الرئيس الروسي يطلق خطة تنمية جديدة تحترم «تداعيات كوفيد ـ 19»

بوتين يعلن خطة تنمية روسية جديدة تحترم «تداعيات كورونا»
بوتين يعلن خطة تنمية روسية جديدة تحترم «تداعيات كورونا»
TT
20

الرئيس الروسي يطلق خطة تنمية جديدة تحترم «تداعيات كوفيد ـ 19»

بوتين يعلن خطة تنمية روسية جديدة تحترم «تداعيات كورونا»
بوتين يعلن خطة تنمية روسية جديدة تحترم «تداعيات كورونا»

موسكو: طه عبد الواحد تحت وطأة تداعيات «جائحة كورونا» على الاقتصاد الروسي، وبالتزامن مع نشر بيانات تُظهر مدى تأثير الجائحة على مجالات حساسة مثل دخول المواطنين ونمو الإنتاج الصناعي في روسيا، وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مطلع الأسبوع الحالي مرسوما «حول أهداف التنمية الوطنية حتى عام 2030»، عكس إلى حد كبير تأثيراً بعيد المدى خلفته الجائحة على أفق خطط التنمية في روسيا. وكان واضحا في نص المرسوم تركيز الاهتمام على الوضع الديموغرافي في البلاد، حين جاء «الحفاظ على السكان وصحة ورفاهية المواطنين»، في المرتبة الأولى بين الأهداف التي أعلنها بوتين في الخطة الجديدة، والتي تضمنت كذلك: «توفير فرص لتحقيق الذات وتنمية المواهب، وتأمين بيئة آمنة للحياة، مع فرص عمل لائق وريادة الأعمال ونجاح البيزنس، وأخيرا تنفيذ التحول الرقمي». من جانبه أشار المكتب الصحافي في الكرملين إلى أن «زيادة عدد السكان»، واحدا من الأهداف الرئيسية في خطة التنمية للسنوات العشر القادمة.
وهذه ليست خطة التنمية الأولى التي يعلن عنها بوتين. إذ سبق وتبنى خطة للتنمية تُعرف باسم «المشروعات القومية» التي أعلن عنها ضمن مرسوم وقعه فور تنصيبه رئيسا لولاية رابعة في مايو (أيار) 2018، وحدد ضمنها أهدافا للتنمية يفترض تحقيقها حتى عام 2024. إلا أن تداعيات كورونا، كما يتضح، كانت عاملا رئيسيا دفعه لتعديل تلك الخطة، ورفع السقف الزمني لتحقيق أهدافها، حتى 2030. عوضا عن 2024. وأكد بوتين في عرضه الخطة الجديدة أن «أهدافنا طويلة المدى تبقى دون تغيير، رغم التعقيدات الموضوعية الحالية»، مشيراً إلى ضرورة أخذ العوامل والظروف المرتبطة بالجائحة والأزمة الاقتصادية في الاعتبار.
وكان لاقتا في الخطة الجديدة غياب أهداف «ضخمة» حددها في خطته السابقة، وبصورة رئيسية الهدف الذي أعلن عنه عام 2018 حول ضرورة تحقيق معدلات نمو تجعل روسيا تدخل قائمة أكبر خمس اقتصادات عالميا بحلول عام 2024. وعوضا عنه اكتفى بوتين في خطته الجديد بالتركيز على هدف «ضمان نمو الناتج المحلي الإجمالي لروسيا حتى مستوى أعلى من المتوسط عالميا خلال الفترة حتى عام 2030، مع الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي في البلاد». وفي إجابته على أسئلة بهذا الصدد، أحال دميتري بيسكوف، المتحدث الرسمي باسم الكرملين، اختفاء هدف «دخول روسيا قائمة أكبر خمس اقتصادات عالمياً» إلى «ظروف اقتصادية دولية غير مواتية»، وأشار إلى تعديلات على «المشروعات القومية» المعلنة عام 2018، قال إن الوزارات المعنية ستعمل على إنجازها خلال ثلاثة أشهر.
إلى ذلك كشف بيانات رسمية صادرة عن دائرة الإحصاء الفيدرالية الروسية عن جانب من «تداعيات جائحة كورونا» الاقتصادية، خلال هذه المرحلة، لا سيما على مستوى دخل المواطنين، ومؤشر الإنتاج الصناعي. وفي تقرير نشرته أخيرا على موقعها الرسمي حول «الوضع الاقتصادي الاجتماعي في روسيا»، أشارت الدائرة إلى انخفاض قياسي على دخل المواطنين، خلال الفصل (الربع) الثاني من العام الحالي «بنسبة 8 في المائة مقارنة بالربع الثاني من العام الماضي». وأحالت هذا الانخفاض إلى طبيعة التعقيدات خلال الربع الثاني، الذي كان تحت وطأة «ذروة جائحة كورونا» والقيود الأكثر تشددا لمواجهتها، بما في ذلك «عطلة كورونا»، وتوقف النشاط الاقتصادي في روسيا خلالها. ويُعد هذا التراجع «قياسيا»، يُسجل للمرة الأولى منذ عام 1999. وفق تقديرات مراقبين، انطلاقا من أن تراجع الدخل وفق حصيلة إجمالية عن ذلك العام كان بنسبة 12.3 في المائة.
أما مؤشر الإنتاج الصناعي، كشفت دائرة الإحصاء الفيدرالية عن تراجعه بنسبة 8.5 في المائة حصيلة الفصل الثاني، وبنسبة 3.5 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي. ويتضح من تلك البينات أن الإنتاج الصناعي لم يتمكن من الانتعاش كما يجب حتى بعد إلغاء معظم «قيود كورونا». وبعد تراجع بنسبة 9.6 في المائة في مايو (أيار) الذي تقرر في النصف الثاني منه إلغاء قيود كورونا، لم يطرأ تحسن يذكر على مؤشر الإنتاج الصناعي في يونيو (حزيران)، وتراجع بنسبة 9.4 في المائة، وفي جزء من التفاصيل تراجع إنتاج المواد الخام في شهر مايو بنسبة 3.1 في المائة، ومن ثم تراجع بنسبة 14.2 في المائة في الشهر التالي، يونيو، مقارنة مع شهر يونيو 2019. وتُحيل دائرة الإحصاء هذا الوضع إلى تقليص الإنتاج النفطي بموجب اتفاقية «أوبك بلس»، وتراجع الطلب عالميا على الفحم وغيره من مواد خام.



تعثر الضرائب على الشركات العملاقة وكبار الأثرياء في ظل ترمب

موظف بنك يعد عملات من فئة 100 دولار (رويترز)
موظف بنك يعد عملات من فئة 100 دولار (رويترز)
TT
20

تعثر الضرائب على الشركات العملاقة وكبار الأثرياء في ظل ترمب

موظف بنك يعد عملات من فئة 100 دولار (رويترز)
موظف بنك يعد عملات من فئة 100 دولار (رويترز)

يعتبر التعاون الدولي في مواجهة التجنّب الضريبي من ضحايا هجوم الرئيس الأميركي دونالد ترمب على التعدّدية، في ظل الانسحاب الأميركي من الاتفاق بشأن فرض ضرائب على الشركات متعددة الجنسية، واتخاذ إجراءات انتقامية من الدول التي تفرض ضرائب على شركات التكنولوجيا العملاقة.

وفي خضمّ النزاع التجاري، أعادت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في العاشر من أبريل (نيسان) التلويح بفرض ضرائب على «إيرادات إعلانات الخدمات الرقمية»، إذا لم تنجح المفاوضات الرامية إلى خفض الرسوم الجمركية.

ضرائب على الخدمات الرقمية

تُتهم شركات التكنولوجيا الرقمية العملاقة، «غوغل» و«أبل» و«فيسبوك» و«أمازون» و«مايكروسوفت»، باستغلال الطبيعة الافتراضية غير الملموسة لأعمالها لتجنّب دفع الضرائب، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وانخرطت فرنسا، وتلتها سبع دول أخرى، في مواجهة مع هذه المجموعات التي طالبتها بالمساهمة عبر دفع ضرائب في عام 2019. وبذلك، حققت هذه الضريبة نحو 780 مليون يورو للدولة الفرنسية في عام 2024، وفقاً لوزارة المالية.

وفي مقابل ذلك، هددت إدارة ترمب منذ عام 2019 بفرض رسوم إضافية على الشمبانيا والأجبان الفرنسية.

وفي مذكرة نُشرت في 21 فبراير (شباط) 2025، استنكر الرئيس الأميركي الضرائب التي تستهدف شركات التكنولوجيا الأميركية التي صار مالكوها ورؤساؤها من حلفائه المقرّبين. وتعهد ترمب في المقابل بـ«فرض رسوم جمركية وأي تدابير أخرى ضرورية للتخفيف من الضرر الذي يلحق بالولايات المتحدة».

على إثر ذلك، ألغت الهند الضريبة الرقمية ابتداء من الأول من أبريل.

كذلك، تدرس لندن إلغاء الضريبة التي تفرضها في هذا المجال، وتُدر على خزينتها 800 مليون جنيه إسترليني سنوياً. وقال وزير التجارة البريطاني جوناثان رينولدز إن «هذه الضريبة ليست شيئاً ثابتاً أو أمراً غير خاضع للنقاش».

وتقول الحكومات التي طبّقت هذه الضرائب أحادية الجانب إنّها مؤقتة بانتظار مآلات المفاوضات الدولية بشأن فرض ضرائب على الشركات متعددة الجنسية.

ضريبة الحد الأدنى

في نهاية عام 2021، شهد اتفاق تاريخي التزام نحو 140 دولة بفرض المزيد من الضرائب على الشركات متعددة الجنسية.

وتمّ اعتماد رُكنَين في هذا المجال. يهدف الركن الأول إلى جعل الشركات متعددة الجنسية، وخصوصاً في القطاع الرقمي، تدفع ضرائب للدول التي يوجد فيها عملاؤها. ويحدّد الركن الثاني حداً أدنى للضريبة من 15 في المائة من الأرباح.

بمجرّد عودته إلى السلطة، سحب دونالد ترمب الولايات المتحدة من الاتفاق وهدّد بإجراءات انتقامية من الدول التي تطبّق الركن الأول على شركات أميركية.

وقال دانيال بون وهو مدير مؤسسة الضرائب (Taxation Foudation)، وهي مؤسسة بحثية أميركية، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إنّ «المفاوضات متوقّفة منذ بعض الوقت، كانت كذلك حتى في ظل إدارة (الرئيس الأميركي السابق جو) بايدن».

من جانبه، أكد الخبير الاقتصادي الفرنسي الأميركي غابرييل زوكمان، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أنّ «ردّ الاتحاد الأوروبي في الأسابيع المقبلة سيكون حاسماً»، مضيفاً: «إذا استسلم الاتحاد الأوروبي والدول الأخرى، وسمحت للشركات متعددة الجنسية الأميركية بالتنصل من الضريبة، فإنّ ذلك سيعني للأسف نهاية هذه الاتفاقية المهمّة للغاية».

تطبّق نحو ستين دولة الركن الثاني من الاتفاقية، من بينها اليابان وكندا والبرازيل والمملكة المتحدة وسويسرا والاتحاد الأوروبي.

ضرائب على أصحاب المليارات

في عام 2024، أطلقت مجموعة العشرين برئاسة البرازيل مشروعاً يهدف إلى فرض ضريبة دنيا بنسبة 2 في المائة على الأصول التي تتجاوز قيمتها مليار دولار، كان يُرجح أن تنتج 200 إلى 250 مليار دولار سنوياً. غير أنّ هذا المشروع لم يرَ النور خصوصاً بسبب رفض الولايات المتحدة خلال عهد جو بايدن.

وبينما تعهّدت واشنطن في نوفمبر (تشرين الثاني) بالتعاون في فرض المزيد من الضرائب على أصحاب المليارات، تضعضع المشروع أمام الأولوية التي تمنحها إدارة ترمب لخفض الضرائب، وقربها من أصحاب المليارات.

وفضلاً عن ذلك، أشار دانيال بون إلى أنّ الولايات المتحدة شديدة الحرص على «سيادتها الضريبية»، حتى وإن كان بعض الجمهوريين يؤيّدون فرض ضرائب أكبر على كبار الأثرياء الأميركيين.

وقال: «إذا سألتم بعض أعضاء الكونغرس عن رأيهم باتفاق مجموعة العشرين، فإنّهم سيجيبون: لماذا تتدخّل مجموعة العشرين في فرض ضرائب على أصحاب المليارات؟ هذه مهمّتنا إذا أردنا القيام بذلك».

ويوجد في الولايات المتحدة 30 في المائة من أصحاب المليارات في العالم، وفقاً لمجلّة «فوربس»، تليها الصين والهند وألمانيا مجتمعة.

وخلال مؤتمر عُقد أخيراً في باريس، قال خبير الاقتصاد توماس بيكيتي: «لا يمكننا أن ننتظر حتى تتوصل مجموعة العشرين إلى اتفاق، يجب أن تتحرّك الدول بشكل منفرد في أقرب وقت ممكن».

وأضاف: «يُظهر التاريخ أنّه بمجرّد أن تتبنّى حفنة من الدول القوية إصلاحاً من هذا النوع، فإنّه يصبح القاعدة».