الخوف الكوروني يؤثر على أداء الشركات حول العالم

التريث للنظر في مستقبل الفيروس يعطل ابتكار حلول للأزمات المالية

التريث للنظر في مستقبل تداعيات «كورونا» يعطل ابتكار الحلول المالية للشركات في العالم (رويترز)
التريث للنظر في مستقبل تداعيات «كورونا» يعطل ابتكار الحلول المالية للشركات في العالم (رويترز)
TT

الخوف الكوروني يؤثر على أداء الشركات حول العالم

التريث للنظر في مستقبل تداعيات «كورونا» يعطل ابتكار الحلول المالية للشركات في العالم (رويترز)
التريث للنظر في مستقبل تداعيات «كورونا» يعطل ابتكار الحلول المالية للشركات في العالم (رويترز)

منذ بداية عام 2020 بدأت قدرات الشركات المالية الدفاعية، ليس في ألمانيا فقط؛ بل وفي كل بلدان العالم، بالأخص الصناعية منها، تتآكل شيئاً فشيئاً بسبب سرعة تفشي فيروس «كورونا» عالمياً الذي حجر أعمالها وأنشطتها كلياً.
وعلى الرغم من عدم قدرتها على السيطرة على أمنها المالي، في ظل الأزمة الكورونية، فإن الشركات الألمانية تدافع بصورة فدائية عن ضرورة المضي قدماً في إدارة أعمالها داخلياً وخارجياً.
ويكفي النظر إلى العزم على استئناف الدوري الألماني لكرة القدم (بوندسليغا)، قبل أسابيع، الذي يعتبر مهماً لآلاف الشركات العاملة في شتى القطاعات الإنتاجية الألمانية، والذي يدير أنشطة مالية لا تقل قيمتها عن 11.5 مليار يورو سنوياً.
وفي هذا السياق، يقول الخبير كلاوديو غراس في مصرف «دويتشه بنك»، إن هدف الاتحاد الأوروبي، قبل انتشار أزمة «كورونا»، كان إنعاش الشركات الأوروبية العاملة في القطاعات غير الحكومية أو المالية؛ لكن الخطة باءت بالفشل، وتحولت إلى مجرد زيادة ديون غير منتجة على حساب المدخرين الأوروبيين، لا سيما الألمان.
وبرأيه، فإن مُسببات عدم قدرة الشركات على ابتكار حلول علاجية مؤقتة لأزمتها المالية تكمن في ضرورة التريث، وانتظار مستقبل تداعيات الفيروس على العالم.
ويضيف أن أي خطة أو موازنة مالية تضعها الشركات أمامها ستتلاشى، بين ليلة وضُحاها، إن استمرت أسعار الفائدة السلبية على ما هي عليه اليوم، وسط غياب تام لنظرة واقعية حول آلية توزيع المساعدات الحكومية بشكل عادل، يستفيد منه الصغير قبل الكبير.
ويُردف غراس قائلاً إن الناتج الإجمالي الحقيقي للعالم يرزح اليوم تحت وطأة فيروس «كورونا»، ما يضع خطط الشركات وحتى هوامشها الربحية أمام طريق وعرة، بينما التداعيات المُترتبة على الاقتراض الحكومي باتت مقلقة للغاية، وهو ما يعني أن مشكلات الديون التي ضربت العالم قبل أحد عشر عاماً ستطل عبئاً من جديد.
ووفقاً لغراس، فإن حجم الدين - على سبيل المثال - يتجاوز 180 في المائة من الناتج القومي اليوناني، مقارنة بـ146 في المائة في عام 2010، و135 في المائة من الناتج القومي الإيطالي، و98 في المائة من الناتج القومي الفرنسي، و86 في المائة من الناتج القومي الألماني، مقارنة بـ75 في المائة في عام 2010.
واستطرد: «ليست منطقة اليورو مُحصنة ضد أي تطورات قد تحصل في أماكن أخرى في الشهور القادمة... وبما أن المصرف الفيدرالي الأميركي بدأ يفقد قبضته على الأسواق المالية الأميركية، تُسارع صناديق التحوط العالمية والشركات الأجنبية المدرجة أسهمها في بورصة (وول ستريت) في التخلص من انكشافها على الدولار».
ومن المتوقع خلال موسم الصيف القادم، أن تتعرض سندات الخزينة الأميركية لتقلبات كبيرة، بينما من المؤكد أن تتأثر أسواق السندات في منطقة اليورو سلباً بها، وفقاً لغراس.
في سياق متصل، تقول الخبيرة ناتالي روت من مصرف «كوميرسبنك» في مدينة فرانكفورت، إن ملف تعثر الشركات الألمانية له الأهمية القصوى والأولوية لدى حكومة برلين. وطالما كانت الشركات الكبرى، مثل «لوفتهانزا» و«فولكسفاغن»، المستفيدة الأولى من المساعدات الحكومية. وأضافت: «يبقى مصير المساعدات لصالح الشركات المتوسطة والصغيرة الحجم؛ خصوصاً تلك العاملة في القطاع التكنولوجي، في مهب الريح. وهو ما يطرح أكثر من علامة استفهام على حياتها داخل غابة تجارية تحكمها الشركات المحلية العملاقة التي لا تهزها الأزمات».
وبحسب ناتالي، فشح السيولة المالية يعتبر بين المسببات الرئيسية، داخل كل شركة، القاضية على بصيص الأمل لدى أكثر من 70 في المائة من الشركات الألمانية، و65 في المائة من الشركات الأوروبية، وحوالي 57 في المائة من الشركات الأميركية.
وتضيف أن اليورو الذي أضحى مرتبطاً بفُقاعات الأصول المالية، سيواصل ارتفاعه أمام الدولار، على المدى القصير؛ لأن المستثمرين والمضاربين، حول العالم، لديهم نقص في كميات اليورو المتوافرة معهم، مقابل حيازتهم كميات هائلة من الدولار؛ لكن هذه الأزمة لن تستمر طويلاً.
ومن المُرجح أن تهوي قيمة اليورو أمام الدولار بسرعة، وفق ناتالي، وهذا أمر ستستفيد منه الشركات الأوروبية كثيراً، لا سيما تلك العاملة في قطاعات الغذاء والطاقة والسلع الأولية، بصرف النظر عن مصير الاتحاد الأوروبي، هذا إن تمكنت من النجاة، بأعجوبة، من تداعيات الأزمة الكورونية عليها.
وتختم: «من غير المستبعد أن تسعى ألمانيا، إن واصلت الظروف الاقتصادية والمالية مسارها الانحداري، إلى استعادة عملتها القديمة، أي المارك الألماني، عن طريق استخدام احتياطاتها من الذهب بشكل من الأشكال. صحيح أن جزءاً من هذه الاحتياطات موجود لدى المصرف المركزي الأوروبي؛ لكن ما يوجد منها في مدينة فرانكفورت كافٍ لتحويل المارك الألماني المستقبلي إلى بديل مناسب لركوب موجة التنافس التجاري الدولي مجدداً».
ومع أن فكرة استعادة المارك الألماني تشق طريقها لدى عدد متواضع من المسؤولين القدامى في المصرف المركزي الألماني، فإنها بحد ذاتها، بحسب نالتالي: «صدمة قاسية لا يمكن تفعيلها إلا عقب زوال الاتحاد الأوروبي». وأضافت: «هذا أمر مُعقد جداً على الحكومات والشركات معاً».


مقالات ذات صلة

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تم تسجيل إصابات طويلة بـ«كوفيد- 19» لدى أشخاص مناعتهم كانت غير قادرة على محاربة الفيروس بشكل كافٍ (رويترز)

قرار يمنع وزارة الصحة في ولاية إيداهو الأميركية من تقديم لقاح «كوفيد»

قرر قسم الصحة العامة الإقليمي في ولاية إيداهو الأميركية، بأغلبية ضئيلة، التوقف عن تقديم لقاحات فيروس «كوفيد-19» للسكان في ست مقاطعات.

«الشرق الأوسط» (أيداهو)
أوروبا أحد العاملين في المجال الطبي يحمل جرعة من لقاح «كورونا» في نيويورك (أ.ب)

انتشر في 29 دولة... ماذا نعرف عن متحوّر «كورونا» الجديد «XEC»؟

اكتشف خبراء الصحة في المملكة المتحدة سلالة جديدة من فيروس «كورونا» المستجد، تُعرف باسم «إكس إي سي»، وذلك استعداداً لفصل الشتاء، حيث تميل الحالات إلى الزيادة.

يسرا سلامة (القاهرة)

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
TT

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)

سجلت شركات البتروكيميائيات المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً كبيراً نتائجها المالية خلال الربع الثالث من 2024، مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، لتتحول إلى الربحية وبنسبة نمو تجاوزت 200 في المائة.إذ وصلت أرباحها إلى نحو 525 مليون دولار (1.97 مليار ريال) مقارنةً بتسجيلها خسائر في العام السابق وصلت إلى 516 مليون دولار (1.93 مليار ريال).

ويأتي هذا التحول للربحية في النتائج المالية لشركات القطاع، وتحقيقها لقفزة كبيرة في الأرباح، بفعل ارتفاع الإيرادات ودخل العمليات والهامش الربحي وزيادة الكميات والمنتجات المبيعة.

ومن بين 11 شركة تعمل في مجال البتروكيميائيات مدرجة في «تداول»، حققت 8 شركات ربحاً صافياً، وهي: «سابك»، و«سابك للمغذيات»، و«ينساب»، و«سبكيم»، و«المجموعة السعودية»، و«التصنيع»، و«المتقدمة»، و«اللجين»، في حين واصلت 3 شركات خسائرها مع تراجع بسيط في الخسائر مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، وهي: «كيمانول»، و«نماء»، و«كيان».

وبحسب إعلاناتها لنتائجها المالية في «السوق المالية السعودية»، حققت شركة «سابك» أعلى أرباح بين شركات القطاع والتي بلغت مليار ريال، مقارنةً بتحقيقها خسائر بلغت 2.88 مليار ريال للعام السابق، وبنسبة نمو تجاوزت 134 في المائة.

وحلت «سابك للمغذيات» في المركز الثاني من حيث أعلى الأرباح، رغم تراجع أرباحها بنسبة 21 في المائة، وحققت أرباحاً بقيمة 827 مليون ريال خلال الربع الثالث 2024، مقابل تسجيلها لأرباح بـ1.05 مليار ريال في الربع المماثل من العام السابق.

وفي المقابل، حققت «اللجين»، أعلى نسبة نمو بين الشركات الرابحة، وقفزت أرباحها بنسبة 1936 في المائة، بعد أن سجلت صافي أرباح بلغ 45.8 مليون ريال في الربع الثالث لعام 2024، مقابل أرباح بلغت 2.25 مليون ريال في العام السابق.

مصنع تابع لشركة كيميائيات الميثانول (كيمانول) (موقع الشركة)

توقعات استمرار التحسن

وفي تعليق على نتائج شركات القطاع، توقع المستشار المالي في «المتداول العربي» محمد الميموني خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تستمر حالة التحسن في أرباح شركات قطاع البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، بفعل حالة ترقب التحسن في الاقتصاد الصيني الذي يعد من أهم وأكبر المستهلكين لمنتجات شركات البتروكيميكال، والاستقرار المتوقع في الأوضاع الجيوسياسية، مضيفاً أن تلك العوامل ستعمل على بدء انفراج في أسعار منتجات البتروكيميكال، وتجاوزها للمرحلة الماضية في تدني وانخفاض أسعارها. وقال «لا أتوقع أن يكون هناك مزيد من التراجع، ومن المتوقع أن يبدأ الاستقرار في أسعار منتجات البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، وهو مرهون بتحسن أسعار النفط، وتحسن الطلب على المنتجات».

وأشار الميموني إلى أن أسباب تراجع أرباح بعض شركات القطاع أو استمرار خسائرها يعود إلى انخفاض متوسط أسعار مبيعات منتجات البتروكيميكال نتيجة لاتجاه السوق والأسعار نحو الانخفاض بالإضافة إلى فترة الصيانة الدورية لعدد من مصانع شركات القطاع، وكذلك ارتفاع تكلفة وقود الديزل في الفترة منذ بداية يناير (كانون الثاني) 2024 وارتفاع تكلفة الشحن بسبب الاضطرابات الجيوسياسية التي أثرت على مسار الشحن من خلال مسار البحر الأحمر، وارتفاع تكاليف التمويل، ورغم اتجاه أسعار الفائدة نحو الانخفاض منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، فإنه لم ينعكس بشكل جيد على وضع نتائج شركات البتروكيميكال حتى الآن، مجدِّداً توقعه بتحسن النتائج المالية لشركات القطاع خلال الربعين المقبلين.

تحسن الكفاءة التشغيلية

من جهته، قال المحلل المالي طارق العتيق، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن شركات القطاع أظهرت منذ بداية السنة تحسناً في الكفاءة التشغيلية لجميع عملياتها وأدائها، وارتفاع في أعداد الكميات المنتجة والمبيعة، وتكيّف شركات القطاع مع تغير ظروف السوق. وقابل ذلك تحسّن ظروف السوق وزيادة الطلب على المنتجات البتروكيماوية، وتحسّن الهوامش الربحية ومتوسط الأسعار لبعض منتجات البتروكيميائيات الرئيسة.

وعّد العتيق تسجيل 8 شركات من أصل 11 شركة تعمل في القطاع، أرباحاً صافية خلال الربع الثالث، أنه مؤشر مهم على تحسن عمليات وأداء شركات القطاع، ومواكبتها لتغير الطلب واحتياج السوق، مضيفاً أن القطاع حساس جداً في التأثر بالظروف الخارجية المحيطة بالسوق وأبرزها: تذبذب أسعار النفط، والظروف والنمو الاقتصادي في الدول المستهلكة لمنتجات البتروكيميائيات وأهمها السوق الصينية، والأحداث الجيوسياسية في المنطقة وتأثيرها على حركة النقل والخدمات اللوجستية، لافتاً إلى أن تلك الظروف تؤثر في الطلب والتكاليف التشغيلية لمنتجات البتروكيميائيات، إلا أنها قد تتجه في الفترة الراهنة باتجاه إيجابي نحو تحسن السوق والطلب على منتجات البتروكيميائيات.