كيف غيّر «كورونا» استخدامات وسائل التواصل الاجتماعي؟

اضطرت منظمة الصحة العالمية إلى دخول منصات التواصل من أجل مكافحة المعلومات الكاذبة والتحديات التي تمثلها للصحة العامة (أ.ف.ب)
اضطرت منظمة الصحة العالمية إلى دخول منصات التواصل من أجل مكافحة المعلومات الكاذبة والتحديات التي تمثلها للصحة العامة (أ.ف.ب)
TT

كيف غيّر «كورونا» استخدامات وسائل التواصل الاجتماعي؟

اضطرت منظمة الصحة العالمية إلى دخول منصات التواصل من أجل مكافحة المعلومات الكاذبة والتحديات التي تمثلها للصحة العامة (أ.ف.ب)
اضطرت منظمة الصحة العالمية إلى دخول منصات التواصل من أجل مكافحة المعلومات الكاذبة والتحديات التي تمثلها للصحة العامة (أ.ف.ب)

تسببت جائحة «كوفيد - 19» في عزل نسبة كبيرة من سكان العالم ومنعها من التواصل الإنساني مع الأهل والأصدقاء في العالم الواقعي. وعوضت وسائل التواصل الاجتماعي الافتراضية هذا النقص سواء كان الأهل والأصدقاء في نهاية العالم أو نهاية الشارع الذي يسكن فيه مستخدم تقنيات التواصل. وقامت وسائل التواصل الاجتماعي، أو معظمها، بالدور الذي تحمل اسمه بجدارة.
فكيف تغير الاستخدام لوسائل التواصل أثناء فترة الوباء وربما ما بعدها أيضا؟ وكيف تجاوبت المواقع مع الاهتمام المتزايد من المستخدمين؟ الجانب الواضح من المعادلة هو زيادة الإقبال والاطلاع على وسائل التواصل أثناء الأزمة وذلك لتعطل الجانب الاجتماعي الفعلي ووجود المزيد من وقت الفراغ للمستخدمين المقيدين بالبقاء في منازلهم.
وتقول أبحاث مركز «غلوبال ويب إندكس» لأبحاث استخدام المواقع الإلكترونية إن نسبة 50 في المائة تقريبا من المستخدمين في الدول الغربية زادت من استخدام المواقع الإلكترونية بما فيها وسائل التواصل الاجتماعي من أجل البحث عن الأخبار، خصوصا فيما يتعلق عن مخاطر وباء «كوفيد - 19» وكيفية تجنبها.
وفي حالة «فيسبوك»، تشير الإحصاءات إلى زيادة بلغت 11 في المائة يوميا خلال شهر مارس (آذار) الماضي مقارنة بنسبة الاستخدام في الشهر نفسه من العام الماضي. وكان هذا الشهر هو بداية فترة النصائح الحكومية بالبقاء في المنازل لتجنب الإصابة بالفيروس المستجد. وتضاعفت خلال هذا الشهر استخدامات «ماسنجر» لإرسال وتلقي الرسائل النصية كما تضاعف أيضا استخدام منصة «واتساب» خصوصا في المناطق الأكثر تأثرا بانتشار الفيروس.
وعلى النقيض، اعترفت إدارة «فيسبوك» بأن الفترة نفسها شهدت انخفاضا كبيرا في الطلب على الإعلانات. وسحبت معظم الشركات إعلاناتها لخفض التكلفة. ولكن منذ ذلك التاريخ استقرت الأمور قليلا وعادت الشركات للإنفاق مرة أخرى في فترة التعافي ولكن بنسب أقل من السابق.
وتأخذ الشركات في الاعتبار أن إنفاقها الإعلاني يصل إلى نسبة أكبر من مستخدمي الشبكات الإلكترونية.
وقدم «فيسبوك» ميزة إضافية بمنافذ تجارية اسمها «فيسبوك شوبس» للاستفادة من زيادة الإقبال على التسوق الإلكتروني في ظروف إغلاق الكثير من المتاجر في فترة العزل الصحي. وعزز الموقع فرصته للتواصل بين المجتمعات بتقديم خدمات معلومات إضافية منها «مركز معلومات كوفيد - 19» لتوصيل المعلومات الصحيحة لمن يريد من المستخدمين.
ويوفر مركز معلومات «فيسبوك» عن الفيروس معلومات محلية خاصة بالمنطقة التي يعيش فيها المستخدم وفقا لرقم الهاتف الخاص به. وهو يتضمن أحدث المعلومات المتاحة من الجهات الرسمية، بما في ذلك عدد الإصابات والوفيات محليا وعالميا وآخر الأخبار المتاحة.
وأقدمت إدارة «فيسبوك» على هذه المبادرة من أجل إتاحة فرصة المعلومات الصحيحة لمستخدمي الموقع، بالإضافة إلى كشف زيف أي أخبار مضللة تنشرها جهات أخرى على منصته. ويشمل مركز المعلومات أيضا فرصة للبحث عن الخدمات التي يحتاجها المستخدم حول أقرب الخدمات إليه والمشتريات التي يحتاج إليها وغيرها من الاستفسارات المفيدة في وقت الأزمة.
زاد أيضا الإقبال على تنزيل تطبيق «تيك توك» الذي يوفر نوعا من الترفيه عبر مقاطع الفيديو القصيرة. وأثبتت معادلة «تيك توك» أهميتها لجمهور المستخدمين أثناء جائحة «كوفيد - 19». ويؤكد موقع الأبحاث «سنسور تاور» أن نسبة تنزيل تطبيق «تيك توك» خلال الربع الأول من العام الجاري بلغت رقما قياسيا جديدا بين كافة التطبيقات الجوالة مقداره 315 مليونا. ويصل التعداد الإجمالي لمستخدمي «تيك توك» حول العالم حاليا نحو ملياري مستخدم.
وزاد أيضا الإنفاق الاستهلاكي عبر «تيك توك» إلى 456.7 مليون دولار، وهو مستوى يتفوق بضعفين ونصف الضعف عن معدل الإنفاق عندما كان تعداد الموقع يصل إلى 1.5 مليار نسمة. وتحتل الصين المركز الأول في الإنفاق عبر «تيك توك» بمبلغ 331 مليون دولار تليها الولايات المتحدة (86.5 مليون دولار) وبريطانيا (9 ملايين دولار).
وبالطبع كان موقع «تيك توك» مشهورا بين مستخدميه قبل «كوفيد - 19»، ولكن وصول الجائحة ساهم في انتشاره بين قطاعات أخرى من المستخدمين تتخطى فئة صغار السن التي اشتهر بينها. ومن أجل تعزيز وجوده بين الفئات الأكبر عمرا نشر موقع «تيك توك» إعلانا تلفزيونيا له في بريطانيا مؤخرا تحت شعار «الاستمتاع بوقتنا الحاضر».
وفي محاولة لمساعدة مستخدمي «تيك توك» على تلقي الحقائق عن فيروس «كوفيد - 19»، أجرى الموقع بعض التغييرات التي قد لا تكون واضحة للوهلة الأولى. ففي حالة تضمن أي محتوى ينشر على الموقع وصلة «هاشتاغ» متعلقة بفيروس «كورونا» ينشر الموقع إشارة في مستطيل أحمر اللون تحت الفيديو المعروض يخبر فيها المتصفح بالذهاب إلى موقع معلومات خاص به عليه الحقائق المؤكدة حول «كوفيد - 19»، وهي معلومات مستقاة من مصادر موثوق فيها. كما توجد أيقونات صغيرة تحيل المتصفح إلى مواقع عليها عناوين «احم نفسك» و«احترس من الأكاذيب» و«أسئلة وأجوبة» حول فيروس «كورونا».
والملاحظ أن نجاح «تيك توك» خلال فترة الحجر الصحي تعود في مجملها إلى مستخدميه أنفسهم الذين ساهموا عن طريق مقاطع الفيديو التي قدموها عن حياتهم اليومية ولحظات فكاهية في الترفيه عن غيرهم خلال الفترة الصعبة.
في حالة يوتيوب، موقع مشاهدة الفيديو الشهير، زاد الإقبال على المشاهدة خلال الربع الأول من عام 2020 كما خالف الموقع التوجه السائد في المواقع الأخرى وذلك بزيادة الإعلانات عليه بنسبة عالية. وكشفت إحصاءات الموقع زيادة الإيراد الإعلاني خلال الربع الأول من العام إلى أربعة مليارات دولار مقارنة بثلاثة مليارات دولار خلال الفترة نفسها من العام الماضي.
وفي شهر مارس الماضي دشن الموقع حملة اسمها (#معي) يشجع من خلالها مستخدميه على تقديم مهارات وقدرات لغيرهم من مشاهدي الموقع خلال فترة الحجر الصحي. وتنوعت البرامج المقدمة من التمرينات الرياضية إلى الطهي وأساليب الزراعة المنزلية. وزادت نسبة المشاهدة على مقاطع (#معي) ستة أضعاف منذ تقديمها. وتواصل هذه الفقرات نجاحها من دون الإشارة كل مرة إلى «كوفيد - 19» ومتاعبه.
وتراجع نشاط «المؤثرين» (Influencers) خلال الشهرين الأخيرين على موقع إنستغرام، ومع ذلك أشارت إحصاءات الموقع إلى زيادة إيرادات الإعلان عليه بنسب كبيرة كما زاد أيضا الإقبال على مطالعة الموقع بنسبة 22 في المائة.
وتغير نمط استخدام الموقع خلال فترة الحجر الصحي إلى المطالعة أثناء ساعات النهار بدلا من المساء وشمل ذلك الفئات التي تعمل من المنازل. ولوحظ أن استخدام إنستغرام تضاعف في المناطق الأكثر تأثرا بـ«كوفيد - 19» مثل إيطاليا وإسبانيا وبعض المناطق البريطانية.
وقدم «إنستغرام» بعض التعديلات التي تساعد مستخدميه في تجنب المعلومات الخاطئة حول «كوفيد - 19». ونشط الموقع في إزالة الوصلات التي تشير إلى مواقع تحتوي على معلومات غير مؤكدة عن الفيروس أو طرق الوقاية. وركز الموقع على إظهار المعلومات الموثوقة مثل تلك التي تنشرها هيئات الصحة الرسمية أو منظمة الصحة العالمية.
ومنع إنستغرام الإعلانات التي تذكر «كوفيد - 19» أو تبيع معدات طبية متعلقة بالفيروس مثل أقنعة الوجه. وفي مساهمة أخرى لتعزيز المعلومات الصحيحة يحول الموقع مستخدميه عن طريق محرك البحث الخاص به إلى مصادر رسمية في حالات البحث عن «كوفيد - 19». ووفقا لموقع المستخدم الجغرافي يجد المعلومات المحلية المفيدة له في حياته اليومية من شروط التباعد الاجتماعي وطرق الحماية من الفيروس.
وزاد أيضا استخدام «تويتر» بنسبة 24 في المائة في الربع الأول من العام الجاري إلى 166 مليون مستخدم، كما زادت الإيرادات بنسبة 25 في المائة. وكان من الواضح أن منصات التواصل تفاعلت بسرعة مع المتغيرات التي أحدثها الفيروس. وتألقت بعض مواقع التواصل في دعم مستخدميها في الوصول إلى المعلومات الصحيحة بينما كان على بعض المواقع أن تطور خدماتها لمستخدميها في مجال الحماية من المعلومات الكاذبة.



ما تأثير تراجع استخدام «الهاشتاغ» على التفاعل في منصات «التواصل»؟

ما تأثير تراجع استخدام «الهاشتاغ» على التفاعل في منصات «التواصل»؟
TT

ما تأثير تراجع استخدام «الهاشتاغ» على التفاعل في منصات «التواصل»؟

ما تأثير تراجع استخدام «الهاشتاغ» على التفاعل في منصات «التواصل»؟

يبدو أن الفترة المقبلة ستشهد تراجعاً في استراتيجية تسويق الأخبار عبر «الهاشتاغ» التي كانت فعالة لسنوات، وذلك عقب إعلان «ميتا» تراجع الاعتماد على «الهاشتاغ» لتحقيق التفاعل والوصول، وتحديداً على «إنستغرام»، التي هي المنصة الأكثر استخداماً للهاشتاغات منذ إطلاقها. وتبع هذه الخطوة إعلان تطبيق «إكس» (تويتر سابقاً) عبر مالكه إيلون ماسك «انعدام جدوى استخدام الهاشتاغ (الكلمات المفتاحية) في العام الجديد»، مما أثار تساؤلات حول تأثير تراجع استخدام «الهاشتاغ» على التفاعل بمنصات التواصل الاجتماعي.

للتذكير، «الهاشتاغ» هو كلمة أو عبارة مسبوقة برمز #، تُستخدم على وسائل التواصل الاجتماعي لتصنيف المحتوى، مما يسهل على المستخدمين العثور على المنشورات المتعلقة بموضوع معين. لسنوات عديدة كان لـ«الهاشتاغ» دور بارز في تحقيق معدلات الوصول والتفاعل مع المنشورات، ومنها الأخبار. ووفق بيانات صدرت عن «شبكة موارد التعلم بكاليفورنيا» (CLRN) في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، «لا يزال نحو 95 في المائة من مستخدمي (إنستغرام) يعتمدون على الهاشتاغات لاكتشاف محتوى جديد».

الدكتور حسن مصطفى، خبير التسويق الرقمي والإعلام الجديد في الإمارات العربية المتحدة، قال لـ«الشرق الأوسط» معلقاً إن «الهاشتاغ كان في السابق أداة قوية لتنظيم المحتوى وجذب الجمهور المستهدف. ولكن مع تراجع دعمه من قبل منصات مثل (إنستغرام) و(إكس) من المتوقع أن ينخفض دوره كعامل رئيس في زيادة الوصول». وذكر أن السبب يكمن في «تغيير خوارزميات هذه المنصات التي تركز بشكل أكبر على جودة المحتوى وتفاعله بدلاً من الاعتماد على الكلمات المفتاحية أو الهاشتاغات».

مصطفى توقع أيضاً أن «يظل الهاشتاغ أداة ثانوية لتنظيم المحتوى بدلاً من كونه محركاً رئيساً للوصول، مع استمرار أهميته في بعض المنصات مثل (تيك توك) و(لينكد إن)، حيث لا يزال يشكل جزءاً أساسياً من استراتيجية الاستكشاف». وأضاف أن «التسويق بالمحتوى الجيّد يعتبر من أفضل طرق الوصول والتفاعل المستدام، وما زالت عبارة المحتوى هو الملك Content is The King تشكل حقيقة ماثلة». ومن ثم، نَصَح الناشرين «بضرورة الاعتماد في الوصول للجمهور المستهدف على تحسين جودة المحتوى، من خلال تلبية احتياجات الجمهور، ليضمن بذلك تفاعلاً، كما أنه سيحصل على أولوية في الخوارزميات».

مصطفى لفت أيضاً إلى أهمية التوجه نحو الفيديوهات القصيرة والمحتوى التفاعلي، موضحاً أن «(تيك توك) و(ريلز إنستغرام) أثبتا فعالية الفيديوهات القصيرة في الوصول لجمهور أوسع». ولضمان استمرارية معدلات الوصول للأخبار، رأى أن على الناشرين الاهتمام بـ«تحسين استراتيجيات تحسين محركات البحث (SEO)، وكذلك التعاون مع المؤثرين، فضلاً عن تفعيل أداة الإعلانات المدفوعة... التي هي من العوامل المهمة في الوصول بشكل أسرع وأكثر استهدافاً».

جدير بالذكر أن منصات مثل «تيك توك» لا تزال تولي أهمية لـ«الهاشتاغ». ووفقاً لبيانات صدرت عن «جمعية التسويق الأميركية» (American Marketing Association)، في أغسطس (آب) الماضي، فإن المنشورات التي تحتوي على 3 - 5 علامات تصنيف على الأقل إلى تحقيق انتشار أكبر. وأردفت أن «استخدام هاشتاغ مثل #fyp (صفحة For You) جمع ما يقرب من 35 تريليون مشاهدة... ثم إن استخدام الهاشتاغ على «فيسبوك» أقل أهمية، وقد يحمل آثاراً تفاعلية متفاوتة مما يستلزم اتباع نهج حذر واستراتيجي».

من جهته، في لقاء لـ«الشرق الأوسط» مع معتز نادي، الصحافي المصري والمدرب المتخصص في الإعلام الرقمي، قال نادي إن «ثمة تغييرات حثيثة تطغى على سوق الإعلام الرقمي وفضاء التواصل الاجتماعي، من ثم على الناشرين سرعة مجاراة التحديثات، لأن هذا من الأمور الحيوية التي يجب أن يلم بها الناشرون لضمان فعالية وصول المحتوى الذي يقدمونه إلى الجمهور المستهدف».

وعدّ نادي تحقيق التفاعل والوصول للأخبار مهمة تتطلب التكيف والتطوير، مضيفاً أنه «يجب أن يولي الناشرون أهمية لتطوير القوالب التي تضمن الانتشار مثل الفيديو على (تيك توك)، واتجاه الفئات الأصغر سناً إليه للبحث عن المعلومة وفقاً لتقارير معهد رويترز للصحافة قبل نحو سنتين، مما يعني أنه على وسائل الإعلام ومديري المحتوى على المنصات إدراك أهمية تلك المنصات بالتطور الدائم دون التوقف عند فكرة الهاشتاغات».

وأشار نادي إلى إمكانية تحسين معدلات الوصول من خلال «فن اختيار الكلمات في العناوين بما يتناسب مع العبارات المتداولة لضمان الوصول لأكبر قدر ممكن من الجمهور عند البحث عنها عبر مواقع التواصل الاجتماعي». ومن ثم شدد على أهمية «الاستفادة من الذكاء الاصطناعي والتطبيقات التي باتت المنصات تعتمد عليها، مثل (فيسبوك) و(واتساب) و(إكس)، لا سيما أن هذا الاتجاه سيشكل لغة خوارزميات المستقبل في نشر المحتوى».