لبنان يحاول معالجة أزمة المازوت بضبط الاحتكار والتهريب

آلية جديدة للتوزيع بمواكبة «الأمن العام»

شح المازوت يؤدي إلى انقطاع الكهرباء عن معظم المنازل في بيروت بسبب توقف المولدات (إ.ب.أ)
شح المازوت يؤدي إلى انقطاع الكهرباء عن معظم المنازل في بيروت بسبب توقف المولدات (إ.ب.أ)
TT

لبنان يحاول معالجة أزمة المازوت بضبط الاحتكار والتهريب

شح المازوت يؤدي إلى انقطاع الكهرباء عن معظم المنازل في بيروت بسبب توقف المولدات (إ.ب.أ)
شح المازوت يؤدي إلى انقطاع الكهرباء عن معظم المنازل في بيروت بسبب توقف المولدات (إ.ب.أ)

بعد تفاقم أزمة شحّ المازوت والتي وصلت إلى حد تهديد عمل قطاعات حيوية كالمستشفيات والاتصالات قرّرت الدولة اللبنانية التحرك لمراقبة ومنع التهريب والاحتكار كسببين أساسين لـ«تبخّر» المازوت من الأسواق، وذلك عبر اعتماد آلية مشتركة بين وزارتي الطاقة والاقتصاد، إلى جانب دعم المديرية العامة للأمن العام التي قامت بالإشراف على إعطاء شركات توزيع المحروقات لمادة المازوت من منشآت النفط في طرابلس ومواكبة توزيع الكمية المستلمة في كافة المناطق.
الآلية الجديدة والتي بدأ تطبيقها بداية الأسبوع بشكل رسمي «ستساهم في ضبط احتكار وسعر المازوت» كما قال مدير عام وزارة الاقتصاد محمد أبو حيدر، لأنها تقوم على مبدأ «تتبع الكميات بدءا من الشركات المستوردة وصولا إلى آخر نقطة قبل الاستهلاك أي المحطات»، الأمر الذي يمكن الدولة من «معرفة وجهة المازوت بشكل دقيق»، ومحاسبة أي محتكر أو مخالف من قبل الجهات المعنية.
واعتبر أبو حيدر في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أنّ ما كانت تقوم به وزارة الاقتصاد عبر مديرية حماية المستهلك من خلال مراقبة محطات الوقود وتسطير محاضر بحق من يقوم بتخزين المازوت «لم يمنع الاحتكار»، وذلك لأسباب عدة منها أنّ «التخزين قد يكون خارج المحطات وحتى خارج أصحابها أي عند الموزعين أو المستوردين»، هذا فضلا عن أنّ بعض «المحطات ثبت أنّها تخزن بعض المازوت لمؤسسات حيوية كالمستشفيات وهذا ما يصبح سهلا التأكد منه عبر الآلية الجديدة». وأوضح أبو حيدر أنّ هذه الآلية تقوم على الطلب من الشركات النفطية وموزعي النفط إيداع وزارة الاقتصاد بشكل أسبوعي لائحة مفصلة بالكميات المبيعة وبالزبائن (الشركات، محطات الوقود، أصحاب المولدات) الذين اشتروا مادتي النفط والمازوت، وذلك عبر بريد إلكتروني محدد، بالإضافة إلى معلومات عن الكمية المشتراة والسعر.
وتوقّع أبو حيدر أن تبدأ نتائج هذه الآلية بالظهور خلال الأسابيع المقبلة محذرا المحتكرين «من عقوبات قاسية» إذ ستمتنع وزارة الطاقة والمياه عن «تسليم مادتي النفط والمازوت لكل جهة تمتنع عن اعتماد الآلية الجديدة، كما ستتخذ مديرية حماية المستهلك كافة الإجراءات القانونية بحق الشركات وموزعي النفط الذين لا يلتزمون بهذا القرار».
ومن شأن هذه الآلية أن تكشف كميّات المازوت المهرّب والتي يعتبر أبو حيدر «أنها ليست بالحجم الذي يحكى عنه» لافتا إلى أنّ الكميّات المستوردة من المازوت هذا العام كانت أقل من الفترة نفسها من السنوات الماضية ما يعني عمليا أنّ موضوع التهريب «فزّاعة»، مع ضرورة التذكير «أنّ السبب الأساسي لشح المازوت هو التقنين الكبير للتيار الكهربائي، وبالتالي تشغيل المولدات لعدد ساعات أكثر».
وهنا يُشار إلى أنّ لبنان استورد خلال الأشهر الستة الأولى من العام الحالي نحو 1.25 مليون طن من المازوت مقابل 1.38 مليون طن خلال الفترة ذاتها من العام الماضي.
وعلى خطّ تهريب واحتكار المازوت، كانت أعلنت المديرية العامة للأمن العام في بيان أنه في إطار متابعة عمليات تسليم وتوزيع مادة المازوت، وعدم احتكارها أو التلاعب بالسعر الرسمي، قامت يوم الأحد الماضي دوريات تابعة لها بالإشراف على تسلم شركات توزيع المحروقات لمادة المازوت من منشآت النفط في طرابلس، ومواكبة توزيع الكمية المستلمة في كافة المناطق اللبنانية. وأوضحت أن الكمية المستلمة من شركات التوزيع بلغت أربعة ملايين وستمائة ألف لتر من مادة المازوت تم توزيعها على محطات وقود ومؤسسات وأصحاب مولدات توزيع الكهرباء.



الموت يهدّد آلاف مرضى السرطان في إب اليمنية

مبنى مركز الأمل لعلاج الأورام السرطانية في مدينة إب (فيسبوك)
مبنى مركز الأمل لعلاج الأورام السرطانية في مدينة إب (فيسبوك)
TT

الموت يهدّد آلاف مرضى السرطان في إب اليمنية

مبنى مركز الأمل لعلاج الأورام السرطانية في مدينة إب (فيسبوك)
مبنى مركز الأمل لعلاج الأورام السرطانية في مدينة إب (فيسبوك)

يواجه آلاف المرضى بالسرطان في محافظة إب اليمنية (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) خطر الموت نتيجة غياب الرعاية الصحية والنقص الحاد في الأدوية والمستلزمات الطبية وغياب الدعم، في ظل اتهامات لقادة الجماعة الحوثية بالمتاجرة بالأدوية وتعطيل مراكز علاج ودعم الحالات المصابة بالمرض.

وأرجعت مصادر طبية في المحافظة نقص الأدوية والمستلزمات الطبية، والتي كانت تقدم مجاناً من منظمات دولية وجهات خيرية، إلى مساعي الجماعة الحوثية للاستفادة من التمويل الموجه للمرضى، والحصول على إيرادات مالية من الأدوية والتدخل الدائم في العمل الإغاثي الطبي، وفرض قرارتها على الجهات الممولة، وإدارة شؤون المستشفيات والمراكز الصحية.

ووجّه فرع «مؤسسة مكافحة السرطان» في إب نداء استغاثة جديداً، هو الثالث خلال الأشهر القليلة الماضية، لدعم «مركز الأمل لعلاج الأورام» التابع لها، ومدّه بالأدوية والمستلزمات التي يحتاجون إليها لعلاج المرضى.

أطفال مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خلال مشاركتهم في مخيم ترفيهي (فيسبوك)

وأعلن فرع مؤسسة مكافحة السرطان، في بيان له، تسجيل 753 حالة إصابة جديدة بمرض السرطان في إب خلال العام الحالي، موضحاً أن معظم المرضى الذين يتوافدون حالياً على مركز الأمل لعلاج الأورام، وهم من الأسر الفقيرة والأشد فقراً، لا يتحصلون على الرعاية الطبية؛ بسبب شح الإمكانات.

زيادة في المصابين

واشتكى فرع المؤسسة في بيانه من أن التزايد المستمر في أعداد المصابين بالمرض يُحمّل المؤسسة ومركز الأورام تبعات كثيرة في الوقت الذي يعانيان قلة الإيرادات والافتقار للدعم الثابت؛ ما يجعلهما غير قادرين على توفير، ولو الحد الأدنى من الخدمات التشخيصية والصحية للمرضى.

وناشد البيان الجهات ذات العلاقة والمنظمات ورجال الأعمال، بإسنادهم بالدعم من أجل الاستمرار بتقديم الخدمات الصحية التشخيصية والعلاجية للمرضى.

مبنى فرع مؤسسة مكافحة السرطان في إب (فيسبوك)

وذكرت مصادر طبية في إب لـ«الشرق الأوسط»، أن المحافظة الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، شهدت مئات الإصابات الجديدة بالمرض، بالتزامن مع معاناة كبيرة لأكثر من 6 آلاف مصاب من مختلف الأعمار.

موارد محدودة

اشتكى عدد من المرضى من انعدام العلاج وانقطاع الخدمات الطبية، لافتين إلى أنهم يواجهون خطر الموت جراء فشل الجماعة الحوثية في إدارة المرافق الصحية وعبث قادة الجماعة بالموارد والمساعدات والإتجار بها في السوق السوداء.

وبيَّنوا لـ«الشرق الأوسط»، أنهم لا يزالون يعانون مضاعفات كبيرة وظروفاً حرجة في ظل سياسات حوثية خاطئة تستهدف جميع مؤسسات ومراكز مكافحة السرطان في المحافظة وأثرت سلباً على تلقيهم الرعاية الطبية.

يقول عبد الله، وهو شاب من مدينة العدين غرب المحافظة، وقدِم إلى فرع مؤسسة مكافحة السرطان لعلاج والدته التي تعاني سرطاناً في الحلق، إنه تردد على فرع المؤسسة لأكثر من 3 أيام؛ أملاً في الحصول على الرعاية الطبية لوالدته، لكن دون جدوى.

قادة حوثيون يفرضون وجودهم في افتتاح مركز لمعالجة الأورام في إب اليمنية بتمويل من فاعلي خير (إعلام حوثي)

ويعبّر عبد الله لـ«الشرق الأوسط» عن شعوره بالحزن والأسى وهو يرى والدته تصارع المرض، بينما يعجز حتى اللحظة عن تأمين جرعة العلاج الكيماوي لها وبعض الأدوية الأخرى؛ بسبب انعدامها في فرع المؤسسة، وارتفاع تكلفتها في العيادات الخارجية والصيدليات التي تتبع أغلبها قيادات حوثية.

ويشير عاملون في فرع المؤسسة المعنية بمكافحة السرطان في إب خلال أحاديثهم لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن مركز الأمل لعلاج الأورام التابع لمؤسسة مكافحة السرطان، لا يزال يُقدم كل ما يمكن من خدمات مجانية للمرضى، رغم تكرار الاستهداف الحوثي له ومنتسبيه، معتمداً على القليل جداً من التبرعات المقدمة من بعض الجهات وفاعلي الخير.

وطالب العاملون المنظمات الدولية والمعنيين بسرعة إنقاذ مرضى السرطان الذين يواجهون خطر الموت ويتجمعون يومياً بالعشرات أمام المراكز والمؤسسات والمستشفيات في المحافظة، أملاً في الحصول على الرعاية الصحية المناسبة.

القطاع الصحي في اليمن يعيش وضعاً متردياً تحت سيطرة الجماعة الحوثية (إ.ب.أ)

وأقرَّت الجماعة الحوثية سابقاً بارتفاع عدد مرضى السرطان بعموم مناطق سيطرتها إلى نحو 80 ألف مريض.

وأطلق فرع «مؤسسة مكافحة السرطان» في إب، أواخر أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي، نداء استغاثة، بعد بلوغ أعداد المرضى المسجلين لدى فرع المؤسسة بالمحافظة وقتها 6060 حالة.

وقبل ذلك بأشهر أطلق الفرع نداء استغاثة مماثلاً، لدعم «مركز الأمل لعلاج الأورام» التابع له، والذي يواجه الإغلاق الوشيك نتيجة نقص الدعم وغياب التمويل.