بين تهديدات بحظره ومفاوضات لشرائه... مستقبل غامض لـ«تيك توك» في أميركا

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (يمين) وشعار تطبيق «تيك توك» (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (يمين) وشعار تطبيق «تيك توك» (أ.ف.ب)
TT

بين تهديدات بحظره ومفاوضات لشرائه... مستقبل غامض لـ«تيك توك» في أميركا

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (يمين) وشعار تطبيق «تيك توك» (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (يمين) وشعار تطبيق «تيك توك» (أ.ف.ب)

بين التهديدات بالحظر على أعلى مستوى والمفاوضات التي تراوح مكانها، يثير تطبيق «تيك توك» الذي يهاجمه الرئيس الأميركي دونالد ترمب ويلقى رواجاً بين الشباب منذ 48 ساعة، حالة قلق بين احتمالات بيعه أو إعادة شرائه أو حظره.
ومنصة الترفيه هذه التي تضم خصوصاً تسجيلات فيديو موسيقية قصيرة، يتابعها نحو مليار شخص في العالم. وقد تعززت شعبيتها خلال أشهر الحجر لمنع انتشار وباء «كوفيد - 19»، حسبما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية.
ومنذ بدء إطلاق التهديدات، يتداول المستخدمون رسائل دعم تعبر عن قلق ونصائح تقنية حتى لا تزول إمكانية الدخول إلى الموقع (أو روابط باتجاه موقع إنستغرام) وتسجيلات فيديو ساخرة.
وعلى واحد من هذه التسجيلات الذي تمت مشاهدته 1.4 مليون مرة، تظهر سيدة وهي تدهن وجهها بطلاء برتقالي وتبني جداراً من حجارة الآجر، مع عبارة «أنا أثناء محاولتي إقناع ترمب بالإبقاء على تيك توك».
وبعد أسابيع من الشائعات والضغوط، أعلن البيت الأبيض الجمعة، أن الرئيس سيوقع أمراً رسمياً يلزم الشركة الأم الصينية «بايتدانس» على الانفصال عن هذا التطبيق باسم حماية الأمن القومي.
وفي الوقت نفسه، كشفت وسائل إعلام أميركية عدة أن مجموعة مايكروسوفت تجري مفاوضات أصبحت في مرحلة متقدمة لشراء التطبيق.
لكن ترمب أعلن مساء الجمعة على متن الطائرة الرئاسية، أنه «سيحظر (تيك توك) في الولايات المتحدة». وأوضح للصحافيين أنه لا يؤيد عملية إعادة شراء لـ«تيك توك» من قبل شركة في الولايات المتحدة.
وتشتبه واشنطن بأن شبكة التواصل الاجتماعي هذه تقاسم بكين بياناتها. لكن إدارة التطبيق نفت ذلك مراراً.

وبدت إعادة التطبيق إلى الولايات المتحدة بفضل عملية استحواذ الحل الأمثل في نظر العديد من الجهات الفاعلة.
إلا أن صحيفة «وول ستريت جرنال» ذكرت أمس (السبت)، أن المفاوضات بين «مايكروسوفت» و«تيك توك» لم تحقق تقدماً بسبب معارضة الرئيس الأميركي. وأوضحت الصحيفة أن المفاوضات كان يمكن أن تحقق نتيجة الاثنين.
وباتت الشركتان تنتظران الآن وضوحاً أكبر من البيت الأبيض.
وكتب مسؤول الأمن السابق في «فيسبوك» أليكس ستاموس الباحث حالياً في جامعة ستانفورد: «أصبح الأمر يبدو غريباً». وأضاف أن «عملية بيع بالكامل لشركة أميركية كانت تعتبر حلاً جذرياً قبل أسبوعين يمكن أن تهدئ القلق المنطقي بشأن حماية البيانات».
وأضاف ستاموس في تغريدة على «تويتر»: «إذا قتل البيت الأبيض ذلك (عملية الشراء)، فسنعرف عندها أن الأمر لا يتعلق بالأمن القومي».
وبانتظار الحظر الذي أعلنه الرئيس الأميركي تطرح تساؤلات ويسود شعور بالقلق.
وقالت فانيسا باباس مسؤول فرع «تيك توك» في الولايات المتحدة، في تسجيل وضع السبت على التطبيق، وموجه إلى مستخدميه: «نحن هنا لنبقى». وأضافت: «سمعنا دعمكم الكبير ونريد أن نقول لكم شكراً»، مؤكدة: «نحن لا ننوي الرحيل».
وأكدت أنها «تعتز» بالموظفين الأميركيين الـ1500 ووعدت بإحداث «عشرة آلاف وظيفة إضافية في هذا البلد في السنوات الثلاث المقبلة».

وقال دانيال كاسترو نائب رئيس مؤسسة تكنولوجيا المعلومات والابتكار التي تتبنى عادة مواقف قريبة من آراء مجموعات التكنولوجيا الكبرى، إن «الولايات المتحدة ستكون الخاسر الأكبر من حظر تيك توك».
وأوضح أن «ملايين الأميركيين بمن فيهم عدد كبير من مؤيدي ترمب، يستخدمون التطبيق لابتكار محتويات وتقاسمها».
وتابع أن «كل خوادم التطبيق تقع خارج الصين، وليس هناك أي دليل على أنه يشكل تهديداً للأمن القومي».
وكانت الشبكة حاولت في الأشهر الأخيرة أن تبرهن على أن هويتها وممارساتها ما زالت مرتبطة بشكل متين بالولايات المتحدة.
فقد علقت في بداية يوليو (تموز) نشاطها في هونغ كونغ، بسبب قانون الأمن القومي الجديد الذي وسع صلاحيات الشرطة، خصوصاً فيما يتعلق بالرقابة.
جاء ذلك ضمن توجه اتبعته شبكات التواصل الاجتماعي العاملة انطلاقاً من كاليفورنيا، إذ أعلنت «فيسبوك» و«يوتيوب» (غوغل) و«تويتر» إيقاف تلقي طلبات لتوفير معلومات حول مستخدمين من هونغ كونغ، وذلك احتراماً لحرية التعبير.
لكن ذلك لم يكن كافياً لإقناع الإدارة الأميركية.


مقالات ذات صلة

«إكس» توحّد نظام المراسلة وتدمج الرسائل الخاصة مع «XChat» في تبويب واحد

تكنولوجيا «إكس» تطمح للتحول إلى منصة اتصال شاملة تجمع النشر والمراسلة والخدمات في مكان واحد (إكس)

«إكس» توحّد نظام المراسلة وتدمج الرسائل الخاصة مع «XChat» في تبويب واحد

يتيح النظام الجديد للمستخدمين الوصول إلى محادثاتهم من خلال واجهة موحدة بدلاً من الأقسام المتعددة.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
تكنولوجيا «إكس» تطمح للتحول إلى منصة اتصال شاملة تجمع النشر والمراسلة والخدمات في مكان واحد (إكس)

«إكس» توحّد نظام المراسلة وتدمج الرسائل الخاصة مع «XChat» في تبويب واحد

يتيح النظام الجديد للمستخدمين الوصول إلى محادثاتهم من خلال واجهة موحدة بدلاً من الأقسام المتعددة.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
تكنولوجيا تكامل جديد يعزز الإبداع الذكي (جيمناي)

لأول مرة... «أدوبي» تتيح أدواتها داخل «تشات جي بي تي»

التكامل الجديد يتيح للمستخدم تنفيذ أعمال تحرير الصور وتحسين جودتها عبر الأوامر النصية والقدرة على تحرير ملفات «PDF» ودمجها وإنشاء تصاميم جاهزة لشبكات التواصل.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
تكنولوجيا أستراليا أصبحت أول دولة تحظر دخول الأطفال دون 16 عاماً إلى منصات التواصل الاجتماعي بشكل شامل (شاترستوك)

لأول مرة... أستراليا تحظر وسائل التواصل للأطفال دون 16 عاماً

حظرت أستراليا دخول الأطفال دون 16 عاماً إلى وسائل التواصل ملزمةً المنصات بتقدير أعمار المستخدمين أو مواجهة غرامات ضخمة وسط جدل عالمي حول حماية القُصّر.

نسيم رمضان (لندن)
الولايات المتحدة​ وزير الحرب الأميركي بيت هيغسيث (إ.ب.أ) play-circle

تحقيق للبنتاغون: هيغسيث عرّض الجنود الأميركيين للخطر باستخدامه «سيغنال»

خلص المفتش العام للبنتاغون إلى أن وزير الحرب الأميركي «عرّض الجنود ومهمتهم للخطر» عندما استخدم تطبيق «سيغنال» لنقل معلومات بشأن ضربة عسكرية ضد الحوثيين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

أحمد السقا في مرمى الانتقادات بسبب طريقة دعمه لمحمد صلاح

أحمد السقا خلال فيديو الدعم لمحمد صلاح (فيسبوك)
أحمد السقا خلال فيديو الدعم لمحمد صلاح (فيسبوك)
TT

أحمد السقا في مرمى الانتقادات بسبب طريقة دعمه لمحمد صلاح

أحمد السقا خلال فيديو الدعم لمحمد صلاح (فيسبوك)
أحمد السقا خلال فيديو الدعم لمحمد صلاح (فيسبوك)

تعرض الفنان المصري أحمد السقا لانتقادات على «السوشيال ميديا» عقب مقطع فيديو نشره على صفحاته بمواقع التواصل الاجتماعي، يعلن فيه دعمه لكابتن منتخب مصر، محمد صلاح، في أزمته الحالية مع نادي ليفربول الإنجليزي.

وظهر السقا في الفيديو الذي نشره وهو يتحدث بالعربية تارة، وبالإنجليزية تارة أخرى، وهو يؤكد على المكانة الكبيرة والبطولات الكثيرة التي حققها محمد صلاح مع نادي ليفربول، كما يؤكد على المأمول منه وما ينتظره الجمهور المصري من إنجازات قادمة في بطولة الأمم الأفريقية، وبطولة كأس العالم لكرة القدم، قائلاً له: «أنت فخر العرب بالفعل. اجعل ثقتك بنفسك تزيد ولا تهتز»، كما شدد على دعمه قائلاً له: «يا جبل ما يهزك ريح».

وكان محمد صلاح، لاعب نادي ليفربول الإنجليزي وكابتن المنتخب المصري، قد تعرض لأزمة مع ناديه خلال الأيام الماضية، بعد إدلائه بتصريحات يبدي فيها انزعاجه وغضبه لعدم اللعب مع ناديه ثلاث مباريات، واصفاً شعوره قائلاً: «كأنه تم الرمي بي تحت الحافلة».

واشتعلت «السوشيال ميديا» بتعليقات كثير من الداعمين والمؤيدين له، وسط تكهنات مفتوحة حول إمكانية انتقاله إلى نادٍ آخر، أو التوافق مرة أخرى مع إدارة النادي الإنجليزي ومديره الفني.

محمد صلاح (إنستغرام)

وتصدر اسم أحمد السقا «الترند» على «إكس» بمصر، السبت، عقب نشر الفيديو الداعم لمحمد صلاح، وأعاد نشره أكثر من مستخدم لمواقع التواصل الاجتماعي، للتدليل على ما يمثله الفيديو من دعم يقدمه الفنان للَّاعب، مع وصف بعض التعليقات الفيديو بعبارات مثل: «حركة جدعنة عابرة للقارات»، بينما قال تعليق آخر: «كان الأفضل لو لم يفكر في هذا الأمر»، بينما استدعى آخرون عبارات تاريخية تعليقاً على الفيديو.

وتوالت التعليقات مع انتشار الفيديو بشكل واسع على منصات عدة. وأشار تعليق منسوب للسقا إلى أنه تم حذف الفيديو من على منصات «فيسبوك» و«إنستغرام» دون معرفة سبب ذلك، مؤكداً أنه لم يحذف الفيديو الموجَّه لليفربول.

ووصف الناقد الرياضي والخبير في «السوشيال ميديا» محمد البرمي، الفيديو، بأنه «مُحرِج بعض الشيء»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «لم يفهم التصرف وغايته من الأساس»، مشيراً إلى أن «الطريقة التي ظهر بها أحمد السقا، وطريقة الحديث، ولكنته في الإنجليزية، وتوجيه الرسالة إلى جماهير ليفربول» أثار استغرابه. وأضاف: «يمكن أن تكتب رسالة دعم لصلاح ومحبة، ولكن ما الهدف من الفيديو؟»، وتابع: «منذ البداية توقعت أنه سيتحول إلى (ترند) ساخر؛ لأن كل ما جاء في الفيديو يوحي بذلك فعلاً».

ولفت البرمي إلى أن «كثيراً من النجوم في مصر والمنطقة العربية بحاجة لفهم طبيعة وسائل التواصل الاجتماعي، وكيفية التعامل معها، لأنها تمثل احتكاكاً مباشراً مع الجمهور». وأوضح أن أي محتوى يُنشر يصبح «مادة دسمة» للتفاعل، سواء بالسخرية أو بالتعامل الجاد. وشدد على ضرورة أنه كان يجب على السقا أن يستشير قبل إقدامه على نشر الفيديو بتلك الطريقة، مؤكداً أنه «نجم كبير يجب ألا يضع نفسه في مثل هذا الموقف».


فيلم «في - آي: في الحركة» يفوز بجائزة «الشرق الوثائقية»

يرصد الفيلم الذي يأتي من إخراج جولييت بينوش قصة تعاون فني يجمع بين ممثلة مرموقة وراقص شهير (الشرق الأوسط)
يرصد الفيلم الذي يأتي من إخراج جولييت بينوش قصة تعاون فني يجمع بين ممثلة مرموقة وراقص شهير (الشرق الأوسط)
TT

فيلم «في - آي: في الحركة» يفوز بجائزة «الشرق الوثائقية»

يرصد الفيلم الذي يأتي من إخراج جولييت بينوش قصة تعاون فني يجمع بين ممثلة مرموقة وراقص شهير (الشرق الأوسط)
يرصد الفيلم الذي يأتي من إخراج جولييت بينوش قصة تعاون فني يجمع بين ممثلة مرموقة وراقص شهير (الشرق الأوسط)

فاز فيلم «في - آي: في الحركة» بجائزة «الشرق الوثائقية» لأفضل فيلم وثائقي لعام 2025، وذلك ضمن فعاليات الدورة الخامسة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي». وتأتي الجائزة التي تمنحها «الشرق الوثائقية» للعام الثالث على التوالي، تأكيداً على التزامها بدعم السينما الوثائقية العالمية ذات الرؤى الإبداعية الجديدة.

ويرصد الفيلم، من إخراج جولييت بينوش، قصة تعاون فني يجمع بين ممثلة مرموقة وراقص شهير، إذ يخوضان تجربة مسرحية تجريبية خارج المألوف، تفتح أمامهما مساحات جديدة لاكتشاف الذات من خلال الحركة والأداء والتعبير الفنّي.

المدير العام لـ«الشرق الوثائقية» محمد اليوسي (الشرق الأوسط)

وفي هذا السياق، قال المدير العام لـ«الشرق الوثائقية» و«الشرق ديسكفري»، محمد اليوسي، إنّ الجائزة تعكس التزام «الشرق الوثائقية» بدعم الأعمال التي تتجاوز القوالب التقليدية، وتقدّم تجارب إنسانية صادقة ومؤثرة. وأضاف: «يُمثّل هذا الفيلم نموذجاً للسينما الوثائقية التي تُوازن بين الجرأة الفنية والعمق الإنساني، وهو ما نسعى إلى دعمه وإيصاله إلى جمهور أوسع».

وشهدت نسخة هذا العام منافسة بين 9 أفلام وثائقية على الجائزة، في تجسيد لتنوّع الأصوات والأساليب الإبداعية المشاركة، واستمراراً لدور «الشرق الوثائقية» في دعم صنّاع الأفلام في رحلتهم لإيصال قصصهم إلى جمهور عالمي.

وتأتي مشاركة «الشرق الوثائقية» في «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في إطار سعيها المستمر للتواصل مع صنّاع الأفلام والمنتجين، واستكشاف فرص التعاون في مجالات التكليف والإنتاج المشترك، واقتناء الأعمال الوثائقية التي تعبّر عن قضايا إنسانية وثقافية معاصرة.

الفيلم من إخراج جولييت بينوش ويقدّم تجربة مسرحية تجريبية خارج المألوف (الشرق الأوسط)

وتُعد «الشرق الوثائقية» إحدى منصّات شبكة الشرق التابعة لـ«المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام» (SRMG)، وهي أكبر مجموعة إعلامية متكاملة في المنطقة، وتضم ضمن محفظتها أكثر من 30 علامة إعلامية رائدة.

وتدعم الجائزة التي أطلقتها قناة «الشرق الوثائقية» صنّاع الأفلام الوثائقية الموهوبين في المنطقة وتمكينهم، والاحتفاء بالأعمال غير الروائية التي تعكس الواقع وتتميّز بجودتها البصرية والجمالية.

وكانت الجائزة قد انطلقت ضمن «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي»، إذ فاز فيلم «بنات ألفة» في نسخته الأولى، بمشاركة مجموعة من الأعمال الوثائقية العربية البارزة، في إطار مسعى مستمر لدعم صناعة السينما الوثائقية وإيصال القصص المحلّية إلى جمهور عالمي، إلى جانب تقديم محتوى أصلي وحصري عبر قدرات الإنتاج الداخلية للقناة، في وقت تُواصل فيه شبكة الشرق حصد التقدير الدولي، بما في ذلك جوائز «تيلي» لعام 2025 عن تميّزها في السرد الوثائقي.


قبل «الميغالودون»... وحش بحري حكم القروش العملاقة

وحش بحري حكم القروش العملاقة (أ.ب)
وحش بحري حكم القروش العملاقة (أ.ب)
TT

قبل «الميغالودون»... وحش بحري حكم القروش العملاقة

وحش بحري حكم القروش العملاقة (أ.ب)
وحش بحري حكم القروش العملاقة (أ.ب)

في عصر الديناصورات، وقبل ظهور الحيتان أو أسماك القرش البيضاء الضخمة، أو حتى قرش «الميغالودون» الذي يبلغ حجمه حجم حافلة، كان هناك قرش هائل يجوب المياه قبالة ما يُعرف اليوم بشمال أستراليا، بين وحوش البحار في العصر الطباشيري.

ووفق «أسوشييتد برس»، يقول باحثون يدرسون فقرات ضخمة عُثر عليها على شاطئ قرب مدينة داروين إنّ هذا الكائن يُعد الآن أقدم مفترس عملاق معروف ضمن سلالة أسماك القرش الحديثة، إذ عاش قبل 15 مليون سنة من ظهور أسماك القرش العملاقة التي عُرفت لاحقاً.

وكان هذا القرش ضخماً بالفعل، فقد قُدّر طول سلف القرش الأبيض العظيم المعاصر، الذي يبلغ طوله اليوم نحو 6 أمتار، بنحو 8 أمتار، وفق ما ذكر مؤلّفو ورقة بحثية نُشرت في مجلة «كوميونيكيشنز بيولوجي».

وقال كبير أمناء علم الحفريات الحيوية في المتحف السويدي للتاريخ الطبيعي، وأحد مؤلّفي الدراسة، بنجامين كير: «كانت الكاردابيو دونتيدات أسماك قرش قديمة ومفترسة ضخمة، وكانت شائعة جداً في الجزء المتأخر من العصر الطباشيري، قبل أكثر من 100 مليون سنة». وأضاف: «مع ذلك، يدفع هذا الاكتشاف الإطار الزمني إلى الوراء، إلى النقطة التي نتوقع فيها العثور على أضخم كاردابيو دونتيدات عملاقة على الإطلاق».

وتتمتّع أسماك القرش بتاريخ يمتد إلى 400 مليون سنة، وإنما أسماك «اللامنيفورم»، أسلاف القرش الأبيض العظيم الحالي، لا تظهر في السجل الأحفوري إلا منذ 135 مليون سنة. وفي ذلك الوقت كانت صغيرة الحجم، وربما لم يتجاوز طولها متراً واحداً، ممّا جعل اكتشاف أنها أصبحت عملاقة بالفعل قبل 115 مليون سنة أمراً مُفاجئاً للباحثين.

وقد عُثر على الفقرات على ساحل قرب داروين في أقصى شمال أستراليا، وهي منطقة كانت في الماضي طيناً في قاع محيط قديم امتد من «غوندوانا»، وهي أستراليا حالياً، إلى «لوراسيا»، وهي أوروبا اليوم.

وتُعد هذه المنطقة غنية بالأدلة الأحفورية للحياة البحرية في حقبة ما قبل التاريخ، إذ عُثر فيها حتى الآن على كائنات مثل «بليزوصورات» و«إكثيوصورات» طويلة العنق.

وأوضح كير أنّ الفقرات الخمس، التي دفعت إلى السعي لتقدير حجم أصحابها من أسماك القرش العملاقة، لم تكن اكتشافاً حديثاً، وإنما اكتشاف قديم جرى تجاهله إلى حد ما. فقد استُخرجت هذه الأحفوريات في أواخر ثمانينات القرن الماضي وتسعيناته، وبلغ قياسها 12 سنتيمتراً عرضاً، وظلَّت مُخزّنة في أحد المتاحف لسنوات.

وعند دراسة أسماك القرش القديمة، تُعد الفقرات كنزاً لعلماء الحفريات، فهياكل أسماك القرش مكوَّنة من غضروف لا عظام، ولذلك يتألّف سجلها الأحفوري في الغالب من الأسنان التي تسقطها أسماك القرش طوال حياتها.

وقال كير: «تكمن أهمية الفقرات في أنها تعطينا مؤشرات عن الحجم. وإذا حاولت التقدير بالاعتماد على الأسنان وحدها، يصبح الأمر صعباً. هل الأسنان كبيرة والأجسام صغيرة؟ أم أنها أسنان كبيرة مع أجسام كبيرة؟».

وأضاف أنّ العلماء بات بإمكانهم الآن تمشيط بيئات مماثلة حول العالم بحثاً عن اكتشافات أخرى، قائلاً: «لا بد أنها كانت موجودة من قبل. فهذا الكائن كان له أسلاف».

وأشار كير إلى أنّ دراسة نُظم بيئية قديمة مثل هذه قد تساعد الباحثين على فهم كيفية استجابة الأنواع الحالية للتغيرات البيئية. وقال: «هنا يبدأ عالمنا الحديث. ومن خلال النظر إلى ما حدث خلال التحولات السابقة في المناخ والتنوّع البيولوجي، يمكننا أن نُكوّن تصوّراً أفضل عمّا قد يظهر لاحقاً».