة وتبييض الأسنان. ومن أهم فوائد تكنولوجيا الليزر قدرتها على استهداف مناطق محددة بدقة استثنائية، ما يُقلل من الضرر الذي يلحق بالأنسجة المحيطة.

علاج مرض اللثة

ويُعد الليزر فعالاً للغاية في علاج أمراض اللثة، إذ يمكنه إزالة البكتيريا والأنسجة المصابة بحد أدنى من التدخل، ما يُعزز الشفاء السريع، ويُقلل من خطر الإصابة بالعدوى. وهذا يجعل العلاج بالليزر خياراً ممتازاً للمرضى الذين يعانون من أمراض اللثة، والذين قد يحتاجون إلى تدخلات جراحية أكثر توسعاً.

وتترجم هذه الدقة إلى تقليل الانزعاج للمرضى، وتقليل الحاجة إلى التخدير، وسرعة التعافي. وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن علاج مرض اللثة كان يتم حسب الطريقة التقليدية بأربع جلسات على مدار شهرين، وباستعمال إبرة التخدير وعملية جراحية للكشف عن جزء من جذور الأسنان، وكل جلسة تستغرق تقريباً ساعة كاملة. وفي حال علاج الحالة نفسها باستخدام تكنولوجيا الليزر فإنها تتم في أقل من 10 دقائق دون الحاجة للتخدير أو إجراء أي عملية جراحية؛ لأن إشعاع الليزر يخترق ويعالج الأنسجة المريضة من اللثة.

مهمات تشخيصية ووقائية

إلى جانب العلاج، وجد الليزر أيضاً مكاناً في الإجراءات التشخيصية؛ حيث تُستخدم أجهزة بالليزر المرتبطة بخوارزميات الذكاء الاصطناعي من خلال الشبكة العصبية التلافيفية «CNN»، للكشف عن التجاويف التي قد تكون غير مرئية للعين المجردة أو للأشعة السينية التقليدية من تسوس الأسنان أو فقدان مينا الأسنان بسبب الأحماض. وتُعزز هذه التكنولوجيا الدقة التشخيصية، وتضمن معالجة حتى أصغر مشكلات الأسنان بسرعة.

كما يُعدُّ طب الأسنان الوقائي ركناً أساسياً من صحة الفم، وقد ارتقت تكنولوجيا الليزر به إلى مستويات جديدة، إذ يتم الآن استخدام الليزر للكشف المُبكر عن الحفر والتجاويف التي تسببها الأحماض التي تُفرزها بكتيريا تسوس الأسنان في سطح الأسنان، ما يسمح لأطباء الأسنان بتحديد تسوس الأسنان ومعالجتها قبل أن يتفاقم. ومن خلال اكتشاف مشكلات الأسنان في بدايتها، يمكن للمرضى تجنُّب العلاجات الأكثر توسعاً وتكلفة في المستقبل.

الليزر أقل تخويفاً من المثاقب والمشارط

ويعدُّ قلق المريض والخوف من الإجراءات السنية معوقات شائعة أمام السعي للحصول على الرعاية السنية اللازمة. ويوفر طب الأسنان بالليزر بديلاً أقل تخويفاً؛ حيث غالباً ما يلغي الحاجة إلى المثاقب والمشارط، التي تُعدُّ مصادر للانزعاج لكثير من المرضى. ويسهم التشغيل الصامت والخالي من الاهتزاز لأجهزة الليزر في توفير تجربة أكثر راحة وهدوءاً، ما يُشجع المرضى على الحفاظ على زيارات دورية لطبيب الأسنان.

لذا يبدو مستقبل طب الأسنان بالليزر واعداً، مع استمرار الأبحاث والتطوير بهدف توسيع تطبيقاته وتحسين كفاءته. ومع تطور التكنولوجيا، ودخول الذكاء الاصطناعي، يُمكننا أن نتوقع رؤية أنظمة ليزر أكثر تطوراً تُعزز من دقة ونطاق العلاجات السنية.

ومع تبني مزيد من عيادات الأسنان لهذه التكنولوجيا المتقدمة، يستفيد المرضى من علاجات سنية أكثر أماناً وراحة وفاعلية.