عدن المتفائلة تنتظر محافظها بملف مثقل بالخدمات والقضايا

صورة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في لوحة بأحد شوارع عدن كما بدا في نوفمبر الماضي (أ.ف.ب)
صورة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في لوحة بأحد شوارع عدن كما بدا في نوفمبر الماضي (أ.ف.ب)
TT

عدن المتفائلة تنتظر محافظها بملف مثقل بالخدمات والقضايا

صورة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في لوحة بأحد شوارع عدن كما بدا في نوفمبر الماضي (أ.ف.ب)
صورة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في لوحة بأحد شوارع عدن كما بدا في نوفمبر الماضي (أ.ف.ب)

خلعت مدينة عدن العاصمة المؤقتة لليمن معطف القلق، من تمدد المواجهات الدائرة في محافظة أبين المجاورة بين القوات الحكومية وقوات المجلس الانتقالي إليها، إذ أفاقت الأربعاء الماضي على أصداء الاتفاق الذي أبرم بين الطرفين في الرياض برعاية سعودية، والذي تم بموجبه إلغاء الإدارة الذاتية، والاتفاق على تشكيل حكومة جديدة، وخروج القوات من المدينة؛ لكنها في الوقت نفسه تنتظر محافظها الجديد بملف مثقل بالخدمات والقضايا الأمنية. فمنذ أعلن المجلس الانتقالي الإدارة الذاتية قبل ثلاثة أشهر، أعادت هذه الخطوة أجواء المواجهات المسلحة التي شهدتها المدينة في أغسطس آب) الماضي، بين القوات الحكومية وقوات المجلس الانتقالي.
ومع انتقال المواجهات إلى محافظة أبين المجاورة؛ حيث كانت القوات الحكومية تريد التقدم نحو مدينة عدن لاستعادتها، زادت الخشية من المجهول؛ خصوصاً أن خطوة إعلان الإدارة الذاتية أتبعت بقرار تحويل كافة الموارد إلى حساب خاص خارج البنك المركزي، ومن ثم احتجاز حاويات أموال كانت في طريقها إلى البنك المركزي، وما ترتب على ذلك من تعذر صرف رواتب الموظفين مدنيين وعسكريين. ويقول عمر سالم، وهو موظف حكومي، لـ«الشرق الأوسط»: «إن تنامي الصراع السياسي بين الطرفين وامتداده إلى محافظات جنوبية أخرى، أثار كثيراً من المخاوف بإفرازاته التي اختلطت فيها التوجهات السياسية مع الانتماءات الجهوية، ولهذا كان اتفاق الرياض) أمل الناس في استعادة أجواء الاستقرار، وتجاوز هذه المخاوف التي تذكر سكان عدن بدورات القتال التي شهدتها خلال فترات زمنية متقطعة».
ومع أن المدينة تعاني من تردي خدمات الكهرباء؛ حيث تصل ساعات الإطفاء إلى 18 ساعة في اليوم الواحد، ومن ارتفاع شديد في درجة الحرارة والرطوبة، وفي أسعار السلع، فإن شوارعها ومراكز التسوق ازدحمت بالمتسوقين الراغبين في شراء احتياجات عيد الأضحى المبارك، وهم يأملون أن يؤدي القبول بآلية تسريع تنفيذ اتفاق الرياض إلى إغلاق ملف المناكفات السياسية، والعمل من أجل تحسين الخدمات، وفق ما تؤكده منال، وهي ربة منزل كانت تشتري ملابس لأطفالها في سوق الطويل الشهيرة بمديرية صيرة، إذ قالت: «تعبنا صراعات، نريد استقراراً وكهرباء وخدمات».
وعلى خلاف الوضع في مناطق سيطرة الميليشيات؛ حيث يعاني السكان للشهر الثاني من أزمة خانقة في المشتقات النفطية، ومن الجبايات والقمع، فإن سكان العاصمة المؤقتة أبدوا تفاؤلاً بتعيين حامد لملس محافظاً جديداً للمحافظة، واعتبروا أن استقرار الأوضاع في العاصمة سينعكس إيجاباً على بقية المحافظات. وأشار سكان في المدينة تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» إلى أن ذلك سيساعد على تحسين الخدمات، بالذات في قطاع الكهرباء والمياه وقطاع النظافة؛ حيث تعاني المدينة عجزاً واضحاً في مياه الشرب إلى جانب الكهرباء والخدمات الطبية، ومن تآكل طبقة الإسفلت عن كثير من شوارعها. وفي كل تجمع لسكان عدن ستجد الشكوى موحدة من سوء خدمة الكهرباء والمياه، ومن عملية البسط على الأراضي الخاصة والعامة على حد سواء، وهي الممارسات التي طالت أيضاً مساحات مخصصة لمعالجة مياه الصرف الصحي، وأخرى طالت محيط حقول آبار المياه التي تزود المدينة بمياه الشرب.
وتفرض هذه القضايا إلى جانب القضايا الأمنية والسياسية تحديات كبيرة على المحافظ الجديد، الذي سبق له أن تولى مسؤولية إدارة مديرية المنصورة، ومن ثم مديرية خور مكسر، قبل أن يتولى قيادة محافظة شبوة. ويقول محمود عبد الله، وهو أحد سكان المدينة: «إن أولى المهام التي ينبغي للمحافظ العمل عليها هي تحسين خدمات الكهرباء والمياه واستقرارها، ومنع المظاهر المسلحة في المدينة، وتفعيل خدمات النظافة، ومعالجة ملف الصرف الصحي؛ لأن موضوع غلاء الأسعار وإخراج المعسكرات وانهيار العملة، قضايا يفترض أن تعمل عليها الحكومة وليست السلطة المحلية».


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.