«الوطني الليبي» يحذّر من صدام محتمل مع سفن وطائرات أجنبية

قوات «الوفاق» تجدد تأكيد جاهزيتها لمعركة سرت

قوات موالية لحكومة {الوفاق} تحشد آلياتها استعداداً لمعركة سرت (رويترز)
قوات موالية لحكومة {الوفاق} تحشد آلياتها استعداداً لمعركة سرت (رويترز)
TT

«الوطني الليبي» يحذّر من صدام محتمل مع سفن وطائرات أجنبية

قوات موالية لحكومة {الوفاق} تحشد آلياتها استعداداً لمعركة سرت (رويترز)
قوات موالية لحكومة {الوفاق} تحشد آلياتها استعداداً لمعركة سرت (رويترز)

حذر الجيش الوطني الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، أمس، من «صدام محتمل مع سفن وطائرات أجنبية في أجواء ليبيا ومياهها الإقليمية». ودعا دولها إلى «ضرورة التنسيق المسبق معه». وفي غضون ذلك، جددت قوات حكومة الوفاق الوطني، برئاسة فائز السراج، التأكيد على «جاهزيتها لخوض معركة استعادة السيطرة حول مدينة سرت الاستراتيجية».
ولفتت قيادة «الجيش الوطني» في بيان لها على لسان اللواء أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسمه، «عناية الدول التي تقترب سفنها أو طائراتها من المياه الإقليمية، أو الأجواء الليبية، إلى ضرورة التنسيق مسبقاً للحيلولة دون وقوع تصادم معها». ولم يكشف المسماري في بيانه المقتضب، الذي أصدره في ساعة مبكرة أمس، عن أسماء هذه الدول؛ لكنه أدرج هذا التحذير «إلحاقاً لبلاغات القيادة للجيش»، دون ذكر أي تفاصيل أخرى.
في المقابل، قال العقيد محمد قنونو، المتحدث باسم القوات الموالية لحكومة الوفاق، إنه «أدى صلاة عيد الأضحى مع ضباط غرفة عمليات تأمين وحماية سرت الجفرة بمنطقة بويرات الحسون غرب سرت». وأضاف في إشارة إلى اعتزام قواته مهاجمة المدينة: «قريباً سيكون العيد عيدين».
ونقلت وسائل إعلام محلية، موالية لحكومة الوفاق، عن العميد إبراهيم بيت المال، آمر الغرفة، أن «قواته واثقة من النصر لأنها تدافع عن أرضها، ولأن من تقاتلهم مرتزقة ومتمردون، أتوا إلى مدينة سرت دون شرعية أو قانون». معتبرا أن «بوادر النصر باتت قريبة» على حد تعبيره.
بدوره، أكد العقيد الحسين الشلتات، آمر العمليات الميدانية بالغرفة، أن «قواتها التي توجد في منطقة بويرات الحسون، غرب مدينة سرت، جاهزة لتحرير المدينة ومستعدة للتقدم، وتنفيذ تعليمات السراج، باعتباره القائد الأعلى للجيش الليبي». كما ظهر صلاح بادي، قائد ما يعرف بلواء الصمود، وأحد قادة ميليشيات مدينة مصراتة، المطلوب محلياً ودولياً بتهمة «ارتكاب جرائم حرب»، وهو يتوعد بـ«هزيمة من وصفهم بدول (محور الشر) الداعمة للجيش الوطني، واتهمها دون أن يسميها بـ(التآمر على ليبيا)».
في غضون ذلك، ذكرت تقارير إعلامية أن «قوات الجيش الوطني تبادلت مع قوات الوفاق إطلاق سراح عدد من الأسرى، حيث تم الإفراج عن خالد كعبر، قائد (الكتيبة 411 حرس حدود)، وأربعة من أفرادها، وذلك بعد اعتقالهم نهاية العام الماضي في منطقة تهالة، التابعة لمدينة غات بأقصى الجنوب الغربي لليبيا، قرب الحدود الجزائرية. بينما أفرجت قوات حكومة الوفاق الوطني عن بعض جنود الجيش المعتقلين بمدينة الزاوية، الواقعة على بعد 50 كيلومترا غرب العاصمة طرابلس». كما تم تبادل للأسرى بين الطرفين بمنطقة أبوقرين، جنوب مدينة مصراتة التي تبعد نحو 200 كيلومتر شرق طرابلس.
إلى ذلك، قالت الشركة العامة للكهرباء، التابعة لحكومة الوفاق في العاصمة طرابلس، إن «مسلحين اقتحموا مساء أول من أمس محطة شرق طرابلس، وأجبروا العمال على ترجيع الخطوط المطروحة يدوياً، وفقاً لبرنامج طرح الأحمال. كما أجبروهم على مغادرة المحطة»؛ لكن الشركة عادت بعد ساعة واحدة فقط من إطلاق بيانها المقتضب لتعلن أنه تم بفضل تدخل القوة المشتركة إعادة تشغيل طرح الأحمال اليدوي لهذه المحطة، ورجوع العمل، دون أن تكشف عن هوية المسلحين والجهة التابعين لها. وتعاني العاصمة طرابلس من انقطاع يومي للكهرباء، تحول مؤخراً إلى كابوس بالنسبة لسكان المدينة، حيث يصل العجز إلى 2500 ميغاوات يومياً، بينما لا يتخطى الإنتاج الحالي 5 آلاف ميغاوات يومياً.
وفي هذا السياق، قال أحد سكان العاصمة أمس لـ«الشرق الأوسط» إن معدل انقطاع الكهرباء «تضاعفت وتيرته بشكل غير مسبوق، حيث انقطع التيار الكهربائي على مدى ساعات اليوم تقريباً خلال الأيام الثلاثة الماضية».
وتسببت المعارك التي شهدتها المدينة على مدى السنوات الماضية في دمار هائل لمحطات التحويل، وأبراج نقل الكهرباء ومخازن معدات وقطع غيار شركة الكهرباء الحكومية. وبينما بلغت الخسائر المالية لقطاع الكهرباء خلال السنوات الست الماضية 1.5 مليار دولار، تخطت خسائر الشبكة الكهربائية جنوب طرابلس 100 مليون دولار.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.