في ظل تحفز طرفي الصراع في ليبيا، يأمل كثير من المواطنين في هذا البلد الغني بالنفط بأن تنتهي إراقة الدماء بين «أبناء الوطن الواحد»، ويُسدل الستار على المعركة التي يجرى التحضير لها على تخوم مدينة سرت، عبر التوصل لاتفاق سياسي يتوافق عليه «الجيش الوطني» وقوات حكومة «الوفاق».
وعكس عدد من السياسيين الليبيين في حديثهم لـ«الشرق الأوسط» رغبتهم الشديدة في تفعيل لغة حوار ليبي - ليبي، لـ«قطع الطريق على التدخلات والأطماع الخارجية في بلادهم»، و«خوفاً من تحولها إلى ملاذات للجماعات الإرهابية، والمقاتلين الأجانب الذين يتخذونها محطة قبل تسربهم إلى الساحل الأوروبي».
وقال سياسي ليبي من غرب البلاد إن «المواطنين هنا ينتظرون اليوم الذي يُعلن فيه بشكل دائم وقف القتال إلى الأبد. لقد سئموا الحرب والاشتباكات»، مضيفاً: «هم يفكرون الآن كيف يقضون العيد في ظل انقطاع للكهرباء وغلاء للأسعار، وغالبية مساكن آلاف المواطنين مهدمة بسبب الحرب».
وبموازاة دور جزائري تبلور في مبادرة تبناها الرئيس عبد المجيد تبون، يستهدف تفعيل وساطة لحل الأزمة، لاح دور مغربي منطلقاً من اتفاق الصخيرات، الذي وقعه الأفرقاء السياسيون هناك نهاية عام 2015. وهو ما عكسه لقاء عبد الهادي إبراهيم الحويج، وزير الخارجية والتعاون الدولي بالحكومة الليبية، بنظيره المغربي ناصر بوريطة في الرباط.
وقال مكتب الحويج أمس إن اللقاء، الذي جمعهما منتصف الأسبوع الحالي، تناول آخر تطورات الوضع في ليبيا الميداني والسياسي، مبرزا أن الحل للأزمة في ليبيا «لا بد أن يصنعه الليبيون بأنفسهم».
وللمرة الثانية جمع المغرب رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، القيادي بحزب العدالة والبناء الذراع السياسية لتنظيم الإخوان؛ لكن رغم ذلك لم يتحمس عضو مجلس النواب عمر غيث قرميل، نائب رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان، لهذا اللقاء، واعتبره «مجرد إلقاء حجر في المياه الراكدة». وطرح تساؤلاً يتعلق بمدى جدية الأطراف الليبية في إيجاد خريطة طريق تنقذ البلاد، بعيداً عما سماه «المناورات السياسية التي يسعى إليها كل لاعب لإثبات وجوده في الملف الليبي».
ورغم ترحيب كثير من الأطراف في البلاد بأي مبادرة محلية، أو إقليمية أو دولية من شأنها مساعدة الليبيين، والخروج بهم من دائرة الحرب والاشتباكات، رد عبد الرحمن الشاطر، عضو المجلس الأعلى للدولة، على من ينادي بتطوير اتفاق الصخيرات بالقول إن «الدعوة لتطوير الاتفاق السياسي تعد دخولا إلى المجهول، مقابل أن الدعوة للاستفتاء على مشروع الدستور مطلب شعبي ملح».
وأضاف الشاطر عبر حسابه على «تويتر» موضحا: «السياسيون لا يريدون هذا الحل الواقعي لأنهم يريدون البقاء في مناصبهم، والدماء التي أزهقت بحاجة لإعادة الأمانة للشعب الليبي ليقرر مصيره ولا يقرره غيره»، وذهب إلى أن حوار صالح والمشري عبر وساطة مغربية هو مجرد «عودة للمربع الأول، وفخ لإطالة أمد الأزمة».
ورفض برلمان طبرق اتفاق «الصخيرات»، الذي رعته الأمم المتحدة قبل قرابة خمس سنوات، والذي يشرعن وجود حكومة «الوفاق» والمجلس الأعلى للدولة، وأعلن القائد العام لـ«الجيش الوطني» المشير خليفة حفتر إسقاطه.
في شأن آخر، قالت المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة، أمس، إن ثلاثة مهاجرين قتلوا بالرصاص ليل الاثنين - الثلاثاء في نقطة إنزال على الساحل الليبي، مطالبة بـ«فتح تحقيق» في الحادث.
وأدانت المفوضية العليا في بيان أصدرته أمس، ما وصفته بـ«الحادث المأسوي»، الذي أودى بحياة ثلاثة أشخاص، وطالبت بفتح تحقيق عاجل إثر «إطلاق النار عند نقطة إنزال ميناء الخمس (بغرب البلاد) في ليبيا، بعد اعتراض خفر السواحل الليبيين لزورق»، وأوضح البيان أن إطلاق النار حصل بعد إنزال أكثر من 70 شخصاً.
التوصل إلى «اتفاق سياسي» حلم الليبيين لمنع الحرب
التوصل إلى «اتفاق سياسي» حلم الليبيين لمنع الحرب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة