مونيكا سيليش... ملكة متوجة على عرش التنس انتهت مسيرتها بطعنة سكين

كان بإمكانها أن تكون الأفضل في تاريخ اللعبة على الإطلاق

مونيكا سيليش بعد فوزها ببطولة فرنسا المفتوحة عام 1992 (غيتي)
مونيكا سيليش بعد فوزها ببطولة فرنسا المفتوحة عام 1992 (غيتي)
TT

مونيكا سيليش... ملكة متوجة على عرش التنس انتهت مسيرتها بطعنة سكين

مونيكا سيليش بعد فوزها ببطولة فرنسا المفتوحة عام 1992 (غيتي)
مونيكا سيليش بعد فوزها ببطولة فرنسا المفتوحة عام 1992 (غيتي)

قبل وفاته بقليل في عام 1990، أعلن مصمم أزياء التنس والمؤرخ والمؤلف الشهير تيد تينلينغ، الذي دخل عالم التنس للسيدات للمرة الأولى في العشرينات من القرن الماضي، وكان يعرف جميع نجمات التنس البارزات بدءاً من هيلين ويلز مودي وصولاً إلى شتيفي غراف، أعلن عن نبوءة استثنائية، حيث قال: «مونيكا سيليش هي أبرز لاعبة تنس منذ تيد لينغلين. إنها تضيء الملعب، ويمكنها أن تضرب الكرة بقوة أكبر من أي شخص رأيته في حياتي».
وعندما وصلت سيليش إلى السادسة عشرة من عمرها لم تكن قد فازت بأي لقب من البطولات الأربع الكبرى (غراند سلام)، لكن تينلنغ كانت لديه خبرات هائلة في عالم التنس جعلته يدرك أن هذه اللاعبة الصغيرة سيكون لها شأن كبير، وسرعان ما أثبتت اللاعبة الشابة أنه كان محقاً تماماً. كانت مارتينا نافراتيلوفا أول لاعبة مرموقة تستسلم لقوة سيليش في نهائي بطولة إيطاليا المفتوحة للتنس عام 1990، عندما خسرت أمام سيليش 6 - 1 و6 - 1. ووصفت نافراتيلوفا هذه التجربة بأنها شعرت بأن «شاحنة قد دهستها».
وبعد ذلك بشهر واحد، أصبحت سيليش أصغر لاعبة تنس تفوز ببطولة فرنسا المفتوحة، عندما فازت على شتيفي غراف 7 - 6 و6 - 4. وكانت اللاعبة الألمانية قد فازت بتسع من البطولات العشر الكبرى السابقة، وكانت تمتلك لياقة بدنية هائلة للدرجة التي جعلت العلماء يتنبأون بأنه يمكنها أن تكون بطلة أوروبا في سباقات الجري لمسافة 1500 متر. ومع ذلك، لم تتأثر سيليش بكل هذه الأمور، وتفوقت على غراف، وكانت تسبب لها إزعاجاً شديداً بضرباتها الأرضية الساحقة وتركيزها الشديد.
وسرعان ما أصبح الفوز شيئاً طبيعاً وتلقائياً في مسيرة سيليش. وخلال الفترة بين عامي 1991 و1993، فازت سيليش بسبع بطولات من إجمالي ثماني بطولات للغراند سلام، كما وصلت إلى المباراة النهائية في 33 بطولة من إجمالي 34 بطولة خاضتها خلال تلك الفترة. وبعد ذلك - وفي واحدة من أكثر اللحظات الصادمة في تاريخ الرياضة - تعرضت اللاعبة البالغة من العمر 19 عاماً للطعن في الظهر من قبل مشجع متعصب لشتيفي غراف أثناء إحدى المباريات في هامبورغ.
وللأسف، لم تتمكن سيليش من العودة إلى مستواها السابق مرة أخرى بعد هذا الحادث الأليم. وكيف يمكن لها أن تستعيد مستواها بعدما ابتعدت عن الملاعب لمدة عامين كاملين؟ وكيف لها أن تفعل ذلك وهي تشعر بأن السير في الملعب يبدو كأنه عودة إلى مسرح الجريمة؟ وفي عام 2009، قالت سيليش للصحفي في صحيفة «الأوبزرفر»، تيم آدامز: «لقد نشأت في ملعب تنس - وكان هذا هو المكان الذي كنت أشعر فيه بالأمن والأمان - لكن بعد ذلك، أُخذ كل شيء مني: براءتي وتصنيفاتي ودخلي - لقد تم إلغاء كل هذه الأشياء».
لم تعد معركة سيليش الكبرى بين أروقة الملاعب، حيث سيطر عليها الإحباط والاكتئاب وأصيبت باضطراب ما بعد الصدمة. وعلاوة على ذلك، أصيب والدها - الذي كان يشاهدها دائماً وهي صغيرة وهي تلعب التنس في موقف للسيارات بشبكة معلقة بين سيارتين - بالسرطان. وتحدثت سيليش في سيرتها الذاتية المؤثرة عن كيف بدأت تتناول بشراهة الشوكولاته ورقائق البطاطس والآيس كريم - وهي المشكلة التي أدت إلى زيادة وزنها بشكل كبير بعد عودتها للملاعب في عام 1995.
وفي ذلك الوقت، كانت سيليش لا تزال لاعبة ممتازة، حيث فازت بنهائي إحدى البطولات الكبرى في عام 1996، كما فازت بميدالية برونزية أولمبية في عام 2000، لكنها لم تتمكن أبداً من استعادة مستواها السابق. ومع ذلك، لو كانت عجلات التاريخ قد سارت في اتجاه مختلف، لكان بإمكاننا الآن أن نقول بكل سهولة إن سيليش هي أفضل لاعبة تنس في تاريخ اللعبة على الإطلاق. ومن حيث الأرقام والإحصائيات، كانت سيليش هي أعظم لاعبة شابة في تاريخ لعبة التنس، حيث فازت بثماني بطولات من البطولات الأربع الكبرى بعد تجاوزها التاسعة عشرة من عمرها بشهر واحد فقط.
ولكي نضع هذا الرقم في سياقه الصحيح، يجب أن نعرف أن أقرب منافسة لها، وهي شتيفي غراف، قد فازت بست بطولات من البطولات الأربع الكبرى عندما كانت في العشرين من عمرها، في مقابل أربع بطولات لمارغريت كورت، وبطولتين لكريس إيفيرت. وحتى سيرينا ويليامز وفينوس ويليامز لم يحصلا معاً إلا على بطولة واحدة من البطولات الأربع الكبرى وهما في نفس هذه السن، في حين أن نافراتيلوفا لم تحصل على أي بطولة من بطولات الغراند سلام عندما كانت في هذه السن.
ولولا هذا الحادث المؤلم، من كان يمكنه أن يمنع سيليش من السير بهذا المعدل الرائع لمدة ست أو سبع سنوات أخرى، وهو ما كان يعني أنه كان بإمكانها أن تكسر الرقم القياسي بالحصول على أكثر من 24 بطولة من البطولات الأربع الكبرى خلال مسيرتها الرياضية؟ وعلى الرغم من أن شتيفي غراف كانت تمثل تهديداً كبيراً لها، فإن سيليز قد تفوقت على اللاعبة الألمانية، حيث تفوقت عليها أربع مرات في المواجهات السبع التي جمعتهما خلال الفترة بين عامي 1990 و1993. ولا يوجد أدنى شك في أن سيليش كانت ملكة متوجة على عرش التنس، وكان بإمكانها أن تكون الأفضل في تاريخ اللعبة على الإطلاق لولا هذا الحادث اللعين!


مقالات ذات صلة

شراكة موراي وديوكوفيتش... تحدٍ لا يمكن رفضه

رياضة عالمية نوفاك ديوكوفيتش وأندي موراي (أ.ف.ب)

شراكة موراي وديوكوفيتش... تحدٍ لا يمكن رفضه

كشف نجم التنس الصربي نوفاك ديوكوفيتش عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أيام قليلة، عن أن البريطاني أندي موراي، أحد منافسيه السابقين سيكون مدرباً له في الفريق نفسه

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية يانيك سينر يحتفل مع الفريق الإيطالي بالفوز بلقب كأس ديفيز (أ.ف.ب)

«كأس ديفيز»: إيطاليا تهزم هولندا وتحرز اللقب

حافظت إيطاليا على لقبها في كأس ديفيز للتنس بفوزها 2 - صفر على هولندا بعد أداء رائع من يانيك سينر.

«الشرق الأوسط» (ملقة)
رياضة عالمية الإيطالي ماتيو بريتيني يحتفل بفوزه في نهائي كأس ديفيز (إ.ب.أ)

«كأس ديفيز»: بريتيني يمنح إيطاليا التقدم على هولندا في النهائي

فاز الإيطالي ماتيو بريتيني بسهولة 6-4 و6-2 على بوتيك فان دي زاندسخولب في أول مواجهة فردية بنهائي كأس ديفيز للتنس.

«الشرق الأوسط» (ملقة)
رياضة عالمية سينر محتفلاً بفوزه في المباراة (رويترز)

كأس ديفيز: سينر يقود إيطاليا للحاق بهولندا في النهائي

لحقت إيطاليا، حاملة اللقب، بهولندا إلى نهائي كأس ديفيز في كرة المضرب، بعد تغلبها على أستراليا -حاملة اللقب 28 مرة- 2-0 في الدور نصف النهائي السبت.

«الشرق الأوسط» (ملقة)
رياضة عالمية نوفاك ديوكوفيتش يضم أندي موراي لجهازه التدريبي (أ.ف.ب)

ديوكوفيتش يعلن انضمام موراي إلى جهازه التدريبي

أعلن نجم كرة المضرب الصربي، نوفاك ديوكوفيتش، السبت، أن منافسه البريطاني المعتزل آندي موراي سينضم إلى جهازه التدريبي.

«الشرق الأوسط» (بلغراد)

بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
TT

بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)

بدأت حقبة ليفربول تحت قيادة مديره الفني الجديد أرني سلوت، بشكل جيد للغاية بفوزه بهدفين دون رد على إيبسويتش تاون، الصاعد حديثاً إلى الدوري الإنجليزي الممتاز. كان الشوط الأول محبطاً لليفربول، لكنه تمكّن من إحراز هدفين خلال الشوط الثاني في أول مباراة تنافسية يلعبها الفريق منذ رحيل المدير الفني الألماني يورغن كلوب، في نهاية الموسم الماضي.

لم يظهر ليفربول بشكل قوي خلال الشوط الأول، لكنه قدم أداءً أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وهو الأداء الذي وصفه لاعب ليفربول السابق ومنتخب إنجلترا بيتر كراوتش، في تصريحات لشبكة «تي إن تي سبورتس» بـ«المذهل». وقال كراوتش: «كان ليفربول بحاجة إلى إظهار قوته مع المدير الفني والرد على عدم التعاقد مع أي لاعب جديد. لقد فتح دفاعات إيبسويتش تاون، وبدا الأمر كأنه سيسجل كما يحلو له. هناك اختلافات طفيفة بين سلوت وكلوب، لكن الجماهير ستتقبل ذلك».

لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى أظهر سلوت الجانب القاسي من شخصيته؛ إذ لم يكن المدير الفني الهولندي سعيداً بعدد الكرات التي فقدها الفريق خلال الشوط الأول الذي انتهى بالتعادل السلبي، وأشرك إبراهيما كوناتي بدلاً من جاريل كوانساه مع بداية الشوط الثاني. لم يسدد ليفربول أي تسديدة على المرمى في أول 45 دقيقة، لكنه ظهر أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وسجل هدفين من توقيع ديوغو جوتا ومحمد صلاح، ليحصل على نقاط المباراة الثلاث.

وأصبح سلوت ثاني مدرب يبدأ مشواره بفوزٍ في الدوري مع ليفربول في حقبة الدوري الإنجليزي الممتاز بعد جيرار أولييه، في أغسطس (آب) 1998 عندما تولى تدريب الفريق بالشراكة مع روي إيفانز. وقال سلوت بعد نهاية اللقاء: «لقد توليت قيادة فريق قوي للغاية ولاعبين موهوبين للغاية، لكنَّ هؤلاء اللاعبين يجب أن يفهموا أن ما قدموه خلال الشوط الأول لم يكن كافياً. لقد خسرنا كثيراً من المواجهات الثنائية خلال الشوط الأول، ولم نتعامل مع ذلك بشكل جيد بما يكفي. لم أرَ اللاعبين يقاتلون من أجل استخلاص الكرة في الشوط الأول، وفقدنا كل الكرات الطويلة تقريباً. لكنهم كانوا مستعدين خلال الشوط الثاني، وفتحنا مساحات في دفاعات المنافس، ويمكنك أن ترى أننا نستطيع لعب كرة قدم جيدة جداً. لم أعتقد أن إيبسويتش كان قادراً على مواكبة الإيقاع في الشوط الثاني».

وأصبح صلاح أكثر مَن سجَّل في الجولة الافتتاحية للدوري الإنجليزي الممتاز، وله تسعة أهداف بعدما أحرز هدف ضمان الفوز، كما يتصدر قائمة الأكثر مساهمة في الأهداف في الجولات الافتتاحية برصيد 14 هدفاً (9 أهداف، و5 تمريرات حاسمة). وسجل صلاح هدفاً وقدم تمريرة حاسمة، مما يشير إلى أنه سيؤدي دوراً محورياً مجدداً لأي آمال في فوز ليفربول باللقب. لكن سلوت لا يعتقد أن فريقه سيعتمد بشكل كبير على ثالث أفضل هداف في تاريخ النادي. وأضاف سلوت: «لا أؤمن كثيراً بالنجم الواحد. أؤمن بالفريق أكثر من الفرد. إنه قادر على تسجيل الأهداف بفضل التمريرات الجيدة والحاسمة. أعتقد أن محمد يحتاج أيضاً إلى الفريق، ولكن لدينا أيضاً مزيد من الأفراد المبدعين الذين يمكنهم حسم المباراة».

جوتا وفرحة افتتاح التسجيل لليفربول (أ.ب)

لم يمر سوى 4 أشهر فقط على دخول صلاح في مشادة قوية على الملأ مع يورغن كلوب خلال المباراة التي تعادل فيها ليفربول مع وستهام بهدفين لكل فريق. وقال لاعب المنتخب الإنجليزي السابق جو كول، لشبكة «تي إن تي سبورتس»، عن صلاح: «إنه لائق تماماً. إنه رياضي من الطراز الأول حقاً. لقد مرَّ بوقت مختلف في نهاية حقبة كلوب، لكنني أعتقد أنه سيستعيد مستواه ويسجل كثيراً من الأهداف». لقد بدا صلاح منتعشاً وحاسماً وسعيداً في فترة الاستعداد للموسم الجديد. لكنَّ الوقت يمضي بسرعة، وسينتهي عقد النجم المصري، الذي سجل 18 هدفاً في الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي، خلال الصيف المقبل. وقال سلوت، الذي رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح: «يمكنه اللعب لسنوات عديدة أخرى». ويعد صلاح واحداً من ثلاثة لاعبين بارزين في ليفربول يمكنهم الانتقال إلى أي نادٍ آخر في غضون 5 أشهر فقط، إلى جانب ترينت ألكسندر أرنولد، وفيرجيل فان دايك اللذين ينتهي عقداهما خلال الصيف المقبل أيضاً.

سيخوض ليفربول اختبارات أكثر قوة في المستقبل، ويتعيّن على سلوت أن يُثبت قدرته على المنافسة بقوة في الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري أبطال أوروبا. لكنَّ المدير الفني الهولندي أدى عملاً جيداً عندما قاد فريقه إلى بداية الموسم بقوة وتحقيق الفوز على إيبسويتش تاون في عقر داره في ملعب «بورتمان رود» أمام أعداد غفيرة من الجماهير المتحمسة للغاية. وقال كول: «إنه فوز مهم جداً لأرني سلوت في مباراته الأولى مع (الريدز). أعتقد أن الفريق سيتحلى بقدر أكبر من الصبر هذا الموسم وسيستمر في المنافسة على اللقب».

لكنَّ السؤال الذي يجب طرحه الآن هو: هل سيدعم ليفربول صفوفه قبل نهاية فترة الانتقالات الصيفية الحالية بنهاية أغسطس؟

حاول ليفربول التعاقد مع مارتن زوبيمندي من ريال سوسيداد، لكنه فشل في إتمام الصفقة بعدما قرر لاعب خط الوسط الإسباني الاستمرار مع فريقه. وقال كول: «لم يحلّ ليفربول مشكلة مركز لاعب خط الوسط المدافع حتى الآن، ولم يتعاقد مع أي لاعب لتدعيم هذا المركز. سيعتمد كثير من خطط سلوت التكتيكية على كيفية اختراق خطوط الفريق المنافس، وعلى الأدوار التي يؤديها محور الارتكاز، ولهذا السبب قد يواجه الفريق مشكلة إذا لم يدعم هذا المركز».