وُصف لاعب التنس الأسترالي رود ليفر بأنه كان الأفضل في جيله، كما حصل على لقب أفضل لاعب تنس في القرن العشرين بعدما حقق شيئاً لم يحققه أي لاعب آخر في هذه اللعبة على الإطلاق، وهو الفوز بالبطولات الأربع الكبرى (الغراند سلام) في العام نفسه، ولم يكتفِ بذلك، بل حقق هذا الإنجاز مرتين! حقق ليفر هذا الإنجاز للمرة الأولى عام 1962، متفوقاً على لاعبين عظماء من أمثال ليو هواد وكين ورسيويل وبانشو غونزاليس، في حين كانت المرة الثانية - والأهم - عام 1969 في أول موسم كامل للبطولات المفتوحة للتنس، رغم أنه كان يعاني من إصابة في الكوع، وهو ما جعل هذا الإنجاز يشبه تسلق قمة جبل إيفرست في عالم التنس.
وكان اللاعب الوحيد الذي فاز بالبطولات الأربع الكبرى في عام واحد هو دون بودج في الثلاثينات من القرن الماضي، ولم يتمكن أي لاعب تنس من تحقيق هذا الإنجاز مرة أخرى منذ ذلك الحين. وقد فاز كل من جيمي كونورز وماتس ويلاندر وروجر فيدرير ورافائيل نادال ونوفاك ديوكوفيتش بثلاث بطولات كبرى في سنة ميلادية واحدة، بينما حصل ثمانية رجال على البطولات الأربع الكبرى طوال مسيرتهم الرياضية. ووصف لاعب التنس السابق أندريه أغاسي الإنجاز الذي حققه ليفر بأنه استثنائي وإعجازي، وأنا أتفق تماماً مع ذلك.
وكانت آخر مقابلة صحفية أجريتها مع ليفر في يناير (كانون الثاني) الماضي، بعد يوم من وصوله إلى بطولة أستراليا المفتوحة للتنس، في فندق ملبورن. وخلال هذا الحوار، قال ليفر، البالغ من العمر آنذاك 81 عاماً، بتواضع شديد: «من المؤكد أنني أفتخر بالرقم القياسي الذي حققته بالحصول على البطولات الأربع الكبرى للتنس في عام واحد مرتين».
وقال جون نيوكومب، الفائز بسبع بطولات من البطولات الأربع الكبرى: «أعتقد أن حصول ليفر على البطولات الأربع الكبرى في عام واحد عام 1969 كان الأكثر أهمية». وقد شهدت بطولة أستراليا المفتوحة للتنس في مدينة بريسبان في ذلك العام مباراة ملحمية في الدور نصف النهائي أمام توني روتش. يقول نيوكومب: «ليس من السهل على الإطلاق أن تحقق هذا الإنجاز الكبير، لكن ليفر حققه، لذلك فهو إنجاز استثنائي. لقد كان هناك كثير من اللاعبين الجيدين في ذلك الوقت الذين سبق أن فازوا بالبطولات الأربع الكبرى، لكن ليفر كان أفضل من الأفضل».
وعن الأسباب التي جعلت ليفر يتمكن من تحقيق هذا الإنجاز الكبير، قال نيوكومب إن ليفر كان صاحب التسديدات الأقوى في الوقت المناسب. في الواقع، كان الجو شديد الحرارة في كثير من الأحيان، مثل تلك المباراة التي اضطر فيها نيوكومب للحصول على راحة مبكرة خلال المجموعة الثالثة من المباراة النهائية لبطولة ويمبلدون عام 1969، التي يشير إلى أن 99 في المائة من الملعب كان مغطى. يقول نيوكومب عن تلك المباراة: «لقد استدرت ونظرت إليه وأعطيته فقط إيماءة تشير إلى أنه يلعب بشكل رائع». وكانت هذه هي البطولة الرابعة من البطولات الأربع الكبرى التي يحصل عليها ليفر في ذلك العام.
ويشير روسويل، الذي خسر نهائي بطولة فرنسا المفتوحة عام 1969 في المباراة التي يعترف بأنها كانت واحدة من أفضل المباريات التي لعبها ليفر على الإطلاق، إلى أن ليفر كان يتمتع بالقدرة التنافسية العالية وعدم الخوف من المنافسين، بالإضافة إلى القدرة على الفوز في المباريات التي كان يبدو فيها قريباً من الهزيمة. ويؤكد اللاعب الأسترالي فريد ستول أن ليفر كان خصماً لا يعرف التراجع أو الاستسلام أبداً، وعندما كان يتأخر في النتيجة كان ذلك يعد بمثابة حافز كبير له للعودة مرة أخرى في اللقاء. وعلى الرغم من أن ليفر كان قصير القامة، حيث يصل طوله إلى 172 سم فقط، لكنه كان يمتلك قوة كبيرة في يده اليسرى. في الحقيقة، كان ليفر سابقاً لعصره في تلك الفترة.
وعلاوة على ذلك، كان اللاعب الأسترالي يتميز بالقوة البدنية الهائلة والسرعة الفائقة، وكان شديد التركيز في المباريات النهائية، خصوصاً خلال الأرقام القياسية «المذهلة تماماً» التي حققها في عامي 1962 و1969. وإذا تمكن بعض اللاعبين المعاصرين من الفوز بعدد أكبر من البطولات الكبرى التي حققها ليفر والبالغ عددها 11 بطولة، فإن صديقه الرائع فريد ستول يعتقد أن ليفر كان بإمكانه الحصول على عدد أكبر من البطولات الكبرى لولا ابتعاده عن اللعبة لمدة خمس سنوات في أوج تألقه، بين الرابعة والعشرين والثلاثين من عمره.
وخلال الفترة التي غاب فيها ليفر عن الملاعب، وصل ستول إلى ثماني نهائيات للبطولات الأربع الكبرى وخسر أمام الأسترالي روي إيمرسون في خمسة منها. وقال ستول عن ذلك: «لم أكن لأفوز بالبطولتين اللتين فزت بهما لو كنت ألعب أمام اللاعبين المحترفين في ذلك الوقت. لقد فاز ليفر بـ11 بطولة كبرى ولم يلعب في 21 بطولة، وكان اللاعب الأفضل عندما تحول لممارسة اللعبة على المستوى الاحترافي، وكان الأفضل أيضاً عندما عاد من الفترة التي ابتعد فيها عن الملاعب. لذا، لو حصل ليفر على نصف عدد البطولات التي كان من المفترض أن يشارك فيها لحصل الآن على 21 بطولة كبرى.
ولم يلعب ليفر إلا لفترة محدودة، خلال الفترة بين عامي 1970 و1978، لكنه لم يبدِ أي ندم بشأن الأسباب التي جعلته يبتعد عن اللعبة سريعاً. وعندما فاز ليفر في تلك المباراة التاريخية التي أوصلته إلى القمة في التاسع من سبتمبر (أيلول) عام 1969، احتفل بطريقة غير معهودة وقفز من فوق الشبكة قبل مصافحة خصمه المهزوم آرثر آش. لكنه على أي حال قد حقق إنجازاً ظل صامداً منذ أكثر من نصف قرن من الزمان، وربما يظل صامداً إلى الأبد.
كيف تسلّق رود ليفر قمة إيفرست للتنس مرتين؟
حقق إنجازاً صمد أكثر من نصف قرن
كيف تسلّق رود ليفر قمة إيفرست للتنس مرتين؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة