متاعب نفسية وجسدية... الجانب الآخر من التباعد الاجتماعي

أشخاص يجلسون على مسافات متباعدة بينما ينتظرون اختباراً لفيروس كورونا لركوب قطارات المسافات الطويلة في جاكرتا (أ.ب)
أشخاص يجلسون على مسافات متباعدة بينما ينتظرون اختباراً لفيروس كورونا لركوب قطارات المسافات الطويلة في جاكرتا (أ.ب)
TT

متاعب نفسية وجسدية... الجانب الآخر من التباعد الاجتماعي

أشخاص يجلسون على مسافات متباعدة بينما ينتظرون اختباراً لفيروس كورونا لركوب قطارات المسافات الطويلة في جاكرتا (أ.ب)
أشخاص يجلسون على مسافات متباعدة بينما ينتظرون اختباراً لفيروس كورونا لركوب قطارات المسافات الطويلة في جاكرتا (أ.ب)

أصبحت المعاناة النفسية نتيجة التباعد الاجتماعي تمثل تحدياً كبيراً للحد من جائحة تدخل شهرها الثامن الآن. وهذا هو الحال خاصة بين الشباب الأقل خوفاً من فيروس كورونا المستجد، والأكثر معاناة اقتصادياً واجتماعياً عندما يبقون في منازلهم فمن اليابان إلى إسبانيا والولايات المتحدة تتسبب العدوى بالفيروس بين مختلف قطاعات المجتمعات في موجات جديدة من الحالات التي لا يبدو أنها تتضاءل رغم القيود التي تم إعادة فرضها. وعكس هذا الاتجاه المثير للقلق حقيقة أن قيود التباعد الاجتماعي أثبتت أنها لا تطاق إذا استمرت فترة طويلة رغم فعاليتها في الحد من انتشار الفيروس في أنحاء العالم في مطلع هذا العام.
ونقلت وكالة بلومبرغ للأنباء عن بيتر كوليغنون، أستاذ الطب الإكلينيكي بكلية الطب التابعة للجامعة الوطنية الأسترالية بكانبرا قوله: «إنهم الأشخاص الأكثر تأثراً اقتصادياً واجتماعياً بعمليات الإغلاق، ولكن الأقل تأثراً بالمرض... المشكلة التي تواجهنا هي أن الأشخاص الذين هم أكثر من نحتاج لتغيير سلوكهم هم في العشرينات والثلاثينات من العمر».
لقد أدت حقيقة أن الأشخاص الأصغر سناً أقل عرضة لخطر الإصابة بعدوى شديدة بمرض «كوفيد - 19» أو الوفاة إلى أن تزداد جرأتهم في انتهاك القواعد مع تزايد فقدان فرص العمل. فالشباب يخرجون من منازلهم لأسباب تتراوح ما بين الذهاب للعمل أو الإسهام في تقديم الرعاية، أو التوجه للحانات والملاهي الليلية وحتى إلى المشاركة في حالات مثيرة للقلق تتمثل في حفلات «كوفيد - 19» لتعمد الإصابة بالعدوى.
وذكرت «بلومبرغ» أن ذلك دعا شخصيات عامة مثل أنتوني فاوتشي مدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية بالولايات المتحدة إلى أن يطلب من الشباب أن يكونوا أكثر مسؤولية وألا يكونوا طرفاً مساعداً في انتشار الجائحة».
وبالنسبة للحكومات التي تواجه موجات جديدة من فيروس كورونا وفي انتظار لقاح فعال لن يتوفر قبل شهور، ليس أمامها سوى خيارات قليلة بالإضافة للدعوة للبقاء في المنازل.
والبقاء في المنازل يؤدي إلى كثير من المتاعب النفسية، حيث يقول جوشوا مورجانشتاين، أستاذ طب النفسي الأميركي إن «الافتقار إلى التواصل الاجتماعي يعتبر بالنسبة لبعض الأشخاص مثل الحرمان من الأكل».
وقد أوضحت دراسة لباحثين في جامعة مانشيستر أن للتباعد الاجتماعي والبقاء في عزلة تأثيرات كبيرة على الصحة العقلية والحالة الانفعالية للأشخاص؛ حيث المعاناة من مشاعر متزايدة بالقلق والاكتئاب.
وتشير الدراسة إلى أن البقاء في المنزل، يعني بالنسبة للبعض، فقدان الدخل، ويعني بالنسبة للبعض الآخر فقدان روتين الحياة الذي تعودوا عليه، والتواصل الاجتماعي وجها لوجه. وتؤكد الدراسة أن فقدان هذه الأمور المادية له تأثير صادم في شكل «خسائر» في المشاعر، مثل فقدان الشخص لقيمته الذاتية، وفقدان الحافز، وفقدان المعنى في الحياة اليومية.
ويؤكد الأطباء أن من الأثار السيئة للبقاء وحيداً في المنزل أنه يزيد من خطر التعرض إلى الإصابة بالأمراض، نتيجة ارتفاع ضغط الدم ومعدلات ضربات القلب، والإجهاد والالتهاب. كما أن الشعور بالوحدة لفترات طويلة قد يزيد من معدلات الوفاة.
كما تؤكد المراجع الطبية أن القلق والعزلة يؤثران تأثيراً فيزيائيّاً على القوى العقلية.
وقد نجح كثير من الأشخاص في جميع أنحاء العالم في اللجوء لبعض الأساليب لتخفيف حدة الوحدة من خلال إجراء الاتصالات الافتراضية عبر المنصات المتاحة مثل «فيسبوك»، و«زووم»، و«سكايب» وغيرها من المنصات الرقمية، وكذلك لجأوا لفكرة النوادي الافتراضية منذ تفشي فيروس كورونا.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

كيف تتغلب على كثرة التفكير وقت النوم؟

يعاني الكثير من الأشخاص من كثرة التفكير وقت النوم (أ.ف.ب)
يعاني الكثير من الأشخاص من كثرة التفكير وقت النوم (أ.ف.ب)
TT

كيف تتغلب على كثرة التفكير وقت النوم؟

يعاني الكثير من الأشخاص من كثرة التفكير وقت النوم (أ.ف.ب)
يعاني الكثير من الأشخاص من كثرة التفكير وقت النوم (أ.ف.ب)

يعاني كثير من الأشخاص من كثرة التفكير ليلاً؛ الأمر الذي يؤرِّقهم ويتسبب في اضطرابات شديدة بنومهم، وقد يؤثر سلباً على حالتهم النفسية.

أسباب كثرة التفكير ليلاً

قال الدكتور راماسوامي فيسواناثان، رئيس الجمعية الأميركية للطب النفسي، لشبكة «فوكس نيوز» الأميركية، إن التوتر والقلق هما السببان الرئيسيان لكثرة التفكير في الليل.

وأضاف: «التوتر من شيء حدث بالفعل، والقلق بشأن اليوم المقبل، يمكن أن يسبِّبا هذه المشكلة. كما يمكن أن تؤدي مشكلات تتعلق بالصحة العقلية، مثل اضطرابات القلق والاضطراب ثنائي القطب إلى فرط التفكير وقت النوم».

وتابع: «تميل هذه الأفكار إلى أن تكون أكثر نشاطاً في الليل، عندما لا تكون هناك أنشطة أخرى تشغل العقل».

وقال فيسواناثان، وهو أيضاً أستاذ ورئيس مؤقت لقسم الطب النفسي والعلوم السلوكية في جامعة داون ستيت للعلوم الصحية ببروكلين: «في الليل، عندما يكون هناك عدد أقل من عوامل التشتيت، يكون من الأسهل التفكير في اليوم الذي قضيناه للتو والقلق بشأن مشاكل العمل أو الأسرة، أو المخاوف المالية».

وأشار إلى أن تناول المنبهات، مثل الكافيين، أو تناول بعض الأدوية قبل وقت النوم، يمكن أن يتداخل أيضاً مع الاسترخاء، ويتسبب في النشاط العقلي المفرط.

كيف يؤثر الحرمان من النوم على صحتنا

قال فيسواناثان إن النوم غير الكافي أو رديء الجودة يمكن أن يكون له آثار سلبية خطيرة على العقل والجسم، بما في ذلك انخفاض وظائف المخ وصعوبة اتخاذ القرارات وحل المشكلات وتنظيم المشاعر.

وأوضح قائلاً: «إنه يسبب الصداع والتعب والتوتر، ويقلِّل من الانتباه والكفاءة الوظيفية. كما أنه يساهم في حوادث المرور وأخطاء العمل وضعف العلاقات».

كما حذر فيسواناثان من أن مشكلات النوم قد تؤثر على الصحة على المدى الطويل؛ حيث يمكن أن تثبط وظيفة المناعة، وتجعل المرء أكثر عرضة للإصابة بالعدوى، وتدفع الشخص إلى تناول الأكل غير الصحي، وبالتالي تتسبب في زيادة الوزن.

وأضاف أنها يمكن أن تزيد أيضاً من خطر الإصابة بمشاكل صحية مزمنة، مثل أمراض القلب وارتفاع ضغط الدم والسكري والسكتة الدماغية، ويمكن أن تقصر العمر.

التوتر والقلق هما السببان الرئيسيان لكثرة التفكير في الليل (رويترز)

كيف يمكن التغلب على كثرة التفكير وقت النوم؟

1- وضع روتين لوقت النوم

يقول فيسواناثان إن الالتزام بروتين ليلي منتظم مع وقت ثابت للنوم والاستيقاظ «مهم للغاية»، وهو الأساس في خطة التغلب على كثرة التفكير وقت النوم.

2- احذر تناول بعض المشروبات والطعام في وقت متأخر

أوصى فيسواناثان بالامتناع عن المشروبات التي تحتوي على الكافيين أو الكحول أو الأطعمة الثقيلة قبل وقت النوم مباشرة.

3- امتنع عن استخدام الشاشات قبل النوم بساعة

اقترح فيسواناثان التوقُّف عن استخدام شاشات الهواتف الذكية وشاشات التلفزيون وأجهزة الكومبيوتر قبل النوم بساعة.

وقال: «الضوء الأزرق المنبعث من هذه الأجهزة يتداخل مع النوم وإيقاع الساعة البيولوجية»، التي تنظم فترات النعاس واليقظة خلال اليوم.

بدلاً من ذلك، اقترح فيسواناثان الاستماع إلى موسيقى خفيفة أو قراءة كتاب أو استخدام تقنيات الاسترخاء، مثل التنفس العميق والتأمل.

4- جرب الاستحمام بماء دافئ

قد يساعد الاستحمام بماء دافئ قبل النوم بـ3 ساعات على تهدئة العقل، لكن فيسواناثان حذر من القيام بهذا الأمر قبل النوم مباشرة، مشيراً إلى أنه قد يأتي بنتائج عكسية في هذه الحالة.

5- خلق بيئة مشجعة على النوم

للحصول على نوم مثالي، يجب أن تكون غرفة النوم هادئة ومظلمة وباردة، كما ينبغي أن يكون الفراش مريحاً، كما أوصى فيسواناثان.

6- حدد وقتًا للقلق

إذا لم تكن هذه التقنيات وحدها كافية لتقليل فرط التفكير خلال النوم، يقترح فيسواناثان تحديد «وقت للقلق»، ووضع نافذة زمنية محددة للتفكير في مخاوفك وتحديد مسار للحلول الممكنة.

وقال الطبيب: «هذا يطمئنك إلى أنك ستتعامل مع مخاوفك، لكنه يمنعها من الامتداد إلى وقت نومك».

7- دوِّن مخاوفك

يقترح فيسواناثان أن تحتفظ بدفتر ملاحظات بجوار سريرك حتى تتمكَّن من تدوين مخاوفك فور حدوثها، وأن تخبر نفسك بأنك ستتصرف حيالها في اليوم التالي.