رواية إيرانية جديدة عن احتكاك مقاتلات أميركية بطائرة «ماهان»

زعمت حدوث «مضايقة» على الحدود السورية ـ اللبنانية... وتحذّر الأردن

جنود يجتمعون أمام طائرة تابعة لخطوط «ماهان» نقلت جثث عناصر من «الحرس الثوري» قضوا في سوريا خلال 2016 (إرنا)
جنود يجتمعون أمام طائرة تابعة لخطوط «ماهان» نقلت جثث عناصر من «الحرس الثوري» قضوا في سوريا خلال 2016 (إرنا)
TT

رواية إيرانية جديدة عن احتكاك مقاتلات أميركية بطائرة «ماهان»

جنود يجتمعون أمام طائرة تابعة لخطوط «ماهان» نقلت جثث عناصر من «الحرس الثوري» قضوا في سوريا خلال 2016 (إرنا)
جنود يجتمعون أمام طائرة تابعة لخطوط «ماهان» نقلت جثث عناصر من «الحرس الثوري» قضوا في سوريا خلال 2016 (إرنا)

روجت «مصادر» إيرانية رواية جديدة حول حادث احتكاك مقاتلتين أميركيتين بالرحلة «1152» لشركة «ماهان» المقربة من «الحرس الثوري» في محيط قاعدة التنف السورية، وضمت إليه احتكاكاً آخر «في الحدود اللبنانية - السورية».
ونشر المنبر الدعائي للسلطات الإيرانية باللغة الإنجليزية قناة «برس تي وي»، رواية جديدة للحادث الذي وقع مساء الخميس الماضي، ونقلت القناة عن «مصادر مطلعة» أن المقاتلتين اقتربتا من طائرة الركاب الإيرانية لمدة «6 دقائق على دفعتين». وأضافت أن «المرة الأولى كانت فوق منطقة التنف الاستراتيجية وبالقرب من الحدود الأردنية - العراقية، وفي المرة الثانية، حصلت المضايقة عبر الحدود السورية - اللبنانية بينما كانت تقترب من مطار بيروت». وأضافت أن المقاتلين «أقلعتا من قاعدة (الأزرق)» في الأردن.
وحسب هذه الرواية، فإن «الطيار اضطر إلى خفض الارتفاع لتجنب الاصطدام بالطائرتين الأميركيتين على الحدود السورية - اللبنانية».
وتعد هذه الرواية في الأساس رواية معدلة ضمن روايات عدة تدوولت في المواقع والوكالات الرسمية الإيرانية خلال الساعات الأولى من الحادث. وكانت مواقع إيرانية نقلت بعد ساعات من الحادث عن موقع «نور نيوز» المحسوب على المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، أن «الحادث وقع في الأجواء اللبنانية بينما كانت تستعد الطائرة للهبوط في مطار بيروت». وسرعان ما سحبت مواقع إيرانية هذه الرواية، بعدما عززت وكالة «تسنيم» رواية عبور الطائرة، ذهاباً وإياباً من فوق قاعدة التنف.
وقال الجيش الأميركي إن مقاتلته من طراز «إف15» كانت على مسافة آمنة وكانت تجري تدقيقاً بصرياً لطائرة الركاب؛ لأنها عبرت بالقرب من قاعدة التنف العسكرية في سوريا حيث تتمركز قوات أميركية.
وجاءت رواية قناة «برس تي وي» غداة مقال نشره موقع «نور نيوز»، ليلة السبت، يتضمن تحذيرات ضمنية للأردن بسبب قاعدة «الأزرق»، وكانت هذه هي المرة الأولى التي تتطرق فيها إيران إلى نقطة انطلاق المقاتلات.
وعلى غرار تحذيرات وجهها لدول قد تكون وراء الهجوم الذي تعرضت له منشأة «نطنز» مطلع الشهر الحالي، أوصى مقال نشره الموقع، الأردن بـ«التنبه»، مما عدّه «الدعم اللوجيستي للأميركيين»، وقال إنه «يعني المشاركة في الأعمال (...) ما يؤدي إلى زعزعة أمن الخطوط الجوية»، مشيراً إلى أن «تبعاتها قد تطال ذاك البلد (الأردن)».
وأشار المقال، دون تقديم دليل، إلى «معلومات» تشير إلى أن مقاتلتين من طراز «إف15» أقلعتا من قاعدة «الأزرق»؛ من القواعد الجوية التي تستخدمها القوات الأميركية في الأردن. وأضاف: «إنها القاعدة ذاتها التي من المحتمل أن تكون أقلعت منها طائرات (درون) ومقاتلات أميركية نفذت اغتيال قاسم سليماني».
ولم تعلق المصادر الأميركية ولا الأردنية على المزاعم الإيرانية الجديدة.
وعاد الموقع من جديد إلى تهديدات سابقة وردت على لسان مسؤولين عقب مقتل سليماني، ضد دول تضم قواعد للقوات الأميركية. ونفت عمان ذلك. ودعا إلى استدعاء القائم بالأعمال الأردني لدى طهران إلى وزارة الخارجية، و«طلب توضيح منه»، وعدها «الخطوة الأولى التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار لتوضيح دور الأردن».
كما دعا دولاً كان مواطنوها على متن الطائرة إلى ملاحقة «التصرف الأميركي». ونصح بشكوى مشتركة من سوريا ولبنان وإيران إلى المنظمة الدولية للطيران وإلى مجلس الأمن.
من جانب آخر، وجّه المقال لوماً إلى العراق عندما قال: «من المؤكد لو أن العراق دخل قضية اغتيال قاعدة المقاومة بجدية أكثر، لما تصرفت أميركا (…) وهددت أمن الخطوط الجوية».
وربط الموقع بين المواقف الدولية من كارثة الرحلة PS752 التابعة للخطوط الجوية الأوكرانية التي أسقطت بصاروخين من دفاعات «الحرس الثوري» في بداية يناير (كانون الثاني) الماضي، ما أدى إلى مقتل جميع ركاب الـ176، وبين المواقف الدولية؛ خصوصاً الأوروبية، حول الحادث الأخير.
ويلفت الموقع إلى اعتقاد إيراني بـ«أدلة لا يمكن إخفاؤها» وراء الحادث الأخير والخطوات الأميركية، وهي «ضرورة طرد القوات الأميركية (…) من المنطقة».
ولاحقاً هاجم الموقع في مقال منفصل، شخصيات معروفة في إيران، قادت حملة الإدانة ضد إسقاط الطائرة الأوكرانية على شبكات التواصل الاجتماعي، بسبب عدم إدانتها الحادث الأخير.
وعدّ الموقع الأمني الحادث «فرصة لتقييم ردود نشاط المجتمع المدني والفنانين والرياضيين».
ووجه المدعي العام الإيراني، محمد جعفر منتظري، رسالة إلى وزير الخارجية، محمد جواد ظريف، منتقداً بشدة خطوة المقاتلة الأميركية، وطالب في الوقت ذاته بمتابعة «قانونية وقضائية وسياسية»، و«مواجهة حازمة» و«تحمل العبر للمسؤولين الأميركيين».
ونقلت وكالة «إيسنا» الحكومية عن رسالة منتظري أنه طلب من منظمة الطيران الإيرانية وشركة «ماهان» للطيران، «تقديم تقرير شامل» و«اتخاذ الخطوات القانونية المطلوبة».
وذكرت «رويترز»، أول من أمس، أن رئيس لجنة حقوق الإنسان في السلطة القضائية علي باقري كني، قال إنه «يمكن لجميع ركاب طائرة الرحلة رقم (1152) التابعة لـ(ماهان إير)؛ الإيرانيون منهم وغير الإيرانيين، مقاضاة الجيش الأميركي (...)؛ القادة والجناة والمشرفين والمساعدين، في المحاكم الإيرانية نظير الأضرار المعنوية والجسدية».
وتعد شركة «ماهان» المقربة من «فيلق القدس» الأكثر إثارة للجدل بين الشركات المملوكة للمؤسسة الحاكمة في إيران، وارتبط اسمها بنقل عناصر «الحرس الثوري» والسلاح إلى سوريا منذ 2011، ووضعتها الولايات المتحدة على قائمة العقوبات التي طالت أنشطة «الحرس الثوري» قبل أن تصنفه على قائمة الإرهاب في أبريل (نيسان) 2018.
وارتبط اسم خطوط «ماهان» مؤخراً بتقارير وصفتها بأنها «المتهم رقم واحد» في تفشي فيروس «كورونا» بنقله من الصين إلى إيران وإلى دول عدة في المنطقة.



بعد ضرباتها في سوريا... إسرائيل تفترض «السيناريو الأسوأ»

دبابات إسرائيلية تتنقل بين السياجين داخل المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا (إ.ب.أ)
دبابات إسرائيلية تتنقل بين السياجين داخل المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا (إ.ب.أ)
TT

بعد ضرباتها في سوريا... إسرائيل تفترض «السيناريو الأسوأ»

دبابات إسرائيلية تتنقل بين السياجين داخل المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا (إ.ب.أ)
دبابات إسرائيلية تتنقل بين السياجين داخل المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا (إ.ب.أ)

يرى محللون أن إسرائيل بتنفيذها ضربات واسعة على أهداف عسكرية سورية، وسيطرتها على المنطقة العازلة الخاضعة لمراقبة الأمم المتحدة في مرتفعات الجولان، تسعى إلى «تجنّب الأسوأ» بعد سقوط حكم آل الأسد.

وقال يوسي ميكيلبرغ، المتخصص في شؤون الشرق الأوسط في معهد تشاتام هاوس في لندن، إن «الحكومة الإسرائيلية... تتصرف على أساس أسوأ السيناريوهات»، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وأشار محللون إلى أن بقاء بشار الأسد في السلطة كان أهون الشرور بالنسبة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، رغم تحالفه مع إيران، العدو اللدود للدولة العبرية، وحليفها «حزب الله» اللبناني، وذلك خوفاً من أن تؤدي إطاحته إلى فوضى.

وبُعيد سقوط الأسد، الأحد، شنّت إسرائيل خلال 48 ساعة مئات الضربات من الجو والبحر، قالت إنها طالت «أغلبية مخزونات الأسلحة الاستراتيجية في سوريا؛ خشية سقوطها بيد عناصر إرهابية».

واحتلت إسرائيل معظم هضبة الجولان السورية خلال حرب يونيو (حزيران) عام 1967. وبعد حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973، أُقيمت منطقة عازلة منزوعة السلاح تحت سيطرة الأمم المتحدة، عقب اتفاق لفض الاشتباك بين القوات الإسرائيلية والسورية عام 1974. وضمت إسرائيل القسم المحتل من الجولان عام 1981، في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي باستثناء الولايات المتحدة.

ومنذ اتفاق فض الاشتباك، لم تشهد جبهة الجولان أي تحرك عسكري من جانب سوريا.

والآن، يبدو أن القادة الإسرائيليين يخشون أن تكون الفوضى قد حلّت في سوريا أصلاً، ويتصّرفون وفقاً لذلك.

وفي يوم سقوط الأسد، أعلن نتنياهو أن اتفاق 1974 انهار، وأمر قواته بالسيطرة على المنطقة العازلة.

وقالت الولايات المتحدة، الداعم الرئيسي للدولة العبرية، إن انتشار القوات الإسرائيلية في المنطقة العازلة يجب أن يكون «مؤقتاً»، بعدما قالت الأمم المتحدة إن إسرائيل تنتهك اتفاق الهدنة عام 1974.

ومذاك، شن الجيش الإسرائيلي مئات الضربات ضد أصول عسكرية سورية، مستهدفاً خصوصاً مخازن أسلحة كيميائية ودفاعات جوية تابعة للبحرية السورية؛ لإبعادها عن أيدي المقاتلين.

وقد دعا مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن إلى وقف فوري لعمليات القصف الإسرائيلية.

من جهته، قال المحلّل داني سيترينوفيتش، من معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، إنه يتوقع أن توسّع إسرائيل ضرباتها، موضحاً: «كل شيء استراتيجي في سوريا (...) الصواريخ والطائرات، وكذلك مركز البحوث العلمية (التابع لوزارة الدفاع)، كل شيء سيقصف».

وأضاف: «لا نعرف من سيتصدى لنا من الجانب السوري، سواء كان تنظيم (القاعدة) أو (داعش) أو أي تنظيم آخر، لذلك علينا أن نكون مستعدين لحماية مدنيينا».

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إنه مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أصدر تعليمات للجيش «بإقامة منطقة خالية تماماً من السلاح والتهديدات الإرهابية في جنوب سوريا من دون وجود إسرائيلي دائم».

وقال أفيف أوريغ، المحلل في مركز المعلومات مئير عميت، إن مصدر القلق الرئيسي على المدى القصير بالنسبة إلى إسرائيل هو المخزونات المتبقية من الأسلحة الكيميائية، وغيرها من الأسلحة الاستراتيجية.

وذكّر بالماضي الجهادي لبعض فصائل المعارضة السورية، موضحاً: «إذا وقعت هذه الأسلحة بين أيديهم فمن يدري ماذا سيفعلون بها؟».

لكنّ ميكلبرغ رأى أن تلك الطريقة «ليست الأفضل لبناء الجسور مع الحكومة الجديدة»، لافتاً إلى كثافة الضربات الإسرائيلية وحجمها.

الأكراد والدروز

وفي وقت يسود فيه تفاؤل في سوريا بشأن مستقبل البلاد، يتوقع بعض المحللين الإسرائيليين أن تكون البلاد مجزأة.

وقال إيال بينكو، وهو ضابط بحري متقاعد وخبير أمني، إنه يتوقع أن تنقسم سوريا إلى مجموعات إثنية - دينية، موضحاً: «أعتقد أنه لن تعود هناك سوريا».

من هذا المنطلق، يمكن لإسرائيل أن تختار مجموعات دون أخرى للعمل معها.

والاثنين، قال وزير الخارجية جدعون ساعر إن أكراد سوريا الذين وصفهم بأنهم «قوة الاستقرار»، يجب أن يتمتعوا بحماية المجتمع الدولي، فيما تحدث سابقاً عن العمل مع الأكراد في شمال شرقي البلاد والدروز في الجنوب.

وقال بينكو: «لا أعتقد أنهم سيحكمون سوريا... لكن إسرائيل ستحاول الدخول في سلام مع من يرغب فيه».

من جهته، رأى ميكيلبرغ أن العمل العسكري في الجولان، وتفضيل مجموعات على أخرى، سيشكلان خطأ من شأنه أن يضر بأي علاقة مستقبلية.

محادثات نووية

على مدى عقود، كانت سوريا حليفاً وثيقاً لطهران، والركيزة الأساسية للجسر البري الذي كانت تصل عبره الأسلحة الإيرانية إلى «حزب الله».

وبعدما تضرر بشدّة خلال حربه الأخيرة مع إسرائيل، قد يجد «حزب الله» الآن صعوبة في إعادة تسليحه دون روابط بسوريا.

وقال سيترينوفيتش إن سوريا «أساسية» بالنسبة إلى «حزب الله»، «وأنا أقول إنه دون سوريا تحت تأثير إيران، فلن يكون هناك في الواقع محور مقاومة».

وأيّده بينكو في ذلك قائلاً: «الخطر المرتبط بالمحور، (حزب الله) وسوريا وإيران والميليشيات العراقية أيضاً، أقل بكثير» الآن.

لكن السؤال الأهم هو: كيف يمكن لإيران أن ترد بينما أصبح موقفها أضعف؟ وقال سيترينوفيتش إن طهران قد «تسارع لإنتاج قنبلة (نووية)».

وهو ما قاله أيضاً أوريغ، مشيراً إلى أن ذلك يشكّل مصدر القلق الاستراتيجي الرئيسي لإسرائيل؛ «لأنه عندما تتعامل مع إيران مسلّحة نووياً، فإن الأمر سيكون مختلفاً تماماً».

إذا بدأت إيران تصنيع أسلحة ذرية، فقد تقرر إسرائيل القيام بعمل عسكري كما يتوقع البعض، لكنّ آخرين قدموا فرضية بديلة، وهي أنه يمكن جعل إيران تتفاوض بعدما أُضعفت الآن.