هزت احتجاجات ضخمة مناهضة للحكومة منطقة خاباروفسك في أقصى شرق روسيا، أمس، بعد توقيف حاكم يتمتع بشعبية، وتعيين مسؤول آخر لم يسبق أن عاش في المنطقة بدلاً منه، بقرار من الكرملين.
ونزل سكان خاباروفسك، الواقعة قرب الحدود مع الصين، إلى الشوارع بأعداد كبيرة منذ توقيف الحاكم الإقليمي سيرغي فورغال في 9 يوليو (تموز)، بعد اتهامه بالقتل، ونقله إلى موسكو. وعدت الاحتجاجات بين الأكبر ضد الحكومة في روسيا منذ سنوات. وقال الكرملين، هذا الأسبوع، إن ناشطين معارضين من خارج المنطقة يغذونها.
وسار عشرات الآلاف في شوارع خاباروفسك ملوحين بعلم المنطقة، وحاملين لافتات وهم يرددون شعارات معادية للرئيس فلاديمير بوتين، فيما أطلق سائقو السيارات أبواق مركباتهم للتعبير عن دعمهم. وقالت المتظاهرة ألينا سليبوفا (24 عاماً): «نريد أن يطلق سراح محافظنا لأننا نعتقد أنه من المحتمل جداً أنه احتجز بشكل غير قانوني». وأضافت لوكالة الصحافة الفرنسية أن المسؤولين الفيدراليين أوقفوا فورغال «لأهداف خاصة، وليس لصالح منطقتنا». وتجمع المتظاهرون أمام مقر الإدارة الإقليمية في ساحة لينين، حيث هتفوا: «حرية» و«بوتين.. قدم استقالتك».
وسمح عناصر شرطة كانوا يضعون كمامات للمتظاهرين بالاحتجاج، رغم حظر التجمعات العامة في إطار تدابير مكافحة فيروس كورونا المستجد. وأصبحت الاحتجاجات التي اندلعت رداً على الاعتقال المفاجئ لفورغال على خلفية جرائم قتل يشتبه بأنه ارتكبها قبل أكثر من 15 عاماً عندما كان رجل أعمال، منفذاً للتعبير عن الإحباط الذي يشعر به جزء من الروس حيال الكرملين. وقال المتظاهر ألكسندر غوغوليف (45 عاماً) إن منطقة «وسط البلاد تمتص الموارد من الشرق الأقصى»، مشيراً إلى أن المنطقة لا تحصل على «أي شيء في المقابل».
وقال مسؤولون في خاباروفسك إن نحو 6500 شاركوا في المسيرة، في حين قدرت وسائل إعلام أن العدد كان بين 15 ألفاً و20 ألف شخص. وبحسب الصحافيين الذي كانوا في المكان، كانت مظاهرة أمس الأكبر منذ بدء الاحتجاجات مطلع الشهر الحالي. وأوقفت الشرطة في موسكو ما لا يقل عن 10 أشخاص تجمعوا في ساحة بوشكين لدعم المتظاهرين في خاباروفسك، وفق ما قاله مراقبون. كما أفادت وسائل إعلام محلية باندلاع احتجاجات أصغر في مدن شرق روسيا الأخرى، بما فيها فلاديفوستوك ويوجنو - ساخالينسك.
ويوم الاثنين، أقال الرئيس الروسي، فورغال (50 عاماً) بشكل رسمي، وعين النائب ميخائيل ديغتياريف (39 عاماً) حاكماً بالوكالة. وقوبلت هذه الخطوة بغضب من سكان خاباروفسك الذين قالوا إن ديغتياريف يفتقر إلى الخبرة، ولا علاقة له بالمنطقة. وفي مقطع فيديو نشر على «إنستغرام» هذا الأسبوع، رفض ديغتياريف دعوات إلى التنحي، وقال إن المظاهرات الحاشدة لا تعكس الرأي العام الأوسع. وقبل مظاهرات يوم الجمعة، قال ديغتياريف إنه يعتقد أن مواطنين غرباء عن المنطقة جاءوا من موسكو إلى خاباروفسك للمساعدة في تنظيم الاحتجاجات. وقلل الناطق باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، من أهمية هذه التصريحات، لكنه قال إن الاحتجاجات «مرتع خصب... لمثيري الشغب» وناشطي «المعارضة الزائفين».
وألقى زعيم المعارضة، أليكسي نافالني، الذي ترشح مرة واحدة للانتخابات الرئاسية، بثقله وراء المتظاهرين، وقال هذا الأسبوع إن المظاهرات لا يمكنها أن تحقق نتيجة إلا «بدعم من البلد بكامله». وأثار توقيف فورغال قبل المحاكمة في سبتمبر (أيلول) احتجاج حزبه (الحزب الليبرالي الديمقراطي الروسي) الذي تعهد زعيمه، فلاديمير جيرينوفسكي، هذا الأسبوع، بتأمين عفو رئاسي إذا ثبتت إدانته بالتهم الموجهة إليه. وقالت لجنة التحقيق الروسية التي تحقق في الجرائم الكبرى إن فورغال اتهم بإصدار أوامر بقتل ومحاولة قتل عدد من رجال الأعمال في عامي 2004 و2005. ويقول معارضون إن للقضية دوافع سياسية، بعد انتخاب فورغال بغالبية كبرى عام 2018، في هزيمة محرجة لمرشح الحزب الحاكم المدعوم من بوتين، وطالبوا بأن يحاكم فورغال في خاباروفسك، وتساءلوا عن سبب انتظار المحققين طويلاً لاتهام مسؤول كان يجب أن يخضع لتحريات بشأن ماضيه.
احتجاجات مناهضة للكرملين في أقصى الشرق الروسي
احتجاجات مناهضة للكرملين في أقصى الشرق الروسي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة