النفط يتماسك وسط رياح معاكسة

خسائر الشركات الكبرى تتواصل

واصلت شركات النفط الكبرى إعلان خسائرها الفصلية... وكان من أحدثها أمس «شيفرون» و«إكسون موبيل» (رويترز)
واصلت شركات النفط الكبرى إعلان خسائرها الفصلية... وكان من أحدثها أمس «شيفرون» و«إكسون موبيل» (رويترز)
TT

النفط يتماسك وسط رياح معاكسة

واصلت شركات النفط الكبرى إعلان خسائرها الفصلية... وكان من أحدثها أمس «شيفرون» و«إكسون موبيل» (رويترز)
واصلت شركات النفط الكبرى إعلان خسائرها الفصلية... وكان من أحدثها أمس «شيفرون» و«إكسون موبيل» (رويترز)

ارتفعت أسعار النفط أمس (الجمعة)، بعد أن لامست أدنى مستوى في ثلاثة أسابيع في الجلسة السابقة، في استجابةٍ لتراجع قياسي في النمو الأميركي، إذ يعصف فيروس «كورونا» بأكبر اقتصاد ومستهلك للنفط في العالم.
وارتفع خام برنت 41 سنتاً أو ما يعادل 1% إلى 43.35 دولار للبرميل بحلول الساعة 07:02 بتوقيت غرينتش. والخميس، أغلق برنت منخفضاً 1.9% بعد أن لامس أدنى مستوياته منذ العاشر من يوليو (تموز). وربح الخام الأميركي 43 سنتاً أو ما يعادل 1.1% إلى 40.35 دولار بعد أن انخفض 3.3% في الجلسة السابقة، ليرتفع عن مستويات متدنية لم يشهدها منذ العاشر من يوليو.
ويمضي برنت على مسار تحقيق مكاسب للشهر الرابع، بينما يتجه الخام الأميركي صوب المكسب الشهري الثالث، وارتفع الخامان القياسيان من مستويات متدنية بلغاها في أبريل (نيسان) حين كان معظم العالم في إجراءات عزل عام.
لكن زيادة الإصابات مجدداً وانتشارها في أنحاء العالم تبرز التهديد المستمر للطلب على النفط. وتعتزم منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاؤها زيادة الإنتاج اعتباراً من اليوم (السبت)، مضيفين نحو 1.5 مليون برميل يومياً إلى الإمدادات العالمية.
وعالمياً، سادت القتامة توقعات الاقتصاد، إذ تثير زيادة الإصابات بفيروس «كورونا» خطر تجدد إجراءات العزل العام وتهدد أي انتعاش، حسب استطلاع أجرته «رويترز» شمل ما يزيد على 500 خبير اقتصادي.
ويتزامن الغموض في الأسواق مع نتائج فصلية سيئة لأغلب شركات النفط الكبرى. وأعلنت شركة «شيفرون» الأميركية أمس، عن خسائر صافية قدرها 8.3 مليار دولار في الربع الثاني، والتي تتضمن احتساب كل أصولها في فنزويلا على أنها «أصول تالفة» بقيمة 2.6 مليار دولار.
كما قالت مصادر مطلعة لـ«رويترز» مساء الخميس، إن «إكسون موبيل» تستعد لإجراء تخفيضات عميقة على الإنفاق والوظائف، إذ تبذل الشركة قصارى جهدها لصيانة توزيعات أرباح على المساهمين تبلغ 8%، بينما تلوح في الأفق خسارة بمليارات الدولارات.
ومن غير الواضح كيف ستُجري الشركة تلك التخفيضات الكثيفة. وكانت أكبر شركة نفط أميركية قد قلّصت ميزانية العام الحالي 30% في أبريل، لكن خطط رئيسها التنفيذي دارين وودز للنهوض بالشركة عن طريق انتعاش الطلب وبيع مزيد من الأصول لم تؤتِ ثمارها بعد.
ووفقاً لبيانات «رفينيتيف أيكون»، فإن خسارة «إكسون» تبلغ نحو 2.63 مليار دولار في الربع الثاني من السنة، بفعل انخفاض حاد في الأسعار وتراجع الإنتاج. وهذه هي المرة الأولى التي تتكبد فيها الشركة خسائر لربعين متتاليين خلال 36 عاماً على الأقل.
وسهم «إكسون» منخفض 35% منذ بداية العام في ظل جائحة فيروس «كورونا» التي تعصف بالطلب على الوقود. وقالت المصادر إن خفض التكلفة ضروري لصيانة توزيعات سنوية بنحو 15 مليار دولار لمساهمي الشركة في ظل تنامي الخسائر. ويقول المحللون إن «إكسون» ستحقق سيولة كافية من عمليات الإنتاج لتغطية توزيعات العام الحالي. واقترضت الشركة 18 مليار دولار في وقت سابق من السنة لتدعيم السيولة لديها. ويقول الرئيس التنفيذي وودز، إن الطلب على النفط والغاز الطبيعي والبتروكيماويات سينتعش عقب انهيار غير مسبوق بسبب تراجع الاستهلاك العالمي بمقدار الثلث وتهاوي أسعار النفط الأميركية لما دون الصفر في أبريل. وقلص منافسون مثل «بي بي» و«رويال داتش شل» و«توتال» قيمة أصولهم من النفط والغاز بما يصل إلى 45 مليار دولار.
وقال كيسي نورتون المتحدث باسم «إكسون»، إنه لا توجد خطط لتسريح العمالة بسبب الجائحة ولا مستهدفات لتقليص قوة العمل بنسبة معينة من خلال مراجعات أداء الموظفين هذا العام. وتابع: «نراقب أوضاع السوق باستمرار، ومحفظتنا العميقة من المرونة بما يسمح لنا بتعديل خططنا».
من جهة أخرى، ذكرت صحيفة «كوميرسانت» الروسية اليومية، أمس، أن «روسنفت»، أكبر شركة روسية منتجة للنفط، ستخفض رواتب العاملين في مقرها المركزي بواقع الربع عقب قرار بتقليص ساعات العمل بسبب تبعات فيروس «كورونا». ونقلت الصحيفة عن مصادر لم تسمِّها أن التخفيضات ستُطبق اعتباراً من أول أكتوبر (تشرين الأول)، حين يجري خفض ساعات العمل إلى ست ساعات يومياً.
كانت «روسنفت» قد قالت في وقت سابق من الأسبوع الجاري إن ساعات العمل لن تُخفض للعاملين في الإنتاج، بينما لا يزال 84% من موظفيها في المقر المركزي يعملون من المنزل كإجراء لمكافحة الفيروس.
وتعتقد الصحيفة أن إجراء خفض الرواتب سيسمح للشركة بخفض التكاليف بما يتراوح بين أربعة مليارات وخمسة مليارات روبل سنوياً (54.7 مليون دولار - 68.4 مليون دولار). ولم ترد «روسنفت» بعد على طلب للتعقيب.


مقالات ذات صلة

تراجع تدفقات رأس المال إلى الأسواق الناشئة... والصين الأكبر تضرراً

الاقتصاد امرأة على دراجتها الهوائية أمام «بورصة بكين»... (رويترز)

تراجع تدفقات رأس المال إلى الأسواق الناشئة... والصين الأكبر تضرراً

من المتوقع أن يشهد النمو العالمي تباطؤاً في عام 2025، في حين سيتجه المستثمرون الأجانب إلى تقليص حجم الأموال التي يوجهونها إلى الأسواق الناشئة.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد برج المقر الرئيس لبنك التسويات الدولية في بازل (رويترز)

بنك التسويات الدولية يحذر من تهديد الديون الحكومية للأسواق المالية

حذّر بنك التسويات الدولية من أن تهديد الزيادة المستمرة في إمدادات الديون الحكومية قد يؤدي إلى اضطرابات بالأسواق المالية

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد متداولون في كوريا الجنوبية يعملون أمام شاشات الكومبيوتر في بنك هانا في سيول (وكالة حماية البيئة)

الأسواق الآسيوية تنخفض في ظل قلق سياسي عالمي

انخفضت الأسهم في آسيا في الغالب يوم الاثنين، مع انخفاض المؤشر الرئيسي في كوريا الجنوبية بنسبة 2.3 في المائة.

«الشرق الأوسط» (هونغ كونغ )
الاقتصاد لافتة إلكترونية وملصق يعرضان الدين القومي الأميركي الحالي للفرد بالدولار في واشنطن (رويترز)

غوتيريش يعيّن مجموعة من الخبراء لوضع حلول لأزمة الديون

عيّن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مجموعة من الخبراء البارزين لإيجاد حلول لأزمة الديون المتفاقمة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد الاجتماع السنوي الرابع والخمسون للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس (رويترز)

المنتدى الاقتصادي العالمي: قادة الأعمال يخشون من الركود وارتفاع التضخم

أظهر استطلاع للرأي أجراه المنتدى الاقتصادي العالمي يوم الخميس أن قادة الأعمال على مستوى العالم يشعرون بالقلق من مخاطر الركود ونقص العمالة وارتفاع التضخم.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الاقتصاد البريطاني ينكمش بشكل غير متوقع بـ0.1 % في أكتوبر

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
TT

الاقتصاد البريطاني ينكمش بشكل غير متوقع بـ0.1 % في أكتوبر

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)

انكمش الاقتصاد البريطاني بنسبة 0.1 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول)، في الفترة التي سبقت أول موازنة للحكومة الجديدة، وهو أول انخفاض متتالٍ في الناتج منذ بداية جائحة «كوفيد - 19»، مما يؤكد حجم التحدي الذي يواجهه حزب العمال لتحفيز الاقتصاد على النمو.

فقد أظهرت أرقام مكتب الإحصاء الوطني أن الانخفاض غير المتوقع في الناتج المحلي الإجمالي كان مدفوعاً بتراجعات في البناء والإنتاج، في حين ظلَّ قطاع الخدمات المهيمن راكداً.

وكان خبراء الاقتصاد الذين استطلعت «رويترز» آراءهم يتوقَّعون نمو الاقتصاد بنسبة 0.1 في المائة. ويأتي ذلك بعد انخفاض بنسبة 0.1 في المائة في سبتمبر (أيلول) ونمو بطيء بنسبة 0.1 في المائة في الرُّبع الثالث من العام، وفقاً لأرقام الشهر الماضي.

وقال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الأسبوع الماضي، إن «هدف الحكومة هو جعل المملكة المتحدة أسرع اقتصاد نمواً بين دول مجموعة السبع، مع التعهد بتحقيق دخل حقيقي أعلى للأسر بحلول عام 2029».

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (إ.ب.أ)

لكن مجموعة من الشركات قالت إنها تخطِّط لإبطاء الإنفاق والتوظيف بعد موازنة حزب العمال في أكتوبر، التي تضمَّنت زيادات ضريبية بقيمة 40 مليار جنيه إسترليني.

وقال خبراء اقتصاديون إن الانكماش الشهري الثاني على التوالي في الناتج المحلي الإجمالي يعني أن الاقتصاد نما لمدة شهر واحد فقط من الأشهر الخمسة حتى أكتوبر، وقد يعني ذلك أن الاقتصاد انكمش في الرُّبع الرابع ككل.

وقالت وزيرة الخزانة راشيل ريفز، إن الأرقام «مخيبة للآمال»، لكنها أصرَّت على أن حزب العمال يعيد الاقتصاد إلى مساره الصحيح للنمو.

أضافت: «في حين أن الأرقام هذا الشهر مخيبة للآمال، فقد وضعنا سياسات لتحقيق النمو الاقتصادي على المدى الطويل، ونحن عازمون على تحقيق النمو الاقتصادي؛ لأنَّ النمو الأعلى يعني زيادة مستويات المعيشة للجميع في كل مكان».

واشتكت مجموعات الأعمال من أن التدابير المعلنة في الموازنة، بما في ذلك زيادة مساهمات التأمين الوطني لأصحاب العمل، تزيد من تكاليفها وتثبط الاستثمار.

وانخفض الناتج الإنتاجي بنسبة 0.6 في المائة في أكتوبر؛ بسبب الانخفاض في التصنيع والتعدين والمحاجر، في حين انخفض البناء بنسبة 0.4 في المائة.

وقالت مديرة الإحصاءات الاقتصادية في مكتب الإحصاءات الوطنية، ليز ماكيون: «انكمش الاقتصاد قليلاً في أكتوبر، حيث لم تظهر الخدمات أي نمو بشكل عام، وانخفض الإنتاج والبناء على حد سواء. شهدت قطاعات استخراج النفط والغاز والحانات والمطاعم والتجزئة أشهراً ضعيفة، وتم تعويض ذلك جزئياً بالنمو في شركات الاتصالات والخدمات اللوجيستية والشركات القانونية».

وقال كبير خبراء الاقتصاد في المملكة المتحدة لدى «كابيتال إيكونوميكس»، بول ديلز، إنه «من الصعب تحديد مقدار الانخفاض المؤقت، حيث تم تعليق النشاط قبل الموازنة».

وأضاف مستشهداً ببيانات مؤشر مديري المشتريات الضعيفة: «الخطر الواضح هو إلغاء أو تأجيل مزيد من النشاط بعد الميزانية... هناك كل فرصة لتراجع الاقتصاد في الرُّبع الرابع ككل».

وأظهرت الأرقام، الأسبوع الماضي، أن النمو في قطاع الخدمات المهيمن في المملكة المتحدة تباطأ إلى أدنى معدل له في أكثر من عام في نوفمبر (تشرين الثاني)؛ حيث استوعبت الشركات زيادات ضريبة الأعمال في الموازنة.

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)

وسجَّل مؤشر مديري المشتريات للخدمات في المملكة المتحدة الذي يراقبه من كثب «ستاندرد آند بورز غلوبال» 50.8 نقطة في نوفمبر، بانخفاض من 52.0 نقطة في أكتوبر.

وفي الشهر الماضي، خفَض «بنك إنجلترا» توقعاته للنمو السنوي لعام 2024 إلى 1 في المائة من 1.25 في المائة، لكنه توقَّع نمواً أقوى في عام 2025 بنسبة 1.5 في المائة، مما يعكس دفعة قصيرة الأجل للاقتصاد من خطط موازنة الإنفاق الكبير لريفز.