موظفو العراق قلقون من عدم تسلم مرتباتهم قبل الأضحى

«المركزي» يحذر من التعامل بـ«الدولار الليبي»

متسوقون في مركز تجاري ببغداد (أ.ب)
متسوقون في مركز تجاري ببغداد (أ.ب)
TT

موظفو العراق قلقون من عدم تسلم مرتباتهم قبل الأضحى

متسوقون في مركز تجاري ببغداد (أ.ب)
متسوقون في مركز تجاري ببغداد (أ.ب)

رغم التطمينات المتواصلة التي تطلقها السلطات العراقية بشأن عزمها الالتزام بدفع مرتبات الموظفين في القطاع العام للشهر الحالي، فإن ذلك لم يبدد مخاوف كثيرين من احتمال أن تؤجل الحكومة ذلك إلى فترة ما بعد عيد الأضحى الذي يصادف نهاية شهر يوليو (تموز) الحالي، ويعزز من مشاعر الخوف هذه تأخير موعد الدفع المستحق لنحو أسبوعين، مثلما حدث في الأشهر الثلاثة الأخيرة في ظل الأزمة المالية المتواصلة التي تشتكي السلطات العراقية منها نتيجة انخفاض معدلات أسعار النفط وعوامل أخرى بعضها مرتبط بجائحة «كورونا».
ولا تقل الصعوبات والمخاوف التي يعانيها موظفو إقليم كردستان عن تلك التي لدى نظرائهم العرب، بل وتزيد أحياناً، نظراً لتأخر صرف المرتبات منذ أشهر طويلة واستقطاع نسب كبيرة منها. ويقول الصحافي الكردي سامان نوح، عبر مدونته الشخصية في «فيسبوك»: «الموظفون في حيرة وعوز، يكابدون بلا رواتب مع حلول العيد. ربما تصرف رواتبهم لشهر مارس (آذار) بعد 30 يوماً، مع استقطاع 20 في المائة أو 30 في المائة منها، وربما لن تصرف. لا أحد يعرف، يقولها المسؤولون بكل مسؤولية؟!». ويضيف: «حركة السوق راكدة في موسم العيد، وفرص العمل ضعيفة، والبطالة ترتفع، وقطاعات كاملة متعطلة، كالسياحة والخدمات، ومحلات تغلق وشركات تفلس».
ورغم التوجيهات التي أطلقها وزير المالية علي عبد الأمير علاوي بصرف رواتب الموظفين وإعلان «مصرف الرافدين» مباشرته توزيع «رواتب موظفي وزارات ومؤسسات الدولة من الذين وصلت صكوك تمويل رواتبهم والتخصيص المالي لدى المصرف»، فإن اللجنة المالية النيابية أعلنت، أمس، عزمها استضافة وزير المالية خلال الأسبوع الحالي، لبحث أسباب تأخير توزيع رواتب الموظفين والمتقاعدين وعدم إرسال موازنة 2020. وقال مقرر اللجنة أحمد الصفار في تصريحات أمس إن «اللجنة تحاول أن تفتح قنوات اتصال مع وزارة المالية، إلا إن الأخيرة لا تتجاوب بشكل جدي مع اللجنة لمناقشة كثير من الملفات المالية». وأشار إلى أن «اللجنة ستناقش مع وزير المالية ووكيل الوزارة ومدير عام دائرة المحاسبة عبر دائرة تلفزيونية أسباب تلك التأخيرات، فضلاً عن مناقشة أوضاع رواتب المحاضرين المجانيين والعقود، وكذلك ملفات مالية أخرى مُعلّقة». وأضاف: «هذه المناقشة ستبحث هذه الملفات مع مسؤولي الوزارة بشكل تفصيلي لإيجاد الحلول لها، وفي حال عدم حضور وزير المالية الاجتماع، فإن اللجنة ستكون مضطرة لعقد اجتماع بعد عيد الأضحى المبارك لاتخاذ قرارات حول ذلك».
وكان وزير المالية قال في يونيو (حزيران) الماضي: «إذا لم نعدل الأمور خلال هذه السنة، فربما نواجه صدمات لن نكون قادرين على معالجتها». وحذر من أن «40 مليون عراقي سيتعين عليهم أن يخضعوا لسياسة تقشف مشددة قد تستمر لعامين».
ورغم تصويت مجلس النواب العراقي نهاية الشهر الماضي على مشروع قانون الاقتراض الداخلي والخارجي لتمويل العجز المالي لعام 2020، فإن محللين اقتصاديين يرجحون استمرار قضية الصعوبات المالية التي تواجهها الحكومة في تأمين رواتب الموظفين وبقية النفقات المالية للأشهر المقبلة، لارتباطها أساساً بانخفاض مداخيل البلاد المتأتية من ريوع النفط.
بدوره، أكد عضو اللجنة المالية النيابية، جمال كوجر، أمس، امتلاك الحكومة السيولة اللازمة لصرف الرواتب. وقال كوجر في تصريحات إن «الحكومة لا تستطيع أن تتراجع أو تكذب في العهود التي قطعتها على نفسها؛ ومنها صرف رواتب الموظفين قبل عيد الأضحى. الحكومة أمنت رواتب الموظفين لمدة 3 أشهر من خلال الاقتراض الداخلي». وذكر أن «رواتب شهر يوليو (تموز) ستطلق خلال هذا الأسبوع كما وعدت الحكومة دون أن تتأخر كما حصل في الشهرين الماضيين».
في شأن مالي آخر، أصدر البنك المركزي العراقي، أمس، بياناً بشأن ما يتداول حول «الدولار الليبي».
وقال البنك في بيان إنه «يراقب ما يدور في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي من أخبار بشأن التعامل مع ما يعرف بـ(عملة الدولار الليبي) وهنا نود أن نوضح بأنه لا وجود لمثل هكذا عملة، وأن إجراءات التحقق من عدم وجودها قد تمت بتبادل المعلومات مع الأجهزة المعنية في داخل العراق وخارجه».
ونوه البنك المركزي بأن «أي جهة أو شركة تدعي بيعها لهذه العملة من خلال الترويج عبر صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي وإيهام الجمهور بوجود دولار أميركي يعود إلى البنك المركزي الليبي، هي غير مرخصة من هذا البنك، ونحذر من عمليات احتيال ونصب قد يمارسها ضعاف النفوس في هذا المجال». وكان مضاربون في سوق العملة ظهروا في الأسابيع الماضية عبر منصات التواصل الاجتماعي وهم يعلنون عن رغبتهم في بيع 10 آلاف دولار ليبي، يقال إنها من أرصدة بنوك ليبية مجمدة، بمبلغ 6 آلاف دولار أميركي.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».