القضاء يستجوب أحد وجهاء حكم بوتفليقة في «وقائع فساد»

ترتيبات لإصدار قانون يجرم الاتجار بالبشر

TT

القضاء يستجوب أحد وجهاء حكم بوتفليقة في «وقائع فساد»

استجوب قاضي التحقيق بمحكمة الجنح بالجزائر العاصمة، أمس، وزير العدل الطيب لوح حول وقائع سوء تسيير وفساد كانت سبباً في إيداعه الحبس الاحتياطي في 22 من أغسطس (آب) من السنة الماضية.
ويرتقب تنظيم محاكمة للوزير السابق، ضمن «الدفعة الثانية من وزراء الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة» الذين طالتهم المتابعة القضائية.
وأكد مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط» أن قاضي التحقيق استجوب الطيب لوح للمرة الثالثة، ما يعني -حسبه- اقتراب موعد إحالة الملف إلى المحكمة.
ويقع وزير العدل الأسبق تحت طائلة أربع تهم، هي: «استغلال الوظيفة الحكومية لمصلحة خاصة»، و«عرقلة السير الحسن للعدالة»، و«التحريض على التحيز»، و«التحريض على التزوير في مستندات رسمية».
وذكر المصدر القضائي أن أخطر تهمة يواجهها لوح تتعلق بتعطيل متابعات قضائية خصت وجهاء ورجال أعمال، ومسؤولين سياسيين وموظفين في أجهزة حكومية، كانوا معروفين بقربهم من الرئيس السابق وعائلته.
وبحسب المصدر نفسه، فقد طرح قاضي التحقيق أسئلة على لوح تتعلق بأوامر أسداها للنواب العامين عندما كان وزيراً للعدل، تطالبهم بوقف ملاحقات قضائية، وإلغاء تهم ضد أشخاص، على أساس تدخلات من جهات نافذة في الدولة آنذاك، من بينهم السعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس سابقاً الذي أدانه القضاء العسكري العام الماضي بـ15 سنة سجناً، بتهمتي «التآمر على سلطة الدولة» و«التآمر على الجيش». وكان لوح عنصراً أساسياً في نظام حكم بوتفليقة، حيث اشتغل معه لمدة 13 سنة وزيراً للعمل، وعينه وزيراً للعدل في السنوات الأخيرة لحكمه، وهو في الأصل قاضٍ ترأس نقابة القضاة في تسعينيات القرن الماضي، وكان على وشك الفصل من جهاز القضاء، بعد أن اتهم بـ«ارتكاب أخطاء مهنية خطيرة» في أواخر حكم الرئيس السابق الجنرال اليمين زروال (1994-1999)، لكن أنقذه بوتفليقة عندما وصل إلى السلطة، وأضحى في وقت قصير من أبرز رجاله.
ومن أهم المسؤولين السابقين الذين ينتظر محاكمتهم، بعد نهاية العطلة القضائية في سبتمبر (أيلول) المقبل، وزير الأشغال العمومية سابقاً عمر غول، ووزير التجارة سابقاً عمارة بن يونس، علماً بأن القضاء أدان رئيسي الوزراء سابقاً أحمد أويحيى وعبد المالك سلال بـ15 سنة و12 سنة سجناً على التوالي، على أساس تهم تخص تسيير الشأن العام.
إلى ذلك، صرح مدير قسم العلاقات متعددة الأطراف بوزارة الخارجية، لزهر سوالم، أمس، بالعاصمة، خلال اجتماع حول الاتجار بالبشر، بأن خبراء «يعملون جاهدين على وضع اللمسات الأخيرة لاستكمال نص قانوني مخصص للوقاية من الاتجار بالأشخاص، تمهيداً لعرضه في أقرب وقت ممكن على الحكومة، ثم على البرلمان للمصادقة عليه»، وأوضح أن «الظروف الاستثنائية التي أفرزتها جائحة كورونا أثرت على وتيرة العمل».
وأشار المسؤول الحكومي إلى أن القانون المرتقب «سيجمع كل التدابير القانونية ذات العلاقة بجريمة المتاجرة بالبشر، الواردة في قانون العقوبات وقانون حماية الطفولة، ويضع إطاراً شاملاً دقيقاً لإرساء نظام خاص بالضحايا، يضمن بطريقة محكمة التكفل بهم على الصعيد المادي والمعنوي، وإنشاء مراكز متخصصة لإيوائهم بغية حمايتهم وصون كرامتهم».
وقال ناشطون بـ«اللجنة الوطنية للوقاية من الاتجار بالأشخاص ومكافحته» (تنظيم بالمجتمع المدني قريب من الحكومة) خلال الاجتماع إن «حماية الأشخاص من جريمة الاتجار بالبشر مسؤولية قانونية تتحملها السلطات المطالبة بصون كرامة الإنسان»، مشددين على «ضرورة تقيد الجزائر بالاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها، والتي تخص هذا المجال».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.