التحالف الدولي يسلم موقعاً آخر إلى العراقيين... ويعيد تمركز قواته

الجنود الإسبان أخلوا معسكر «بسماية»

TT

التحالف الدولي يسلم موقعاً آخر إلى العراقيين... ويعيد تمركز قواته

مع بدء العد التنازلي لزيارة مقررة لرئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إلى واشنطن نهاية الشهر الحالي، يواصل التحالف الدولي ضد «داعش» الذي تقوده الولايات المتحدة تسليم العديد من المعسكرات والمواقع التي يتواجد فيها إلى القوات العراقية.
التحالف الدولي يعلن عند أي مراسم لتسليم بعض المواقع إلى الجانب العراقي وآخرها موقع بسماية جنوب شرقي بغداد إنه سوف يعيد تمركز قواته في العراق لا انسحابها كليا مثلما تطالب العديد من الجهات العراقية، خاصة كتلا شيعية داخل البرلمان في مقدمتها كتلة «الفتح» والفصائل المسلحة. وسواء تعلق الأمر بتسليم المواقع إلى القوات العراقية أو بدء الحوار الاستراتيجي (جولته الأولى بدأت في الحادي عشر من يونيو/حزيران الماضي وتبدأ جولته الثانية خلال لقاء القمة الذي سيجمع الكاظمي مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب) فإن صواريخ الكاتيوشا التي تستهدف السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء أو أماكن تواجد قوات التحالف في بعض المعسكرات العراقية ومنها التاجي شمال بغداد والمطار جنوب غربي العاصمة لم تتوقف. الأمر اللافت هذه المرة أن الصواريخ ارتفعت وتيرة إطلاقها مع إعلان الكاظمي أنه سيقوم بخطوات على صعيد حصر السلاح بيد الدولة أو بسط سيطرة الدولة على المرافق الهامة ومنها المنافذ الحدودية.
ومع أن الصواريخ عادة تخطئ أهدافها فإنها تبدو في الغالب رسائل إنذار وتحذير أكثر مما هي جزء من سياق مواجهة مع الأميركيين. فهذه الصواريخ لم تتوقف حتى أثناء زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الأسبوع الماضي إلى بغداد حيث أطلقت 3 صواريخ على المنطقة الخضراء في وقت كان ظريف يتجول فيها متنقلا بين مكاتب كبار المسؤولين العراقيين. وأول من أمس وعشية بدء تسليم مقر بسماية للقوات العراقية سقطت 4 صواريخ على أماكن مختلفة داخل المعسكر خلفت أضرارا مادية فقط.
في سياق ذلك، أعلن التحالف الدولي أمس أنه على ضوء «النجاحات التي حققتها قوات الأمن العراقية في الحملة ضد تنظيم اعش، يعمل التحالف الدولي على إعادة تمركز قواته داخل العراق»، مضيفا: «لقد تم التخطيط لهذه التحركات العسكرية منذ فترة طويلة بالتنسيق مع الحكومة العراقية». وأضاف أن «اللواء جيرالد ستريكلاند نائب قوة المهام المشتركة عملية العزم الصلب للشؤون الاستراتيجية، قام بمناقلة الموقع السابع الذي يشغله التحالف الدولي وخلال هذا العام إلى قوات الأمن العراقية، كجزء من شراكة مهمة بين قوات التحالف الدولية وقوات الأمن العراقية لمناهضة داعش».
من جهته، أكد المتحدث باسم التحالف الدولي، مايلز كايغنز، عن تدريب 50 ألف منتسب عراقي في معسكر بسماية جنوب بغداد. وقال كايغنر في تغريدة على «تويتر» إن «التحالف يغادر بسماية بعد تدريب 50000 منتسب من القوات العراقية واستثمار 5 ملايين دولار في ميادين التدريب والمباني». وأضاف «نُحيي إسبانيا لدورها في قيادة البرنامج التدريبي مع البرتغال وبريطانيا وأميركا»، مبينا أن «إسبانيا ستبقى في التحالف من خلال المستشارين في بغداد والدعم المروحي وموظفي الناتو». من جهتها أعلنت القوات العراقية عن تسلمها موقع بسماية العسكري بجنوب العاصمة بغداد، من القوات الإسبانية العاملة ضمن قوات التحالف الدولي. وقال الناطق باسم قيادة العمليات المشتركة اللواء تحسين الخفاجي في تصريح له إن «تسليم موقع القوات الإسبانية ضمن التحالف الدولي في معسكر (بسماية) جاء وفق جدول زمني أعد بين الحكومة العراقية وقيادة التحالف»... لافتاً إلى أن «هذا المعسكر هو الموقع السابع الذي سلمه التحالف الدولي إلى العراق». وأضاف الخفاجي أن «القوات الإسبانية التي كانت تشغل هذا الموقع تولت مسؤولية تدريب القوات الأمنية العراقية فيه»، مشيراً إلى أن هذه القوات ستغادر العراق بعد أن أنهت مهامها. وبشأن العلاقة بين بغداد والتحالف الدولي يقول أستاذ الأمن الوطني الدكتور حسين علاوي لـ«الشرق الأوسط» بأن «العلاقة بين العراق وحلف الناتو علاقة وطيدة خصوصا أن هذه العلاقة أخذت أبعادا هامة على صعيد الشراكة بين الجانبين بعد سقوط الموصل عام 2014» مبينا أن «حلف الناتو أقام العديد من الشراكات الأمنية التدريبية للقيادات العليا والوسطى في القوات المسلحة العراقية في مجال التخطيط للعمليات والقيادة والسيطرة والعلاقات المدنية - العسكرية، والتقييم الاستخباري». ويضيف علاوي أن «العلاقة مستمرة باتجاه تعزيز التعاون الأمني والاستخباري التدريبي للقوات المسلحة العراقية من خلال افتتاح المدارس المشتركة للتدريب والتعليم العسكري، بما يساهم في بناء القدرات للقوات العراقية ومجابهة تحديات الإرهاب». وبين أن «هذه العلاقة تأتي في سياق دعم الولايات المتحدة الأميركية وحلف الناتو لحكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي على كافة الصعد». وأكد أن «قوات الأمن العراقية لا تملك الخبرة لحماية الأرض والناس في المناطق المحررة وهو ما يتطلب استمرار المشورة والتعاون بين الطرفين».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.