«الخوف من المجهول» يضاعف هواجس سكان سرت والجفرة

دورية شرطية تابعة لجهاز مكافحة المظاهر الهدامة في سرت (بلدية سرت)
دورية شرطية تابعة لجهاز مكافحة المظاهر الهدامة في سرت (بلدية سرت)
TT

«الخوف من المجهول» يضاعف هواجس سكان سرت والجفرة

دورية شرطية تابعة لجهاز مكافحة المظاهر الهدامة في سرت (بلدية سرت)
دورية شرطية تابعة لجهاز مكافحة المظاهر الهدامة في سرت (بلدية سرت)

رغم استمرار جميع مظاهر الحياة الطبيعية في مدينة سرت ومنطقة الجفرة، إلا أن أجواء الترقب والخوف باتت تسيطر على أحاديث السكان هناك، وتشغل بالهم، خصوصاً مع ما يتابعونه من «تحشيد» عسكري مستمر على تخوم سرت من قوات «الوفاق»، برئاسة فائز السراج، و«الجيش الوطني»، الذي يقوده المشير خليفة حفتر.
يقول زيدان معتوق الزادمة، نائب رئيس شؤون المصالحة بالمجلس الأعلى لمشايخ وأعيان القبائل الليبية، معلقا على ما يدور بمحيط مدينة سرت الساحلية (450 كيلومتراً شرق طرابلس): «لقد تحولت المدينة إلى خط فاصل بين شرق البلاد وغربها، وبالتالي باتت العنوان الرئيسي للمعركة القادمة»، متوقعاً أن «تبدأ عملية نزوح واسعة من أهالي سرت نحو مدن الشرق الليبي إذا ما بدأت العمليات العسكرية».
وأضاف الزادمة، المنتمي لبلدية هراوة (70 كيلومتراً شرق سرت) في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك حالة خوف من المجهول باتت تسيطر على الجميع، خاصة الأُسر التي تضم بين أفرادها كبار السن، أو مرضى، أو الأطفال والرضّع»، لافتاً إلى أن أفراد الميليشيات من «الوفاق» و«المرتزقة السوريين»، الذين جلبتهم تركيا، «يحاولون باستماتة السيطرة على سرت والجفرة غير عابئين بالنداءات، أو التحذيرات التي وجهت لهم من مغبة إشعال فتيل الحرب إذا تقدموا نحو المدينة».
في سياق ذلك، تطرق أبو بكر الغزالي، عضو مجلس النواب الليبي عن سرت، إلى المعاناة التي أصبحت تعيشها المدينة، وعمليات النزوح والتنكيل منذ عام 2011 إلى الآن، بقوله: «ما بين أعمال انتقام جهوية، كونها مسقط رأس الرئيس الراحل معمر القذافي، ثم سيطرة ميليشيات فجر ليبيا، وتحديداً (ميليشيا مصراتة) التي تناصبها العداء، ومن بعدها سيطرة تنظيم (داعش) على سرت عام 2015 ثم بعد القضاء على التنظيم في 2016 خضعت المدينة مجدداً لسيطرة ميليشيات غرب البلاد».
ونجحت قوات «البنيان المرصوص»، التابعة لحكومة «الوفاق»، في دحر تنظيم «داعش» بسرت، وإعلانها «تطهير» البلاد منه، وطرد ما تبقى من فلوله. غير أن الغزالي يرى أن سرت لم تعرف الاستقرار إلا مع سيطرة قوات «الجيش الوطني» عليها، دون قتال بداية العام الجاري. وقال بهذا الخصوص: «الآن مع التدخل التركي في ليبيا بات يخيم شبح عودة الميليشيات المعادية إلى المدينة مرة ثانية»، لافتاً إلى أن «جل مواطنيها لديهم مواقف مضادة للميليشيات المسلحة في طرابلس»، فضلاً عن «أنهم داعمون للجيش الوطني. ورغم تمسكهم بالبقاء في المدينة حتى اليوم، إلا أنهم في الوقت ذاته يستعدون للخروج من ديارهم لو تمكنت تلك الجماعات والميليشيات الموالية لـ(الوفاق) من دخول المدينة لا قدر الله».
واستعبد الغزالي «وجود حاضنة شعبية لقوات (الوفاق) في سرت»، مشدداً على أن الكثير من أبناء سرت «انضموا لقوات الجيش خلال تصديه للدفاع عن مدينتهم».
ولا يختلف الوضع كثيراً في الجفرة، التي تبعد قاعدتها الجوية بحوالي 300 كيلومتر عن سرت، ذلك أن الخوف والترقب أصبح هو الهاجس الأكبر المسيطر على السكان هناك، رغم استمرار كل مظاهر الحياة بشكل طبيعي، بحسب تعبير الناشط المدني عبد العزيز الصغير، الذي قال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «كلنا أهالي الجفرة في حالة ترقب وخوف مما قد تحمله لنا الأيام المقبلة، وهو خوف مبرر لعدم وضوح الرؤية حول وضع المواطنين إذا اندلعت الحرب، رغم توافر كل السلع الغذائية والأدوية».
وعاد الصغير، الذي يعمل كمحكم معتمد في إدارة المناظرات، إلى جانب عمله كمهندس كهربائي ليؤكد على أن مدينته تُعاقب بقطع الكهرباء لمدة قد تمتد إلى أسبوع كامل من قبل المنطقة الغربية، التابعة لسيطرة حكومة «الوفاق»، والتي توجد بها المحطات التي تولد الكهرباء وتتغذى منها الجفرة.
وتعاني عموم المنطقة الغربية من انقطاع التيار الكهربائي بشكل متكرر، ولمدد قد تصل 18 ساعة في اليوم، بسبب تدمير شبكة الكهرباء في البلاد الذي زادت الحرب من أزماتها. وتسببت الحرب على العاصمة طرابلس التي اندلعت في الرابع من أبريل (نيسان) عام 2019 في نزوح أكثر من 350 ألف مواطن، لكنهم بدأوا في العودة التدريجية بعد توقف العملية العسكرية هناك، غير أن عملية نزوح أخرى بدأت في مدينتي ترهونة (جنوب شرقي طرابلس) وسرت، حيث سجلت الأمم المتحدة قبل شهر من الآن نزوح قرابة 28 ألف شخص عن ديارهم إلى مدن بشرق ليبيا.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.