الإصابات تتزايد في كاليفورنيا وفلوريدا... وحزمة إنقاذ جديدة أمام الكونغرس

ترمب يستأنف المؤتمرات اليومية... وتفاؤل بشأن اللقاحات المرتقبة

حاكم فلوريدا رون ديزانتيس متحدثاً عن ارتفاع إصابات «كورونا» (أ.ف.ب)
حاكم فلوريدا رون ديزانتيس متحدثاً عن ارتفاع إصابات «كورونا» (أ.ف.ب)
TT

الإصابات تتزايد في كاليفورنيا وفلوريدا... وحزمة إنقاذ جديدة أمام الكونغرس

حاكم فلوريدا رون ديزانتيس متحدثاً عن ارتفاع إصابات «كورونا» (أ.ف.ب)
حاكم فلوريدا رون ديزانتيس متحدثاً عن ارتفاع إصابات «كورونا» (أ.ف.ب)

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أنه سيستأنف المؤتمرات الصحافية حول مستجدات فيروس «كورونا»، بعد التوقف عنها في أبريل (نيسان). ومن المتوقع أن يعقد ترمب هذه الإحاطات عدة مرات في الأسبوع، ولكن ليس على أساس يومي كما كان في وقت سابق من الوباء. وتناثرت تكهنات حول الخبراء الذين سيشاركون في تلك المؤتمرات. ومن غير المتوقع أن يشارك أعضاء فريق العمل المسؤول عن «كورونا» في تلك المؤتمرات.
وحتى الساعات الأخيرة قبل انعقاد المؤتمر الصحافي لترمب، قال الدكتور أنتوني فاوتشي، مدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية، إنه لم يتلق دعوة من البيت الأبيض للمشاركة في المؤتمر، مشيرا إلى أن قرار اختيار المشاركين في المؤتمرات الصحافية للرئيس «يعود إلى البيت الأبيض».
وقال: «إذا أرادوني هناك، فسأكون أكثر من سعيد لوجودي هناك. وإذا لم يفعلوا ذلك، فهذا جيد أيضاً، ما دمنا ننقل الرسالة». وأضاف «إذا خرجنا خلال تلك المؤتمرات وحصلنا على رسائل متسقة وواضحة وغير متناقضة، أعتقد أن ذلك سيكون مفيداً جداً في جعل الناس على مسار معرفة الاتجاه الذي نحتاجه للذهاب إليه للسيطرة على هذا الوباء».
في ظل القفزات التي تشهدها الولايات في أعداد المصابين، بدا أن الخطوات التي اتخذها ترمب بشأن عودة المؤتمرات والدعوة لارتداء غطاء الوجه، يقدمان اعترافاً هادئاً بأن استراتيجية الفيروس التاجي التي تبناها في الأسابيع القليلة الماضية - والتي اتسمت بتجاهل الوباء إلى حد كبير - فشلت في احتواء الأزمة، وتسببت له في ضرر سياسي بالغ.
- حزمة إنقاذ
وأعلن وزير الخزانة ستيفن منوشين أن الجمهوريين ينظرون إلى تريليون دولار كنقطة انطلاق للمفاوضات المقبلة بشأن حزمة الإنقاذ الجديدة. وقال منوتشين للصحافيين في البيت الأبيض، أول من أمس: «نحن نركز على البدء بتريليون آخر. نعتقد أن ذلك سيكون له تأثير كبير. التركيز هو في الحقيقة حول الأطفال والوظائف واللقاحات». وأكد أن الإدارة «ملتزمة» بالحصول على مشروع قانون يتم بحلول نهاية الشهر.
وهناك توقعات أن ينتهي عرض منوتشين إلى حوالي 1.3 تريليون دولار، لكن رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي (ولاية كاليفورنيا)، ترى أن الرقم منخفض للغاية، مشيرة إلى أن هذا الرقم لا يكفي احتياجات مواجهة الجائحة. ومرر الديمقراطيون في مجلس النواب مشروع قانون في أواخر مايو (أيار)، يقدم ما يقرب من 3 تريليونات دولار من المساعدات الإضافية. لا يزال هناك العديد من مجالات الاختلاف بين الديمقراطيين الجمهوريين بشأن حزمة الإنقاذ، بما في ذلك التمويل الإضافي لحكومات الولايات والحكومات المحلية، وحماية العمال والمساعدة الغذائية الإضافية.
وينقسم قادة الحزب الجمهوري وإدارة ترمب حول ما يجب التركيز عليه في حزمة التعافي الاقتصادي القادمة. يريد الرئيس متابعة تخفيض ضريبة الرواتب وربط الأموال للمدارس بإعادة فتحها. وهما مطلبان يحاول الجمهوريون في مجلس الشيوخ إثناء الرئيس عنهما. وبينما يصر المشرعون في الحزب على أن تمويل الاختبارات ضروري، يرفض البيت الأبيض إعطاء المزيد من الأموال لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.
- فتح المدارس
وما زال الجدل حول إعادة فتح المدارس في ظل استمرار تسجيل الولايات لأعداد قياسية من الإصابات. ويصر الرئيس ترمب في طلبه على ضرورة فتح المدارس، في ظل الوباء. وهدد أكثر من مرة بوقف التمويلات التي تقدم إلى المدارس التي ترفض عودة الطلاب.
في المقابل، يؤكد الجراح العام الأميركي الدكتور جيروم آدامز أن البلاد بحاجة إلى خفض معدل انتقال «كورونا» قبل إعادة فتح المدارس.
وقال آدامز، متحدثاً على «شبكة سي بي إس» صباح أمس: «ما أريد أن يعرفه الناس هو أن أكبر محدد لما إذا كان بإمكاننا العودة إلى المدرسة أم لا؟ في الواقع، ليس له علاقة بالمدارس الفعلية، بل إنه معدل انتقال العدوى. ولهذا السبب أخبرنا الناس باستمرار أنه إذا أردنا العودة إلى المدرسة، والعبادة، والحياة العادية، فيحتاج الناس إلى ارتداء أغطية الوجه، وممارسة التباعد الاجتماعي. هذه التدابير الصحية العامة هي في الواقع ما ستخفض انتقال العدوى».
وأضاف أن خفض معدل الانتقال سيساعد أيضاً في الحفاظ على سلامة المعلمين والبالغين الذين يعيشون مع أطفال في سن المدرسة. وقال: «نحن نعلم أن الخطر منخفض للطلاب الفعليين. لكننا نعلم أنه يمكنهم الانتقال إلى الآخرين. نحتاج إلى اتخاذ إجراءات للتأكد من أننا نحمي أولئك الأكثر عرضة للخطر، خاصة الأكبر سناً أو الذين لديهم حالات طبية مزمنة».
- إغلاق جديد
وأكدت الدكتورة ديبورا بيركس، منسقة الاستجابة للفيروسات التاجية في البيت الأبيض، يوم الاثنين، أن تبني استراتيجية صحية جيدة يمكن أن يجنب الدولة إغلاقا جديدا، مشيرة إلى أن اتخاذ الاحتياطات الصحيحة يمكن أن يكون بنفس قوة إغلاق الاقتصاد. وقالت: «ماذا سيحدث إذا كان هناك استخدام مائة في المائة من القناع في الأماكن العامة، وإغلاق الحانات، والحد من التجمعات الداخلية، وخفض القدرة على تناول الطعام؟ سوف نقترب جدا من نفس النتائج التي يمكن تحقيقها في حالة إغلاق الاقتصاد».
من جانبه، أعرب بوب وودرف، مدير المعاهد الوطنية للصحة، عن تفاؤله بأن اللقاحات الثلاثة المرتقبة ضد الفيروس يمكن أن تثبت فعاليتها، وستكون آمنة للاستخدام بحلول نهاية العام. وأضاف، خلال حديثه على شبكة «إيه بي سي» أمس، أنه «بحلول نهاية عام 2020 سيكون لدينا لقاح أو اثنان أو ربما ثلاثة لقاحات ثبت أنها آمنة وفعّالة في هذه الدراسات واسعة النطاق»، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة أمنت 100 مليون جرعة ستكون جاهزة للتوزيع على الأشخاص الأكثر عرضة للخطر. وقال إنه بحلول ربيع عام 2021 «سيكون معظم الأميركيين قادرين على تلقي التحصين».
- إصابات متزايدة
وتعاني المختبرات التشخيصية من الارتفاع الكبير في الحالات، مما أدى إلى تأخر في توقيت إظهار النتائج ويمكن أن تستغرق الآن أسبوعين في بعض المناطق. وقال الأدميرال، بريت غيروير، عضو فريق مكافحة الفيروس التاجية في البيت الأبيض: «نحن بحاجة بالفعل إلى تحسين أوقات إظهار نتائج الاختبارات لدينا، بشكل أساسي في مناطق ومقاطعات تفشي المرض».
وقال مايكل أوسترهولم، مدير مركز أبحاث وسياسات الأمراض المعدية في جامعة مينيسوتا، إن «الوباء لا يزال في مراحله المبكرة. سجلت الولايات المتحدة 56750 حالة من حالات الإصابة بالفيروس، و372 حالة وفاة، يوم الاثنين فقط، وفقاً لحصيلة جامعة جون هوبكنز. وبلغ إجمالي عدد الوفيات أكثر من ١٤١ ألف شخص، بينما اقتربت أعداد الإصابات من أربعة ملايين».
وفرضت حوالي 40 ولاية نوعا من متطلبات ارتداء أقنعة الوجه، حيث يؤكد خبراء الصحة أن الأقنعة هي واحدة من أقوى الأدوات لمنع انتشار العدوى. وسجلت كاليفورنيا 6.846 حالة إيجابية جديدة خلال الـ24 ساعة الماضية، ليصل مجموع الإصابات إلى 391.358 بحسب تصريحات محافظ الولاية جافين نيوسوم.
وارتفع متوسط الإصابات في الولاية لمدة 14 يوماً من 7800 حالة يومية جديدة في 12 يوليو (تموز) إلى 8370 حالة يومية جديدة في 19، وفقاً لإدارة الصحة بالولاية.
تم تسجيل تسع وفيات جديدة خلال الـ24 ساعة الماضية، وبذلك يصل إجمالي عدد الوفيات على مستوى الولاية إلى 6964. وحذر المحافظ من أنه في حين أن عدد الوفيات الجديدة قد يكون منخفضاً، فإن المتوسط اليومي للوفيات ارتفع إلى 91، مقارنة بـ77 قبل أسبوع.
وفي محاولة لتحسين تتبع الاتصال بين الأفراد، قدمت مقاطعة لوس أنجليس بطاقة هدايا بقيمة 20 دولاراً لأولئك الذين «يتعاونون بالكامل» في تقديم بياناتهم لتتبعهم، حسبما ذكرت مديرة الصحة العامة الدكتورة باربارا فيرير.
في تكساس، تراجع حاكم الولاية، غريغ أبوت، عن قراره المتسرع بإعادة فتح الولاية، وأكد أهمية ارتداء أقنعة الوجه. وأصدر أمرا بارتداء تغطية الوجه في الأماكن العامة، لكنه قال إنه لن يكون هناك إغلاق آخر. حتى الآن، أوقفت 27 ولاية، على الأقل، إجراءات إعادة الفتح أو تراجعت عنها استجابة للحالات.


مقالات ذات صلة

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تم تسجيل إصابات طويلة بـ«كوفيد- 19» لدى أشخاص مناعتهم كانت غير قادرة على محاربة الفيروس بشكل كافٍ (رويترز)

قرار يمنع وزارة الصحة في ولاية إيداهو الأميركية من تقديم لقاح «كوفيد»

قرر قسم الصحة العامة الإقليمي في ولاية إيداهو الأميركية، بأغلبية ضئيلة، التوقف عن تقديم لقاحات فيروس «كوفيد-19» للسكان في ست مقاطعات.

«الشرق الأوسط» (أيداهو)
أوروبا أحد العاملين في المجال الطبي يحمل جرعة من لقاح «كورونا» في نيويورك (أ.ب)

انتشر في 29 دولة... ماذا نعرف عن متحوّر «كورونا» الجديد «XEC»؟

اكتشف خبراء الصحة في المملكة المتحدة سلالة جديدة من فيروس «كورونا» المستجد، تُعرف باسم «إكس إي سي»، وذلك استعداداً لفصل الشتاء، حيث تميل الحالات إلى الزيادة.

يسرا سلامة (القاهرة)

لماذا يثير الحلف النووي الروسي - الصيني المحتمل مخاوف أميركا وحلفائها؟

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)
TT

لماذا يثير الحلف النووي الروسي - الصيني المحتمل مخاوف أميركا وحلفائها؟

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)

يمثل الصعود العسكري للصين، وبخاصة برنامج تحديث ترسانتها النووية، هاجساً قوياً لدى دوائر صناعة القرار والتحليل السياسي والاستراتيجي في الولايات المتحدة، خصوصاً في ظل التقارب المزداد بين بكين، وموسكو التي تلوح بمواجهة عسكرية مباشرة مع الغرب على خلفية الحرب التي تخوضها حالياً في أوكرانيا.

وفي تحليل نشرته مجلة «ناشونال إنتريست» الأميركية، يتناول ستيفن سيمبالا أستاذ العلوم السياسية في جامعة براندواين العامة بولاية بنسلفانيا الأميركية، ولورانس كورب ضابط البحرية السابق والباحث في شؤون الأمن القومي في كثير من مراكز الأبحاث والجامعات الأميركية، مخاطر التحالف المحتمل للصين وروسيا على الولايات المتحدة وحلفائها.

ويرى الخبراء أن تنفيذ الصين لبرنامجها الطموح لتحديث الأسلحة النووية من شأنه أن يؤدي إلى ظهور عالم يضم 3 قوى نووية عظمى بحلول منتصف ثلاثينات القرن الحالي؛ وهي الولايات المتحدة وروسيا والصين. في الوقت نفسه، تعزز القوة النووية الصينية المحتملة حجج المعسكر الداعي إلى تحديث الترسانة النووية الأميركية بأكملها.

وأشار أحدث تقرير للجنة الكونغرس المعنية بتقييم الوضع الاستراتيجي للولايات المتحدة والصادر في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، إلى ضرورة تغيير استراتيجية الردع الأميركية للتعامل مع بيئة التهديدات النووية خلال الفترة من 2027 إلى 2035. وبحسب اللجنة، فإن النظام الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة والقيم التي يستند إليها يواجه خطر نظام الحكم المستبد في الصين وروسيا. كما أن خطر نشوب صراع عسكري بين الولايات المتحدة وكل من الصين وروسيا يزداد، وينطوي على احتمال نشوب حرب نووية.

ولمواجهة هذه التحديات الأمنية، أوصت اللجنة الأميركية ببرنامج طموح لتحديث الترسانة النووية والتقليدية الأميركية، مع قدرات فضائية أكثر مرونة للقيام بعمليات عسكرية دفاعية وهجومية، وتوسيع قاعدة الصناعات العسكرية الأميركية وتحسين البنية التحتية النووية. علاوة على ذلك، تحتاج الولايات المتحدة إلى تأمين تفوقها التكنولوجي، وبخاصة في التقنيات العسكرية والأمنية الجديدة مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية وتحليل البيانات الكبيرة، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الألمانية.

ولم يقترح تقرير اللجنة أرقاماً دقيقة للأسلحة التي تحتاجها الولايات المتحدة ولا أنواعها، لمواجهة صعود الصين قوة نووية منافسة وتحديث الترسانة النووية الروسية. ورغم ذلك، فإن التكلفة المرتبطة بتحديث القوة النووية الأميركية وبنيتها التحتية، بما في ذلك القيادة النووية وأنظمة الاتصالات والسيطرة والدعم السيبراني والفضائي وأنظمة إطلاق الأسلحة النووية وتحسين الدفاع الجوي والصاروخي للولايات المتحدة، يمكن أن تسبب مشكلات كبيرة في الميزانية العامة للولايات المتحدة.

في الوقت نفسه، فالأمر الأكثر أهمية هو قضية الاستراتيجية الأميركية والفهم الأميركي للاستراتيجية العسكرية الصينية والروسية والعكس أيضاً، بما في ذلك الردع النووي أو احتمالات استخدامه الذي يظهر في الخلفية بصورة مثيرة للقلق.

في الوقت نفسه، يرى كل من سيمبالا صاحب كثير من الكتب والمقالات حول قضايا الأمن الدولي، وكورب الذي عمل مساعداً لوزير الدفاع في عهد الرئيس الأميركي الراحل رونالد ريغان، أنه من المهم تحديد مدى تنسيق التخطيط العسكري الاستراتيجي الروسي والصيني فيما يتعلق بالردع النووي والبدء باستخدام الأسلحة النووية أو القيام بالضربة الأولى. وقد أظهر الرئيسان الصيني شي جينبينغ والروسي فلاديمير بوتين، تقارباً واضحاً خلال السنوات الأخيرة، في حين تجري الدولتان تدريبات عسكرية مشتركة بصورة منتظمة. ومع ذلك فهذا لا يعني بالضرورة أن هناك شفافية كاملة بين موسكو وبكين بشأن قواتهما النووية أو خططهما الحربية. فالقيادة الروسية والصينية تتفقان على رفض ما تعدّانه هيمنة أميركية، لكن تأثير هذا الرفض المشترك على مستقبل التخطيط العسكري لهما ما زال غامضاً.

ويمكن أن يوفر الحد من التسلح منتدى لزيادة التشاور بين الصين وروسيا، بالإضافة إلى توقعاتهما بشأن الولايات المتحدة. على سبيل المثال، حتى لو زادت الصين ترسانتها النووية الاستراتيجية إلى 1500 رأس حربي موجودة على 700 أو أقل من منصات الإطلاق العابرة للقارات، سيظل الجيش الصيني ضمن حدود معاهدة «ستارت» الدولية للتسلح النووي التي تلتزم بها الولايات المتحدة وروسيا حالياً. في الوقت نفسه، يتشكك البعض في مدى استعداد الصين للمشاركة في محادثات الحد من الأسلحة الاستراتيجية، حيث كانت هذه المحادثات تجري في الماضي بين الولايات المتحدة وروسيا فقط. ولكي تنضم الصين إلى هذه المحادثات عليها القبول بدرجة معينة من الشفافية التي لم تسمح بها من قبل بشأن ترسانتها النووية.

وحاول الخبيران الاستراتيجيان سيمبالا وكورب في تحليلهما وضع معايير تشكيل نظام عالمي ذي 3 قوى عظمى نووية، من خلال وضع تصور مستقبلي لنشر القوات النووية الاستراتيجية الأميركية والروسية والصينية، مع نشر كل منها أسلحتها النووية عبر مجموعة متنوعة من منصات الإطلاق البرية والبحرية والجوية. ويظهر التباين الحتمي بين الدول الثلاث بسبب الاختلاف الشديد بين الإعدادات الجيوستراتيجية والأجندات السياسة للقوى الثلاث. كما أن خطط تحديث القوة النووية للدول الثلاث ما زالت رهن الإعداد. لكن من المؤكد أن الولايات المتحدة وروسيا ستواصلان خططهما لتحديث صواريخهما الباليستية العابرة للقارات والصواريخ الباليستية التي تطلق من الغواصات والقاذفات الثقيلة بأجيال أحدث من منصات الإطلاق في كل فئة، في حين يظل الغموض يحيط بخطط الصين للتحديث.

ورغم أن الولايات المتحدة تمتلك ترسانة نووية تتفوق بشدة على ترسانتي روسيا والصين، فإن هذا التفوق يتآكل بشدة عند جمع الترسانتين الروسية والصينية معاً. فالولايات المتحدة تمتلك حالياً 3708 رؤوس نووية استراتيجية، في حين تمتلك روسيا 2822 رأساً، والصين 440 رأساً. علاوة على ذلك، فالدول الثلاث تقوم بتحديث ترساناتها النووية، في حين يمكن أن يصل حجم ترسانة الأسلحة النووية الاستراتيجية الصينية إلى 1000 سلاح بحلول 2030.

ولكن السؤال الأكثر إلحاحاً هو: إلى أي مدى ستفقد الولايات المتحدة تفوقها إذا واجهت هجوماً مشتركاً محتملاً من جانب روسيا والصين مقارنة بتفوقها في حال التعامل مع كل دولة منهما على حدة؟ ولا توجد إجابة فورية واضحة عن هذا السؤال، ولكنه يثير قضايا سياسية واستراتيجية مهمة.

على سبيل المثال، ما الذي يدفع الصين للانضمام إلى الضربة النووية الروسية الأولى ضد الولايات المتحدة وحلفائها في حلف شمال الأطلسي (ناتو)؟ ولا بد أن نتخيل سيناريو متطرفاً، حيث تتحول الأزمات المتزامنة في أوروبا وآسيا إلى أزمات حادة، فتتحول الحرب الروسية - الأوكرانية إلى مواجهة بين روسيا وحلف «الناتو»، في الوقت الذي تتحرك فيه الصين للاستيلاء على تايوان، مع تصدي الولايات المتحدة لمثل هذه المحاولة.

وحتى في هذه الحالة المتطرفة، لا شك أن الصين تفضل تسوية الأمور مع تايوان بشروطها الخاصة وباستخدام القوات التقليدية. كما أنها لن تستفيد من الاشتراك في حرب بوتين النووية مع «الناتو». بل على العكس من ذلك، أشارت الصين حتى الآن بوضوح تام إلى روسيا بأن القيادة الصينية تعارض أي استخدام نووي أولاً في أوكرانيا أو ضد حلف شمال الأطلسي. والواقع أن العلاقات الاقتصادية الصينية مع الولايات المتحدة وأوروبا واسعة النطاق.

وليس لدى الصين أي خطة لتحويل الاقتصادات الغربية إلى أنقاض. فضلاً عن ذلك، فإن الرد النووي للولايات المتحدة و«الناتو» على الضربة الروسية الأولى يمكن أن يشكل مخاطر فورية على سلامة وأمن الصين.

وإذا كان مخططو الاستراتيجية الأميركية يستبعدون اشتراك روسيا والصين في توجيه ضربة نووية أولى إلى الولايات المتحدة، فإن حجم القوة المشتركة للدولتين قد يوفر قدراً من القوة التفاوضية في مواجهة حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة.

وربما تدعم الصين وروسيا صورة كل منهما للأخرى بوصفها دولة نووية آمنة في مواجهة الضغوط الأميركية أو حلفائها لصالح تايوان أو أوكرانيا. ولكن إذا كان الأمر كذلك، فمن المرجح أن توفر «الفجوة» بين أعداد الأسلحة النووية غير الاستراتيجية أو التكتيكية التي تحتفظ بها روسيا والصين والموجودة في المسرح المباشر للعمليات العسكرية، مقارنة بتلك المتاحة للولايات المتحدة أو حلف شمال الأطلسي، عنصر ردع ضد أي تصعيد تقليدي من جانب الولايات المتحدة ضد أي من الدولتين.

أخيراً، يضيف ظهور الصين قوة نووية عظمى تعقيداً إلى التحدي المتمثل في إدارة الاستقرار الاستراتيجي النووي. ومع ذلك، فإن هذا لا يمنع تطوير سياسات واستراتيجيات إبداعية لتحقيق استقرار الردع، والحد من الأسلحة النووية، ودعم نظام منع الانتشار، وتجنب الحرب النووية. ولا يمكن فهم الردع النووي للصين بمعزل عن تحديث قوتها التقليدية ورغبتها في التصدي للنظام الدولي القائم على القواعد التي تفضلها الولايات المتحدة وحلفاؤها في آسيا. في الوقت نفسه، فإن التحالف العسكري والأمني بين الصين وروسيا مؤقت، وليس وجودياً. فالتوافق بين الأهداف العالمية لكل من الصين وروسيا ليس كاملاً، لكن هذا التحالف يظل تهديداً خطيراً للهيمنة الأميركية والغربية على النظام العالمي.