الأزمة تحرم مسلمي لبنان من شعيرة العيد والفقراء من اللحوم

أحد محلات بيع اللحوم في مدينة طرابلس عشية عيد الأضحى (أ.ف.ب)
أحد محلات بيع اللحوم في مدينة طرابلس عشية عيد الأضحى (أ.ف.ب)
TT

الأزمة تحرم مسلمي لبنان من شعيرة العيد والفقراء من اللحوم

أحد محلات بيع اللحوم في مدينة طرابلس عشية عيد الأضحى (أ.ف.ب)
أحد محلات بيع اللحوم في مدينة طرابلس عشية عيد الأضحى (أ.ف.ب)

لن يكون عيد الأضحى هذا العام كالأعوام السابقة على مختلف الصعد في لبنان. فإذا كان وباء كورونا أطاح بالعادات والتقاليد الاجتماعية في مناسبات كهذه في مختلف الدول، فإن الأزمة الاقتصادية التي يرزح تحتها لبنان قلبت المقاييس، وهو ما يبدو واضحاً في عيد الأضحى هذا العام من خلال التراجع الكبير في عدد الأضاحي التي اعتاد المسلمون على شرائها وتوزيعها على الفقراء.
وفيما يقول المسؤول الإعلامي في دار الإفتاء خلدون قواص لـ«الشرق الأوسط»: «إن نسبة الأضاحي تراجعت 50 في المائة عما كانت عليه في الأعوام السابقة، يشير تجار لحوم آخرون إلى أن النسبة تدنت بنحو 80 في المائة نتيجة غلاء الأسعار بشكل غير مسبوق مع ارتفاع سعر صرف الدولار».
وعادة ما يقدم الناس الأموال إلى مؤسسات تابعة لدار الإفتاء أو متعاونة معها أهمها صندوق الزكاة ودار الايتام الإسلامية ومؤسسات محمد خالد الاجتماعية وهيئة المساعدات الإنسانية والإغاثية، حيث يتولى المهمة فريق عمل متخصص للحصول على السعر الأفضل للأضاحي ليتم شراؤها، وتوزيعها على العائلات الفقيرة والايتام والمحتاجين. ويلفت قواص إلى أن سعر الخروف الذي كان يبلغ نحو 450 ألف ليرة بات سعره اليوم مليون و800 ألف ليرة، وهو الأمر الذي أدى إلى تراجع الناس عن تقديم الأضاحي.
وما يتحدث عنه قواص يعبّر عنه أيضاً تجار اللحوم الذي كانوا يبيعون المواشي في عيد الأضحى وهو ما يظهر جلياً في المناطق اللبنانية التي اعتادت أن تشهد زحمة وسباقاً على شراء الأضاحي. ويقول علي حسن خالد (50 عاماً)، في منطقة الزاهرية الشعبية في طرابلس، وهو مالك محل لبيع اللحوم من بين الأكبر في طرابلس لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «لم تعد الناس قادرة على شراء كميات كبيرة من اللحوم حتى في الأعياد». ويروي أنه اعتاد سنوياً ذبح «مائة خروف على الأقل، لكن هذا العام لم نُوصِ إلا على عشرة خراف فقط» مبدياً أسفه كون «الناس في هذا العيد، على ما يبدو، لن تأكل اللحوم ولن تحصل على حصتها الموعودة من الأضاحي».
بدوره اعتاد عبد الرزاق درويش في كل عيد أضحى أن يذبح خروفاً ويوزع لحمه على الفقراء، لكنه يشعر اليوم بغصّة كبيرة لعدم قدرته على أداء هذه الشعيرة رغم كونه جزاراً، بسبب الانهيار الاقتصادي الذي يرهق اللبنانيين منذ أشهر.
ويقول درويش (54 عاماً) وهو يملك محلاً لبيع اللحوم في إحدى أزقة ميناء طرابلس، في شمال لبنان، للوكالة الفرنسية: «هذا العام هو الأسوأ في مصلحتنا بسبب الغلاء الفاحش» مضيفاً: «يأتي موسم عيد الأضحى من دون أي إقبال على شراء اللحوم أو طلبات من الزبائن لذبح الخراف» لتقديمها كأضحية.
ويشرح الرجل الذي يعمل في المصلحة منذ ثلاثين عاماً: «بسبب تحكّم السوق السوداء بقطاع اللحوم، بات ثمن الخروف لا يقلّ عن مليوني ليرة لبنانية» بينما كان العام الماضي بحدود 600 ألف ليرة». وانعكس تدهور قيمة الليرة على أسعار السلع كافة وبينها اللحوم التي ارتفع سعرها ثلاثة أضعاف، في بلد يعتمد على الاستيراد لتأمين الجزء الأكبر من احتياجاته.
وأعلنت الحكومة مطلع الشهر الحالي دعم سلة غذائية تتضمن اللحوم المبرّدة. إلا أن درويش يؤكد أنه كسائر العاملين في قطاع اللحوم، لم يلحظ دعم الدولة لهم.
ورغم أن الدولة أعلنت عن دعم اللحوم المستوردة والأعلاف لتربية المواشي في لبنان، لا يزال التجار يرجعون زيادة الأسعار إلى ارتفاع سعر صرف الدولار فيما تكمن مشكلة الأعلاف في تخزينها أو تهريبها على غرار مواد أخرى أهمها الطحين والمازوت.
وأمس قال وزير الزراعة عباس مرتضى إن «الأعلاف متوفرة في الأسواق اللبنانية والمتاجر ووضعنا آلية لضبط توزيعها كي لا يكون المزارع ومربي المواشي رهينة لدى التاجر».



رحيل الإعلامية ليلى رستم يذكّر ببدايات التلفزيون المصري

الإعلامية المصرية ليلى رستم من جيل الرواد بالتلفزيون المصري (منصة إكس)
الإعلامية المصرية ليلى رستم من جيل الرواد بالتلفزيون المصري (منصة إكس)
TT

رحيل الإعلامية ليلى رستم يذكّر ببدايات التلفزيون المصري

الإعلامية المصرية ليلى رستم من جيل الرواد بالتلفزيون المصري (منصة إكس)
الإعلامية المصرية ليلى رستم من جيل الرواد بالتلفزيون المصري (منصة إكس)

رحلت الإعلامية المصرية ليلى رستم، الخميس، عن عمر يناهز 88 عاماً، بعد تاريخ حافل في المجال الإعلامي، يذكّر ببدايات التلفزيون المصري في ستينات القرن العشرين، وكانت من أوائل المذيعات به، وقدمت برامج استضافت خلالها رموز المجتمع ومشاهيره، خصوصاً في برنامجها «نجمك المفضل».

ونعت الهيئة الوطنية للإعلام، برئاسة الكاتب أحمد المسلماني، الإعلامية القديرة ليلى رستم، وذكرت في بيان أن الراحلة «من الرعيل الأول للإعلاميين الذين قدموا إعلاماً مهنياً صادقاً متميزاً وأسهموا في تشكيل ثقافة ووعي المشاهد المصري والعربي، حيث قدمت عدداً من البرامج التي حظيت بمشاهدة عالية وشهرة واسعة».

والتحقت ليلى بالتلفزيون المصري في بداياته عام 1960، وهي ابنة المهندس عبد الحميد بك رستم، شقيق الفنان زكي رستم، وعملت مذيعةَ ربط، كما قدمت النشرة الفرنسية وعدداً من البرامج المهمة على مدى مشوارها الإعلامي، وفق بيان الهيئة.

ليلى رستم اشتهرت بمحاورة نجوم الفن والثقافة عبر برامجها (ماسبيرو زمان)

وتصدر خبر رحيل الإعلامية المصرية «التريند» على منصتي «غوغل» و«إكس» بمصر، الخميس، ونعاها عدد من الشخصيات العامة، والعاملين بمجال الإعلام والسينما والفن، من بينهم الإعلامي اللبناني نيشان الذي وصفها على صفحته بمنصة «إكس» بأنها «كسرت طوق الكلاسيكية في الحوار ورفعت سقف الاحترام والمهنية».

كما نعاها المخرج المصري مجدي أحمد علي، وكتب على صفحته بموقع «فيسبوك» أن المذيعة الراحلة «أهم مذيعة رأتها مصر في زمن الرواد... ثقافة ورقة وحضوراً يفوق أحياناً حضور ضيوفها».

واشتهرت ليلى رستم بلقب «صائدة المشاهير»؛ نظراً لإجرائها مقابلات مع كبار الشخصيات المؤثرة في مصر والعالم؛ مما جعلها واحدة من أعلام الإعلام العربي في تلك الحقبة، وقدّمت 3 من أبرز برامج التلفزيون المصري، وهي «الغرفة المضيئة»، «عشرين سؤال»، و«نجمك المفضل»، بالإضافة إلى نشرات إخبارية ضمن برنامج «نافذة على العالم»، وفق نعي لها نشره الناقد الفني المصري محمد رفعت على «فيسبوك».

الإعلامية المصرية الراحلة ليلى رستم (إكس)

ونعاها الناقد الفني المصري طارق الشناوي وكتب عبر صفحته بـ«فيسبوك»: «ودّعتنا الإعلامية القديرة ليلى رستم، كانت أستاذة لا مثيل لها في حضورها وثقافتها وشياكتها، جمعت بين جمال العقل وجمال الملامح»، معرباً عن تمنيه أن تقدم المهرجانات التلفزيونية جائزة تحمل اسمها.

ويُعدّ برنامج «نجمك المفضل» من أشهر أعمال الإعلامية الراحلة، حيث استضافت خلاله أكثر من 150 شخصية من كبار الأدباء والكتاب والصحفيين والفنانين، من بينهم طه حسين، وعبد الحليم حافظ، وأحمد رمزي، وفاتن حمامة وتوفيق الحكيم، كما أجرت مقابلة شهيرة مع الملاكم الأميركي محمد علي كلاي.

وأبرزت بعض التعليقات على «السوشيال ميديا» حوار الإعلامية الراحلة مع كلاي.

وعدّ رئيس تحرير موقع «إعلام دوت كوم» محمد عبد الرحمن، رحيل ليلى رستم «خسارة كبيرة» وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الإعلامية الراحلة كانت تنتمي إلى جيل المؤسسين للتلفزيون المصري، وهو الجيل الذي لم يكن يحتاج إلى إعداد أو دعم، لكن دائماً ما كان قادراً على محاورة العلماء والمفكرين والفنانين بجدارة واقتدار»، موضحاً أن «القيمة الكبيرة التي يمثلها هذا الجيل هي ما جعلت برامجهم تعيش حتى الآن ويعاد بثها على قنوات مثل (ماسبيرو زمان) ومنصة (يوتيوب) وغيرهما، فقد كانت الإعلامية الراحلة تدير حواراً راقياً يحصل خلاله الضيف على فرصته كاملة، ويبرز الحوار حجم الثقافة والرقي للمذيعين في هذه الفترة».

بدأ أول بث للتلفزيون المصري في 21 يوليو (تموز) عام 1960، وهو الأول في أفريقيا والشرق الأوسط، واحتفل بعدها بيومين بعيد «ثورة 23 يوليو»، وبدأ بقناة واحدة، ثم قناتين، ثم قنوات متعددة تلبي احتياجات شرائح مختلفة من المجتمع، ومع الوقت تطور التلفزيون المصري ليصبح قوة للترفيه والمعلومات، وفق الهيئة العامة للاستعلامات.

وشهدت بدايات التلفزيون ظهور إعلاميين مثَّلوا علامة بارزة فيما بعد في العمل التلفزيوني مثل أماني ناشد، وسلوى حجازي، وصلاح زكي وأحمد سمير، وكانت ليلى رستم آخر من تبقى من جيل الروَّاد المؤسسين.