مخاوف من عرقلة «داعش» جهود الوصول للقاح ضد «كورونا»

متطوعة تتلقى جرعة من لقاح ضد فيروس كورونا في البرازيل (أ.ف.ب)
متطوعة تتلقى جرعة من لقاح ضد فيروس كورونا في البرازيل (أ.ف.ب)
TT

مخاوف من عرقلة «داعش» جهود الوصول للقاح ضد «كورونا»

متطوعة تتلقى جرعة من لقاح ضد فيروس كورونا في البرازيل (أ.ف.ب)
متطوعة تتلقى جرعة من لقاح ضد فيروس كورونا في البرازيل (أ.ف.ب)

هناك مجموعة خطيرة من الأطراف القادرة على عرقلة الوصول للقاح لفيروس كورونا: إنهم الإرهابيون. ويقول إليوت ستيوارت محلل شؤون الشرق الأوسط، إنه بعد شهور من الاضطراب ووفاة أكثر من نصف مليون شخص، ينتظر العالم بفارغ الصبر إنتاج لقاح فعال وآمن لعلاج الإصابة بفيروس كورونا المستجد.
وأضاف ستيوارت، في تقرير نشرته مجلة «ذا ناشونال إنتريست» الأميركية، أنه رغم استمرار الغموض فيما يتعلق بموعد إنتاج مثل هذا اللقاح، أو حتى ما إذا كان سيتم إنتاجه أساساً، يأمل معظم الناس أن يتحقق النجاح في القريب العاجل للقاح من العديد من اللقاحات المرشحة.
بالإضافة إلى المزاعم الزائفة المعتادة من معارضي اللقاحات على أساس أنها تتسبب في مرض الأطفال، واجه لقاح فيروس كورونا، الذي لم يوجد بعد، مجموعة كبيرة من نظريات المؤامرة المثيرة للإزعاج، إلا أن ما يستحق الاهتمام حقيقة وجود مجموعة من الأطراف القادرة على عرقلة الوصول إلى لقاح لفيروس كورونا، وهم الإرهابيون.
ويقول ستيوارت، إن لدى المنظمات الإرهابية الدافع والوسيلة لتقويض الجهود المستقبلية للتوصل إلى لقاح لفيروس كورونا. وربما كان ما يعرف بـ«داعش» هو التنظيم الذي يتمتع بالدافع الأكبر، فهو يحتفي بجائحة «كورونا»، باعتبارها «عقاباً من الله ضد أعدائه».
وبالفعل استغلت الجماعة العاصفة التي أثارها الاضطراب الاجتماعي والسياسي نتيجة تفشي الفيروس كفرصة لتعزيز رؤيتها العالمية البغيضة، واجتذاب مجندين جدد وتحقيق مكاسب على الأرض.
وكلما طال أمد الجائحة، وما تسببه من مشكلات اقتصادية وسياسية، كلما زادت فرصة تحقيق «داعش» للمكاسب. ويثير هذا إمكانية قيام الجماعة بمحاولة عرقلة الجهود المستقبلية لإنتاج اللقاحات، لكي تطيل أمد ما يعتبر بالنسبة لها أزمة مفيدة.
ويضيف ستيوارت، أنه في عالمنا الذي يتسم بالترابط الوثيق، يمكن أن تؤدي عرقلة إنتاج اللقاحات، أو الحد من الاستفادة منها، إلى الحيلولة دون القضاء على الأمراض، وعودة ظهور الأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات، كما حدث مع «الكوليرا»، وشلل الأطفال والحصبة في السنوات الأخيرة.
ومن الأمور المزعجة، قيام «داعش» وغيره من الجماعات المتطرفة بالعمل على عرقلة التطعيم باللقاحات في الماضي، بما في ذلك القيام بهجمات وحشية ضد مراكز التطعيم، ومن يقومون بالتطعيم.
وما زال في استطاعة «داعش» ممارسة هذه العرقلة للتطعيم بلقاح ضد «كورونا» في حالة التوصل له، حيث يخضع لسيطرته حتى الآن 12 ألف مقاتل في العراق، وقد استعاد القدرة على تنسيق هجمات عالمية صادمة. وللأسف، فإنه بالإضافة للهجمات المادية، لدى الجماعة حجج قوية لبث الخوف وعدم الثقة بالنسبة للقاح، وهو أسلوب يمكن أن يكون أكثر ضرراً.
ومن الممكن أن تستشهد الجماعة باستغلال وكالة المخابرات المركزية الأميركية لحملة تطعيم ضد التهاب الكبد الوبائي كستار لجمع المعلومات الاستخباراتية في إطار حملة البحث عن أسامة بن لادن. وهذا الاستخدام الخاطئ لحملة التطعيم أضفى مصداقية على الشكوك بأن الغرب يستخدم حملات التطعيم لتحديد أهداف لمهاجمتها بالطائرات المسيرة، أو حتى لتعقيم الأطفال حتى لا يستطيعوا الإنجاب عند الكبر.
ونتيجة لذلك، تم اغتيال عدد ممن يقومون بالتطعيم على يد المتطرفين، وتم حرمان عشرات الأطفال من التطعيم.
ويتعين أخذ تهديدات المتطرفين، بصورة جدية، كما ينبغي على المسؤولين الاستعداد لحماية فرق التطعيم، والعمل على تحصين المواطنين المعرضين للخطر ضد الفيروس والمعلومات المضللة التي تثار حوله. وبالإضافة إلى هذه المخاوف المباشرة، يمكن للمجتمع الدولي استغلال القيام بحملة عالمية للتطعيم ضد فيروس كورونا لتوجيه ضربة دائمة لـ«داعش» وغيره من الجماعات المتطرفة.
وفي حالة النجاح في الوصول للقاح يعتبر ضمان حصول ذوي الدخل المنخفض، والدول التي تمزقها الحروب - العرضة للفيروس والمتطرفين، على فرصة تلقي إمدادات مبكرة من هذا اللقاح بصورة عاجلة وعادلة، هو الأسلوب الأكثر إنسانية ومنطقية لإنهاء جائحة «كورونا». كما أن هذه تعد فرصة نادرة لدحض دائم للسخرية من موقف المجتمع الدولي السلبي، خصوصاً الغرب، وهو ما يستغله الإرهابيون لتعزيز قضيتهم.
وللاستفادة من هذه الفرصة، يتعين على الحكومات مقاومة إغراء اكتناز الكميات المحدودة المتوفرة من اللقاح لمواطنيها. ويتعين على الدول، خصوصاً الولايات المتحدة، تبني حل متعدد الأطراف، وعدم الانسحاب من المنظمات الدولية الحيوية.
وإذا ما استطاع المجتمع الدولي الوفاء بالالتزامات بالنسبة للحصول على اللقاح بصورة عادلة، ومنع المتطرفين المفسدين من ممارسة أي عرقلة، من الممكن أن يكون لقاح «كورونا» مفاجأة للعالم بأنه سيكون قصة نجاح عالمي للحفاظ على الصحة ومحاربة الإرهاب.


مقالات ذات صلة

وزير الدفاع الأميركي: نحتاج لإبقاء قواتنا في سوريا لمواجهة تنظيم داعش

الولايات المتحدة​  وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في قاعدة رامشتاين الجوية في ألمانيا (أ.ف.ب)

وزير الدفاع الأميركي: نحتاج لإبقاء قواتنا في سوريا لمواجهة تنظيم داعش

قال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن لوكالة أسوشيتد برس إن الولايات المتحدة بحاجة إلى إبقاء قواتها في سوريا لمنع تنظيم داعش من إعادة تشكيل تهديد كبير.

«الشرق الأوسط» (قاعدة رامشتاين الجوية (ألمانيا))
المشرق العربي وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)

تركيا تكشف عن 4 مطالب دولية في سوريا

كشفت تركيا عن إجماع دولي على 4 شروط يجب أن تتحقق في سوريا في مرحلة ما بعد بشار الأسد وهددت بتنفيذ عملية عسكرية ضد القوات الكردية في شمال سوريا وسط دعم من ترمب

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي قائد الجيش الأردني اللواء يوسف الحنيطي مستقبلاً وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة (التلفزيون الأردني)

بين أنقرة ودمشق… مساع أردنية لإعادة بناء قدرات «سوريا الجديدة»

هناك رأي داخل مركز القرار الأردني ينادي بدور عربي وإقليمي لتخفيف العقوبات على الشعب السوري و«دعم وإسناد المرحلة الجديدة والانتقالية».

محمد خير الرواشدة (عمّان)
المشرق العربي فيدان والصفدي خلال المؤتمر الصحافي في أنقرة (الخارجية التركية)

تنسيق تركي - أردني حول دعم المرحلة الانتقالية في سوريا... وعودة اللاجئين

أبدت تركيا توافقاً مع الأردن على العمل لضمان وحدة وسيادة سوريا ودعم إدارتها الجديدة في استعادة الاستقرار وبناء مستقبل يشارك فيه جميع السوريين من دون تفرقة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي عبد القادر مؤمن

كيف أصبح ممول صومالي غامض الرجل الأقوى في تنظيم «داعش»؟

يرجّح بأن الزعيم الصومالي لتنظيم «داعش» عبد القادر مؤمن صاحب اللحية برتقالية اللون المصبوغة بالحناء بات الرجل الأقوى في التنظيم

«الشرق الأوسط» (باريس)

رئيس الوزراء الكندي يقول إنه سيستقيل من رئاسة الحزب الحاكم

رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو يلقي كلمة في أوتاوا، 6 يناير 2025 (أ.ب)
رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو يلقي كلمة في أوتاوا، 6 يناير 2025 (أ.ب)
TT

رئيس الوزراء الكندي يقول إنه سيستقيل من رئاسة الحزب الحاكم

رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو يلقي كلمة في أوتاوا، 6 يناير 2025 (أ.ب)
رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو يلقي كلمة في أوتاوا، 6 يناير 2025 (أ.ب)

قال رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو خلال خطاب جرى بثه على الهواء مباشرة اليوم الاثنين إنه يعتزم الاستقالة من رئاسة الحزب الليبرالي الحاكم، لكنه أوضح أنه سيبقى في منصبه حتى يختار الحزب بديلاً له.

وقال ترودو أمام في أوتاوا «أعتزم الاستقالة من منصبي كرئيس للحزب والحكومة، بمجرّد أن يختار الحزب رئيسه المقبل».

وأتت الخطوة بعدما واجه ترودو في الأسابيع الأخيرة ضغوطا كثيرة، مع اقتراب الانتخابات التشريعية وتراجع حزبه إلى أدنى مستوياته في استطلاعات الرأي.

وكانت صحيفة «غلوب آند ميل» أفادت الأحد، أنه من المرجح أن يعلن ترودو استقالته هذا الأسبوع، في ظل معارضة متزايدة له داخل حزبه الليبرالي.

رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو متحدثا أمام مؤتمر للحزب الليبرالي الوطني 16 ديسمبر الماضي (أرشيفية - رويترز)

ونقلت الصحيفة عن ثلاثة مصادر لم تسمها لكنها وصفتها بأنها مطلعة على شؤون الحزب الداخلية، أن إعلان ترودو قد يأتي في وقت مبكر الاثنين. كما رجحت الصحيفة وفقا لمصادرها أن يكون الإعلان أمام مؤتمر للحزب الليبرالي الوطني الأربعاء. وذكرت الصحيفة أنه في حال حدثت الاستقالة، لم يتضح ما إذا كان ترودو سيستمر في منصبه بشكل مؤقت ريثما يتمكن الحزب الليبرالي من اختيار قيادة جديدة.

ووصل ترودو إلى السلطة عام 2015 قبل ان يقود الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

لكنه الآن يتخلف عن منافسه الرئيسي، المحافظ بيار بواليافر، بفارق 20 نقطة في استطلاعات الرأي.