أستراليا تنضم إلى الولايات المتحدة في «شراكة دفاعية» لمواجهة الصين

قدمت مذكرة إلى الأمم المتحدة تطالب بالحد من تحركات بكين في بحر الصين الجنوبي

وزيرة الدفاع الأسترالية ليندا رينولدز مع نظيرها الأميركي مارك إسبر خلال توقيع اتفاقية عسكرية بين البلدين (البنتاغون)
وزيرة الدفاع الأسترالية ليندا رينولدز مع نظيرها الأميركي مارك إسبر خلال توقيع اتفاقية عسكرية بين البلدين (البنتاغون)
TT

أستراليا تنضم إلى الولايات المتحدة في «شراكة دفاعية» لمواجهة الصين

وزيرة الدفاع الأسترالية ليندا رينولدز مع نظيرها الأميركي مارك إسبر خلال توقيع اتفاقية عسكرية بين البلدين (البنتاغون)
وزيرة الدفاع الأسترالية ليندا رينولدز مع نظيرها الأميركي مارك إسبر خلال توقيع اتفاقية عسكرية بين البلدين (البنتاغون)

أعلنت الولايات المتحدة وأستراليا شراكة دفاعية عسكرية بين البلدين في المحيط الهادئ، ومواجهة الزعزعة وعدم الاستقرار في بحر الصين الجنوبي، وأدانتا التحركات الصينية في المحيط والتي تمثلت في الوجود العسكري، وضم الجزر والمسطحات البرية في المحيط، وعمليات بناء الجزر الصناعية، وبذلك تكون أستراليا أولى الدول التي تخرج عن حيادها وتصطف خلف واشنطن في صراعها ضد بكين.
واعتبر الطرفان في بيان صحافي مشترك بعد اجتماعات استمرت يومين في العاصمة الأميركية واشنطن مطلع الأسبوع الحالي، بين وزارتَي الدفاع والخارجية من كلا الطرفين، أن مطالبات بكين البحرية في بحر الصين الجنوبي غير صالحة بموجب القانون الدولي، مؤكدين أن جمهورية الصين الشعبية لا يمكنها تأكيد المطالبات البحرية في بحر الصين الجنوبي على أساس «خط التسعة» أو «الحقوق التاريخية»، أو مجموعات جزر بحر الصين الجنوبي بأكملها، والتي تتعارض مع اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.
وأفاد البيان المشترك بأن واشنطن وكانبرا عازمتان على تعزيز التعاون الدفاعي، بما في ذلك ما يتعلق بوضع القوة، وإبرام ما سموه بيان «المبادئ السرية» في التعاون العسكري. وأقرت أستراليا بأن وجود القوات الأميركية في منطقة المحيط الهادئ - الهندي كان حيوياً للحفاظ على أمن المنطقة وازدهارها لمدة 75 عاماً.
وقال البيان، إن الطرفين سيعملان على إنشاء مجموعة عمل ثنائية، ودعوة بقية الدول في المحيط الهادئ والهندي لمواجهة التهديدات التي تواجههم، ولتعزيز منطقة آمنة ومستقرة وردع الأعمال القسرية واستخدام القوة، وبتنسيق وثيق لتجنب الازدواجية وتعظيم تأثيرها في حماية السيادة، كما تضمنت المناقشات التوسع المحتمل في التدريبات التدريبية المشتركة بين قوة التناوب البحرية، وداروين لتشمل شركاء وحلفاء إضافيين لتعزيز العلاقات والقدرات الإقليمية.
وفي خطوة مهمة نحو تعزيز مرونة سلاسل التوريد العسكري، تعتزم الولايات المتحدة وأستراليا إنشاء احتياطي وقود عسكري استراتيجي يتم تشغيله تجارياً بتمويل أميركي في منطقة داروين، بما في ذلك المزيد من خيارات المتابعة التي تتيح المزيد من الصيانة والإصلاح والتجديد والترقية للمنصات؛ إذ إن منطقة المحيطين الهندي والهادئ هي محور التحالف بين البلدين.
وأضاف البيان أن «الولايات المتحدة وأستراليا ستعملان جنباً إلى جنب، بما في ذلك مع الدول مثل الهند واليابان وجمهورية كوريا، والدول الشريكة في نادي الاستخبارات المعروف بـ(العيون الخمسة) وهي الولايات المتحدة، ونيوزيلندا، وبريطانيا، وكندا، وأستراليا؛ لتعزيز منطقة آمنة ومزدهرة وشاملة». وأعرب البلدان عن قلقهما العميق إزاء جهود حكومة جمهورية الصين الشعبية لتقويض إطار «دولة واحدة ونظامان»، وتقويض استقلالية هونغ كونغ وحرياتها في انتهاك لالتزاماتها بموجب الإعلان الصيني البريطاني المشترك، وانتهاك حقوق أقلية الإيغور المسلمة.
وأعاد الوزراء تأكيد الدور المهم لتايوان في منطقة المحيط الهادئ الهندي، وكذلك عزمهم على الحفاظ على علاقات قوية غير رسمية مع تايوان ودعم عضوية تايوان في المنظمات الدولية، معربين عن قلقهم البالغ بشأن الإجراءات القسرية والمزعزعة للاستقرار الأخيرة في منطقة المحيط الهادئ الهندي.
ودعا الوزراء جمهورية الصين الشعبية إلى الشفافية والتفاوض بحسن نية مع الولايات المتحدة وروسيا بشأن القيود المفروضة على الأسلحة النووية، بالإضافة إلى اتخاذ تدابير للحد من المخاطر وبناء الثقة، مشيرين إلى الالتزامات بموجب معاهدة عدم الانتشار النووي بمواصلة المفاوضات بحسن نية، بشأن التدابير الفعالة المتعلقة بنزع السلاح النووي.
وفي سياق متصل، قدمت أستراليا مذكرة دبلوماسية نهاية الأسبوع الماضي إلى الأمم المتحدة، يوم 23 يوليو (تموز)، تعترض فيها على تحركات الصين في «حدود الجرف القاري»، ومطالبات الصين بضم جزر باراسيل وجزر سبراتلي، وكذلك ادعاءاتها في حقوق التجارة السيادية والداخلية بالبحر.
علاوة على ذلك، اعترضت كانبرا على أحد مزاعم الصين الأكثر طموحاً، بأن الجزر الصناعية يمكن أن تصبح معترفاً بها دولياً، مشددة على أن ذلك غير صحيح تماماً، وجاء في الموجز الدبلوماسي أن أستراليا «لا تقبل أن السمات المحولة بشكل مصطنع يمكن أن تكتسب صفة الجزيرة»، نافية أستراليا ادعاءات الصين بأن سيادتها على جزر باراسيل وسبراتلي كانت «معترفاً بها على نطاق واسع من المجتمع الدولي».
وتضمنت مذكرة أستراليا احتجاجات فيتنام والفلبين على خطوة الصين في ضم تلك الجزر والمسطحات المائية التي حولتها إلى جزر صناعية بأنها ملك لها، كما أعربت عن «قلقها الشديد» بشأن تأكيدات الصين بأنها «تمارس بشكل مستمر وفعال» السيادة على ارتفاعات المد المنخفض على وجه التحديد؛ لأن الارتفاعات المنخفضة للمد والجزر «لا تشكل جزءاً من الأراضي البرية للدولة».
ويأتي تغيير النغمة الأسترالية حليف المحيطات لأميركا بعد وقت قصير من تصاعد حدة الخلاف الأميركي – الصيني؛ إذ أعلنت واشنطن في 14 يوليو عزمها على عدم الاعتراف بالمطالبات الصينية داخل المسطحات المائية؛ إذ تعزز هذه الخطوة حرية الملاحة والتجارة، وكذلك سيادة الحلفاء الآسيويين في منطقة تتدفق من خلالها كمية هائلة من التجارة العالمية بنحو 21 في المائة كما ورد في إحصائيات عام 2016.
وبدا أن الولايات المتحدة الأميركية عازمة على مواجهة الصين في الصعد كافة، ولا يقتصر ذلك على شبكة الجيل الخامس واتهامها لشركة «هواوي» بالتجسس على العالم الغربي، بل تذهب هذه المواجهة بين القوتين الاقتصادية الكبرى في العالم، إلى مناطق الحركة المائية في المحيطين الهادئ والهندي، وبناء محور تقوده واشنطن ضد الصين، كما عبّر عنه مايك بومبيو وزير الخارجية في خطابها بمكتبة ريتشارد نيكسون في كاليفورنيا، قائلاً «إن العالم الحر يجب أن يتّحد بعضه مع بعض في تغيير سلوك الحزب الشيوعي الصيني»، محذراً من طموحات الصين العالمية المتزايدة.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».