دياب يفرّط في الدعم الفرنسي والأوروبيون يشكون انقلابه على قراراته

دياب يفرّط في الدعم الفرنسي والأوروبيون يشكون انقلابه على قراراته
TT

دياب يفرّط في الدعم الفرنسي والأوروبيون يشكون انقلابه على قراراته

دياب يفرّط في الدعم الفرنسي والأوروبيون يشكون انقلابه على قراراته

قال مصدر أوروبي رفيع في بيروت إن رئيس الحكومة حسان دياب أخطأ في تعاطيه مع وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان، باتهامه بأن لديه «معلومات منقوصة» حول الإصلاحات التي أنجزتها حكومته وكان الأفضل له احتضان الموقف الفرنسي الداعم للبنان لوقف الانهيار المالي والاقتصادي، وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن التحذيرات التي أطلقها في لقاءاته مع أركان الدولة لمنع الانزلاق نحو الهاوية جاءت في محلها وتعبّر عن واقع الحال الذي وصل إليه البلد، وهذا باعتراف الموالاة قبل المعارضة.
وكشف المصدر الأوروبي، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، أنه يجهل الأسباب الكامنة وراء الأجواء السلبية التي سادت لقاء لودريان مع دياب، وسأل: ما مصلحة الأخير في التفريط بالدور الذي تلعبه باريس لإنقاذ لبنان، خصوصاً أنها نجحت في إقناع دول الاتحاد الأوروبي بضرورة إعطاء فرصة لهذه الحكومة قد تكون الأخيرة لإنقاذ لبنان، مع أنها تأخذ على هذه الحكومة كغيرها من الحكومات السابقة عدم التزامها بما ورد في البيانات الوزارية بسياسة النأي بالنفس وتحييد لبنان عن الحروب الدائرة في المنطقة.
وأكد المصدر نفسه أن باريس لم تترك مناسبة إلا وتواصلت فيها مع الدول العربية القادرة، متمنّية عليها الوقوف إلى جانب لبنان ومساعدته للنهوض من أزماته المالية والاقتصادية، خصوصاً أن هذه الدول شاركت في مؤتمر «سيدر» ومن حقها التريُّث في مساعدة لبنان لانحيازه إلى جانب «محور الممانعة» الذي تتزعّمه إيران بدلاً من التزامه الحياد. ورأى أن باريس سعت إلى التمايز في موقفها عن الولايات المتحدة واستمرت في مساعيها لتشكيل لوبي أوروبي لإعطاء فرصة للحكومة علّها تستجيب لدفتر الشروط للتفاوض مع صندوق النقد الدولي لكنها أغرقت نفسها في متاهات حالت دون الدخول في مفاوضات جدية، وهذا ما أزعج لودريان الذي لم يُخفِ توجيهه انتقادات قاسية للحكومة.
وقال المصدر الأوروبي إن لودريان فوجئ بهذا الكم من الحضور الوزاري والاستشاري الذي شارك في اللقاء الذي عُقد مع دياب بدلاً من أن يستبقه بخلوة ثنائية، وأشار إلى أن السفير الفرنسي برنار فوشيه في بيروت أُصيب بخيبة أمل وفوجئ برد فعل رئيس الحكومة الذي لم يكن مضطراً إلى التفريط بالدور المميز لباريس من جهة وبتوجيه صفعة إلى فوشيه رغم الدور الذي قام به الأخير لتزخيم التواصل الإيجابي بين بيروت وباريس.
وتوقف المصدر الأوروبي أمام الانتفاضة التي قام بها دياب برفضه المحاصصة في التعيينات وبعدم موافقته على إنشاء معمل لتوليد الكهرباء في سلعاتا وإدراجه كأولوية في الخطة لإعادة تأهيل القطاع، وقال: «تعاملنا بإيجابية مع موقفه لكنه سرعان ما انقلب على ما التزم به أمام مجلس الوزراء وانصاع لطلب جبران باسيل، وهذا ما شكّل انتكاسة لدول الاتحاد الأوروبي».
وأضاف أن دياب يحرص على أن يشارك أحد أبرز مستشاريه في الاجتماعات التي يعقدها بناءً على طلبه، خصوصاً أنه يبادر إلى التحدث في مستهل معظم هذه الاجتماعات، ما يؤدي إلى اقتصار معظمها على تبادل الآراء من دون الدخول في صلب الموضوع الذي استدعى مثل هذه اللقاءات بإصرار من دياب.
واعتبر أن واحدة من المشكلات لدى دياب تكمن في تقلّبه في مواقفه، وهذا ما تبيّن من خلال هجومه على السفيرة الأميركية دوروثي شيا، قبل أن يتصالح معها ويدعوها لتناول الغداء إلى مائدته، وقال إن هذا الأمر انسحب على اجتماعه مع لودريان الذي تخلله اشتباك سياسي قبل أن يعاود دياب إلى تطويقه بقوله أمام طاقم السفارة الفرنسية الذي استقبله في غياب فوشيه إن لقاءه لودريان يأتي في سياق تعميق العلاقات بين البلدين.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم