العثور على مقبرة جماعية لضباط أعدمهم البشير قبل 30 عاماً

فريق من 23 خبيراً في مختلف المجالات تعرف على مكانها وانتشل 8 جثامين

البشير المسؤول عن إعدام الضباط يحاكم الآن بتهمة انقلاب 1989 (رويترز)
البشير المسؤول عن إعدام الضباط يحاكم الآن بتهمة انقلاب 1989 (رويترز)
TT

العثور على مقبرة جماعية لضباط أعدمهم البشير قبل 30 عاماً

البشير المسؤول عن إعدام الضباط يحاكم الآن بتهمة انقلاب 1989 (رويترز)
البشير المسؤول عن إعدام الضباط يحاكم الآن بتهمة انقلاب 1989 (رويترز)

أعلنت النيابة العامة في السودان العثور على «مقبرة جماعية» يرجح أنها لضباط بالجيش أعدمهم نظام «الإخوان» بقيادة عمر البشير، إثر قيامهم بانقلاب عسكري ضده لم يكتب له النجاح، أوائل تسعينات القرن الماضي. وأخفى النظام البائد مكان دفنهم عن أسرهم وذويهم، وذكرت المصادر أن الفرق الفنية نبشت جثامين ثمانية منهم، وذلك بعد أشهر من رد الاعتبار لهم من قبل الجيش ومعاملتهم معاملة «شهداء». وفي أبريل (نيسان) 1990 قام عدد من ضباط القوات المسلحة السودانية تابعين لتنظيم سري أطلقوا عليه «الضباط الأحرار»، بمحاولة انقلابية للإطاحة بالبشير، واستعادة الديمقراطية وحل مشكلة الجنوب، وإعادة بناء الجيش على أسس جديدة.
وبحسب بيان صادر عن النيابة العامة في السودان، فإنها عثرت على مقبرة جماعية، تشير البينات الأولية إلى أنها يمكن أن تكون هي المقبرة التي تم دفن الضباط فيها، بعد قتلهم بطريقة بشعة ووحشية.
وعقدت للضباط الذين قادوا المحاولة بعيد فشلها بساعات محكمة عسكرية إيجازية قضت بإعدامهم عشية عيد الفطر المبارك، ونفذ الحكم على عجل، ما جعل قضيتهم تشتهر بقضية إعدام «ضباط رمضان».
وقالت النيابة في البيان إن فريقا مكونا من 23 خبيراً في عدد من المجالات المتعلقة استطاع التعرف على مكان المقبرة، التي ظل يبحث عنها طوال ثلاثة أسابيع، حسب ما توفر للجنة التحقيق في المجزرة التي كونها النائب العام، فيما نقلت «سودان تربيون» عن مصادر متطابقة أن اللجنة المختصة استخرجت 7 رفات وتعتزم مواصلة البحث يوم الجمعة للكشف عن البقية.
وكان الجيش السوداني قد أعلن 18 مايو (أيار) الماضي، العثور على مقبرة جماعية، ورجح أن تكون هي مقبرة الضباط الثمانية والعشرين الذين أعدمهم نظام البشير، في منطقة «جبل سركاب» شمال مدينة أم درمان.
وفرضت النيابة العامة وفقاً لبيانها حراسة مشددة على مكان المقبرة، من قوات مكونة من الجيش وقوات الدعم السريع، للحيلولة دون الاقتراب من المنقطة حتى اكتمال الإجراءات.
ووجهت النيابة العامة دائرتي الطب العدلي والأدلة الجنائية وشعبة مسرح الحادث لاتخاذ الإجراءات كافة، في تواصل عمليات نبش المقبرة، بعد تحريزها للمكان.
وظلت أسر ورفاق الضباط طوال الثلاثين سنة الماضية، تقيم المناسبات إحياء لذكراهم، وتواصل المطالبات بالكشف عن مكان دفنهم، دون جدوى، وفي سبيل ذلك تعرضوا لكثير من المضايقات من جهاز أمن البشير.
وأعاد الجيش السوداني الاعتبار لضحايا مجزرة رمضان، بمرسوم أصدره الفريق أول عبد الفتاح البرهان القائد العام ورئيس مجلس السيادة، بترقيتهم إلى رتب أعلى واعتبارهم «شهداء».
ونص القرار على معاملة «ضباط رمضان» باعتبارهم «شهداء القوات المسلحة»، وعلى تسوية استحقاقاتهم المالية منذ إعدامهم، وأن تسري رواتبهم التقاعدية أسوة برصفائهم الذين سقطوا في المعارك العسكرية.
وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 شكل النائب العام لجنة تحقيق بشأن جريمة مقتل الضباط الثمانية والعشرين، تختص بتحديد والوقائع والملابسات وتحديد أماكن دفنهم، والانتهاكات التي تعرضوا لها وتقديم المسؤولين عنها للمحاكمة.
ونقلت «الشرق الأوسط» عن النائب العام تاج السر الحبر في وقت سابق، أن اللجنة سمعت شهادات أكثر من 30 شخصاً، وأن تحقيقاتها بلغت مرحلة تحديد المسؤولية الجنائية، وشارفت على مرحلة توجيه التهم.
واستجوبت لجنة التحقيق كلا من الرئيس المعزول عمر البشير نائبه الأول الذي يعد أحد الفاعلين الرئيسين في انقلاب يونيو (حزيران) 1990 على دورهما في تصفية هؤلاء الضباط، بيد أن الرجلين لزما الصمت ورفضا التعاون مع لجنة التحقيق.
ويواجه البشير و34 من مساعديه الإسلاميين وقادة المجلس العسكري الذي أطاح بالحكومة الديمقراطية المنتخبة، المحاكمة على «تدبير انقلاب الثلاثين من يونيو» والتي بدأت الأسبوع الماضي، وينتظر أن تتواصل 11 أغسطس (آب) الماضي.
وتنتظر البشير ومساعديه عدد من المحاكمات، تصل عقوبتها إلى الإعدام، في الوقت الذي تنتظره هو وأربعة من مساعديه، اتهامات بالإبادة الجماعية، وجرائم الحرب والتصفية العرقية، وجرائم ضد الإنسانية، من قبل المحكمة الجنائية الدولية التي تطالب الحكومة السودانية بتسلميه.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».