طقوس الأضحية تعيد «بهجة العيد» إلى شوارع مصر

مسيرة شبابية بالدراجات... وتشديدات أمنية بكورنيش النيل

بعض الشباب في مسيرة للدراجات صباح أول أيام العيد
بعض الشباب في مسيرة للدراجات صباح أول أيام العيد
TT

طقوس الأضحية تعيد «بهجة العيد» إلى شوارع مصر

بعض الشباب في مسيرة للدراجات صباح أول أيام العيد
بعض الشباب في مسيرة للدراجات صباح أول أيام العيد

رغم استمرار إغلاق الحدائق والشواطئ والمتنزهات العامة كإجراء احترازي للحد من انتشار فيروس كورونا، فإن خصوصية طقوس عيد الأضحى المبارك استطاعت أن تعيد بعضاً من مظاهر بهجة العيد إلى الشوارع المصرية.
ومنذ الساعات الأولى من صباح أمس، وبعد انقضاء موعد صلاة العيد، التي لم يسمح للمصريين بأدائها في الساحات أو المساجد، بسبب إجراءات الحد من الفيروس، تجمعت الأسر المصرية في القرى وفي شوارع المناطق الشعبية، لذبح الأضاحي، سواء في شوادر أعدت خصيصاً لهذا الطقس الاحتفالي الذي يعتبره المصريون «أهم» مظاهر العيد، أو أمام منازلهم.
«لا عيد أضحى بلا أضحية»، على حد تعبير أم محمود، السيدة الستينية القاطنة في أحد ضواحي القاهرة، والتي أكدت لـ«الشرق الأوسط»، أن «العيد لن يكون عيداً إلا بتجمع أفراد أسرتها لمشاهدة طقوس ذبح الأضحية»، حيث يسهر الجميع طوال الليل، ويلعب الأطفال مع الأضحية، وفي الصبح يحضر الجزار لذبحها، وتوزيعها.
ورغم قرار حظر الذبح في الشوارع، ومنع إقامة شوادر لذبح الأضاحي بها، وفرض غرامة تصل إلى خمسة آلاف جنيه على المخالفين، فإن هذا لم يمنع المصريين من إنشائها بالمخالفة القانون؛ مما عرّض بعضهم للغرامات، فعلى سبيل المثال تم تحرير محاضر لستة جزارين بمحافظة الشرقية وتغريمهم 5 آلاف جنيه لكل واحد، لمخالفتهم قرار حظر الذبح بالشوارع، كما تغريم غيرهم في الإسكندرية، ومحافظات عدة، وواصلت الأجهزة الأمنية حملاتها في جميع مناطق مصر لضبط المخالفين، بحسب البيانات الرسمية.
ويرفض عبد الله سعيد، الشاب الثلاثيني، ذبح الأضحية في المجازر المخصصة لذلك رغم توفيرها مجاناً، ويقول لـ«الشرق الأوسط»، إن «ذبح الأضحية هو فرحة العيد، فلا تكتمل إلا بتجمع صغار وكبار الأسرة لمشاهدة طقوس الذبح وتوزيع اللحوم بين أهالي منطقتنا، ومن بعدها تناول الفتة»، حيث تعتبر الزيارات العائلية، وتجمع الأسرة حول «صينية الفتة»، «أهم طقوس العيد»؛ لذا يطلق المصريون على «الأضحى» «عيد اللحمة».
وكالعادة شغلت الأضاحي عدداً كبيراً من الناس في أول أيام العيد، بينما بدت الشوارع شبه خالية من المارة ومن مظاهر العيد، وساد الهدوء كورنيش النيل في القاهرة، والشوارع الرئيسية في وسط البلد، وبدت خالية إلا من أعداد قليلة من المحتفلين، وسط انتشار أمني مكثف، حيث تم وضع حواجز حديدية على طول الكورنيش وكوبري قصر النيل، لمنع انتظار السيارات، وكان اليومان الماضيان السابقان للعيد قد شهدا إقبالاً من المصريين على المراكز التجارية والمطاعم والكافيتريات التي سمحت الحكومة بفتحها بشروط للحد من انتشار «كورونا».
وحاولت مجموعة من الشباب الاحتفال بالعيد على طريقتهم عبر مسيرة للدراجات طافت شوارع الزمالك والمهندسين في الصباح الباكر، في الوقت الذي استمر فيه إغلاق الشواطئ في المحافظات الساحلية مثل الإسكندرية، وإن كانت بعض الأسر قد خططت لقضاء العيد في الساحل الشمالي أو غيره من المناطق الساحلية، مثل رنا محمد، مهندسة ثلاثينية، وأم لطفلين، حيث خططت أن تقضي العيد مع أسرتها في الغردقة، وقالت لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعتزم السفر اليوم؛ لأن اليوم الأول للعيد عادة ما يضيع في طقوس الأضحية، والزيارات العائلية».



عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
TT

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

قال المخرج العراقي عُدي رشيد المتوج فيلمه «أناشيد آدم» بجائزة «اليسر» لأفضل سيناريو من مهرجان «البحر الأحمر» إن الأفلام تعكس كثيراً من ذواتنا، فتلامس بصدقها الآخرين، مؤكداً في حواره مع «الشرق الأوسط» أن الفيلم يروي جانباً من طفولته، وأن فكرة توقف الزمن التي طرحها عبر أحداثه هي فكرة سومرية بامتياز، قائلاً إنه «يشعر بالامتنان لمهرجان البحر الأحمر الذي دعم الفيلم في البداية، ومن ثَمّ اختاره ليشارك بالمسابقة، وهو تقدير أسعده كثيراً، وجاء فوز الفيلم بجائزة السيناريو ليتوج كل ذلك، لافتاً إلى أنه يكتب أفلامه لأنه لم يقرأ سيناريو كتبه غيره يستفزه مخرجاً».

بوستر الفيلم يتصدره الصبي آدم (الشركة المنتجة)

ويُعدّ الفيلم إنتاجاً مشتركاً بين كل من العراق وهولندا والسعودية، وهو من بطولة عدد كبير من الممثلين العراقيين من بينهم، عزام أحمد علي، وعبد الجبار حسن، وآلاء نجم، وعلي الكرخي، وأسامة عزام.

تنطلق أحداث فيلم «أناشيد آدم» عام 1946 حين يموت الجد، وفي ظل أوامر الأب الصارمة، يُجبر الصبي «آدم» شقيقه الأصغر «علي» لحضور غُسل جثمان جدهما، حيث تؤثر رؤية الجثة بشكل عميق على «آدم» الذي يقول إنه لا يريد أن يكبر، ومنذ تلك اللحظة يتوقف «آدم» عن التّقدم في السن ويقف عند 12 عاماً، بينما يكبر كل من حوله، ويُشيع أهل القرية أن لعنة قد حلت على الصبي، لكن «إيمان» ابنة عمه، وصديق «آدم» المقرب «انكي» يريان وحدهما أن «آدم» يحظى بنعمة كبيرة؛ إذ حافظ على نقاء الطفل وبراءته داخله، ويتحوّل هذا الصبي إلى شاهدٍ على المتغيرات التي وقعت في العراق؛ إذ إن الفيلم يرصد 8 عقود من الزمان صاخبة بالأحداث والوقائع.

وقال المخرج عُدي رشيد إن فوز الفيلم بجائزة السيناريو مثّل له فرحة كبيرة، كما أن اختياره لمسابقة «البحر الأحمر» في حد ذاته تقدير يعتز به، يضاف إلى تقديره لدعم «صندوق البحر الأحمر» للفيلم، ولولا ذلك ما استكمل العمل، معبراً عن سعادته باستضافة مدينة جدة التاريخية القديمة للمهرجان.

يطرح الفيلم فكرة خيالية عن «توقف الزمن»، وعن جذور هذه الفكرة يقول رشيد إنها رافدية سومرية بامتياز، ولا تخلو من تأثير فرعوني، مضيفاً أن الفيلم بمنزلة «بحث شخصي منه ما بين طفولته وهو ينظر إلى أبيه، ثم وهو كبير ينظر إلى ابنته، متسائلاً: أين تكمن الحقيقة؟».

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

ويعترف المخرج العراقي بأن سنوات طفولة البطل تلامس سنوات طفولته الشخصية، وأنه عرف صدمة الموت مثله، حسبما يروي: «كان عمري 9 سنوات حين توفي جدي الذي كنت مقرباً منه ومتعلقاً به ونعيش في منزل واحد، وحين رحل بقي ليلة كاملة في فراشه، وبقيت بجواره، وكأنه في حالة نوم عميق، وكانت هذه أول علاقة مباشرة لي مع الموت»، مشيراً إلى أن «الأفلام تعكس قدراً من ذواتنا، فيصل صدقها إلى الآخرين ليشعروا بها ويتفاعلوا معها».

اعتاد رشيد على أن يكتب أفلامه، ويبرّر تمسكه بذلك قائلاً: «لأنني لم أقرأ نصاً كتبه غيري يستفز المخرج داخلي، ربما أكون لست محظوظاً رغم انفتاحي على ذلك».

يبحث عُدي رشيد عند اختيار أبطاله عن الموهبة أولاً مثلما يقول: «أستكشف بعدها مدى استعداد الممثل لفهم ما يجب أن يفعله، وقدر صدقه مع نفسه، أيضاً وجود كيمياء بيني وبينه وقدر من التواصل والتفاهم»، ويضرب المثل بعزام الذي يؤدي شخصية «آدم» بإتقان لافت: «حين التقيته بدأنا نتدرب وندرس ونحكي عبر حوارات عدة، حتى قبل التصوير بدقائق كنت أُغير من حوار الفيلم؛ لأن هناك أفكاراً تطرأ فجأة قد يوحي بها المكان».

صُوّر الفيلم في 36 يوماً بغرب العراق بعد تحضيرٍ استمر نحو عام، واختار المخرج تصويره في محافظة الأنبار وضواحي مدينة هيت التي يخترقها نهر الفرات، بعدما تأكد من تفَهم أهلها لفكرة التصوير.

لقطة من الفيلم (الشركة المنتجة)

وأخرج رشيد فيلمه الروائي الطويل الأول «غير صالح»، وكان أول فيلم يجري تصويره خلال الاحتلال الأميركي للعراق، ومن ثَمّ فيلم «كرنتينة» عام 2010، وقد هاجر بعدها للولايات المتحدة الأميركية.

يُتابع عُدي رشيد السينما العراقية ويرى أنها تقطع خطوات جيدة ومواهب لافتة وتستعيد مكانتها، وأن أفلاماً مهمة تنطلق منها، لكن المشكلة كما يقول في عزوف الجمهور عن ارتياد السينما مكتفياً بالتلفزيون، وهي مشكلة كبيرة، مؤكداً أنه «يبحث عن الجهة التي يمكن أن تتبناه توزيعياً ليعرض فيلمه في بلاده».