ماكرون يدق ناقوس الخطر من السياسة التركية في ليبيا

باريس تسعى لتوفير «رد جماعي» على أنقرة بسبب ما ترتكبه من «انتهاكات لسيادة اليونان وقبرص»

TT

ماكرون يدق ناقوس الخطر من السياسة التركية في ليبيا

مرة أخرى، يقرع الرئيس الفرنسي ناقوس الخطر، ليحذر من الدور التركي في موضوعين أصبحا اليوم متلازمين، وهما الملف الليبي من جهة، وأنشطة أنقرة في التنقيب عن النفط والغاز في مياه شرق المتوسط من جهة أخرى. وقد شكلت زيارة الرئيس القبرصي لباريس، أمس، فرصة لإيمانويل ماكرون لتعبئة الدول الأوروبية، وأقلها المتوسطية، لمناهضة تنامي النفوذ التركي في ليبيا والمتوسط.
وسعت باريس لممارسة ضغوط على أنقرة عبر قناتين: الحلف الأطلسي من جهة، والاتحاد الأوروبي من جهة أخرى. إلا أن ماكرون استنبط إطاراً ثالثاً وهو «مجموعة السبع» التي دعاها لحضور قمة في باريس (مقررة نهاية أغسطس «آب» أو بداية سبتمبر «أيلول»)؛ بينما تعتبر باريس أن الاتحاد الأوروبي شبه غائب عن التحديات التي تطرحها مسائل الطاقة والأمن في المتوسط الشرقي، إزاء «الصراع على النفوذ؛ خصوصاً لتركيا وروسيا».
ويريد ماكرون من القمة أن توفر إطاراً «لتفكير عميق في المواضيع الأمنية في المتوسط»؛ خصوصاً أن ردة فعل الاتحاد الأوروبي بقيت «إما خفيفة الوزن وإما ضعيفة التأثير». وما تسعى إليه باريس حقيقة هو توفير «رد جماعي» على تركيا حيال ما ترتكبه من «انتهاكات لسيادة اليونان وقبرص»، وأيضاً لتدخلها في ليبيا. وبحسب الرئيس الفرنسي، فإن الأطراف التي تقوم بذلك (تركيا) «يتعين أن تُعاقب»، معرباً عن تضامن بلاده مع أثينا ونيقوسيا.
وحتى اليوم، لم تلقَ دعوة باريس لفرض عقوبات على تركيا صدى إيجابياً، رغم أنها أطلقت قبل أسابيع. ولم يسفر آخر اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد (عقد في 12 الجاري) عن «توافق» وفق ما أعلنه وزير الخارجية الأوروبي جوزيب بوريل. وبسبب صعوبة توفير الإجماع، فإن باريس تراهن على «إطار أضيق» هو «مجموعة السبع» المتوسطية.
وما يعوق الإجماع لمعاقبة تركيا في ملفي المتوسط والدور العسكري الذي تلعبه في ليبيا، له عناوين أخرى، منها رغبة عدد من البلدان الأوروبية في تقفي أثر الموقف الأميركي، وعدم الابتعاد عنه، واعتبار تركيا «حجراً أساسياً» داخل الحلف الأطلسي؛ لمواجهة رغبة موسكو في العودة بقوة إلى المياه الدافئة، والانغراس مجدداً في ليبيا. يضاف إلى ذلك أن دولاً أوروبية تخاف من «الابتزاز» التركي في ملف الهجرات واللجوء للضغط على أوروبا.
وأخيراً، فإن ألمانيا التي ترأس الاتحاد الأوروبي لستة أشهر، وتحتضن أكبر جالية تركية على أراضيها، لا ترغب في إثارة المشكلات معها. وقد قال وزير خارجيتها، هايكو ماس، قبل يومين خلال زيارته لأثينا، إن تركيا «بلد مهم استراتيجياً في إطار الحلف الأطلسي»، وإنه «يتعين الحوار معها». ومنذ مؤتمر برلين حول ليبيا في يناير (كانون الثاني) الماضي، بدأ ماكرون ومعه وزيرا الخارجية والدفاع يصوبون النار على أنقرة لدورها في ليبيا، من زاوية انتهاكها للحظر الدولي على السلاح إلى طرابلس، وهو ما ذكَّر به ماكرون أمس بقوله: «لن نسمح للقوى الخارجية» بانتهاك القرار المذكور، و«من الضروري» فرض عقوبات عليها، و«الحصول على وقف لإطلاق النار، وإطلاق دينامية حقيقية للتوصل إلى حل سياسي للنزاع الليبي».
وترى مصادر دبلوماسية على علاقة وثيقة بالملف الليبي، أن «الكرة اليوم في الملعب التركي»، وأن ما ستقوم به تركيا في الأيام القادمة سيكون له بالغ الأثر على مسار الحرب أو السلام. فإذا اختارت السير في معركة سرت والجفرة، فسيدخل النزاع منعطفاً خطيراً، وربما يفضي إلى مواجهات مباشرة بين جيوش نظامية، وقد لا يبقى محصوراً في الأراضي والأجواء والمياه الليبية. وتدل الشروط التركية التي فندها أول من أمس المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين، وأهمها انسحاب قوات المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي، من هذين الموقعين الرئيسيين لقبول وقف لإطلاق النار، على أن أنقرة تريد الاستمرار في المعركة، وتعتقد أنها قادرة على كسبها وتحسين شروطها وشروط حكومة «الوفاق»؛ لكن هذا المسعى يصطدم بـ«الخط الأحمر» الذي رسمته مصر، والممتد من سرت إلى الجفرة.
وبمواجهة هذه الاندفاعة نحو استئناف المعارك، تتكاثر المساعي الدبلوماسية لنزع فتيل التصعيد. فبالإضافة إلى البيان الأوروبي الثلاثي: الفرنسي - الألماني – الإيطالي، الذي يعد بمثابة «خريطة طريق» للخروج من الأزمة وقوامها، والذي اقترح الفصل بين القوات المتقاتلة، وفرض عقوبات على الأطراف التي تنتهك حظر السلاح، ثمة جهود أخرى تبذلها الجزائر لطرح وساطة بمشاركة تونس. وهناك أيضاً المحادثات المتواصلة بين أنقرة وموسكو. إلا أن المصادر المشار إليها تعتبر أن «المفتاح» الليبي موجود اليوم في واشنطن.
وبحسب ما تؤكده هذه المصادر، فإن الرئيس ترمب الذي أجرى اتصالات مع رؤساء مصر وفرنسا وتركيا، لا يمكنه أن يرى حرباً تنشب بين دول حليفة لواشنطن، سواء داخل الحلف الأطلسي كما بين اليونان وتركيا، أو خارجها كمصر ودول عربية أخرى. وتفيد معلومات متوفرة بأن واشنطن سعت في الأيام الأخيرة إلى «التهدئة»، ووجهت رسائل بهذا المعنى، إذ ليس من مصلحة ترمب الذي يخوض معركة انتخابية صعبة، ويواجه تداعيات «كوفيد- 19» وتبعاته الاقتصادية المدمرة، أن يبين عجز واشنطن عن التأثير على حلفاء رئيسيين لها، وأن يتركهم يتحاربون بأسلحة أميركية. وبحسب هذه المصادر، فقد حان الوقت لتخرج واشنطن من «ضبابية» المواقف، وأن تعلن سياسة واضحة سيكون لها بالغ الأثر على مسالك النزاع.



أستراليا تعتزم فرض ضريبة على المنصات الرقمية التي لا تدفع مقابل نشر الأخبار

شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
TT

أستراليا تعتزم فرض ضريبة على المنصات الرقمية التي لا تدفع مقابل نشر الأخبار

شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)

أعلنت الحكومة الأسترالية اعتزامها فرض ضريبة كبيرة على المنصات ومحركات البحث التي ترفض تقاسم إيراداتها من المؤسسات الإعلامية الأسترالية مقابل نشر محتوى هذه المؤسسات.

وقال ستيفن جونز، مساعد وزير الخزانة، وميشيل رولاند وزيرة الاتصالات، إنه سيتم فرض الضريبة اعتباراً من أول يناير (كانون الثاني)، على الشركات التي تحقق إيرادات تزيد على 250 مليون دولار أسترالي (160 مليون دولار أميركي) سنوياً من السوق الأسترالية.

وتضم قائمة الشركات المستهدفة بالضريبة الجديدة «ميتا» مالكة منصات «فيسبوك»، و«واتساب» و«إنستغرام»، و«ألفابيت» مالكة شركة «غوغل»، وبايت دانس مالكة منصة «تيك توك». وستعوض هذه الضريبة الأموال التي لن تدفعها المنصات إلى وسائل الإعلام الأسترالية، في حين لم يتضح حتى الآن معدل الضريبة المنتظَرة، وفقاً لما ذكرته «وكالة الأنباء الألمانية».

وقال جونز للصحافيين إن «الهدف الحقيقي ليس جمع الأموال... نتمنى ألا نحصل عائدات. الهدف الحقيقي هو التشجيع على عقد اتفاقيات بين المنصات ومؤسسات الإعلام في أستراليا».

جاءت هذه الخطوة بعد إعلان «ميتا» عدم تجديد الاتفاقات التي عقدتها لمدة3 سنوات مع المؤسسات الإعلامية الأسترالية لدفع مقابل المحتوى الخاص بهذه المؤسسات.

كانت الحكومة الأسترالية السابقة قد أصدرت قانوناً في عام 2021 باسم «قانون تفاوض وسائل الإعلام الجديدة» يجبر شركات التكنولوجيا العملاقة على عقد اتفاقيات تقاسم الإيرادات مع شركات الإعلام الأسترالية وإلا تواجه غرامة تبلغ 10 في المائة من إجمالي إيراداتها في أستراليا.