الكاظمي يبدأ عملياً فرض سلطة الدولة على المنافذ البحرية والبرية

أوكل حماية 14 نقطة منها إلى الجيش

رئيس الوزراء العراقي يلتقي ضباطاً في الجيش خلال زيارته مؤخراً إلى ميناء أم قصر في محافظة البصرة (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء العراقي يلتقي ضباطاً في الجيش خلال زيارته مؤخراً إلى ميناء أم قصر في محافظة البصرة (إ.ب.أ)
TT

الكاظمي يبدأ عملياً فرض سلطة الدولة على المنافذ البحرية والبرية

رئيس الوزراء العراقي يلتقي ضباطاً في الجيش خلال زيارته مؤخراً إلى ميناء أم قصر في محافظة البصرة (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء العراقي يلتقي ضباطاً في الجيش خلال زيارته مؤخراً إلى ميناء أم قصر في محافظة البصرة (إ.ب.أ)

تنفيذاً للوعد الذي قطعه رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، بإحكام السيطرة على المنافذ الحدودية في البلاد، التي يصل مبلغ الهدر المالي فيها سنوات إلى نحو 10 مليارات دولار بسبب سيطرة الفاسدين والجهات المسلحة، أعلنت قيادة العمليات المشتركة العراقية، أمس، أنه تم إخضاع 14 منفذاً بحرياً وبرياً إلى حماية أمنية كاملة من قبل الجيش العراقي.
وقال بيان للقيادة، إنه «بناءً على توجيهات رئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة، لحماية المنافذ الحدودية كافة، وإنفاذ القانون فيها، ومكافحة التجاوزات، وظواهر الفساد وإهدار المال العام، شرعت قيادة العمليات بتخصيص قوات أمنية لجميع المنافذ، ويكون حجم القوة المخصصة حسب طبيعة كل منفذ، حيث جرى تحديد مسؤولية الحماية للمنافذ كافة على قطعات الجيش العراقي». وأضاف البيان أن «10 منافذ برية هي: الشلامجة، بدرة، المنذرية، سفوان، القائم، طريبيل، الشيب، زرباطية، أبو فلوس، عرعر، و4 منافذ بحرية هي: أم قصر الشمالي، أم قصر الجنوبي، أم قصر الأوسط، خور الزبير، أصبحت تتمتع بحماية أمنية كاملة». وأوضح البيان أن «القوات الأمنية التي تقوم بحماية المنافذ مخولة بجميع الصلاحيات القانونية لمحاسبة أي حالة تجاوز ومن أي جهة كانت».
يأتي قرار الكاظمي بإحكام السيطرة على المنافذ الحدودية، وغالبيتها في الجانب الشرقي من البلاد مع إيران، بعد أقل من أسبوعين من زيارة قام بها الكاظمي إلى منفذي مندلي والمنذرية في محافظة ديالى شرق العراق. وأعلن من هناك أن «منفذ مندلي من المنافذ المهمة لكنه تحول إلى وكر ومعبر للفاسدين»، مضيفاً «أن هناك (أشباحاً) موجودين في الحرم الجمركي يبتزون التجار ورجال الأعمال، ورسالتنا لهم بأننا سنتعقبهم ونخلص المنافذ منهم». وحرص الكاظمي على اصطحاب قائد جهاز مكافحة الإرهاب الفريق أول الركن عبد الوهاب الساعدي، معه في زياراته الحدودية بوصفه الذراع الضاربة التي بات يعتمد عليها في مواجهة أذرع الفساد والخارجين عن القانون.
كانت قيادة العمليات المشتركة أعلنت منتصف الشهر الحالي إعداد خطة متكاملة للسيطرة ومسك المنافذ الحدودية كافة، والإشراف عليها، وتنفيذ القانون فيها.
كان الكاظمي أعلن أن «الحكومة العراقية لن تسمح بنهب المال العام، وأن المنافذ الحدودية ستكون تحت حماية القوات العراقية المخولة بإطلاق الرصاص على كل من يحاول الاعتداء على العاملين في المنافذ الحدودية». وعد الكاظمي أن زياراته إلى المنافذ الحدودية إنما هي «رسالة واضحة لكل الفاسدين بأن لا مكان لكم، ولن نسمح بنهب المال العام، وأعددنا الخطط لمحاربتكم، وعلى الجميع التكاتف لإنجاز هذا المطلب». وأضاف: «إننا في مرحلة إعادة النظام والقانون، وهو مطلب جماهيري، ومطلب القوى والكتل السياسية، وأبلغ كل العاملين في المنافذ أننا في مرحلة جديدة، وأن الحرم الجمركي سيكون تحت حماية القوات العسكرية، وهي مخولة بإطلاق الرصاص على كل من يحاول الاعتداء على الحرم وسنحارب الفساد».
وفيما يرى المراقبون السياسيون في العاصمة العراقية، بغداد، أن الجهات الحزبية والسياسية التي تسيطر على العديد من المنافذ الحدودية سوف تضع المزيد من العراقيل أمام إجراءات الكاظمي، فإن جهات أخرى ترى أنه ما لم يحكم الكاظمي قبضته على كل المنافذ الحدودية، بما فيها منافذ إقليم كردستان، فإنه لن يلقى التعاون المطلوب حتى من قبل جهات سياسية داخل البرلمان العراقي.
وتعد قضية المنافذ الحدودية في إقليم كردستان جزءاً من حزمة خلافات بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان، الأمر الذي لن يمكن الكاظمي من بسط السيطرة عليها، ما لم يتم التفاهم على مجمل القضايا الخلافية مثل المناطق المتنازع عليها، ونسبة الكرد في الموازنة، والنفط مقابل الرواتب، وغيرها من الخلافات.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم