لودريان ينتقد السلطات اللبنانية لعدم استجابتها لإصلاحات «طال انتظارها»

وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان في مقر وزارة الخارجية اللبنانية (إ.ب.أ)
وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان في مقر وزارة الخارجية اللبنانية (إ.ب.أ)
TT

لودريان ينتقد السلطات اللبنانية لعدم استجابتها لإصلاحات «طال انتظارها»

وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان في مقر وزارة الخارجية اللبنانية (إ.ب.أ)
وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان في مقر وزارة الخارجية اللبنانية (إ.ب.أ)

حضّ وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، اليوم (الخميس)، السلطات اللبنانية على الإسراع في تنفيذ إصلاحات «طال انتظارها»، منتقداً «عدم استجابتها» للأزمة الراهنة، وذلك خلال زيارة إلى لبنان الذي يأمل الحصول على دعم خارجي ينتشله من دوامة الانهيار الاقتصادي.
والتقى الوزير الفرنسي في زيارته التي تستمر يومين، وهي الأولى التي يجريها مسؤول أجنبي رفيع منذ أشهر إلى لبنان، كلاً من الرئيس اللبناني ميشال عون، ورئيس الحكومة حسان دياب، ورئيس مجلس النواب نبيه بري.
وقال لودريان، في مؤتمر صحافي، بعد لقائه نظيره اللبناني ناصيف حتي: «هناك أفعال ملموسة طال انتظارها»، وأضاف: «من الملحّ والضروري اليوم السير عملياً على طريق الإصلاحات، هذه الرسالة التي جئت أحملها لكل السلطات اللبنانية ومجمل القوى السياسية». وأكد أن «فرنسا مستعدة للتحرك بشكل كامل وأن تحشد شركاءها كافة، لكن يجب تنفيذ إجراءات تصحيح جدية وذات مصداقية»، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
ولم يوفر الانهيار الاقتصادي الأسوأ في تاريخ لبنان الحديث أي طبقة اجتماعية، خصوصاً مع خسارة الليرة أكثر من 80 في المائة من قيمتها أمام الدولار، مما سبب تآكل القدرة الشرائية للمواطنين. وخسر عشرات الآلاف وظائفهم أو جزءاً من رواتبهم، وبات نحو نصف اللبنانيين يعيش تحت خط الفقر، ولامس معدل البطالة 35 في المائة.
وخلال زيارة إلى «مؤسسة عامل الدولية»، المنظمة غير الحكومية التي تقوم ببرامج صحية وتعليمية، بدا لودريان أكثر قسوة تجاه المسؤولين اللبنانيين. وقال: «أكثر ما يذهلنا هو عدم استجابة سلطات هذا البلد للأزمة الراهنة»، مضيفاً: «زيارتي بمثابة إنذار. قرأت في الصحف اللبنانية أن لبنان ينتظر لودريان. لا، فرنسا هي التي تنتظر لبنان. تنتظر منه أن يأخذ المبادرات، وهي جاهزة لدعمها»، وشدد على أن «المهم أن يحظى هذا البلد بثقة شركائه، اليوم هذه الثقة مفقودة».
وناشد لودريان في وقت سابق من الشهر السلطات اللبنانية التحرك. وقال أمام مجلس الشيوخ الفرنسي: «اللعنة... ساعدونا لكي نساعدكم».
وذكر الخميس خلال زيارة المنظمة: «استخدمت كلمة (اللعنة) حين تحدثت أمام مجلس الشيوخ، وذلك حتى لا أتفوه بشتيمة... كانت كلمة عاطفية ولكن تحتوي على بعض الغضب لأنه لا يمكن أن نبقى على هذه الحال».
وفي مارس (آذار) الماضي، تخلّف لبنان للمرة الأولى في تاريخه عن تسديد ديونه الخارجية، ثم طلب مساعدة صندوق النقد الدولي معتمداً على خطة إنقاذ اقتصادية وضعتها الحكومة، لكن بعد جلسات عدة بين ممثلين للطرفين، لا تزال المفاوضات تراوح مكانها.
وحذر لودريان بعد لقائه حتّي من أنه «لا بديل لبرنامج صندوق النقد الدولي للسماح للبنان بالخروج من الأزمة»، مشدداً على ضرورة إعادة إطلاق المفاوضات مع صندوق النقد التي شهدت تباينات بين المفاوضين اللبنانيين أنفسهم؛ إن كان حول حجم الخسائر المالية أو إصلاح القطاع المصرفي.
وتطرق لودريان بشكل أساسي إلى قطاع الكهرباء، الذي كبّد خزينة الدولة اللبنانية أكثر من 40 مليار دولار منذ انتهاء الحرب الأهلية (1975 - 1990)، فصرح: «أقولها بوضوح: ما تم حتى الآن في هذا المجال ليس مشجعاً».
وقال دياب خلال لقائه لودريان، وفق حساب رئاسة الوزراء على موقع «تويتر»: «واجهنا عقبات خلال المفاوضات مع صندوق النقد، واليوم اجتزناها إلى المربع الثاني»، مضيفاً: «نحن مصممون على مواصلة التفاوض، ونتمنى على فرنسا مساعدتنا في تسريعه؛ لأن الوضع المالي في لبنان لا يتحمل التأخير».
والتقى لودريان عصراً البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي، الذي طالب مؤخراً في تصريحات أثارت جدلاً بـ«حياد لبنان»، معتبراً أنه أصبح دولة «معزولة... ومنحازة... تدخل في أحلاف سياسية وعسكرية وحروب ونزاعات».
ورغم تأكيد الراعي أن تصريحاته تعني جميع الأطراف اللبنانية، فإنها عُدّت موجهة إلى «حزب الله» الذي يُعد حالياً الجهة السياسية الأقوى في لبنان والداعم الأبرز للحكومة، وتصنفه واشنطن منظمة «إرهابية».
وكانت الولايات المتحدة أضافت إلى الإصلاحات شرطاً آخر على لبنان هو «ألا يشكل وكيلاً لإيران»، وفق تصريحات لوزير خارجيتها مايك بومبيو.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».