الجيش العراقي يواصل عملياته لتدمير قدرات «داعش» العسكرية واللوجيستية

رئيس سابق للجنة الأمن البرلمانية: الإرهابيون ما زالوا قادرين على التخفي

TT

الجيش العراقي يواصل عملياته لتدمير قدرات «داعش» العسكرية واللوجيستية

تواصل القوات العراقية مدعومة بجهد طيران التحالف الدولي مطاردة خلايا تنظيم «داعش» في مناطق مختلفة من العراق وتدمير قدراته العسكرية واللوجيستية. وكانت قيادة العمليات المشتركة أعلنت أمس، انطلاق المرحلة الثالثة من العملية التي أطلقت عليها «أبطال العراق» والرابعة في محافظة ديالى التي تعد إحدى المحافظات التي للتنظيم خلايا في العديد من أقضيتها ونواحيها، لا سيما تلك الممتدة بين محافظتي كركوك وصلاح الدين، وصولاً إلى حزام بغداد وبالذات منطقة الطارمية.
وفيما دعا رئيس لجنة الأمن والدفاع السابق في البرلمان العراقي حاكم الزاملي في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إلى «عمليات مباغتة وشاملة للتنظيم بسبب أن هذا التنظيم قادر على التخفي وكشف التحركات العسكرية قبل وقوعها»، فإن التحالف الدولي الذي بدأ بتسليم العديد من مواقعه إلى الجيش العراقي أعلن أنه سيستمر في مساعدة الجهد العراقي في القضاء على التنظيم الإرهابي. وهذه التصريحات غالباً ما تثير خلافات سياسية بسبب الجدل المحتدم بين المطالبين بالانسحاب الأميركي من العراق دون قيد أو شرط، ومن يرى أن وجود التحالف الدولي لا يزال يشكل ضرورة بسبب استمرار هجمات التنظيم وقيامه بالعديد من العمليات النوعية، وآخرها عملية اغتيال أحد أمراء الألوية في الجيش العراقي برتبة عميد ركن.
وأعلنت قيادة العمليات المشتركة في بيان لها، أن مجمل ما تحقق خلال عملية «أبطال العراق» هو العثور على أحزمة ناسفة وصواريخ وقاذفات وعبوات ناسفة وأوكار عائدة للتنظيم وقذائف هاون وأعتدة عسكرية وسواها من الأسلحة والمواد التي تشكل أحد مصادر الدعم اللوجيستي للتنظيم.
من جهته، أعلن نائب قائد العمليات المشتركة الفريق الركن عبد الأمير رشيد يارالله في بيان له، أن «الهدف من ملاحقة الخلايا الإرهابية خلق أجواء آمنة لعودة العوائل النازحة في مناطق المخيسة وتوكل وحوض دياى وجنوب خانقين وأم الحنطة والعبارة». أما الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة اللواء يحيى رسول فقد قال في تغريدة له على «تويتر»، إنه «واستكمالاً لعمليات أبطال العراق، المرحلة الرابعة، شرعت القوات الأمنية بتنفيذ المرحلة الثالثة من العمليات بمحافظة ديالى مِن خلال ثلاثة محاور، لملاحقة الخلايا الإرهابية وخلق أجواء آمنة لعودة العوائل النازحة».
وتأتي هذه العملية استكمالاً للعملية التي كانت انطلقت بتاريخ 11 يوليو (تموز) 2020 في محافظة ديالى بإشراف قيادة العمليات المشتركة التي كانت امتدت حتى الحدود العراقية - الإيرانية بالتزامن مع بدء إجراءات تطبيق قرارات رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بالسيطرة على المنافذ الحدودية من جهة إيران.
وبموازاة العملية العسكرية في ديالى، أعلنت خلية الإعلام الأمني أمس، أن «القوات الأمنية عثرت على كدس صواريخ كاتيوشا تحت الأرض في صلاح الدين بداخله 20 صاروخاً».
إلى ذلك، أكد رئيس لجنة الأمن والدفاع السابق في البرلمان العراقي حاكم الزاملي لـ«الشرق الأوسط»، أنه «ما زالت هناك خلايا وبقايا من عصابات داعش في بعض المناطق المحررة وفي حزام بغداد كذلك، وهذه العصابات تمارس بين الحين والآخر بعض العمليات التعرضية ضد القطعات الأمنية». وأضاف أن «هذه الخلايا تنشط في سلسلة جبال حمرين وفي ديالى وغرب الأنبار وحزام بغداد وجنوب الموصل»، مبيناً أن «منها من تمارس عمليات تعرضية سواء ضد الجيش أو المواطنين ومنها ما تقوم بعمليات ابتزاز وجبي الأموال لدعم نشاطهم الإرهابي من خلال عمليات التهريب وكذلك بعض الإتاوات». وأوضح أن «هناك عمليات تقوم بها القطعات العسكرية ضد هذه المجاميع، لكنها في الواقع محدودة التأثير بسبب تسرب خطط تلك العمليات لهم عبر مراحل التهيئة والاستعداد التي تنفذها القطعات، وبالتالي يقومون بالانتقال إلى مناطق أخرى ويعودون بعد انتهاء العمليات، ما يجعلها محدودة التأثير». ودعا الزاملي وهو قيادي بارز في التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، إلى أن «تكون العمليات شاملة ومباغتة أهدافها». وبشأن استراتيجية تنظيم «داعش» يقول الزاملي: «إننا نلاحظ أن نشاطاً يعتمد على علاقة الحكومة مع الجانب الأميركي، حيث كلما تكون العلاقة جيدة نجد هناك عمليات نوعية وعمليات تحقق أهدافها بتعقب وقتل قيادات (داعش)».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.