فقدان حاسة الشم عند مرضى «كوفيد ـ 19»

تظهر في 30 % من حالات الإصابة في غياب أعراض أخرى

فقدان حاسة الشم عند مرضى «كوفيد ـ 19»
TT

فقدان حاسة الشم عند مرضى «كوفيد ـ 19»

فقدان حاسة الشم عند مرضى «كوفيد ـ 19»

مع ظهور فيروس كورونا في ديسمبر (كانون الأول) 2019 في مدينة ووهان في الصين وما تبعه، في فبراير (شباط) 2020. من إعلان منظمة الصحة العالمية عن كون هذا الوباء قد وصل إلى المعايير التي تجعل منه جائحة عالمية، تسابق العلماء والباحثون إلى مختبراتهم ومعاملهم للعمل على فك أَلْغاز هذا الفيروس وتحديد خصائصه الجينية وأعراضه المرضية خصوصا بعد ما تأثر العالم أجمع صحيا واقتصاديا بسبب هذا الوباء.
واستكمالا لما تم مناقشته وتفنيده في مقالاتنا السابقة حول الأعراض المرضية الشائعة التي تظهر عند المصابين بكورونا المستجد والتي تتلخص في الحمى والسعال الجاف والتعب العام ويضاف إليها عند البعض ألم في الحلق وإسهال والتهاب ملتحمة العين وصداع والتهاب الجلد وتلون الأظافر إضافة إلى فقدان حاسة الشم أو التذوق أو كليهما معا - سوف نركز في مقالنا لهذا الأسبوع على أحد أهم تلك الأعراض التي تصاحب الإصابة بمرض كوفيد 19 بعد أن أصبحت مؤشرا مهما يُعتمد عليه إلى حد كبير في تشخيص الإصابة بالمرض وهو «فقدان حاسة الشم والتي تعرف طبيا بـAnosmia وفقدان حاسة التذوق التي تعرف بـDysgeusia.
حاسة الشم
تحدث إلى «صحتك» البروفسور أسامة عبد الرحمن مرغلاني أستاذ واستشاري ورئيس قسم طب وجراحة الأنف والأذن والحنجرة ومدير مركز المحاكاة الطبية بكلية الطب جامعة أم القرى - موضحا أن حاسة الشم عملية معقدة تبدأ بحدوث التعرف على الجزيئات التي تدخل للتجويف الأنفي وتؤثر على الخلايا العصبية الخاصة بالشم والموجودة في سقف الأنف. وتنقل تلك الخلايا الإشارة إلى المخ حيث توجد المراكز الخاصة بالشم، فتتنبه خلايا العصب الشمي بأي رائحة مثل عبير الورود أو رائحة الخبز وغيرهما.
وتوجد هذه الخلايا كبقع نسيجية صغيرة جداً في أعلى الأنف ومتصلة مباشرة بالمخ في منطقة رقيقة جدا من عظمة قاع الجمجمة تسمى اللوحة المخرمة cribriform plate.
ومن المهم أن نشير، هنا، إلى أن فقدان حاسة الشم يرتبط بشكل كبير مع فقدان حاسة التذوق، فقدرة الإنسان على تمييز النكهات المختلفة للأطعمة تعتمد بشكل كبير جدا على التعرف على رائحتها وتمييزها أكثر من تذوقها.
ويمكن التعرف على أربعة أنواع أساسية ورئيسية للإحساس بالتذوق وهي «الحلو والحامض والمالح والمر» فتحدث اتحادات محددة لهذه المذاقات «فيما يخص القوام للمواد ودرجة حرارة تلك المواد ورائحتها» والإحساسات الرئيسية الخاصة بالإحساس الكيميائي الرئيسي مما ينتج عنه النكهة. مثال على ذلك: لو حاول شخص غلق أنفه بيده عند تناوله الشوكولاته فإنه سيعاني من مشكلة في تحديد نكهة هذه الشوكولاته رغم تعرفه المسبق على طعم الحلاوة أو المرارة الخاصة بالشوكولاته وذلك بسبب أن النكهة المعروفة للشوكولاته يمكن إحساسها بصورة كبيرة من رائحتها حيث إنها معروفة من نكهة القهوة. وهذا يوضح لماذا لم يتمكن الشخص في المثال السابق من التذوق الكامل للنكهة الحلوة. وأيضاً نجد كبير الطهاة ليتمكن من اختبار المذاق لصنف محدد فإنه يقوم بالنفخ أو الزفير من خلال أنفه مع كل بلعة من الطعام.
«كورونا» وحاسة الشم
يوضح أيضا البروفسور مرغلاني أن فقدان حاسة الشم تنتج عن أسباب متعددة ومختلفة، من أهمها الالتهابات الفيروسية التي تصيب الأجهزة التنفسية العلوية ويكون المسبب فيها أكثر من 200 نوع من الفيروسات. وحدوث فقدان حاسة الشم يكون، في الغالب، بشكل مؤقت أو، في النادر، بشكل دائم وقد يصاحب ذلك فقدان حاسة التذوق أيضا.
ويضيف أن جمعية أطباء الأنف والجيوب الأنفية البريطانية كانت قد أعلنت في مارس (آذار) 2020 أن فقدان حاسة الشم تعتبر من الأعراض المصاحبة لكورونا المستجد ومن ثم تم إدراج هذا العرض المرضي من ضمن الأعراض الرئيسية لتشخيص الإصابة بالمرض، وسرعان ما أعلنت الجمعية الأميركية بعد ذلك نفس هذه النتائج والتوصيات.
وهنالك الكثير من الدراسات التي أجريت على مستوى العالم لدراسة فقدان حاسة الشم المصاحب لمرض كورونا المستجد، وهناك أبحاث من كوريا الجنوبية ومن الصين ومن إيطاليا تؤكد أن فقدان حاسة الشم كان من الأعراض الرئيسية المعرفة لمرض كورونا في أكثر من 30 في المائة من الحالات التي لم تكن لديها أعراض أخرى.
ثم تلا ذلك ظهور دراسات أخرى في أوروبا وأميركا أظهرت أن نسبة فقدان حاسة الشم لدى المصابين بمرض كوفيد 19 تتراوح ما بين 11 في المائة إلى 88 في المائة.
وقد أصبح، اليوم، فقدان حاسة الشم من العلامات الفارقة للإصابة بكورونا حيث إنه اعتبر من الأعراض التي إن ظهرت فجأة، حتى بدون الأعراض الأخرى لمرض كورونا، وجب التسارع في إجراء التحليل والمسحة التشخيصية والبدء فورا في إجراءات. وقد أثبت ذلك دراسة أجريت في بريطانيا على أكثر من 2000 مريضٍ وُجد فيها أن تأثر حاسة الشم أو فقدانها قد حدث في واحد من كل ستة مرضى من مرضى كورونا.
فقدان شم مؤقت
ووفقا للبروفسور أسامة مرغلاني فإن نسبة الشفاء من فقدان حاسة الشم عالية، ففي دراسة أجريت في بريطانيا، وُجد أن أكثر من 80 في المائة من المرضى الذين يفقدون حاسة الشم بسبب الكورونا تشافوا تماما وعادت لهم حاسة الشم في فترة ما بين أسبوع إلى أربعة أسابيع، وأن 20 في المائة فقط من المرضى يبقى لديهم فقدان جزئي أو كلي لحاسة الشم بعد أربعة أسابيع.
ويفسر سبب بالإشارة إلى نتائج دراسة حديثة أجريت في جامعة هارفارد في أميركا أثبتت أن فيروس كوفيد - 19 يصيب الخلايا داعمة الخلايا العصبية sustentacular supporting cells وليست الخلايا العصبية نفسها، كما تفعل مثيلاتها الأخريات من بعض الفيروسات التي تصيب الأعصاب الحسية للشم ذاتها وبالتالي تصيبها بضمور وتلف دائم.
العلاج
يقول البروفسور أسامة مرغلاني أن هناك اختلافا وتباينا كبيرا في كيفية علاج نقص وضعف حاسة الشم في المرضى الذين سبق وأن تعرضوا إلى التهابات في المجاري الهوائية بالفيروسات.
> مراتب العلاج. وتكمن علاجات هذه الحالة باختصار في ثلاث مراتب، وهي:
- المرتبة الأولى: استخدام بخاخات الكورتيزون في التجويف الأنفي.
- المرتبة الثانية: الغسول المحتوي على الكرتيزون، وتكون فعاليته أقوى من البخاخات وأعراضه الجانبية أقل منها بكثير.
- المرتبة الثالثة: استخدام مركبات الكورتيزون التي تؤخذ عن طريق الفم ومن ضمنها مركب ديكساميثازون dexamethasone. وهذه المركبات فعالة بشكل كبير ولكنها لا تخلو من المخاطر الكبيرة كونها قد تقلل المناعة، وفي هذه الحالة يحتاج المريض إلى تقوية مناعته بالذات في الأيام الأولى من الإصابة بالمرض. وهنا يأتي دور الطبيب مع المريض معا لدراسة الحالة وتحديد الأولويات ووزن الفوائد المجنية من إعطاء هذه العلاجات الكورتيزونية مقارنة مع الأضرار الجانبية المحتملة. ومن ثم يتم اعتماد الخطة العلاجية مع المتابعة المستمرة حتى يمن الله عليه بالشفاء.
> العلاج التأهيلي. لقد أثبتت الدراسات أهمية العلاج بالتمرين التأهيلي لحاسة الشم في استعادة وظيفة هذه الحاسة، ويعتبر مهما للمرضى الذين فقدوا هذه الحاسة حتى لا يفقدوا وظيفتها تماما، وهو عبارة عن شم بعض الروائح النفاثة أو النفاذة المختلفة مثل القهوة والليمون والنعناع لمدة ساعة إلى ساعتين مرة إلى مرتين في اليوم حتى تعود حاسة الشم إلى طبيعتها.

نصائح لفاقدي الشم
> من المعروف أن فقدان حاسة الشم يعتبر من الأعراض التي تسبب الكثير من التأثير النفسي، وعليه يُنصح بالإسراع في التشخيص والعلاج حتى لا يصاب العصب بالضمور والفقدان الدائم للحاسة ناهيك عن التخفيف من الآثار النفسية المترتبة على ذلك.
على المرضى الذين فقدوا حاسة الشم بشكل مؤقت أو دائم، أن يبادروا بإعلام المحيطين بهم من الذين يسكنون معهم في المنزل عن حالتهم وأنهم لا يستطيعون أن يشموا الروائح عامة ومنها رائحة الحرائق والغازات وبالتالي قد ينشب حريق أو تسريب للغاز وهم لا يدركون ذلك، فيجب على المحيطين بهم تنبيههم في حال نشوب حريق، فالجانب التوعوي الأمني من الحرائق، هنا، مهم جدا مع هذه الفئة من المرضى. وعلى فاقدي حاسة الشم، أيضا، أن يقتنوا ويركبوا أجهزة إنذار الحرائق في منازلهم لسلامتهم وسلامة المنازل وساكنيها.

- استشاري طب المجتمع



دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)
مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)
TT

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)
مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)

توصلت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس إلى أن اتباع نظام غذائي منخفض في أحماض أوميغا 6 وغني بأحماض أوميغا 3 الدهنية، إلى جانب مكملات زيت السمك، يمكن أن يبطئ بشكل كبير نمو خلايا سرطان البروستاتا لدى الرجال الذين يختارون المراقبة النشطة، ما قد يقلل من الحاجة إلى علاجات عدوانية في المستقبل، وفق ما نشر موقع «سايتك دايلي».

وجد باحثون من مركز UCLA Health Jonsson Comprehensive Cancer Center أدلة جديدة على أن التغييرات الغذائية قد تبطئ نمو الخلايا السرطانية لدى الرجال المصابين بسرطان البروستاتا الذين يخضعون للمراقبة النشطة، وهو نهج علاجي يتضمن مراقبة السرطان من كثب دون تدخل طبي فوري.

سرطان البروستاتا والتدخل الغذائي

قال الدكتور ويليام أرونسون، أستاذ أمراض المسالك البولية في كلية ديفيد جيفن للطب بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس والمؤلف الأول للدراسة: «هذه خطوة مهمة نحو فهم كيف يمكن للنظام الغذائي أن يؤثر على نتائج سرطان البروستاتا».

وأضاف: «يهتم العديد من الرجال بتغييرات نمط الحياة، بما في ذلك النظام الغذائي، للمساعدة في إدارة إصابتهم بالسرطان ومنع تطور مرضهم. تشير نتائجنا إلى أن شيئاً بسيطاً مثل تعديل نظامك الغذائي يمكن أن يبطئ نمو السرطان ويطيل الوقت قبل الحاجة إلى تدخلات أكثر عدوانية».

تحدي المراقبة النشطة

يختار العديد من الرجال المصابين بسرطان البروستاتا منخفض الخطورة المراقبة النشطة بدلاً من العلاج الفوري، ومع ذلك، في غضون خمس سنوات، يحتاج حوالي 50 في المائة من هؤلاء الرجال في النهاية إلى الخضوع للعلاج إما بالجراحة أو الإشعاع.

وبسبب ذلك، يتوق المرضى إلى إيجاد طرق لتأخير الحاجة إلى العلاج، بما في ذلك من خلال التغييرات الغذائية أو المكملات الغذائية. ومع ذلك، لم يتم وضع إرشادات غذائية محددة في هذا المجال بعد.

في حين نظرت التجارب السريرية الأخرى في زيادة تناول الخضراوات وأنماط النظام الغذائي الصحي، لم يجد أي منها تأثيراً كبيراً على إبطاء تقدم السرطان.

الاستشارة الغذائية

لتحديد ما إذا كان النظام الغذائي أو المكملات الغذائية يمكن أن تلعب دوراً في إدارة سرطان البروستاتا، أجرى الفريق بقيادة جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس تجربة سريرية مستقبلية، تسمى CAPFISH-3، والتي شملت 100 رجل مصاب بسرطان البروستاتا منخفض الخطورة أو متوسط ​​الخطورة والذين اختاروا المراقبة النشطة.

تم توزيع المشاركين بشكل عشوائي على الاستمرار في نظامهم الغذائي الطبيعي أو اتباع نظام غذائي منخفض أوميغا 6 وعالي أوميغا 3، مع إضافة زيت السمك، لمدة عام واحد.

ووفق الدراسة، تلقى المشاركون في ذراع التدخل استشارات غذائية شخصية من قبل اختصاصي تغذية مسجل. وتم توجيه المرضى إلى بدائل أكثر صحة وأقل دهوناً للأطعمة عالية الدهون وعالية السعرات الحرارية (مثل استخدام زيت الزيتون أو الليمون والخل لصلصة السلطة)، وتقليل استهلاك الأطعمة ذات المحتوى العالي من أوميغا 6 (مثل رقائق البطاطس والكعك والمايونيز والأطعمة المقلية أو المصنعة الأخرى).

كان الهدف هو خلق توازن إيجابي في تناولهم لدهون أوميغا 6 وأوميغا 3 وجعل المشاركين يشعرون بالقدرة على التحكم في كيفية تغيير سلوكهم. كما تم إعطاؤهم كبسولات زيت السمك للحصول على أوميغا 3 إضافية.

ولم تحصل مجموعة التحكم على أي استشارات غذائية أو تناول كبسولات زيت السمك.

نتائج التغييرات الغذائية

تتبع الباحثون التغييرات في مؤشر حيوي يسمى مؤشر Ki-67، والذي يشير إلى مدى سرعة تكاثر الخلايا السرطانية - وهو مؤشر رئيسي لتطور السرطان، والنقائل والبقاء على قيد الحياة.

تم الحصول على خزعات من نفس الموقع في بداية الدراسة ومرة ​​أخرى بعد مرور عام واحد، باستخدام جهاز دمج الصور الذي يساعد في تتبع وتحديد مواقع السرطان.

وأظهرت النتائج أن المجموعة التي اتبعت نظاماً غذائياً منخفضاً في أوميغا 6 وغنياً بأوميغا 3 وزيت السمك كان لديها انخفاض بنسبة 15 في المائة في مؤشر Ki-67، بينما شهدت المجموعة الضابطة زيادة بنسبة 24 في المائة.