سكان طرابلس يستقبلون العيد بلا كهرباء

مخاوف من تعفن لحوم الأضاحي بسبب الانقطاع المستمر للتيار

ليبيون يقتنون أضحية العيد وسط مخاوف من انقطاع التيار الكهربائي
ليبيون يقتنون أضحية العيد وسط مخاوف من انقطاع التيار الكهربائي
TT

سكان طرابلس يستقبلون العيد بلا كهرباء

ليبيون يقتنون أضحية العيد وسط مخاوف من انقطاع التيار الكهربائي
ليبيون يقتنون أضحية العيد وسط مخاوف من انقطاع التيار الكهربائي

ساد ظلام تام العاصمة الليبية طرابلس، ومدن غرب البلاد، منذ ليلة أول من أمس، بعد انقطاع التيار الكهربائي بسبب تردي أحوال الشبكة، ورفض المواطنين في بعض المناطق قيام الشركة العامة بتخفيف الأحمال بمدنهم، الأمر الذي تسبب في انقطاع التيار بشكل كلي.
وتعاني مدن غرب وجنوب البلاد غالباً من انقطاع شبه دائم للكهرباء، مما اضطر المجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق» إلى تغيير مجلس إدارة الشركة العامة للكهرباء الأسبوع الماضي، وسط «اتهامات بالفساد»، و«إهدار لمقدرات البلاد».
ويتخوف ليبيون بغرب البلاد من قضاء أيام عيد الأضحى دون كهرباء، مشيرين إلى أنهم «يعانون منذ بداية موسم الصيف من طقس حار جداً، وتحديات مواجهة وباء (كورونا)». كما يتخوفون من فساد لحوم أضحية العيد لأن تعطل الكهرباء يعني بالضرورة توقف الثلاجات التي تحفظ مؤونتهم من التعفن في ظل الحرارة المفرطة.
واشتكت الشركة العامة للكهرباء في طرابلس، أمس، من استخدام بعض المدن للقوة لمنع تخفيف الأحمال عن مناطقهم، وقالت إنها تمكنت ليلة أول من أمس من إعادة بناء الشبكة الكهربائية بجهود متواصلة لمهندسي وفني الشركة. لكن بعض المناطق استخدمت القوة لرفض تخفيف الأحمال، الأمر الذي أدى إلى حدوث إظلام تام من جديد في منطقة طرابلس والمنطقة الغربية، مضيفة: «عدنا لنقطة الصفر بسبب الأعمال اللامسؤولة، التي تؤثر على كفاءة وحدات الإنتاج، مما قد يؤدي إلى انهيار الشبكة، ويستلزم البدء في إعادة تشغيل وحدات الإنتاج، وبناء الشبكة من جديد».
وقبل أن يسود الظلام طرابلس وما حولها، قالت شركة الكهرباء إنها بذلت قصارى جهدها لإعادة تشغيل وحدات التوليد في محطات الرويس والزاوية وجنوب طرابلس، ووعدت المواطنين بأن التيار سيعود في غضون ثلاث ساعات، قبل أن تتعقد الأمور صباح أمس.
في شأن آخر، رصدت البعثة الأممية لدى ليبيا الخسائر التي لحقت بالمدنيين والمنشآت الطبية والتعليمية، خلال الربع الثاني من العام الحالي، وقالت إنه منذ مطلع أبريل (نيسان) إلى نهاية يونيو (حزيران) الماضي، وثقت وقوع مقتل أكثر من مائة مواطن، وإصابة 252 بجروح، مشيرة إلى أن هذا الرقم يمثل زيادة عامة في عدد الإصابات بصفوف المدنيين بنسبة 173 في المائة مقارنة بالفترة السابقة في الربع الأول من العام ذاته.
وجددت البعثة في تقريرها دعوتها جميع أطراف النزاع إلى الوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية، واحترام القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، وإلى حماية المدنيين، وإتاحة المجال للسلطات لمواجهة تهديد جائحة «كوفيد - 19»، لافتة إلى أن القتال على الأرض «هو السبب الرئيسي في وقوع إصابات بين المدنيين، يليه مخلفات الحرب من المتفجرات والغارات الجوية».
وعزت البعثة الأممية زيادة عدد الضحايا المدنيين إلى «التصعيد الكبير للأعمال العدائية»، رغم النداءات من جانب الأمم المتحدة والعديد من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة والداعية إلى وقف الحرب. وأوردت البعثة شهادات عيان على مقتل المدنيين باستخدام طائرات مسيرة، قالت إنها مدعومة من قوات «الوفاق»، وهو القصف الذي استهدف قصر بن غشير في الثالث من يونيو، وأسفر عن مقتل 17 مدنياً، بينهم 4 نساء و4 أطفال. مشيرة إلى أن المتفجرات من مخلفات الحرب شكلت ثاني أكبر سبب للخسائر في صفوف المدنيين حيث قتل اثنان وجرح و41 مواطناً.
كما اتهم التقرير طرفي الحرب في ليبيا بالتسبب في مقتل عدد من المدنيين، ووقوع 287 ضحية في صفوف المدنيين (75 قتيلاً و212 إصابة بجروح)، أي 80 في المائة من مجموع الضحايا، بينما تسببت قوات تابعة لحكومة «الوفاق» بمقتل 21 مدنياً وإصابة 16 آخرين بجروح خلال القصف الجوي، أي ما يمثل 11 في المائة من إجمالي الخسائر.
ولفتت البعثة إلى أنه «لم يكن بالإمكان نسبة ما تبقى من الخسائر في صفوف المدنيين إلى طرف محدّد من طرفي النزاع».
وتواصل بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا توثيق الاعتداءات على المدارس، ومرافق الرعاية الصحية، الأمر الذي يعرقل حصول المدنيين في ليبيا على التعليم والخدمات الصحية بالبلاد.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».