اشتباكات وتبادل قصف بين النظام والمعارضة جنوب إدلب

نزوح بين المدنيين وسط انتشار وباء «كورونا»

TT

اشتباكات وتبادل قصف بين النظام والمعارضة جنوب إدلب

أفيد أمس بتصعيد عسكري بين قوات النظام السوري من جهة وفصائل معارضة تدعمها تركيا في جبهة جديدة، قرب سراقب جنوب إدلب على طريق حلب - اللاذقية في شمال غربي البلاد.
وقال قائد عسكري في «الجبهة الوطنية للتحرير» المعارضة لوكالة الأنباء الألمانية، إن «فصائل المعارضة المدعومة من الجيش التركي دمروا دبابة للقوات الحكومية، وقتلوا طاقمها على محور بلدة داديخ بريف إدلب، وتجري حالياً معارك عنيفة بالأسلحة المتوسطة على أطراف البلدة بعد محاولة دبابة للقوات الحكومية التقدم باتجاه مواقع المعارضة».
وأضاف القائد العسكري، أن «فصائل المعارضة مدعومة بالقوات التركية بدأت أيضاً عملية عسكرية في محيط مدينة سراقب بريف إدلب الشرقي، كما استهدفت طائرة تركية من دون طيار مواقع للقوات الحكومية في محيط بلدة داديخ».
وتسيطر القوات الحكومية على مدينة سراقب بريف إدلب الشرقي بعد تأمين طريق حلب - دمشق، كما تسيطر فصائل المعارضة والجيش التركي على المناطق المحاذية لطريق حلب - دمشق.
وتعيش المناطق الجنوبية والغربية في محافظة إدلب شمال غربي سوريا لليوم الثالث على التوالي، على وقع القصف المدفعي وراجمات الصواريخ من قبل قوات النظام والقوات الروسية على حد سواء؛ ما دفع الفصائل إلى الرد على مصادر إطلاق النار.
وقال الناشط مؤيد الإدلبي، إن «قوات النظام صعّدت خلال اليومين الماضيين من قصفها المدفعي والصاروخي على مناطق عين لاروز، وكفرعويد، وسفوهن، والبارة جنوب إدلب؛ ما أسفر عن مقتل مدني وجرح آخرين، تزامناً مع تحليق مكثف لطيران الاستطلاع الروسي في أجواء المناطق الجنوبية والغربية لمحافظة إدلب»، لافتاً إلى قصف مناطق دير الأكراد، والكبينة، وبرزا بريف اللاذقية الشرقي، مصدره القوات الروسية المتمركزة في معسكرات جورين غربي حماة؛ ما أدى إلى مقتل 3 عناصر من فصائل المعارضة السورية المسلحة.
واعتبرت مصادر معارضة القصف المستمر من قبل قوات النظام على مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة السورية، استمراراً لخرق وقف إطلاق النار المبرم بين الجانبين الروسي والتركي؛ «ما دفع الفصائل إلى الرد بالمثل على مصادر إطلاق النار من قبل قوات النظام وتدمير دبابة للأخيرة في موقع تل داديخ جنوب شرقي إدلب، بالإضافة إلى دشمة لقوات النظام على محور كفرنبل جنوب إدلب، واستهداف مواقع تابعة لقوات النظام بالأسلحة الرشاشة في مزارع حسنو بسهل الغاب شمال غربي حماة».
ولفتت المصادر إلى أن القوات التركية قامت يوم أمس بنقل عدد من المدافع الثقيلة والدبابات والعناصر من معسكر المسطومة إلى قرية النيرب جنوب شرقي إدلب، المواجهة لمنطقة سراقب الخاضعة لسيطرة قوات النظام، مرجحاً نشوب مواجهات عنيفة في أي لحظة، لا سيما أن فصائل المعارضة أعلنت حالة الاستنفار القصوى لعناصرها وإعلان جاهزيتها القتالية ضمن مناطق التماس مع قوات النظام في ريف إدلب وحماه واللاذقية.
وقال مسؤول «وحدة الرصد 88» التابعة لفصائل المعارضة السورية، إن «معسكرات النظام المتقدمة شهدت خلال الأيام الأخيرة وصول تعزيزات عسكرية وقتالية بشكل مكثف توزعت على معسكرات جورين ومزارع بيت حسنو بسهل الغاب غربي حماة، ومعسكرات كفرنبل ومعرة النعمان وسراقب جنوب إدلب، ومواقع عسكرية بريف اللاذقية الشرقي؛ ما يوحي بأن هناك ثمة تحضيرات من قبل النظام وحلفائه لعملية عسكرية محتملة ضد المناطق المحررة شمال غربي سوريا»، لافتاً إلى أن القصف المكثف من قبل قوات النظام الذي تشهده مناطق إدلب خلال الأيام الأخيرة تمهيداً للعملية العسكرية.
وقال مسؤول في «منسقي استجابة سوريا»، إن ارتفاع وتيرة القصف المدفعي والصاروخي من قبل قوات النظام الذي يترافق مع تحليق مكثف لطيران الاستطلاع دفع مئات الأسر مجدداً للنزوح من قراهم في ريف إدلب الجنوبي نحو المخيمات الحدودية مع تركيا والمناطق الآمنة نسبياً؛ خوفاً من تزايد حدة القصف والخروقات من قبل قوات النظام من جهة، ومن جهة أخرى عودة المواجهات مجدداً بين الأخيرة وفصائل المعارضة المسلحة.
ويضيف، أن حركة النزوح أتت بالوقت الذي تتزايد فيه الإصابات بفيروس كورونا بين المدنيين والتي بلغ عددها حتى الآن أكثر من 30 إصابة في الشمال السوري؛ الأمر الذي سيزيد من معاناة المدنيين، لا سيما أن الإمكانات والتجهيزات الطبية والمشافي غير قادرة على استيعاب أعداد كبيرة بعد دمار معظم المراكز الطبية في الشمال السوري نتيجة القصف والغارات الجوية الروسية في أوقات سابقة.
وقال ناشطون، إن «ارتفاع حدة القصف والخروقات على مناطق جبل الزاوية جنوب إدلب، لا يوجد لها تفسير سوى أن النظام ينوي إفراغها من السكان؛ تمهيداً لشن عملية عسكرية والسيطرة على المناطق الواقعة جنوب الطريق الدولية، لا سيما أن مواقعه العسكرية شهدت خلال الأيام الماضية وصول حشود عسكرية وآليات».



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».